انتقاد أممي لعمليات حفتر في جنوب ليبيا

السراج يعقد اجتماعاً أمنياً بعد مقتل 16 في طرابلس

صحافيون ليبيون في وقفة احتجاجية على مقتل زميلهم بن خليفة خلال تغطيته اشتباكات طرابلس (أ.ف.ب)
صحافيون ليبيون في وقفة احتجاجية على مقتل زميلهم بن خليفة خلال تغطيته اشتباكات طرابلس (أ.ف.ب)
TT

انتقاد أممي لعمليات حفتر في جنوب ليبيا

صحافيون ليبيون في وقفة احتجاجية على مقتل زميلهم بن خليفة خلال تغطيته اشتباكات طرابلس (أ.ف.ب)
صحافيون ليبيون في وقفة احتجاجية على مقتل زميلهم بن خليفة خلال تغطيته اشتباكات طرابلس (أ.ف.ب)

غداة ارتفاع عدد القتلى في المعارك الدائرة بين الميليشيات في طرابلس منذ الأربعاء الماضي إلى 16 شخصاً، عقد رئيس حكومة الوفاق الوطني فائز السراج، أمس، اجتماعاً مع قيادات أمنية وعسكرية لبحث الوضع في العاصمة، فيما أعربت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا عن قلقها إزاء التقارير الواردة من الجنوب عن حشود مسلحة، في انتقاد مبطن للعملية العسكرية التي أعلنتها قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر.
وأعربت البعثة الأممية عن «قلق بالغ» إزاء الحشود المتزايدة في الجنوب، «في ظل بيانات وبيانات مضادة، ما ينذر بوقوع نزاع وشيك». ودعا المبعوث الدولي غسان سلامة في بيان، أمس، جميع الأطراف في الجنوب إلى «ممارسة أقصى درجات ضبط النفس». وقال: «قمت الأسبوع الماضي بزيارتي الأولى إلى سبها، وشعرت أن لدى الجنوبيين من مختلف الأطياف السياسية والعرقية نية حقيقية لمعالجة المشكلات التي تفصل بينهم من أجل مستقبل أفضل لمنطقتهم».
ورأى أن «ما يحتاج إليه الجنوب هو معالجة القضايا الملحة، وأهمها المسألة الأمنية والإنسانية»، لافتاً إلى أنه لمس «قناعة بأن الحرب والنزاعات من شأنها أن تفاقم تلك القضايا عوضاً عن إيجاد الحلول الناجعة لها».
وجاء هذا البيان متزامناً مع اجتماع مفاجئ عقده رئيس حكومة الوفاق الوطني فائز السراج في طرابلس، أمس، مع وفد من أعضاء مجلس النواب يمثلون عدداً من مناطق الجنوب الليبي. وقال السراج في بيان وزعه مكتبه إن «الاجتماع بحث الأوضاع في منطقة الجنوب والإجراءات التي اتخذتها الحكومة لحل المختنقات في المرافق العامة لقطاعات الصحة والتعليم والمواصلات والكهرباء وتوفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين».
في المقابل، أعلنت «كتيبة طارق بن زياد» التابعة للجيش الوطني الليبي الذي يقوده حفتر «انتشاراً واسعاً لقوة ضخمة من قوات الجيش لتطهير وتطبيق القانون في الجنوب الليبي»، وهو ما لم يتسن التأكد منه. وأشارت في بيان مقتضب إلى أن «الهدف والغاية واحدة، وهي عودة الأمن والأمان لتلك المناطق».
وبعد أيام من تجاهله اشتباكات طرابلس بين الميليشيات المتنازعة على مناطق النفوذ والسلطة، عقد السراج اجتماعاً أمنياً «طارئاً» مع وزير الداخلية فتحي باش أغا، وقيادات أمنية وعسكرية، ضمت آمر المنطقة العسكرية الغربية اللواء أسامة جويلي، وآمر المنطقة العسكرية الوسطى اللواء محمد الحداد، وآمر المنطقة العسكرية بطرابلس اللواء عبد الباسط مروان، وآمر غرفة العمليات المشتركة اللواء حسين عبد الله.
وقال مكتب السراج، في بيان، إن رئيس الحكومة اطلع على الحالة الأمنية في جنوب طرابلس، «وقدم المسؤولون الأمنيون تقارير عن الترتيبات التي اتخذت لحفظ الأمن وتأمين سلامة المواطنين في تلك المنطقة»، مشيراً إلى أن «الاجتماع تطرق إلى عملية تطوير آليات التنسيق بين مختلف القطاعات الأمنية والعسكرية، والبرامج التي تعزز الأمن بالعاصمة ومحيطها».
وجاء الاجتماع بينما ينتظر سكان العاصمة نتائج الوساطة التي بدأها وفد، ضم أعيان قبائل ورفلة، لعقد هدنة جديدة بين الأطراف المتصارعة في المدينة.
وكانت وزارة الصحة أعلنت عن ارتفاع عدد ضحايا الاشتباكات التي يشهدها جنوب طرابلس إلى 16 قتيلاً، بينهم مصور محلي مستقل. وقالت إدارة شؤون الجرحى في الوزارة، في بيان مساء أول من أمس، إن «حصيلة ضحايا الاشتباكات جنوب العاصمة منذ اندلاعها الأربعاء الماضي ارتفعت إلى 16 قتيلاً و65 جريحاً، إلى جانب تسجيل 3 مفقودين، إضافة إلى إجلاء 213 عائلة من مواقع الاشتباكات وتقديم مواد إغاثية لـ350 عائلة».
وبين القتلى محمد بن خليفة (35 عاماً) وهو مصور مستقل كان يعمل لحساب وكالة أنباء «أسوشييتدبرس» الأميركية ومؤسسات إخبارية أخرى منذ 2014 وهو متزوج وأب لرضيع في شهره السادس. وقال مصدر أمني إن أحد المواقع التي كان يوجد فيها المصور رفقة عناصر «قوة حماية طرابلس» تعرض لقذائف هاون عشوائية، ما أدى إلى وفاته نتيجة إصابته بشظايا عدة، موضحاً أن «الفرق الطبية لم تنجح بإسعافه في الموقع الذي سقط فيه» أثناء الاشتباكات بين ميليشيات «قوة حماية طرابلس» و«اللواء السابع». وأعلنت «قوة حماية طرابلس» لليوم الثاني على التوالي تحقيق ميليشياتها تقدماً في المعارك جنوب العاصمة، وهو ما لم يتسن التأكد منه. وقالت إنها «تصدت لمحاولة تقدم جديدة قامت بها المجموعات المسلحة الإجرامية»، في إشارة إلى «اللواء السابع».
و«قوة حماية طرابلس» هي تحالف يضم مجموعات مسلحة موالية للحكومة، تشكل عقب الاشتباكات الدامية التي شهدتها مناطق جنوب العاصمة العام الماضي، ضد «اللواء السابع»، واستمرت شهراً كاملاً، وخلفت 117 قتيلاً، وأكثر من 500 مصاب، قبل نجاح وساطة، قادتها الأمم المتحدة، في إيقافها.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».