ألمانيا تعاقب «التجسس» الإيراني بوقف شركة طيران مرتبطة بـ«الحرس»

واشنطن تشيد بقرار وقف ترخيص «ماهان إير» المتورطة بنقل أسلحة ومقاتلين إلى سوريا

جثث قتلى إيرانيين بعد وصولها من سوريا على متن طائرة تابعة لشركة «ماهان إير» في مطار كرمان في نوفمبر 2017 (تسنيم)
جثث قتلى إيرانيين بعد وصولها من سوريا على متن طائرة تابعة لشركة «ماهان إير» في مطار كرمان في نوفمبر 2017 (تسنيم)
TT

ألمانيا تعاقب «التجسس» الإيراني بوقف شركة طيران مرتبطة بـ«الحرس»

جثث قتلى إيرانيين بعد وصولها من سوريا على متن طائرة تابعة لشركة «ماهان إير» في مطار كرمان في نوفمبر 2017 (تسنيم)
جثث قتلى إيرانيين بعد وصولها من سوريا على متن طائرة تابعة لشركة «ماهان إير» في مطار كرمان في نوفمبر 2017 (تسنيم)

أعلنت ألمانيا أمس منع طيران «ماهان إير» من استخدام مطاراتها ردا على نشاطات غير شرعية لإيران في أوروبا، وذلك بعد محاولات اغتيال معارضين إيرانيين داخل أراض أوروبية، اتهمت طهران بالتحضير لها فضلا عن توقيف «جاسوس» داخل الجيش الألماني يعمل لصالح إيران قبل أيام.
وقال متحدث باسم وزارة النقل الألمانية إنه تم إبلاغ «ماهان إير» بتعليق كل رحلاتها من وإلى ألمانيا بشكل فوري. واعتبر المتحدث باسم الخارجية الألمانية ستيفان شايبارت أن رحلات «ماهان إير» إلى سوريا ومناطق نزاع أخرى جعل من الخطوة أساسية «لحماية مصالح ألمانيا الخارجية والأمنية»، لافتا إلى «أدلة جدية» عن علاقة «ماهان إير» بعمليات تجسس طهران في أوروبا.
وكانت صحيفة «سودويتشه زيتونغ» قد نقلت بأن قرار المنع يأتي أيضا بعد الاشتباه بأن إيران تخطط لعميات اغتيال إضافية في دول أوروبية. بدوره، ذكر موقع مجلة «شبيغل» أن «الحكومة الألمانية تشدد على أن هذه العقوبات ليست عقوبات شاملة ضد إيران بل خطوة موجهة ضد شركة واحدة».
وأشادت واشنطن بقرار وقف ترخيص شركة «ماهان اير» الإيرانية للطيران، وكتب وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو على «تويتر» أن «الشركة تنقل أسلحة ومقاتلين إلى الشرق الأوسط، وتدعم بذلك الطموحات التدميرية للنظام الإيراني في المنطقة»، مطالبا كل دول الحلفاء بأن تحذو حذو ألمانيا.
في نفس الاتجاه، رحب السفير الأميركي في برلين ريتشارد غرينيل بقرار منع «ماهان إير» بشكل فوري من استخدام الأجواء الألمانية، علما بأن الطيران على لائحة الإرهاب الأميركية منذ العام 2011.
وقال في تصريحات صحافية من مقر إقامته في داهلم ببرلين، إن هذه الخطوة «ممتازة وقيادية»، مضيفاً: «لا يجب أن تشعر أي دولة بالأمان إذا كان طيران مثل ماهان إير يسيّر رحلات فوق أراضيها… هناك قلق حقيقي مما تقوم به ماهان إير في سوريا ومع (حزب الله)». وعبر غرينيل عن أمله بأن تتبع دول أوروبية أخرى ألمانيا في قرارات مثيلة. وما زالت كل من فرنسا وإيطاليا وإسبانيا وبلغاريا تسمح لـ«ماهان إير» بتسيير رحلات دورية من أراضيها إلى طهران.
ورأى غرينيل أن الاجتماع الدولي الذي دعت إليه واشنطن في بولندا منتصف الشهر المقبل، سيكون مناسبة لدفع دول أوروبية أخرى لاتخاذ خطوات مثيلة. وقال: «ما نحاول القيام به هو جعل حلفائنا يدركون مخاطر التجارب الصاروخية الإيرانية وأيضا واقع نشاطاتها الخبيثة لإيران في كامل أوروبا تزايد منذ الاتفاق النووي معها، ولدينا مجموعة من الأمور التي تقلقنا حول إيران، ونريد أن نجمع حلفاءنا الأوروبيين حولها كما فعلنا مع كوريا الشمالية التي شعرت بالضغط عندما كنا جميعا نعمل سويا وعادوا لطاولة الحوار… وهذا الهدف مع إيران».
ومنذ تسلمه منصبه في مايو (أيار) الماضي، يطالب غرينيل الحكومة الألمانية بمنع «ماهان إير» وينتقد الشركات الألمانية التي تعمل في طهران. وكان تسبب بجدل كبير العام الماضي عندما دعا الشركات الألمانية إلى «وقف التعامل الفوري» مع إيران بعد دخول العقوبات الأميركية على طهران حيز التنفيذ إثر انسحاب إدارة ترمب من الاتفاق النووي الإيراني، في تصريحات اعتبرها السياسيون الألمان تدخلا بالشؤون الداخلية ووصفها البعض بغير الدبلوماسية.
وردا على سؤال حول «مقاربته» هذه، قال غرينيل: «سأترك الآخرين القرار ما إذا كانت المقاربة ناجحة أم لا»، مضيفا: «عملي حماية المصالح الأميركية وتمثيل الشعب الأميركي والحكومة والرئيس، لذلك لا أقدم أي اعتذارات لأسلوبي وسأستمر بالطريقة نفسها». وأشار إلى أن الحكومة الحالية تتابع الكثير من سياسات إدارات سابقة ولكن «الفارق أن هذه الحكومة نجحت بتحقيق نتائج».
ورغم الضغوط الأميركية، قاومت برلين فرض عقوبات على إيران كي لا تعرقل مساعيها الحفاظ على الاتفاق النووي بعد خروج الولايات المتحدة منه. ولكن استمرار طهران بإجراء تجارب صاروخية، ومحاولات تنفيذ اغتيالات داخل أوروبا، زاد من الضغوط على الحكومة الألمانية.
