بالم سبرينغز... واحة صحراوية زادها نجوم هوليوود بريقاً

بعضهم اختارها طواعية وبعضهم اضطراراً

جانب من بيت فرانك سيناترا - تتميز بطبيعة متنوعة
جانب من بيت فرانك سيناترا - تتميز بطبيعة متنوعة
TT

بالم سبرينغز... واحة صحراوية زادها نجوم هوليوود بريقاً

جانب من بيت فرانك سيناترا - تتميز بطبيعة متنوعة
جانب من بيت فرانك سيناترا - تتميز بطبيعة متنوعة

أصبح البيت الذي عاش فيه المغني الراحل فرانك سيناترا لمدة 10 أعوام، ويقع في طريق إيست إليجو، مزاراً لا يفوته السياح في بالم سبرينغز. كان المغني قد طلب بناء هذا المنزل عام 1947، بعدما توصل لأول اتفاق بقيمة مليون دولار مع شركة مترو جولدوين ماير السينمائية. وكان يريد منزلاً بأعمدة يُجسد الفخامة بكل تفاصيله. لكن، وحسبما تردد القصص، نقل رغبته للمهندس ستيوارت ويليام بشكل خاطئ، علماً بأن المهندس كان مشهوراً متمكناً من أدواته. فقد كان متخصصاً في بناء منازل سكنية حديثة مستوية على الأرض، تمتد فوق مساحات كبيرة، ملائمة للصحراء. وكان يحرص أيضاً على الاستفادة من شمس المنطقة وظلالها. وهذا الأسلوب هو الذي جعله واحداً من المهندسين المعماريين التجديديين المهمين في منتصف القرن الماضي. ومثل كثير من المهندسين الشباب، وأغلبهم كانوا من أوروبا واستقروا في بالم سبرينغز لتحقيق أحلامهم، تأثر ويليام بالعمالقة من المهندسين المعماريين التجديديين، مثل لو كوربوزييه وولتر جروبيوس ولودفيج ميس فان دير روه.
وعندما كلفه سيناترا ببناء المنزل لم يتردد. كانت فرصة لكي يطلق العنان لخياله، والنتيجة أن المنزل مبهر لحد الآن، فهو يبدو عادياً من الخارج، لكنه من الداخل مدهش بكل المقاييس، بحسب الصور التي يعرضها وكلاء العقارات للراغبين في استئجاره لقضاء عطلات باذخة، فهو يشغل مساحة كبيرة، وبه حمام سباحة على شكل بيانو كبير.
وتجدر الإشارة إلى أن سيناترا لم يكن النجم الوحيد في عصره الذي أغوته بالم سبرينغز، وتحديداً كوتشيلا فالي، فاللائحة طويلة، وتشمل كلارك جيبل وغريتا غاربو ومارلين مونرو ودين مارتن، وغيرهم ممن وجدوا في دفء المنطقة ومساحاتها الشاسعة بُغيتهم، لكن حسب وب جروس الذي يعمل مرشداً سياحياً في بالم سبرينغز، فإن السبب كان عملياً وضرورياً أيضاً. ويشير إلى أنه عندما كان الممثلون يوقعون عقودهم مع الاستوديوهات الكبيرة في هوليوود، كان من شروط العقود أن يكونوا مستعدين لتلبية أوامرها بسرعة. وحسب قول بوب جروس «لم يكن يُسمح لهم بالابتعاد أكثر من 100 ميل، أو ساعتين عن هوليوود، لهذا كانت بالم سبرينغز المكان المناسب لهم». بيد أنه حتى إذا كان الأمر مفروضاً عليهم، فإنه لا أحد منهم تذمر، فهي تتمتع بجو رائع في كل يوم من أيام السنة تقريباً، خصوصاً في الفترة بين الخريف والربيع. وبوجود جبال سان بيرناردينو في الشمال، وجبال سانتا روزا في الجنوب، ومدينة سان جاسينتو في الغرب، فإنها تتمتع بتنوع طبيعي رائع. ويمكن للذين يريدون الهروب من حرارة الجو الصعود إلى جبل سان جاسينتو، على ارتفاع 2596 متراً، بواسطة التلفريك الذي يعد هنا الأكبر في العالم، ويمر عبر طريق مثير لمسافة نحو 4 كيلومترات. فبمجرد الوصول للقمة، يكون الهواء أكثر برودة بصورة ملحوظة، وفي بعض الأحيان يمكن أن تهطل الأمطار، مما يتيح للزائرين رؤية منظر رائع لألوان الطيف فوق الصحراء. أما عندما يكون الجو جافاً، فتكون هناك مسارات للتسلق لمسافة عدة كيلومترات.
وفي بالم سبرينغز، يعتبر من يقيمون هناك أصدقاء للبيئة أكثر من غيرهم في الولايات المتحدة الأميركية، إذا أخذنا بعين الاعتبار أن أجهزة التكييف والسيارات نادراً ما تكون صغيرة. ولكن هناك كثير من نماذج السيارات الكهربائية والهجينة في الشوارع. كما يوجد كثير من المسارات المخصصة لقيادة الدراجات الهوائية. ولأن المهندسين المعماريين في فترة ما بعد الحرب، وتحديداً ما بين الأربعينات والسبعينات، أخذوا في الاعتبار الظروف المناخية، فإن الهندسة المعمارية مميزة، الأمر الذي يجعل بالم سبرينغز بمثابة متحف مفتوح لعشاق فن العمارة والتصميم. وحتى الآن، لا تزال نشيطة في البناء، بحيث يتزايد تشييد الفنادق الفاخرة فيه بانتظام لاستيعاب زوارها من المدن المجاورة، والذين يقصدونها إما للاستجمام أو للانطلاق منها إلى محطات ووجهات أخرى.


