عبده خال بين «رهف» و«جليلة»..!

عبده خال بين «رهف» و«جليلة»..!
TT

عبده خال بين «رهف» و«جليلة»..!

عبده خال بين «رهف» و«جليلة»..!

في حواره التلفزيوني على قناة «روتانا خليجية»، أول من أمس، واجه الروائي السعودي عبده خال اتهاماً مباشراً من المذيع بأنه يتحمل المسؤولية عن هروب الفتاة السعودية «رهف» إلى الخارج..! الاتهام بدأ بعبده خال وانتهى بعموم ما يُسمى بالتيار الليبرالي..!
قال المذيع، إن كتابات الكتاب الليبراليين ودعاة التغيير الاجتماعي كان لها دور في «تجييش الفتيات ضد مجتمعاتهم». عبده حاول الدفاع عن نفسه مستحضراً الخطاب الديني الذي كان هو السائد، لكن المذيع واجهه بأننا إذن أمام خطابين متطرفين: ديني يجنح للعنف، وتطرف آخر يدفع البنات للتمرد على مجتمعاتهن.
مواجهة عبده خال (أو غيره) بهذا الاتهام، هو في الحقيقة هروب للأمام، فلا أحد يريد أن يتحمل المسؤولية في طرح السؤال الحقيقي عن هروب «قلة» من الشباب والشابات من مجتمعاتهم، بل ومن الدين أيضاً..! وهو هروب من نقد الذات، ومن العجز عن تقديم خطاب تقدمي يلبي حاجة الشباب للحاضر والمستقبل، أو مراجعة للخطاب الديني تمنع استغلاله لقمع الفكر والسيطرة على العقول، وتقديمه كمنهج خلاق محفز للإبداع، ومحرك للحرية ومتصالح مع العالم الحديث، ومع المرأة والفن والمجتمع متعدد الهويات والثقافات وأنماط التفكير المختلف.
هل هربت «رهف» بسبب سطوة الخطاب الديني وانغلاقه، أم لأنها قرأت رواية «فسوق»..؟ أم لأسباب أخرى؟ لا نعلم، لكنّ «جليلة» في الرواية لم تكن سوى فتاة تبحث عن الحبّ، في رحلة أزلية منذ وُجد الإنسان ونبتت له مشاعر وعواطف، لكن أبناء الحي الذي عاشت فيه «جليلة» قالوا عنها يوم هربت مع حبيبها إنها «هربت من قبرها»!
أذكرُ أنّ عبده خال قال لي ذات حوار («الشرق الأوسط»، 29 يناير/كانون الثاني 2009) واصفاً مجتمع رواية «فسوق» الذي خرجت منه «جليلة»، بأنه «مجتمع لم يلتصق بتفاصيل الحياة، فكم هي بائسة الحياة عندما يتم جريانها إلى داخل المقبرة، وتتحول الحياة إلى موات متبادل هنا وهناك»، وقال: «هذا المجتمع لكي يحافظ على سجنه مغلقاً تماماً رفض الحياة الخارجية، وما تجلبه من هواء نقي، فتأكسدت كل تصرفاته».
ومن هذا المجتمع خرجت «جليلة»، قال عنها خال في الحوار ذاته: «(جليلة) نبتة حقيقية لمجتمع دخل إلى غرف مغلقة، وأخذ ينظر للحياة من داخل تلك الغرف المغلقة، ظاناً أن الحياة هي تلك الجدر التي تحيط به والسقف الذي يحد من ارتفاع هامته، والنافذة المغلقة التي لا تفتح... ومن هناك يحكم بأن الحياة مليئة بالفساد...». طبعاً، استدعاء «جليلة» من الرواية لتكون المحرض الفكري لـ«رهف» في الواقع، هو استمرار لما عانته رواية «فسوق» عند صدورها، فقد فتحت على صاحبها طاقة من العناء، بعد اتهامه أنه تعمد تسفيه الدور الذي يقوم به رجال الحسبة، كما اصطدم بفريق من الناس اتهمهم بأنهم يسعون باسم الدين إلى مصادرة الحريات الفردية.
سألت عبده خال: هناك من يهاجمك لأنك ببساطة تشجع «الحبّ»؟ هل هي جريمة تتبرأ منها؟ قال: من يريد وأد الحب هو يرغب في ردم الحياة، وإيقاف نبض الإنسان، يريد حياة كهفية مظلمة تكون مخبأ للزواحف السامة؛ تلك الكائنات التي ترى في شمس عدواً وفي الظلام والمباغتة حياة. الحب طوق النجاة الوحيد كي نعيش وفق ما أراد الله لنا أن نعيش.



حزن في مصر لرحيل «القبطان» نبيل الحلفاوي... رجل «الأدوار الوطنية»

نبيل الحلفاوي في لقطة من مسلسل «رأفت الهجان» (يوتيوب)
نبيل الحلفاوي في لقطة من مسلسل «رأفت الهجان» (يوتيوب)
TT

حزن في مصر لرحيل «القبطان» نبيل الحلفاوي... رجل «الأدوار الوطنية»

نبيل الحلفاوي في لقطة من مسلسل «رأفت الهجان» (يوتيوب)
نبيل الحلفاوي في لقطة من مسلسل «رأفت الهجان» (يوتيوب)

سادت حالة من الحزن في الوسطين الفني والرسمي المصري، إثر الإعلان عن وفاة الفنان نبيل الحلفاوي، ظهر الأحد، عن عمر ناهز 77 عاماً، بعد مسيرة فنية حافلة، قدّم خلالها كثيراً من الأدوار المميزة في الدراما التلفزيونية والسينما.

