العراق: نقل الملف الأمني تدريجياً من الجيش إلى الشرطة

يستثني بغداد والمحافظات الغربية في مرحلته الأولى

TT

العراق: نقل الملف الأمني تدريجياً من الجيش إلى الشرطة

في خطوة تؤشر على تحسن الأوضاع الأمنية في عموم البلاد أعلنت لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي عن اتفاقها مع رئيس أركان الجيش العراقي الفريق عثمان الغانمي على بدء تسليم الملف الأمني في عدد من المحافظات الوسطى والجنوبية إلى الشرطة المحلية. وفيما استثنى القرار المحافظات الغربية من البلاد فإن العاصمة بغداد وبرغم استمرار عملية رفع الكتل الكونكريتية مع معظم أحيائها وشوارعها الرئيسية وفتح المنطقة الخضراء جزئيا، واستنادا إلى مسؤول أمني، ليست مشمولة بالمرحلة الأولى من هذه الخطة.
وقال عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي نايف الشمري في تصريح أمس بأن «اللجنة التقت رئيس أركان الجيش الفريق أول ركن عثمان الغانمي وأنه أبدى استعدادهم لتسليم الملف الأمني للشرطة المحلية في سبع محافظات بالوسط والجنوب». وأضاف الشمري: «نريد إعدادا جيدا للجيش العراقي في معسكرات التدريب وإعداد الخطط ومسك الحدود، ونريد أن نرى الشرطة المحلية في جميع المحافظات ماسكة للملف الأمني»، مشيراً إلى «ضرورة وجود ثلاثة خطوط أمنية في جميع المحافظات الأول للشرطة المحلية والثاني تقوده الشرطة الاتحادية والخط الثالث يقوده الجيش العراقي». وأوضح الشمري: «نريد أن تتعامل الشرطة المحلية مباشرة مع المواطنين». وبين أن «الجيش العراقي أثبت أنه قاتل نيابة عن العالم اجمع في حربه ضد (داعش) الإرهابي، ومعركتنا القادمة ضد (داعش) استخباراتية وليست تقليدية في خطوط الصد». وأكد الشمري «حاجة الأجهزة الاستخباراتية إلى دعم كبير من قبل الحكومة والبرلمان من حيث توفير أجهزة متطورة وتعقب وكاميرات مراقبة وحرارية».
إلى ذلك أكد مسؤول أمني شارك في الاجتماع المذكور في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الاجتماع مع لجنة الأمن والدفاع ناقش عدة أمور منها حقيقة ما يشاع عن وجود قواعد أميركية في البلاد أو وجود قوات إضافية، كما ناقش الاجتماع أيضا مسألة نقل الملف الأمني إلى عدد من المحافظات نتيجة لاستقرار الأوضاع الأمنية وكذلك مشروع قانون وزارة الدفاع المحال إلى البرلمان»، مبينا أن «سبع محافظات وسطى وجنوبية سوف تتسلم الملف الأمني فيها وزارة الداخلية من الجيش».
وردا على سؤال بشأن ما إذا كانت بغداد العاصمة مشمولة بتسلم الشرطة المحلية ملفها الأمني، قال المسؤول الأمني إن «بغداد سوف تشمل بالمرحلة الثانية من هذه الخطة وهناك مرحلة ثالثة تتعلق ببعض المحافظات الغربية والشمالية الغربية».
من جهته، يقول الخبير الأمني فاضل أبو رغيف في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بأن «وزارة الداخلية تملك قطعات واسعة بما تملكه من معلومات استخبارية والأمنية والمعلوماتية لديها القدرة على مسك الأمن في عدد من المحافظات بما فيها بغداد العاصمة التي بدأت تشهد أوضاعا أمنية مستقرة»، مبينا أنه «لم تعد هناك حاجة لوجود أي قطعات عسكرية داخل المدن لأن الحاجة إلى القطعات العسكرية تتمثل في مسك الحدود والدفاع عن الوطن ضد أي اعتداء خارجي».
وحول المحافظات الغربية والشمالية الغربية، يقول أبو رغيف إن «المحافظات الغربية والشمالية الغربية لا سيما الساخنة منها هي الآن تمسك من قبل القوات البرية والألوية وقيادات العمليات نظرا للحاجة إلى وجود الجيش فيها في هذه المرحلة من مراحل المواجهة مع تنظيم داعش الإرهابي».
من جهته، أكد نعيم الكعود رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة الأنبار في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الحاجة ما زالت قائمة إلى الجيش في محافظاتنا الغربية ونحن لا ننكر ذلك نظرا لوجود مخاطر من قبل تنظيم داعش لكن ليس داخل المدن بالضرورة لا سيما هناك مدن بدأت تستقر فيها الحياة وباتت الشرطة المحلية فيها قادرة على مسك الملف الأمني». وأضاف أن «الجميع يعرف أن الشرطة المحلية قادرة على التعامل مع المواطنين بعكس قطعات الجيش الذي قد لا تستطيع التعامل بشفافية مع المواطنين ولا حاجة لها داخل المدن ما عدا المدن الساخنة لا سيما الحدودية منها مثل الرطبة والقائم في حين أن مدنا مثل الرمادي والفلوجة من الممكن أن تتسلم الشرطة المحلية ملفها الأمني». وأكد الكعود أن «هناك نقصا لدينا في إعداد الشرطة وهو ما يتطلب المزيد من التدريب لكن المهم أن نبدأ بإعداد المواطن بحيث يتعامل مع الشرطة بدلا من الجيش علما بأن هناك شكاوى تأتينا مما يحصل من إشكاليات مع المواطنين من قبل بعض قطعات الجيش حيث إن واجب الجيش هو حماية الحدود لا المدن المأهولة بالسكان».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».