مصر لإنعاش علاقاتها الأوروبية بثلاثة تحركات متزامنة

تتعاون مع فرنسا في صناعة السيارات... وتبحث في ألمانيا تدوير المخلفات

وزير الخارجية المصري سامح شكري في القاهرة أمس يستقبل فيل هوجان المفوض الأوروبي للزراعة والتنمية الريفية (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري سامح شكري في القاهرة أمس يستقبل فيل هوجان المفوض الأوروبي للزراعة والتنمية الريفية (الخارجية المصرية)
TT

مصر لإنعاش علاقاتها الأوروبية بثلاثة تحركات متزامنة

وزير الخارجية المصري سامح شكري في القاهرة أمس يستقبل فيل هوجان المفوض الأوروبي للزراعة والتنمية الريفية (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري سامح شكري في القاهرة أمس يستقبل فيل هوجان المفوض الأوروبي للزراعة والتنمية الريفية (الخارجية المصرية)

عبر ثلاثة تحركات متزامنة، أظهرت القاهرة، خلال اليومين الماضيين، خطوات من شأنها إنعاش ودفع علاقاتها الاقتصادية والزراعية مع الاتحاد الأوروبي ودول من أعضائه، وذلك قبل أيام من زيارة مرتقبة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لمصر.
وخلال لقاء بين وزير الخارجية المصري سامح شكري، والمفوض الأوروبي للزراعة والتنمية الريفية فيل هوجان، في القاهرة، أمس، أعرب الأول عن ترحيب بلاده واستعدادها للتعاون مع الاتحاد في مشروعات جديدة في مجال الزراعة.
وتناول اللقاء، حسب المستشار أحمد حافظ المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، دفع العلاقات بين الجانبين في مجالات «الزراعة وتطوير الري واستصلاح الأراضي».
وأشار حافظ إلى أن الاجتماع تطرق كذلك إلى بحث «إمكانية تدشين تعاون ثلاثي مع دول القارة الأفريقية في مجال الزراعة».
وتتولى مصر، بدايةً من الشهر المقبل، رئاسة الاتحاد الأفريقي لمدة عام، كما تستضيف القاهرة، في يونيو (حزيران) المقبل، دورة كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم.
وعلى صعيد قريب الصلة، واصل وفد وزاري مصري زيارته إلى ألمانيا، لبحث تعزيز العلاقات ونقل خبرات برلين في مجال إدارة المخلفات وإعادة تدويرها.
ويضم الوفد المصري، وزراء الإنتاج الحربي، والتنمية المحلية، والبيئة. وأكد محمد العصار وزير الإنتاج الحربي، «أهمية الشراكة الاستراتيجية بين مصر وألمانيا في مختلف المجالات، ودعم برلين للقاهرة في منظومة الإدارة المتكاملة للمخلفات».
والتقى الوزراء المصريون، أمس، في برلين، وزير الدولة للاقتصاد والطاقة الألماني أولريش نوسباوم، وأوضح العصار أن القاهرة مهتمة بحل «مشكلة القمامة والوصول إلى منظومة متكاملة لإدارة المخلفات الصلبة في مصر».
وأعرب وزير التنمية المحلية محمود شعراوي، عن تطلع مصر للتعرف علي التكنولوجيا الألمانية وتوطينها، و«بدء شراكة مع جهات ألمانية في منظومة تدوير المخلفات».
وفي إطار العلاقات المصرية - الفرنسية، تترقب القاهرة وصول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في غضون أيام، على أن تشهد «توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم»، حسبما قال رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، أول من أمس، على هامش لقائه مع برونو لومير وزير الاقتصاد والمالية الفرنسي.
وأوضح لومير، الذي التقى كذلك الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أول من أمس، أن الأخير طلب منه بحث التعاون مع مصر في «مجال تصنيع السيارات بوجه عام وبخاصة السيارات الكهربائية»، وقال لومير إنه وعد «الرئيس ببحث الأمر مع شركة (بيجو) بعد عودته إلى بلاده».
وحسب الوزير الفرنسي، فإن ماكرون والسيسي سيبحثان «سبل تعزيز التعاون في مجالات عدة منها الكهرباء، والصحة، والنقل الجوي، ومترو الأنفاق».
كما أعرب رئيس الحكومة المصرية عن تطلع بلاده أيضاً للتعاون مع فرنسا في مجال «تصنيع البلازما ومشتقات الدم الأخرى، لا سيما في ضوء ما تمتلكه فرنسا من خبرات كبيرة في هذا المجال».
وتعمل في مصر 160 شركة فرنسية بإجمالي استثمارات تصل إلى 5 مليارات دولار، ويقدَّر حجم التجارة بين البلدين بـ2.5 مليار دولار.



الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
TT

الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)

بالتزامن مع تحذيرها من تفاقم الأزمة الإنسانية، ووصول أعداد المحتاجين للمساعدات العاجلة إلى أكثر من 19 مليون شخص، أطلقت الأمم المتحدة وشركاؤها خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في اليمن للعام الحالي لمساعدة أكثر من 10 ملايين محتاج.

ويأتي ذلك في ظل تراجع حاد للعملة اليمنية، إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، بعد تجاوز سعر الدولار 2160 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، التي عجزت عن سداد رواتب الموظفين منذ 4 أشهر، بعد أكثر من عامين من تسبب الجماعة الحوثية في توقف تصدير النفط، واشتداد أزمات الخدمات العامة، وانقطاع الكهرباء في عدن حيث العاصمة المؤقتة للبلاد لأكثر من نصف اليوم.

ودعت الأمم المتحدة المجتمع الدولي والمانحين إلى توفير مبلغ 2.47 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام الحالي، لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة لأكثر من 19.5 مليون شخص.

وجاءت الدعوة على لسان جوليان هارنيس، منسق الشؤون الإنسانية في اليمن، الذي طالب بتقديم الدعم اللازم لضمان الوصول إلى الفئات الأكثر ضعفاً وتقديم المساعدات المنقذة للحياة لـ10.5 مليون شخص، مشيراً إلى أن الجهود السابقة خلال العام الماضي، شملت أكثر من 8 ملايين شخص بدعم تجاوز 1.4 مليار دولار.

نصف الأطفال اليمنيين يعانون من سوء تغذية وتعدّ النساء والفتيات من الفئات الأكثر ضعفاً (الأمم المتحدة)

وشدَّد هاريس على أن الاحتياجات خلال العام الحالي تتطلب استجابة أوسع وأكثر شمولية لتحقيق الاستقرار وبناء قدرة المجتمعات على الصمود، منوهاً بأن تدهور الأوضاع الاقتصادية، والظروف المناخية القاسية، والتطورات العسكرية الإقليمية أسهمت في مضاعفة الاحتياجات الإنسانية.

ويواجه نصف السكان تقريباً انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، ويعيش أكثر من 13 مليون شخص في ظل نقص حاد في مياه الشرب النظيفة، بينما تعمل 40 في المائة من المرافق الصحية بشكل جزئي أو لا تعمل.

وكانت الأمم المتحدة طالبت العام الماضي بـ2.7 مليار دولار لخطة الاستجابة الإنسانية، لكنها لم تحصل سوى على تعهدات ضئيلة، ما تسبب في عجز كبير في تلبية احتياجات المستهدفين.

تناقض الاحتياجات والمطالب

ويؤكد جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أرقام الاحتياجات الإنسانية التي تعلن عنها الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية، لكنه يشير إلى التناقض بين ما تعلن عنه من احتياجات ومساعيها للحصول على تمويل لتلبية تلك الاحتياجات، إلى جانب عدم قدرتها على الوصول إلى المستهدفين بسبب نقص المعلومات والبيانات، بالإضافة إلى التغيرات الديموغرافية الحاصلة بفعل النزوح.

استمرار الصراع ترك اليمنيين في حالة احتياج دائم للمساعدات (الأمم المتحدة)

وفي تصريحه لـ«الشرق الأوسط» أعرب بلفقيه عن مخاوفه من عدم إمكانية الحصول على المبالغ المطلوبة لصالح الاستجابة الإنسانية بسبب سوء الترويج للأزمة الإنسانية في اليمن لدى المانحين، لافتاً إلى أن طرق تعامل المنظمات الدولية والأممية في الإغاثة لم تتغير منذ عام 2015، رغم فشلها في تلبية احتياجات اليمنيين، وإنهاء الأزمة الإنسانية أو الحد منها.

