مقتل 60 مسلحاً خلال عمليات عسكرية في أفغانستان

ضغوط باكستانية على طالبان للتفاوض مع حكومة كابل

مظاهرة في قندهار أمس تطالب بوقف اطلاق النار واحلال السلام في ربوع أفغانستان بعد 17 عاماً من الحروب المتواصلة  (أ.ف.ب)
مظاهرة في قندهار أمس تطالب بوقف اطلاق النار واحلال السلام في ربوع أفغانستان بعد 17 عاماً من الحروب المتواصلة (أ.ف.ب)
TT

مقتل 60 مسلحاً خلال عمليات عسكرية في أفغانستان

مظاهرة في قندهار أمس تطالب بوقف اطلاق النار واحلال السلام في ربوع أفغانستان بعد 17 عاماً من الحروب المتواصلة  (أ.ف.ب)
مظاهرة في قندهار أمس تطالب بوقف اطلاق النار واحلال السلام في ربوع أفغانستان بعد 17 عاماً من الحروب المتواصلة (أ.ف.ب)

خطان متوازيان يسيران بالأزمة الأفغانية، لكن لا يبدو أنهما يقودان إلى سلام في أفغانستان، بل إلى مزيد من التعقيد والمعارك والخسائر وإشراك العديد من الجهات الإقليمية في الأزمة الأفغانية. فالمعارك والعمليات العسكرية تتصاعد يوميا مع ادعاءات متضاربة من الحكومة الأفغانية والقوات الدولية من جهة، وقوات حركة طالبان من جهة أخرى، فيما بدأت تترنح العملية السياسية على وقع تهديد طالبان بوقف المفاوضات مع المبعوث الأميركي زلماي خليل زاد، واتهام طالبان للسلطات الباكستانية بشن حملة اعتقالات ضد عدد من قيادات طالبان في باكستان، إضافة ممارسة العديد من الجهات الإقليمية والدولية ضغوطا على طالبان».
فعلى الصعيد الميداني، ذكر تقرير إخباري من العاصمة الأفغانية، الخميس، أن نحو 60 مسلحا قتلوا خلال عمليات منفصلة قامت بها القوات الخاصة الأفغانية وقوات التحالف، في أقاليم مختلفة بالبلاد. ونقلت وكالة أنباء «خاما برس» عن مصادر عسكرية مطلعة، أن قوات العمليات الخاصة الأفغانية قامت بعملية استعادة للسيطرة في إقليم بادغيس ما أسفر عن مقتل 39 من عناصر طالبان، وتدمير 30 عبوة ناسفة. وأضافت المصادر أن القوات الخاصة الأفغانية قامت بدورية في منطقة مايو أند بقندهار، لتدمير مخابئ أسلحة تابعة لطالبان. وقالت المصادر: «أسفرت غارة جوية لقوات التحالف عن مقتل 10 من عناصر طالبان»، مضيفة أن غارتين جويتين تابعتين لقوات التحالف قتلت 5 من مسلحي طالبان في منطقة تارين كوت باورزوجان. وشنت قوات العمليات الخاصة الأفغانية غارة في منطقة تاجاب في كابيسا، ما أسفر عن مقتل أحد أفراد طالبان، بينما قُتل مسلح آخر تابع لطالبان في منطقة نيرخ بإقليم وارداك. كما قامت القوات الخاصة الأفغانية بعملية استعادة للسيطرة في منطقة نيش بقندهار، ما أسفر عن مقتل اثنين من مسلحي طالبان وتدمير كمية كبيرة من المتفجرات محلية الصنع، بحسب ما ذكرته المصادر. وأضافت أن القوات الخاصة الأفغانية شنت غارة على سجن يشتبه في أنه تابع لطالبان، في إقليم غزني، من أجل إنقاذ سجناء من قوات الأمن الأفغانية. وكان قد تم بالفعل نقل الجنود الأفغان، إلا أن البحث سوف يستمر».
وكان المبعوث الأميركي لأفغانستان زلماي خليل زاد هدد بانضمام القوات الأميركية في أفغانستان للعمليات القتالية مع القوات الأفغانية في حال لجأت حركة طالبان إلى القتال ورفض عملية السلام. وجاء تهديد زلماي خليل زاد بعد إعلان حركة طالبان أنها قد تنسحب من المحادثات مع المبعوث الأميركي زلماي خليل زاد إن حاولت الإدارة الأميركية حرف المحادثات عن هدفها الرئيسي وهو سحب القوات الأجنبية كاملة من أفغانستان.
لكن الإدارة الأميركية وعددا من الدول الحليفة لها تضغط على حركة طالبان من أجل القبول بالتفاوض مع الحكومة الأفغانية في كابل، حيث ألغيت الجولة الرابعة من المحادثات بين المبعوث الأميركي وممثلي طالبان كانت مقررة في الدوحة حيث المكتب السياسي لطالبان. واعتذر الجانب الأميركي عن جلسة المحادثات بسبب رفض طالبان المطلق لأي حوار مع الحكومة الأفغانية الموالية لأميركا.
