كولومبيا تطالب هافانا باعتقال قادة «جيش التحرير الوطني»

السعودية تدين الهجوم الانتحاري

شرطيون يضيئون الشموع لزملائهم الذين قتلوا في التفجير الانتحاري (أ.ف.ب)
شرطيون يضيئون الشموع لزملائهم الذين قتلوا في التفجير الانتحاري (أ.ف.ب)
TT

كولومبيا تطالب هافانا باعتقال قادة «جيش التحرير الوطني»

شرطيون يضيئون الشموع لزملائهم الذين قتلوا في التفجير الانتحاري (أ.ف.ب)
شرطيون يضيئون الشموع لزملائهم الذين قتلوا في التفجير الانتحاري (أ.ف.ب)

دخلت العلاقات المتوترة منذ أشهر بين كولومبيا وكوبا مرحلة من التصعيد بعد التفجير الانتحاري الذي أودى بحياة 21 شخصاً وإصابة أكثر من 70 بجراح أمام أكاديمية الشرطة في العاصمة الكولومبية بوغوتا، والمطالبة العلنيّة التي وجهها الرئيس الكولومبي إيفان دوكي إلى كوبا باعتقال وتسليم قادة منظمة «جيش التحرير الوطني» الموجودين في العاصمة الكوبية، وذلك بعد أن أثبتت التحقيقات الأوليّة مسؤولية هذه المنظمة عن العملية التي تهدد بانهيار اتفاق السلام الذي وقّعه الرئيس السابق مع حركات التحرير الكولومبية بعد سنوات من المفاوضات برعاية النظام الكوبي.
وقال دوكي في مؤتمر صحافي: «لقد وجهت تعليماتي إلى مكتب المدّعي العام بإلغاء تعليق مذكرات الجلب التي كانت صادرة بحق الأعضاء العشرة في مجلس قيادة جيش التحرير الوطني الموجودين في كوبا، وإبطال مفعول القرار الذي يوفر الشروط التي تسمح لهم بالبقاء في هذا البلد، ما يعني الإلغاء الفوري للمزايا التي سبق أن منحتهم إياها الدولة وتفعيل المذكّرات الحمراء الصادرة عن الإنتربول باعتقالهم وتسليمهم إلى كولومبيا».
وتوجّه الرئيس الكولومبي مباشرة إلى نظيره الكوبي ميغيل دياز كانيل بقوله: «نشكر للحكومة الكوبية التضامن الذي أعربت عنه بالأمس بعد الانفجار، ونطالبها اليوم بتنفيذ مذكرات الجلب بحق الإرهابيين الموجودين على أراضيها وتسليمهم إلى سلطات الأمن الكولومبية». لكن دوكي امتنع عن الإشارة إلى فنزويلا التي تؤكد أجهزة المخابرات الكولومبية أن بعض أفراد المنظمة يقيمون فيها، وأن منفّذ العملية خوسيه روخاس رودريغيز كان يدرّب بعض المقاتلين على استخدام المتفجرات.
عبر مصدر مسؤول بوزارة الخارجية السعودية عن إدانة بلاده واستنكارها الشديدين، للهجوم الانتحاري. وأكد المصدر وقوف وتضامن المملكة مع كولومبيا في مواجهة العنف والتطرف والإرهاب، مقدماً العزاء والمواساة لذوي الضحايا، وللحكومة والشعب الكولومبي الصديق، متمنياً للجرحى الشفاء العاجل.