وقبيل إطلاقها خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، حذّرت الأمم المتحدة، من اشتداد الأزمة الإنسانية في اليمن، بعد تجاوز أعداد المحتاجين إلى مساعدات إنسانية هذا العام 19.5 مليون شخص، بزيادة قدرها 1.3 مليون شخص مقارنة بالعام الماضي، مبدية قلقها على الأطفال الذين يعانون من سوء تغذية، وعلى الفئات الأكثر تهميشاً من بينهم، مثل النساء والفتيات والنازحين البالغ عددهم 4.8 مليون شخص.

وقالت نائبة رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، جويس مسويا، أمام مجلس الأمن الدولي إنّ اليمنيين ما زالوا يواجهون أزمة خطرة على الصعيدين الإنساني وحماية المدنيين، مشيرة إلى أن تقديرات النداء الإنساني للعام الحالي الذي يجري إعداده، كشفت عن تفاقم الأزمة.

وباء الكوليرا عاد للتفشي في اليمن بالتزامن مع ضعف القطاع الصحي (رويترز)

ووفق حديث مسويا، فإنّ نحو 17 مليون يمني، أي ما يقدر بنصف سكان البلاد، لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية، وما يقرب من نصف الأطفال دون سنّ الخامسة يعانون من تأخر خَطرٍ في النمو بسبب سوء التغذية، مع انتشار مروّع لوباء الكوليرا، بينما يعاني النظام الصحي من ضغوط شديدة.

انهيار العملة

وواصلت العملة اليمنية تراجعها إلى أدنى المستويات، وتجاوز سعر العملات الأجنبية المتداولة في البلاد 2160 ريالاً للدولار الواحد، و565 ريالاً أمام الريال السعودي، بعد أن ظلت تتراجع منذ منتصف العام الماضي، وهي الفترة التي شهدت تراجع الحكومة اليمنية عن قراراتها بفرض حصار على البنوك التجارية المتواطئة مع الجماعة الحوثية.

ويرجع الخبراء الاقتصاديون اليمنيون هذا الانهيار المتواصل للعملة إلى الممارسات الحوثية ضد الأنشطة الاقتصادية الحكومية، مثل الاعتداء على مواني تصدير النفط الخام ومنع تصديره، وإجبار الشركات التجارية على الاستيراد عبر ميناء الحديدة الخاضع للجماعة، إلى جانب المضاربة غير المشروعة بالعملة، وسياسات الإنفاق الحكومية غير المضبوطة وتفشي الفساد.

العملة اليمنية واصلت تدهورها الحاد خلال الأشهر الستة الماضية (رويترز)

ويقدر الباحث الاقتصادي اليمني فارس النجار الفجوة التمويلية لأعمال الإغاثة والاستجابة الإنسانية، بأكثر من 3 مليارات دولار، ويقول إن تراكمات هذا العجز خلال السنوات الماضية أوصل نسبة تغطية الاحتياجات الإنسانية في البلاد إلى 52 في المائة.

ولمح النجار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى تضرر الاقتصاد اليمني بفعل أزمة البحر الأحمر وما سببته من تحول طرق التجارة العالمية أو ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، مع عدم بروز إمكانية لتحسن اقتصادي دون توقف الجماعة الحوثية عن ممارساتها أو إلزامها بالكف عنها، بالتوازي مع إجراءات داخلية لتحسين الإيرادات.

استهداف الحوثيين للسفن التجارية في البحر الأحمر ضاعف من تدهور الاقتصاد اليمني (أ.ف.ب)

وحثّ النجار الحكومة اليمنية على اتباع سياسات تزيد من كفاءة تحصيل الإيرادات المحلية، وتخفيف فاتورة الاستيراد، ومن ذلك تشجيع الأنشطة الزراعية والسمكية وتوفير فرص عمل جديدة في هذين القطاعين اللذين يشكلان ما نسبته 30 في المائة من حجم القوى العاملة في الريف، وتشجيع زراعة عدد من المحاصيل الضرورية.

يشار إلى أن انهيار العملة المحلية وعجز الحكومة عن توفير الموارد تسبب في توقف رواتب الموظفين العموميين منذ 4 أشهر، إلى جانب توقف كثير من الخدمات العامة الضرورية، ومن ذلك انقطاع الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن لمدد متفاوتة تصل إلى 14 ساعة يومياً.