تأييد «حزب الله» عون للرئاسة لا ينطبق على باسيل

القادة الموارنة في لقاء بكركي الأخير (الشرق الأوسط)
القادة الموارنة في لقاء بكركي الأخير (الشرق الأوسط)
TT

تأييد «حزب الله» عون للرئاسة لا ينطبق على باسيل

القادة الموارنة في لقاء بكركي الأخير (الشرق الأوسط)
القادة الموارنة في لقاء بكركي الأخير (الشرق الأوسط)

لن يتبدّل المشهد السياسي في لبنان بعد استضافته القمة الاقتصادية العربية، وسيبقى كما كان عليه قبل انعقادها، ويفترض أن يتصدر تشكيل الحكومة الجديدة واجهة المشاورات السياسية التي ستوضع على نار حامية، من دون أن يعني هذا أن هناك بوادر انفراج تلوح في الأفق تدفع في اتجاه إخراج عملية التأليف من التأزم.
واستباقاً لمعاودة فتح قنوات الاتصال بين الأطراف السياسية الرئيسية المعنية بتشكيل الحكومة، تؤكد مصادر سياسية مواكبة للاتصالات التمهيدية التي جرت على هامش استضافة بيروت القمة الاقتصادية العربية، أن ما يهم زعيم «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، توفير الظروف المواتية له للدخول في منافسة مع زعيم تيار «المردة» الوزير السابق سليمان فرنجية تتيح له تحقيق حد أدنى من التوازن ليكون أبرز المرشحين لرئاسة الجمهورية.
وتكشف المصادر السياسية لـ«الشرق الأوسط» أن باسيل بات قلقاً من المواقف التي صدرت عن فرنجية في لقاء زعماء الأحزاب المارونية والنواب الموارنة في بكركي، الذي رعاه البطريرك الراعي الأسبوع الماضي، وتقول إن أكثر ما أقلقه قول منافسه إن «حزب الله» لا يحبذ إعطاء «التيار الوطني» الثلث الضامن في الحكومة الجديدة.
وتضيف المصادر نفسها أن «حزب الله» وإن كان عاتب حليفه فرنجية حيال ما قاله بالنيابة عنه، فإن باسيل يعرف جيداً أن الثلث الضامن لن يُعطى له لأنه سيستخدمه في لعبة التوازن الداخلي وليس في القضايا الخارجية التي يعود القرار فيها لـ«قوى 8 آذار» ومن خلاله لما يسمى «محور الممانعة».
وتؤكد أن باسيل بات الآن على مسمع مما يتناقله هذا السياسي أو ذاك على لسان مسؤولين في «حزب الله»، بأنه يميل إلى تأييد فرنجية في معركة رئاسة الجمهورية، رغم أن المعركة لا تزال مبكرة بالنظر إلى أن ولاية الرئيس ميشال عون لا تزال في ثلثها الأول، ولا تزال هناك 3 سنوات و9 أشهر أمام الانتخابات الرئاسية الجديدة.
وبكلام آخر فإن المفاضلة في هذا المجال لـ«حزب الله» ستكون حتماً لمصلحة فرنجية، بذريعة أن تأييده العماد ميشال عون في معركة رئاسة الجمهورية لا ينسحب على باسيل الذي يسارع منذ الآن إلى تصحيح الخلل الذي يشوب علاقته بالحزب وبأطراف سياسية أخرى.
وفي هذا السياق، يميل باسيل إلى استرضاء «حزب الله» ومن خلاله بعض حلفائه وسوريا، وهذا ما ظهر جلياً في اندفاعه لعودة الأخيرة إلى الحضن العربي ما أدى إلى اختلاف مع عدد من الدول العربية التي رأت على لسان من مثّلها في القمة الاقتصادية، أن هذه المسألة محصورة بقرار يتخذه مجلس وزراء الخارجية العرب.
كما أنه سيستحضر مجدداً اقتراحه بشأن تشكيل الحكومة، الذي ينص على أن تشكّل الحكومة من 32 وزيراً، مراهناً - كما تقول المصادر - على موقف الرئيس عون المؤيد له، وعادّاً في الوقت نفسه أن إعادة خلط الأوراق ستؤدي حتماً إلى تصحيح علاقته بحلفاء سوريا في لبنان وصولاً إلى تقديم نفسه على أنه يتساوى في أفضلية الترشّح لرئاسة الجمهورية مع فرنجية.
لذلك تعتقد مصادر سياسية مواكبة لما آلت إليه المشاورات قبل أن تدخل في «إجازة قسرية» بسبب انصراف لبنان إلى التحضير لاستضافة القمة الاقتصادية، أن الوجه الآخر للمعركة الدائرة حول تشكيل الحكومة يكمن في السباق بين باسيل وفرنجية، لعل وزير الخارجية ينجح في كسب أوراق سياسية جديدة تسمح له بأن يصرفها في تحسين موقعه منافساً في المعركة على الرئاسة الأولى، ولو أن الغرق فيها يبقى من السابق لأوانه.
كما أن باسيل وإن كان قد حاول أن يعيد الروح إلى «تفاهم معراب» بين «التيار الوطني» وحزب «القوات اللبنانية» بمناسبة حلول الذكرى الثالثة للتوقيع عليه، فإنه ليس مرتاحاً لتطبيع العلاقة بين الأخير و«المردة» بعد عقود طويلة من النزاع بينهما ولو من موقع الاختلاف حول أمور سياسية عدة.
ناهيك بأن باسيل وإن كان يحرص على صمود التسوية مع الرئيس المكلف، فإنه في المقابل - بحسب هذه المصادر - يسعى إلى تجويف ما بقي منها من مضامين سياسية، إضافة إلى أن علاقته برئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط تبقى في إطار المهادنة لتوفير الحماية للمصالحة الدرزية - المسيحية في الجبل.
وعليه؛ فإن محاولة باسيل للعودة بالمشاورات إلى المربع الأول في حال أنه أصر على تمسّكه بأن تتشكل الحكومة من 32 وزيراً، تعني أولاً وأخيراً أن الرئيس الحريري لن يمشي في اقتراحه هذا، لكنه في الوقت نفسه يتوخى بطرحه تحقيق فك «اشتباك» مع حلفاء سوريا، ظناً منه أنه سيتمكن من خفض منسوب التأييد لفرنجية الذي يتصرف على أن «حزب الله» سيمنحه صوته التفضيلي في مواجهة زعيم «التيار الوطني».
ويبقى السؤال: هل يتبنّى الرئيس عون مطالبة باسيل بحكومة من 32 وزيراً، وكيف سيكون رد الحريري في حال أحس بأن هناك من يحاول أن يحاصره بحكومة يغلب عليها اللون السياسي الواحد؟



الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
TT

الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

كثفت الولايات المتحدة ضرباتها الجوية في الأسابيع الأخيرة على مواقع الجماعة الحوثية بمحافظة عمران، لا سيما مديرية حرف سفيان، في مسعى لتدمير أسلحة الجماعة المخزنة في مواقع محصنة تحت الأرض، ما جعل الجماعة تنقل كميات منها إلى معقلها الرئيسي في صعدة (شمال).

وكشفت مصادر يمنية مطلعة أن الجماعة الحوثية نقلت خلال الأيام الأخيرة مركز الصواريخ والطائرات المسيرة من مناطق عدة بمحافظة عمران إلى محافظة صعدة، وذلك تخوفاً من استهداف ما تبقى منها، خصوصاً بعد تعرض عدد من المستودعات للتدمير نتيجة الضربات الغربية في الأسابيع الماضية.

وكانت المقاتلات الأميركية شنت في الآونة الأخيرة، غارات مُكثفة على مواقع عسكرية تابعة للحوثيين، كان آخرها، الجمعة، حيث تركزت أغلب الضربات على مديرية «حرف سفيان» الواقعة شمال محافظة عمران على حدود صعدة.

وبحسب المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، نقلت الجماعة الحوثية، تحت إشراف عناصر من «سلاح المهندسين والصيانة العسكرية»، مجموعة صواريخ متنوعة ومسيّرات ومنصات إطلاق متحركة وأسلحة أخرى متنوعة إلى مخازن محصنة في مناطق متفرقة من صعدة.