وأطلع المبعوث الأميركي لأفغانستان زلماي خليل زاد الرئيس الأفغاني أشرف غني على نتائج محادثاته مع الحكومات الهندية والصينية والإماراتية حول عملية السلام في أفغانستان فيما التقى مستشار الرئيس الأفغاني لشؤون الأمن القومي حمد الله محب مع كبار المسؤولين في المملكة العربية السعودية ومع الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي في جدة.
وما زال الغموض يلف الموقف الأميركي تجاه عملية السلام في أفغانستان وسحب جزء من القوات الأميركية كما أعلن أواخر الشهر الماضي، فقد قال مسؤولون أميركان إنه لم تصدر تعليمات رسمية من الرئيس دونالد ترمب لوزارة الدفاع الأميركية بسحب ما يقرب من سبعة آلاف من الجنود والضباط الأميركان في أفغانستان الذين يصل عددهم إلى أربعة عشر ألفا، غير أن الجنرال سكوت ميلر قائد قوات حلف الأطلسي والقوات الأميركية في أفغانستان أبلغ قواته في احتفالات رأس السنة الجديدة أن عليها الاستعداد لأي أمر عاجل بالعودة إلى أرض الوطن».
وقال المبعوث الأميركي لأفغانستان «نحن نريد السلام والمفاوضات مع طالبان إن كانوا جادين فيها ولكن إن اختارت طالبان الحرب، فإننا سنقف مع الحكومة الأفغانية والشعب الأفغاني» مضيفا أنه متفائل بعقد الاجتماع القادم مع طالبان قريبا، وأنه هذا ما تسعى إليه الإدارة الأميركية. وجاء التردد في الموقف الأميركي بعد اتهامات وجهتها حركة طالبان للسلطات الباكستانية بأنها بدأت استهداف عدد من قيادات الحركة في الأراضي الباكستانية بالاعتقال حيث اعتقل رئيس اللجنة العسكرية السابق في طالبان حافظ محب الله في مدينة بيشاور ثم ما لبثت السلطات الباكستانية أن أعلنت إطلاق سراحه، واتهم مسؤولون من طالبان السلطات الباكستانية بالضغط على حركة طالبان للتفاوض مع الحكومة الأفغانية وأن إسلام آباد تنفذ ما طلبته منها كابل وواشنطن في هذا الخصوص.
وحسب قياديين في حركة طالبان فإن السلطات الباكستانية شنت حملة على عدة مئات من منازل قادة ومسؤولين في طالبان وأقارب لهم يعيشون في المدن الباكستانية بهدف اعتقالهم وممارسة الضغط على حركة طالبان لتغيير موقفها والقبول بالجلوس إلى طاولة المفاوضات مع ممثلي الحكومة الأفغانية.
ورفضت طالبان حتى الآن أي نوع من الحوار والمفاوضات مع الحكومة الأفغانية في كابل باعتبارها دمية لقوى أجنبية ولا تملك صلاحية اتخاذ أي قرار حول مستقبل أفغانستان، حيث تقرر الإدارة الأميركية وقواتها في أفغانستان كافة الأمور المتعلقة بالسياسة الأمنية والخارجية والمالية في أفغانستان. ويدور خلاف خلف الكواليس بين حركة طالبان ومكتبها السياسي في الدوحة من جهة وبين المبعوث الأميركي وحكومة كابل وعدد من الدول الإقليمية الموالية لأميركا من جهة، حيث تسعى المجموعة الأخيرة للضغط على طالبان بكافة الوسائل لإجبارها على التفاوض مع الحكومة الأفغانية، وسعت القوات الأميركية خلال الأسابيع الماضية إلى زيادة حملتها ضد قيادات طالبان الميدانيين مستهدفة عددا من حكام الظل في مختلف المديريات وقادة الوحدات العسكرية لطالبان، فيما بدأت السلطات الباكستانية حملة واسعة النطاق لاعتقال رموز وقيادات طالبان في الأراضي الباكستانية».
وتدعم كل من طهران والدوحة موقف طالبان في عدم التنازل حاليا رغم أن الدولتين تقيمان علاقات وثيقة مع الحكومة الأفغانية.
ويقول مسؤولون في إسلام آباد إن باكستان على وعي تام بأن احتياج أفغانستان لمبالغ ضخمة من المساعدات الأجنبية لمحاولة دعم اقتصادها المتداعي سيستمر بعد أي تسوية سلمية للحرب وتعمل عن كثب مع الولايات المتحدة. وتخشى إسلام آباد من أن أي انسحاب متسرع للقوات الأجنبية قد يؤدي لانهيار خارج عن السيطرة للحكومة الأفغانية بما يترك فراغا في السلطة قد يرسل آلافا من اللاجئين إليها عبر الحدود. واتهمت الحكومة الأفغانية مرارا باكستان بتقديم الدعم لطالبان. وينفي مسؤولون باكستانيون ذلك لكنهم يقولون إن لديهم درجة من درجات النفوذ التي يستخدمونها لمحاولة إقناع حركة طالبان بقبول محادثات السلام.