وكانت وكالة «رويترز» قد نقلت قبل يومين وقائع اجتماع في 8 يناير (كانون الثاني) في طهران وصفته بالـ«عاصف» بين دبلوماسيين أوروبيين، بينهم ألمان، ومسؤولين إيرانيين. وقالت إن الإيرانيين «خرجوا من منتصف الاجتماع غاضبين في تصرف غير دبلوماسي» بعد أن أبلغهم الأوروبيون بأنهم لا يمكن أن يستمروا بغض النظر عن تجاربهم الصاروخية وتخطيطهم لاغتيالات داخل الدول الأوروبية.
والأسبوع الماضي، اعتقلت السلطات الألمانية رجلا في الخمسين من العمر من أصول أفغانية يعمل مترجما في الجيش الألماني، واتهمته بالتجسس لصالح إيران. وألقي القبض على عبد الحميد س. بعد نحو عام من مراقبته بعد الاشتباه بأنه يقوم بأعمال تجسس.
وأفاد موقع «شبيغل» بأن الجيش الألماني تلقى تحذيرا في صيف العام 2017 من جهاز «مخابرات صديق» يبلغهم فيه بأن إيران تحاول الحصول على معلومات سرية حول الجيش الألماني من جاسوس لها في الداخل. وأشار الموقع إلى أن «المخابرات الصديقة» هي في الغالب المخابرات الأميركية «سي آي إيه». وأضاف أن هذا الجهاز لم يعط تفاصيل حول هوية الجاسوس إلا أن عملية داخلية للجيش الألماني استمرت لمدة عام أوصلت إلى القبض على الألماني من أصل أفغاني عبد الحميد س. الذي يعمل مترجما لوحدة الاستطلاع الاستراتيجي منذ العام 2000.
وذكرت شبيغل أن الجيش اشتبه بعبد الحميد بسبب تنقلاته المثيرة للشبهات لأنه كان غالبا ما يسافر إلى أماكن في أوروبا يشتبه بأنها أماكن لقاءات لكبار رجال المخابرات الإيرانيين. وأضافت المجلة أن الجيش أوقع بعبد الحميد بعد أن مرر إليه معلومات خاطئة وراقب كيف مررها لطهران.
وفتح الادعاء الألماني تحقيقا في اتهامات التجسس بحقه بعد أن اعتقل في مدينة بون. وقدمت برلين شكوى رسمية لطهران في الاشتباه بعملية التجسس هذه. إلا أن طهران نفت أي علاقة لها بالمشتبه به.
وقبل أيام أيضا أدرج الاتحاد الأوروبي وحدة في المخابرات الإيرانية على قائمة الإرهاب إضافة إلى عقوبات وصفت بالرمزية، بعد الكشف عن مخططات إيرانية لتنفيذ اعتداءات على تجمع للمعارضة في باريس وتنفيذ عمليات اغتيال ومحاولات اغتيال لمعارضين إيرانيين في الدنمارك وهولندا. وفي يوليو (تموز) الماضي، اعتقلت ألمانيا دبلوماسيا إيرانيا يعمل في سفارة بلاده في فيينا. ورحلته لاحقا إلى بروكسل التي كانت أصدرت مذكرة توقف أوروبية بحقه واتهمته بالمسؤولية عن التخطيط لتنفيذ عملية إرهابية ضد تجمع للمعارضة الإيرانية في باريس وتجنيد زوجين في بلجيكا لتنفيذ العملية بعد تزويدهم بالقنابل والمعدات اللازمة.
وصنفت الخزينة الأميركية عام 2011 «ماهان إير» على لائحة المنظمات الداعمة للإرهاب. ونشرت السفارة الأميركية في ألمانيا تقييما داخليا لنشاطات ماهان إير في سبتمبر (أيلول) الماضي، يتهم الطيران بتقديم الدعم المالي واللوجيستي والتكنولوجي لـ«الحرس الثوري» الإيراني الذي صنفته واشنطن بالإرهابي منذ العام 2007.
وبحسب التقييم الأميركي، فإن طائرات «ماهان إير» تنقل مقاتلين من الحرس الثوري الإيراني وأسلحة ومعدات وأموالا إلى مواقع دولية لدعم مجموعات إرهابية. وتشير الورقة الأميركية إلى أن «الحرس الثوري» يستخدم هذا الطيران لنقل عناصر من إيران إلى سوريا وتسهيل تنقل أفراد الحرس الثوري بشكل سري عبر تجاوز الإجراءات الأمنية المعتادة. وتذكر الورقة الأميركية أن مدير عام «ماهان إير» حميد خانوقي مرتبط بشكل وثيق بـ«الحرس الثوري»، وتحديدا بذراعه الخارجية «فيلق القدس».
وصنفت كذلك الدول الأوروبية الحرس الثوري الإيراني إرهابيا عام 2010 وتعتبره «الأداة الخارجية الرئيسية لطهران لتنفيذ عمليات خاصة ودعم منظمات إرهابية في الخارج».
ويخضع خانوقي بدوره لعقوبات أميركية منذ العام 2013 لدوره في تسهيل شحنات غير قانونية إلى سوريا على متن طائرات تابعة لماهان إير. وتتهم واشنطن ماهان إير بنقل مقاتلين وأسلحة بشكل دوري إلى سوريا لدعم نظام الأسد الذي تقول إنه أسهم بـ«جرائم جماعية» في سوريا وتشريد الملايين.
ومنذ إضافة ماهان إير إلى اللائحة الأميركية السوداء عام 2011 تعبر واشنطن عن قلقها المستمر لاستمرار سماح ألمانيا للطيران الإيراني باستخدام مطاراتها. ولغاية إصدار قرار منعها، كانت «ماهان إير» ما زالت تنفذ 6 رحلات أسبوعية بين مدن ألمانية وطهران،4 من مدينة دوسلدورف و2 من ميونيخ. كما تنفذ رحلات بين طهران ومدن أوروبية أخرى في إسبانيا وفرنسا وإيطاليا وبلغاريا. وحذرت واشنطن الدول التي تسمح لطيران ماهان إير بالعمل على أراضيها من إمكانية تعرضها لعقوبات أميركية في حال عدم منع الطيران الإيراني.