مقالات ذات صلة

دبي تستقبل 16.79 مليون سائح دولي خلال 11 شهراً

الاقتصاد بلغ عدد الغرف الفندقية المتوفرة في دبي بنهاية نوفمبر 153.3 ألف غرفة ضمن 828 منشأة (وام)

دبي تستقبل 16.79 مليون سائح دولي خلال 11 شهراً

قالت دبي إنها استقبلت 16.79 مليون سائح دولي خلال الفترة الممتدة من يناير (كانون الثاني) إلى نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، بزيادة بلغت 9 في المائة.

«الشرق الأوسط» (دبي)
سفر وسياحة كازينو مونتي كارلو يلبس حلة العيد (الشرق الأوسط)

7 أسباب تجعل موناكو وجهة تستقبل فيها العام الجديد

لنبدأ بخيارات الوصول إلى إمارة موناكو، أقرب مطار إليها هو «نيس كوت دازور»، واسمه فقط يدخلك إلى عالم الرفاهية، لأن هذا القسم من فرنسا معروف كونه مرتعاً للأغنياء

جوسلين إيليا (مونتي كارلو)
يوميات الشرق تنقسم الآراء بشأن إمالة المقعد في الطائرة (شركة ليزي بوي)

حق أم مصدر إزعاج؟... عريضة لحظر الاستلقاء على مقعد الطائرة

«لا ترجع إلى الخلف عندما تسافر بالطائرة» عنوان حملة ساخرة أطلقتها شركة الأثاث «ليزي بوي».

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق افتتاح تلفريك جديد في جبال الألب (إ.ب.أ)

سويسرا تفتتح أشد عربات التلفريك انحداراً في العالم

افتُتح تلفريك جديد مذهل في جبال الألب البرنية السويسرية. ينقل تلفريك «شيلثورن» الركاب إلى مطعم دوار على قمة الجبل اشتهر في فيلم جيمس بوند.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق سياح يتجولون في أحد شوارع طوكيو (إ.ب.أ)

33 مليون زائر هذا العام... وجهة شهيرة تحطم رقماً قياسياً في عدد السياح

يسافر الزوار من كل حدب وصوب إلى اليابان، مما أدى إلى تحطيم البلاد لرقم قياسي جديد في قطاع السياحة.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».