الحكومة التونسية تستأنف مفاوضاتها مع النقابات حول «أزمة الأجور»

جدل في البرلمان حول مشاركة قوة جوية في مهمة لحفظ السلام في باماكو

TT

الحكومة التونسية تستأنف مفاوضاتها مع النقابات حول «أزمة الأجور»

وسط جو من التفاؤل المشحون بالحذر، استأنفت الحكومة التونسية أمس مفاوضاتها العسيرة مع اتحاد الشغل (نقابة العمال) حول «أزمة الزيادة في أجور عمال الوظيفة العمومية» (القطاع الحكومي).
وقبيل انطلاق جلسات التفاوض الجديدة، أكد حفيظ حفيظ، الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل، في تصريح إعلامي «تمسك القيادات النقابية بمطالبها»، وتواصل مسلسل المفاوضات طوال فترة ما قبل الإضراب العام المقرر يومي 20 و21 فبراير (شباط) المقبل. لكن حفيظ لم يستبعد إمكانية إلغاء الإضراب العام في حال تم الاتفاق بين الطرفين على الحد الأدنى من مطالب الأجراء، وأهمها تمتع موظفي الوظيفة العمومية بزيادة في الراتب قدرها 180 دينارا تونسيا (نحو 60 دولارا) دون اقتطاع الضريبة على الدخل من مبلغ الزيادة المالية.
في هذا السياق، توقعت أكثر من جهة نقابية وسياسية، تحدثت إلى «الشرق الأوسط»، تجاوز أزمة الثقة بين الطرفين، وإخماد فتيل الأزمة الاجتماعية، وتفادي إضراب عام جديد ستكون مخلفاته الاقتصادية والسياسية وخيمة في سنة انتخابية حافلة، في إشارة إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المزمع إجراؤها نهاية السنة الحالية.
بدوره، أكد محمد الطرابلسي، وزير الشؤون الاجتماعية، عودة المفاوضات بين الحكومة و«اتحاد الشغل»، بهدف تفادي الإضراب العام الذي قررته القيادات النقابية الشهر المقبل. وأضاف الطرابلسي، وهو قيادي نقابي سابق، أن الحكومة و«اتحاد الشغل» باتا «أقرب من أي وقت مضى لتوقيع اتفاق حول الزيادة في أجور أجراء الوظائف العمومية». مؤكدا اتفاق الطرفين خلال الجلسة الأخيرة التي جمعت بينهما على القيمة المالية للزيادة، لكن الخلاف فقط تركز على مواعيد الحصول عليها، حسب تعبيره.
يذكر أن الاتحاد العام للشغل نظم إضراباً عاماً عن العمل في الوظائف العمومية والقطاع العام في 17 يناير (كانون الثاني) الحالي، بعد فشل التوافق على زيادات في أجور العاملين في الوظيفة العمومية. لكنه عاد السبت الماضي ليحدد يومي 20 و21 فبراير المقبل موعداً لإضراب عام جديد عن العمل إذا لم تستجب الحكومة لمطالبه.
على صعيد آخر، أثارت مشاركة وحدة عسكرية تونسية للنقل الجوي في مهمة لحفظ السلام بالعاصمة المالية باماكو، للمرة الأولى في تاريخها، جدلا واسعا بين نواب البرلمان حول مدى توافق الكتل البرلمانية حول القرار، الذي مكن هذه القوة الجوية، المكونة من 75 فردا، من المشاركة تحت راية الأمم المتحدة.
وتخضع مشاركة القوات الجوية خارج أرض الوطن لموافقة رئيس الحكومة ورئيس البرلمان. ووفق خبراء في القانون الدستوري، فإن المصادقة على القرار تحت قبة البرلمان تتطلب تصويت ما لا يقل عن 130 نائبا برلمانيا (أغلبية ثلاثة أخماس) لصالح هذا القرار الصادر عن رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.