ونفت فنزويلا يوم الجمعة، أي علاقة لها بالتفجير. وأكد ديوسدادو كابيلو، رئيس الجمعية الوطنية المؤيدة للحكومة في فنزويلا، أن بلاده ليست لها علاقة بالتفجير، قائلاً: «اليوم تحاول الطبقة الوسطى البرجوازية وحكم الأقلية في كولومبيا مع أتباعها الفنزويليين، ربط فنزويلا بالأعمال الإرهابية في كولومبيا». ونقلت صحيفة «إيل يونيفرسال» اليومية عن كابيلو قوله: «لا علاقة لنا بتلك الحرب، ندين أي عمل إرهابي ونرفع رايات السلام».
واعتبر دوكي أن سلوك جيش التحرير الوطني يدلّ على أن «هذه المنظمة لا تسعى إلى تحقيق السلام في كولومبيا»، وأن ما حصل يذكّر باعتداءات سابقة في مدريد ونيويورك وباريس ولندن وبوينس آيرس... «حيث كانت الوحدة والرد الحازم أفضل وسيلة للدفاع في وجه الإرهاب». وذكّر الرئيس الكولومبي بالأعمال الإرهابية التي قامت بها المنظمة المذكورة في السابق، إذ يتبيّن من السجلات الرسمية «أنها قتلت عشرات الأشخاص واختطفت الآلاف خلال السنوات العشرين الماضية وكانت آلة للإجرام والقتل».
وتجدر الإشارة إلى أن «جيش التحرير الوطني» كان المنظمة الوحيدة التي رفضت التوقيع على اتفاق السلام التاريخي بين حركات التحرير والحكومة الكولومبية على عهد الرئيس السابق خوان مانويل سانتوس الذي فاز بجائزة نوبل للسلام تقديراً لجهوده التي أدّت إلى ذلك الاتفاق. وكان سانتوس قد تفاوض مباشرة في العاصمة الإكوادورية كيتو مع تلك المنظمة مطلع عام 2017، لكن تلك المفاوضات لم تثمر سوى عن اتفاق لوقف مؤقت للعمليات العسكرية خلال زيارة البابا فرنسيسكو إلى كولومبيا في سبتمبر (أيلول) من ذلك العام. وقال دوكي إنه خلال 17 شهراً من المفاوضات بين الحكومة السابقة وجيش التحرير الوطني «نفّذ المجرمون 400 عملية إرهابية تسببت في مقتل 100 مواطن وإصابة 339 بجراح». لكن رغم ذلك، ترك الرئيس الكولومبي الباب مفتوحاً أمام استئناف محادثات السلام مع المنظمة، إذ قال: «إذا كان جيش التحرير الوطني يسعى فعلاً للسلام، لا بد أن يقدّم أدلة حسيّة على ذلك، وأن يفرج فوراً عن كل المخطوفين ويعلن وقفاً نهائياً لكل أعماله الإجرامية».
واعترف بأن هذا القرار لم يكن سهلاً في مثل هذه الظروف الصعبة، وأنه قد تنشأت عنه تداعيات وتحديات كبيرة، مؤكداً أن «الدولة لن تخضع للتهديد والابتزاز»، وأنها ستتصدر المظاهرة الضخمة المقررة اليوم (الأحد) في العاصمة بوغوتا لرفض الإرهاب وتكريم الضحايا الذين لم تُعرف بعد سوى هويّة 4 منهم.
وتجدر الإشارة إلى أن منفّذ العملية الانتحارية كان من قادة أجهزة المخابرات في «جيش التحرير الوطني»، الذي يضمّ نحو 1500 مقاتل وعشرات «الخلايا» الموزّعة في المدن الكولومبية، وفقاً لمعلومات الشرطة. وسبق له أن حاول الاستفادة من الإجراءات التخفيفية والتسهيلات التي نصّ عليها اتفاق السلام الموقّع بين الحكومة السابقة والمنظمة المسلّحة الرئيسية «القوات المسلحة الثورية في كولومبيا» المعروفة باسم «فارك» عندما طلب الانضمام إليها عدة مرات ورفض طلبه. وقد أفادت التحقيقات الأولية بأن «جيش التحرير الوطني»، المدرج على لائحة الإرهاب في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، كان يعدّ للعملية الانتحارية منذ 10 أشهر.
ويُذكر أن «جيش التحرير الوطني» تأسس في عام 1964، مستلهماً الثورة الكوبية، حيث تدرّب معظم مؤسسيه من نقابيين وطلاب وفلاحين، ومتأثراً بالتعاليم الدينية الكاثوليكية التي كان ينشرها دعاة «لاهوت التحرر» ومن بينهم الكاهن الكولومبي الشهير كاميلو توريس الذي قتل في أولى المعارك ضد الجيش، وكان من أتباع الثائر التاريخي المعروف إرنستو تشي غيفارا. ويعتبر المراقبون أن هذه المنظمة هي آخر المنظمات المسلّحة التي ما زالت ناشطة في أميركا اللاتينية.