دخان يتصاعد في صنعاء عقب ضربات أميركية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)

وتمت عملية نقل الأسلحة - وفق المصادر - بطريقة سرية ومموهة وعلى دفعات، كما استقدمت الجماعة الحوثية شاحنات نقل مختلفة من صنعاء بغية إتمام العملية.

وتزامن نقل الأسلحة مع حملات اختطاف واسعة نفذتها جماعة الحوثيين في أوساط السكان، وتركزت في الأيام الأخيرة بمدينة عمران عاصمة مركز المحافظة، ومديرية حرف سفيان التابعة لها بذريعة «التخابر لصالح دول غربية».

واختطف الانقلابيون خلال الأيام الأخيرة، نحو 42 شخصاً من أهالي قرية «الهجر» في حرف سفيان؛ بعضهم من المشرفين والمقاتلين الموالين لهم، بعد اتهامهم بالتخابر مع أميركا وإسرائيل، وفقاً للمصادر.

وجاءت حملة الاختطافات الحوثية عقب تنفيذ الجيش الأميركي في الأسبوعين الماضيين، عشرات الغارات التي استهدفت منشآت عسكرية وأماكن تجمعات للجماعة في حرف سفيان، أسفر عنها تدمير منشآت استُخدمت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية أميركية بجنوب البحر الأحمر وخليج عدن.

أهمية استراتيجية

نظراً للأهمية الاستراتيجية لمنطقة «حرف سفيان» في عمران، فقد تركزت الغارات على استهداف منشآت ومواقع متفرقة في المديرية ذاتها.

وتُعدّ مديرية «حرف سفيان» كبرى مديريات محافظة عمران من أهم معاقل الجماعة الحوثية بعد محافظة صعدة، وذلك نظراً لمساحتها الكبيرة البالغة نحو 2700 كيلومتر مربع، مضافاً إلى ذلك حدودها المتصلة بـ4 محافظات؛ هي حجة، والجوف، وصعدة، وصنعاء.

أنصار الحوثيين يحملون صاروخاً وهمياً ويهتفون بشعارات خلال مظاهرة مناهضة لإسرائيل (أ.ب)

وكان قد سبق لجماعة الحوثيين تخزين كميات كبيرة من الأسلحة المنهوبة من مستودعات الجيش اليمني في مقرات عسكرية بمحافظة عمران؛ منها معسكر «اللواء التاسع» بضواحي مدينة عمران، و«لواء العمالقة» في منطقة الجبل الأسود بمديرية حرف سفيان، وموقع «الزعلاء» العسكري الاستراتيجي الذي يشرف على الطريق العام الرابط بين صنعاء وصعدة، إضافة إلى مقار ومواقع عسكرية أخرى.

وإلى جانب ما تُشكله هذه المديرية من خط إمداد رئيسي للانقلابيين الحوثيين بالمقاتلين من مختلف الأعمار، أكدت المصادر في عمران لـ«الشرق الاوسط»، أن المديرية لا تزال تُعدّ مركزاً مهماً للتعبئة والتجنيد القسري لليمنيين من خارج المحافظة، لكونها تحتوي على العشرات من معسكرات التدريب التي أسستها الجماعة في أوقات سابقة، وترسل إليها المجندين تباعاً من مناطق عدة لإخضاعهم للتعبئة الفكرية وتلقي تدريبات قتالية.

صورة عامة لحاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» (رويترز)

وتقول المصادر إن الضربات الأميركية الأخيرة على محافظة عمران كانت أكثر إيلاماً للحوثيين من غيرها، كونها استهدفت مباشرةً مواقع عسكرية للجماعة؛ منها معمل للطيران المسير، وكهوف تحوي مخازن أسلحة وأماكن خاصة بالتجمعات، بعكس الغارات الإسرائيلية التي تركزت على استهداف البنى التحتية المدنية، خصوصاً في صنعاء والحديدة.

وترجح المصادر أن الأميركيين كثفوا ضرباتهم في مديرية حرف سفيان بعد أن تلقوا معلومات استخبارية حول قيام الحوثيين بحفر ملاجئ وأنفاق ومقرات سرية لهم تحت الأرض، حيث يستخدمونها لعقد الاجتماعات وإقامة بعض الدورات التعبوية، كما أنها تحميهم من التعرض لأي استهداف مباشر.