ربع سكان إسرائيل ونحو 40 % من الأطفال يواجهون انعدام أمن غذائي

متظاهرون يرفعون لافتات خلال احتجاجات مناهضة لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تل أبيب (أرشيفية - أ.ف.ب)
متظاهرون يرفعون لافتات خلال احتجاجات مناهضة لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تل أبيب (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

ربع سكان إسرائيل ونحو 40 % من الأطفال يواجهون انعدام أمن غذائي

متظاهرون يرفعون لافتات خلال احتجاجات مناهضة لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تل أبيب (أرشيفية - أ.ف.ب)
متظاهرون يرفعون لافتات خلال احتجاجات مناهضة لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تل أبيب (أرشيفية - أ.ف.ب)

في وقت جنت فيه البنوك والشركات الكبرى ومصانع الأسلحة في إسرائيل أرباحاً كبيرة، أشار تقرير اقتصادي جديد، الاثنين، إلى أن نحو ربع المواطنين يعيشون في حالة فقر وانعدام أمن غذائي، ونحو 34 في المائة منهم من الأطفال في البلاد (وهم 1.075.500) مليون طفل. ولدى الدخول في التفاصيل يتضح أن غالبية هؤلاء الفقراء هم من المواطنين الذين يعيشون في عائلات كثيرة الأولاد، من العرب (فلسطينيي 48) ومن اليهود المتدينين (الحريديم).