بلينكن يبدأ جولة في 3 دول لاتينية يحكمها رؤساء يساريون

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
TT

بلينكن يبدأ جولة في 3 دول لاتينية يحكمها رؤساء يساريون

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الاثنين، إلى كولومبيا في مستهل جولة تشمل أيضاً تشيلي والبيرو، في محاولة لترسيخ شراكات الولايات المتحدة في أميركا اللاتينية التي تعد فناءها الخلفي الجيوسياسي، في مواجهة الطموحات الصينية المتزايدة في منطقة شهدت انتخاب عدد من الرؤساء اليساريين أخيراً.
وخلال جولته التي تستمر أسبوعاً في الدول الثلاث، سيحضر كبير الدبلوماسيين الأميركيين أيضاً قمة وزارية. ويقر المسؤولون في واشنطن بأن هناك ضرورة لإظهار اهتمام الولايات المتحدة بجيرانها الجنوبيين، «باعتبارهم أولوية سياسية رغم التركيز على قضايا جيوسياسية كبرى، مثل الحرب الروسية في أوكرانيا، وتهديد الصين لتايوان». وتأمل إدارة الرئيس جو بايدن في أن يحافظ الزعماء اليساريون الجدد في أميركا اللاتينية «على نهج صديق للمشروعات الحرة وتعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة، وألا يجنحوا إلى الشغب الآيديولوجي في حكمهم».
وأفاد مساعد وزير الخارجية الأميركي براين نيكولز، في إحاطة للصحافيين، بأن بلينكن يزور ثلاث دول «كانت منذ فترة طويلة شريكة تجارية حيوية للولايات المتحدة، ولديها اتفاقات تجارة حرة مع الولايات المتحدة (…). نحن نركز على تعزيز علاقاتنا مع تلك الحكومات». وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان، أن بلينكن سيلتقي في بوغوتا الرئيس اليساري غوستافو بيترو، وهو متمرد سابق، ووزير الخارجية ألفارو ليفا لمناقشة الأولويات المشتركة بين البلدين، بما في ذلك «الدعوة إلى ديمقراطيات قوية في كل أنحاء المنطقة، ودعم السلام والمصالحة المستدامين، والتصدي للهجرة غير النظامية كأولوية إقليمية، ومكافحة الاتجار بالمخدرات، وتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها، ومعالجة أزمة المناخ».
وأضافت أن بلينكن سيجدد دعم الولايات المتحدة لاتفاق السلام الكولومبي لعام 2016 خلال مناسبة مع نائبة الرئيس فرانسيا ماركيز، على أن يزور مركزاً لدمج المهاجرين في سياق دعم سياسة الوضع المحمي المؤقت في كولومبيا للمهاجرين الفنزويليين، الذي يعد نموذجاً في المنطقة. وكان بيترو، سخر خلال حملته، من الحرب التي تقودها الولايات المتحدة على المخدرات، معتبراً أنها «فاشلة»، علماً بأن هذه الدولة في أميركا الجنوبية هي أكبر منتج للكوكايين في العالم، ولطالما واجهت ضغوطاً من واشنطن للقضاء على محاصيل المخدرات. كما تحرك بيترو لإعادة التعامل دبلوماسياً واقتصادياً مع حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، رغم جهود الولايات المتحدة لعزل الدولة العضو في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك).
واستخدم مسؤولو إدارة بايدن نبرة تصالحية في الغالب حيال بيترو، مركزين على مجالات الاتفاق في شأن قضايا مثل تغير المناخ واستشهدوا بمناشداته لمادورو للعودة إلى المحادثات مع المعارضة الفنزويلية. وفيما يتعلق بدعوات بيترو لإنهاء الحرب على المخدرات، قال نيكولز إن واشنطن تدعم بقوة «النهج القائم على الصحة والعلم» لمكافحة المخدرات، مضيفاً أن هذا «ينعكس في سياستنا لدعم التنمية الريفية والأمن الريفي في كولومبيا. ونعتقد أن الرئيس بيترو يشارك بقوة في هذا الهدف». لكنّ مسؤولاً أميركياً أكد أن واشنطن تراقب عن كثب، ما إذا كان تواصل كولومبيا مع السلطات في فنزويلا المجاورة يخالف العقوبات الأميركية على حكومة مادورو.
وتأتي جولة بلينكن أيضاً، بعد عملية تبادل أسرى بين الولايات المتحدة وفنزويلا، ما يعكس تحسناً حذراً للعلاقات بين الدولتين، رغم عدم اعتراف واشنطن بإعادة انتخاب مادورو رئيساً لفنزويلا عام 2018... وقال نيكولز: «نحن لا نحكم على الدول على أساس موقعها في الطيف السياسي، بل على أساس التزامها بالديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان».
ويحمل كبير الدبلوماسيين الأميركيين في رحلته هذه، جدول أعمال مثقلاً لمنظمة الدول الأميركية. ويتوجه الأربعاء إلى سانتياغو، حيث سيعقد اجتماعاً مع رئيس تشيلي اليساري غابرييل بوريتش البالغ 36 عاماً من العمر، الذي تولّى منصبه في مارس (آذار) الماضي. وأخيراً، يتوجه إلى ليما الخميس والجمعة، للقاء الرئيس الاشتراكي بيدرو كاستيو الذي ينتمي لليسار الراديكالي والمستهدف بتحقيقات عدة بشبهات فساد واستغلال السلطة منذ وصوله إلى الرئاسة قبل أكثر من عام. وسيشارك في الجمعية العامة السنوية لمنظمة الدول الأميركية. وسيدرس المجتمعون قراراً يطالب بإنهاء «العدوان الروسي على أوكرانيا»، رغم أن بعض الدول الأميركية اللاتينية عبرت عن تحفظها، بالإضافة إلى قرارات بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في نيكاراغوا والوضع الاقتصادي والسياسي المتردّي في هايتي.