وكان الحلفاوي قد نُقل إلى غرفة العناية المركزة في أحد المستشفيات، الثلاثاء الماضي، إثر تعرضه لوعكة صحية مفاجئة، وهو ما أشعل حالة من الدّعم والتضامن معه، عبر جميع منصات التواصل الاجتماعي.

ونعى رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي الفنان الراحل، وقال في بيان: «كان الفقيد قامة فنية شامخة؛ إذ قدّم عبر سنوات إبداعه الطويلة أعمالاً فنية جادة، وساهم في تجسيد بطولات وطنية عظيمة، وتخليد شخوص مصرية حقيقية خالصة، وتظلّ أعماله ماثلة في وجدان المُشاهد المصري والعربي».

الفنان الراحل نبيل الحلفاوي (حسابه على «إكس»)

وعبّر عددٌ من الفنانين والمشاهير عن صدمتهم من رحيل الحلفاوي. منهم الفنانة بشرى: «سنفتقدك جداً أيها المحترم المثقف الأستاذ»، مضيفة في منشور عبر «إنستغرام»: «هتوحشنا مواقفك اللي هتفضل محفورة في الذاكرة والتاريخ، الوداع لرجل نادرٍ في هذا الزمان».

وكتبت الفنانة حنان مطاوع: «رحل واحدٌ من أحب وأغلى الناس على قلبي، ربنا يرحمه ويصبّر قلب خالد ووليد وكل محبيه»، مرفقة التعليق بصورة تجمعها به عبر صفحتها على «إنستغرام».

الراحل مع أحفاده (حسابه على «إكس»)

وعدّ الناقد الفني طارق الشناوي الفنان الراحل بأنه «استعاد حضوره المكثف لدى الأجيال الجديدة من خلال منصات التواصل الاجتماعي، حيث اعتاد أن يتصدّر الترند في الكرة والسياسة والفن»، مشيراً في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الحلفاوي رغم موهبته اللافتة المدهشة وتربيته الفنية الرّاسخة من خلال المعهد العالي للفنون المسرحية، لم يُحقّق نجوميةَ الصف الأول أو البطل المطلق».

وعبر منصة «إكس»، علّق الإعلامي اللبناني نيشان قائلاً: «وداعاً للقدير نبيل الحلفاوي. أثرى الشاشة برقِي ودمَغ في قلوبنا. فقدنا قامة فنية مصرية عربية عظيمة».

ووصف الناقد الفني محمد عبد الرحمن الفنان الراحل بأنه «صاحب بصمة خاصة، عنوانها (السهل الممتنع) عبر أدوار أيقونية عدّة، خصوصاً على مستوى المسلسلات التلفزيونية التي برع في كثير منها»، لافتاً في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «السينما خسرت الحلفاوي ولم تستفِد من موهبته الفذّة إلا في أعمال قليلة، أبرزها فيلم (الطريق إلى إيلات)».

حنان مطاوع مع الحلفاوي (حسابها على «إنستغرام»)

وُلد نبيل الحلفاوي في حي السيدة زينب الشعبي عام 1947، وفور تخرجه في كلية التجارة التحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية الذي تخرج فيه عام 1970، ومن ثَمّ اتجه لاحقاً إلى التلفزيون، وقدّم أول أعماله من خلال المسلسل الديني الشهير «لا إله إلا الله» عام 1980.

ومن أبرز أعمال الحلفاوي «رأفت الهجان» عام 1990 الذي اشتهر فيه بشخصية ضابط المخابرات المصري «نديم قلب الأسد» التي جسدها بأداءٍ يجمع بين النبرة الهادئة والصّرامة والجدية المخيفة، بجانب مسلسل «غوايش» و«الزيني بركات» 1995، و«زيزينيا» 1997، و«دهشة» 2014، و«ونوس» 2016.

مع الراحل سعد أردش (حسابه على «إكس»)

وتُعدّ تجربته في فيلم «الطريق إلى إيلات» إنتاج 1994 الأشهر في مسيرته السينمائية، التي جسّد فيها دور قبطانٍ بحريّ في الجيش المصري «العقيد محمود» إبان «حرب الاستنزاف» بين مصر وإسرائيل.

وبسبب شهرة هذا الدور، أطلق عليه كثيرون لقب «قبطان تويتر» نظراً لنشاطه المكثف عبر موقع «إكس»، الذي عوّض غيابه عن الأضواء في السنوات الأخيرة، وتميّز فيه بدفاعه المستميت عن النادي الأهلي المصري، حتى إن البعض أطلق عليه «كبير مشجعي الأهلاوية».

نبيل الحلفاوي (حسابه على «إكس»)

ووفق الناقد محمود عبد الشكور، فإن «مسيرة الحلفاوي اتّسمت بالجمع بين الموهبة والثقافة، مع دقة الاختيارات، وعدم اللهاث وراءَ أي دور لمجرد وجوده، وهو ما جعله يتميّز في الأدوار الوطنية وأدوار الشّر على حد سواء»، مشيراً في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «لم يَنل ما يستحق على مستوى التكريم الرسمي، لكن رصيده من المحبة في قلوب الملايين من جميع الأجيال ومن المحيط إلى الخليج هو التعويض الأجمل عن التكريم الرسمي»، وفق تعبيره.