الجزائر تحدد موعد الانتخابات الرئاسية وتساؤلات حول ترشح بوتفليقة

الزعيم الإسلامي جاب الله قال إنها «لن تكون حرة ولا نزيهة»

TT

الجزائر تحدد موعد الانتخابات الرئاسية وتساؤلات حول ترشح بوتفليقة

أنهى الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة جدلا حادا بخصوص مصير رئاسية 2019، بإعلانه، أمس، أنها ستجرى في موعدها القانوني، وهو 18 من شهر أبريل (نيسان) المقبل. ما يعني أن أمام الراغبين في الوصول إلى «قصر المرادية» (مبنى الرئاسة) 45 يوما لتقديم ملفات ترشحهم لـ«المجلس الدستوري». لكن الغموض يظل كبيرا حول مصير بوتفليقة في الحكم.
وذكر بيان لرئاسة الجمهورية أن الرئيس أصدر أمس مرسوما يقضي باستدعاء «الهيئة الناخبة»، تحسبا لانتخابات الرئاسة التي ستجري بعد ثلاثة أشهر. وأعلن البيان بأن لائحة الناخبين، التي تفوق 22 مليونا، ستخضع لمراجعة تبدأ في 23 من الشهر الجاري، وتنتهي في السادس من فبراير (شباط) المقبل.
وجرت العادة أثناء الاستحقاقات الرئاسية الماضية أن يأخذ الرئيس كامل وقته، قبل أن يبدي موقفه من مسألة الترشح. ففي انتخابات 2014، أعلن رغبته تمديد حكمه قبل أيام قليلة من انقضاء مهلة إيداع ملفات الترشيح بـ«المجلس الدستوري»، التي يتولى دراستها قبل تثبيت الترشيح أو إقصاء صاحبه. ويتضمن الملف شروطا أساسية، منها الحصول على توقيعات 600 منتخب بالبرلمان وبالمجالس المحلية، أو 60 ألف توقيع لمواطنين من 25 ولاية (محافظة)، من أصل 48 ولاية.
ومن الشروط أن يكون المترشح ذا أصول جزائرية، وزوجته جزائرية، وألا يكون أحد والديه متورطا في أي نشاط معاد لثورة التحرير ضد الاستعمار الفرنسي (1954 - 1962). كما يتضمن الملف شهادة طبية تثبت أن صاحبها لا يعاني من مرض يحول دون وفائه بأعباء الحكم. لكن هذا الشرط أثار جدلا عشية استحقاق 2009 لأن الرئيس كان في تلك الفترة يعاني من متاعب صحية مرتبطة بعملية جراحية، أجريت عليه في المعدة بفرنسا. كما طرح نفس الموضوع، لكن بشكل أكثر حدة في 2014، وذلك عندما ترشح لولاية رابعة من دون أن يخوض حملة انتخابية، وأدى القسم الدستوري بعد فوزه، وهو على كرسي متحرك.
ووضع الإعلان عن تاريخ الرئاسية حدا لمساع وتصريحات، فهم منها أن السلطة، أو جزءا منها، يعتزم تأجيل الانتخابات، بحجة أن الرئيس غير راغب في ولاية خامسة، وبالتالي يحتاج النظام إلى وقت لاختيار بديل له. وتداول هذه الفكرة بقوة الحزب الإسلامي «حركة مجتمع السلم»، الذي التقى رئيسه عبد الرزاق مقري بالسعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس ومستشاره الخاص عدة مرات، وبحث معه احتمال تأجيل الانتخابات بعام واحد، على أن تشهد المرحلة المقبلة إصلاحات دستورية عميقة، وأن ينسحب بوتفليقة من الحكم.
غير أن مسألة التأجيل أسقطتها الحكومة من حساباتها، بعد أن عارضها رئيس أركان الجيش ونائب وزير الدفاع، الفريق أحمد قايد صالح، الذي صرح بأن المؤسسة العسكرية «لن توافق على أي عمل غير دستوري». وجاء حديثه بهذا الخصوص، بمثابة رد على مطالبات أحزاب بانخراط الجيش في موضوع التأجيل. كما تم إبعاد احتمال تمديد الولاية الرابعة بعامين، وذلك عن طريق إدخال تعديل جزئي على الدستور.
ودعا «تجمع أمل الجزائر» في بيان، أمس، الرئيس بوتفليقة إلى الترشح لولاية خامسة «لاستكمال مسار الإنجازات التي بدأت في 1999». أما الحزب الإسلامي «حركة البناء الوطني»، فقال إن «الجزائر تجنبت انحرافا دستوريا بإعلان الرئاسة عن تاريخ الاستحقاق»، في إشارة إلى رفضه إرجاء الانتخابات.
من جهته، عبر مرشح رئاسية 2009 موسى تواتي عن خيبته من رفض الرئاسة «إطلاق مرحلة انتقالية، تتخللها إصلاحات سياسية شاملة»، كبديل لانتخابات هذا العام.
بدوره، قال الزعيم الإسلامي عبد الله جاب الله، في مؤتمر صحافي، إن «العبرة ليست في تاريخ الرئاسية، وإنما في نزاهتها وشفافيتها». مؤكدا أنه «جرب الترشح للرئاسيات في السابق، وتريدون أن أجرب مرة أخرى؟ أنا أعلم جيدا وليس ظنا أن الانتخابات لن تكون حرة ولا نزيهة... وما قد يكون لن يتجاوز تجميل المظهر السياسي للنظام الحالي».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.