الجوع والجرب يتحالفان على المحاصرين في مخيم اليرموك

الأونروا: 15 فلسطينيا ضحايا إجراءات النظام السوري

الجوع والجرب يتحالفان على المحاصرين في مخيم اليرموك
TT

الجوع والجرب يتحالفان على المحاصرين في مخيم اليرموك

الجوع والجرب يتحالفان على المحاصرين في مخيم اليرموك

«فلسطينيو الشتات أبناء البطة السوداء» عبارة قالتها لاجئة فلسطينية ولدت وعاشت في دمشق بعد نزوح أهلها من فلسطين عام 1948، وقدر لها أن تعيش موجة النزوح الثانية من سوريا إلى لبنان بعد تهدم منزلها في مخيم اليرموك، حيث ما يزال عدد من أقاربها محاصرين بلا غذاء ولا ماء ولا كهرباء.
وقالت في اتصال مع «لشرق الأوسط»: «للأسف أن الفلسطينيين اعتادوا على أن يكون العالم أصم وأبكم وأعمى تجاه الكوارث التي يتعرضون إليها، والآن أهلنا في مخيم اليرموك يموتون من الجوع ولا يوجد من يهتم بهم، حتى الفلسطينيون من الذين استثمروا بالدم الفلسطيني وصعدوا للمناصب السياسية وصار لهم مقعد بين السياسيين لم يرف لهم جفن حيال الذين يموتون جوعا في المخيم، حتى ولو من قبيل الاستثمار السياسي». وتضيف: «ربما لأنه موت من دون دم، حتى المثقفون الفلسطينيون من جماعة الممانعة لم تتحرك مشاعرهم الإنسانية وما زالوا يؤيدون طاغية دمشق (الرئيس السوري بشار الأسد) الذي يفرض الحصار والموت على المخيم».
وقال ناشطون في مخيم اليرموك يوم أمس إنه تم نقل عدة حالات جفاف خطيرة بسبب سوء التغذية - إلى النقطة الطبية في المخيم المحاصر حيث لا يوجد ما يلزم لمعالجة تلك الحالات ما يرجح ازدياد أعداد ضحايا الموت جوعا في المخيم. حيث تم تشييع أول من أمس السيدتين مسرة توفيق قنبورغي ولوندو خالد غزال جراء الجوع.
وفي سابقة بالمخيم المحاصر عثر أمس على عائلة داخل منزلها الكائن في قبو بالمخيم أصيب كل أبنائها بالجرب بسبب عدم توفر المياه ووسائل الاستحمام، في ظل برد شديد. ونقل أفراد العائلة فورا إلى النقطة الطبية للعلاج. ونشر ناشطون صورا لأفراد الأسرة الذين بدوا أقرب إلى هياكل عظمية مكسوة بجلد ينهشه الجرب، وحذر الناشطون من كارثة إنسانية في المخيم في حال استمر الحصار على المخيم.
وكان أطفال فلسطينيون في المخيم وجهوا رسالة إلى قادة الفصائل الفلسطينية كافة وإلى وكالة غوث للعمل على فتح طريق لإدخال المساعدات للمخيم الذي يموتون فيه من الجوع. كما بدأ ناشطون فلسطينيون حملة على شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي لجعل الأولوية وقف الحصار ومنع الموت جوعا واعتبار كل شريك في هذه الجريمة عدوا للشعب الفلسطيني بغض النظر عن المواقف السياسية، مؤيدة أو معارضة.
وأفادت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، (الأونروا) يوم أمس أن 15 فلسطينيا، على الأقل، ماتوا بسبب الجوع منذ سبتمبر (أيلول) في مخيم اليرموك المحاصر في جنوب دمشق، وقال المتحدث باسم الوكالة كريس غونيس «تحدثت تقارير وردتنا نهاية الأسبوع أن خمسة على الأقل من اللاجئين الفلسطينيين في مخيم اليرموك المحاصر في دمشق لقوا حتفهم بسبب سوء التغذية، وبذلك يصبح إجمالي عدد الحالات المبلغ عنها 15» وحذر من تدهور الوضع في المخيم، حيث يحاصر 20 ألف فلسطيني وسط محدودية في الطعام والإمدادات الطبية، قائلا «نحن غير قادرين منذ سبتمبر 2013 على دخول المخيم لتقديم المساعدات الضرورية التي يحتاج إليها السكان». وأضاف «إن استمرار وجود الجماعات المسلحة التي دخلت المنطقة في نهاية عام 2012، ومحاصرتها من قبل القوات النظامية، أحبطا كل جهودنا الإنسانية».
يذكر أن الكتائب المقاتلة تسيطر على غالبية أجزاء المخيم، الذي يعد الأكبر للاجئين الفلسطينيين في سوريا، وتحاصره القوات النظامية منذ نحو عام ما تسبب بأزمة إنسانية، ونزوح عشرات الآلاف من أصل 170 ألفا كانوا يقطنون فيه.
وكانت وكالة «الأونروا» قد وجهت نداء في العشرين من ديسمبر (كانون الأول) لتقديم المساعدة لسكان اليرموك. وقالت في النداء إن ظروف الحياة في المخيم تتفاقم على نحو «مأساوي»، مشيرة إلى أن نحو عشرين ألف شخص لا يزالون محاصرين داخله. وأضافت أنه «في حال عدم معالجة الوضع على نحو عاجل، قد يكون فات الأوان لإنقاذ حياة آلاف الأشخاص، ومن بينهم أطفال».
يشار إلى أن أكثر من نصف مليون لاجئ فلسطيني يعيشون في سوريا، وقد انقسموا حيال الموقف من النظام.
الأمر الذي جعل وضع الفلسطينيين في سوريا بالغ التعقيد والسوء، أحد الناشطين الفلسطينيين قال لـ«لشرق الأوسط»: «للأسف اللعبة واضحة جدا والمؤامرة التي يتكلم عنها الممانعون والمقاومون اتضح أنها مؤامرة على دم الشعب الفلسطيني فالرئيس أبو مازن مهتم بالمغنيين والفنانين لكنه غير معني نهائيا بالفلسطيني الذي يموت جوعا في المخيم وأضاف الناشط الذي رفض ذكر اسمه أن «من يموت جوعا في المخيم دماؤه بعنق الرئيس أبو مازن وقيادات الفصائل التي لم يعد لها أي دور وبعنق عشاق الأسد من القادة الفلسطينيين الذي طالما أذلهم وتاجر بقضيتهم».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.