وقد وردت هذه المعطيات في تقرير نشرته منظمة «لاتت»، التي تتابع الأوضاع الاقتصادية الاجتماعية للمواطنين بشكل مستقل عن التقارير الرسمية. وجاء فيها أن الوضع الاقتصادي للأسر التي تدعمها «لاتت» ومنظمات الإغاثة المماثلة، تراجَع لدى 65 في المائة. وأن نحو نصف الأهل الذين يحصلون على المساعدات اضطروا إلى التخلي عن بدائل حليب الأم أو استخدام كمية أقل من الكمية التي أوصي بها، وأن 80 في المائة من الأهل الذين يحصلون على المساعدات لم يكن لديهم المال لشراء ما يكفي من الطعام.

وأكد التقرير أن هذا الوضع ترك أثره حتى على القرارات المتعلقة بصحة المدعومين. وأفاد 86.4 في المائة منهم بأنهم اضطروا إلى التخلي عن المساعدة النفسية، فيما أكد 70.8 في المائة أنهم تخلوا عن شراء الأدوية أو العلاج الطبي اللازم.

وحسب التقرير، يعيش في إسرائيل 2.756.000 مليون شخص فقير، أي 28.7 في المائة من إجمالي السكان، بينهم 1.240.000 مليون طفل، يشكلون 39.6 في المائة من الأطفال. ويحذر التقرير من وجود أسر في الطبقة المتوسطة والمنخفضة خطراً ملموساً من التدهور إلى الفقر. وفي ظل اتساع الأزمة، أفادت 70.9 في المائة من الجمعيات التي تساعد على توفير المواد الغذائية بانخفاض التبرعات العام الماضي.

بالإضافة إلى ذلك، وفقاً للتقرير، ارتفع الحد الأدنى لتكلفة المعيشة الشهرية للأسرة في إسرائيل في العام الماضي بنسبة 6.9 في المائة، بينما في عام 2023 كان الحد الأدنى لتكلفة المعيشة الشهرية لأسرة مكونة من بالغين وطفلين 12.735 شيقل (الدولار الأمريكي يعادل 3.6 شيقل). وفي عام 2024، وصل إلى 13.617 شيقل، وهذا يعني مبلغاً إضافياً قدره 10.500 شيقل لكل أسرة في السنة.

ومن المؤشرات التي تظهر في التقرير أن 84.8 في المائة من العائلات المدعومة تعاني «نقص الطاقة» وتواجه صعوبات في تدفئة المنزل في الشتاء، وتبريده في الصيف، أو أنه لا يمكنها فعل ذلك أبداً. وجرى قطع التيار الكهربائي عن 22.1 في المائة من العائلات المدعومة في السنة الأخيرة، بسبب عدم تسديد حساب الكهرباء.

وفيما يتعلق بالتعليم، أفاد التقرير بأن التحصيل الدراسي تراجع لدى 44.6 في المائة من الأطفال في العائلات المدعومة، بينما هذه النسبة هي 14.1 في المائة لدى إجمالي السكان. وتسرب 22.8 في المائة من الأطفال في هذه العائلات من المدارس، و18.9 في المائة اضطروا إلى الانتقال إلى مدارس داخلية بسبب الضائقة الاقتصادية.

المعروف أن هذه المعطيات لا تعكس بعد تأثير الحرب وتبعاتها على المجتمع الإسرائيلي. ويُتوقَّع أن تزداد الأوضاع الاقتصادية حدةً مع بدء تطبيق الإجراءات الاقتصادية التي أقرتها الحكومة لتسديد تكاليف الحرب الباهظة، التي تقدَّر في الحسابات المتفائلة بأكثر من 200 مليار شيقل، حتى الآن، وهي تشمل زيادة ديون الدولة بنسبة 10 في المائة. ولكي تعوض الحكومة هذه الخسائر قررت إجراء تخفيضات كبيرة في خدمات الدولة وارتفاع كبير في الأسعار وزيادة الضرائب وتجميد الأجور والرواتب. وقد رفضت الحكومة إجراء أي تخفيض في ميزانيات الاستيطان، وأقرَّت زيادة كبيرة في ميزانيات الجيش.