مقالات ذات صلة

رئيس مخابرات تركيا استبق زيارة بلينكن لأنقرة بمباحثات في دمشق

المشرق العربي مئات السوريين حول كالين والوفد التركي لدى دخوله المسجد الأموي في دمشق الخميس (من البثّ الحرّ للقنوات التركية)

رئيس مخابرات تركيا استبق زيارة بلينكن لأنقرة بمباحثات في دمشق

قام رئيس المخابرات التركية، إبراهيم فيدان، على رأس وفد تركي، بأول زيارة لدمشق بعد تشكيل الحكومة السورية، برئاسة محمد البشير.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا سيارات همفي تابعة لـ«طالبان» متوقفة أثناء مراسم جنازة خليل الرحمن حقاني جنوب كابل 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

تشييع وزير اللاجئين الأفغاني غداة مقتله في هجوم انتحاري

شارك آلاف الأفغان، الخميس، في تشييع وزير اللاجئين خليل الرحمن حقاني، غداة مقتله في هجوم انتحاري استهدفه في كابل وتبنّاه تنظيم «داعش».

«الشرق الأوسط» (شرنة (أفغانستان))
شؤون إقليمية عناصر من قوات مكافحة الإرهاب التركية أثناء عملية استهدفت «داعش» (إعلام تركي)

تركيا: القبض على 47 من عناصر «داعش»

ألقت قوات مكافحة الإرهاب بتركيا القبض على 47 من عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي، في حملة شملت 5 ولايات؛ بينها أنقرة وإسطنبول.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا الجيش الموريتاني خلال مناورات على الحدود مع مالي مايو الماضي (أرشيف الجيش الموريتاني)

الجيش الموريتاني: لن نسمح بأي انتهاك لحوزتنا الترابية

أفرجت السلطات في دولة مالي عن 6 مواطنين موريتانيين، كانت قد اعتقلتهم وحدة من مقاتلي مجموعة «فاغنر» الروسية الخاصة.

الشيخ محمد (نواكشوط)
المشرق العربي مسيّرات تركية قصفت مستودع أسلحة يعود لقوات النظام السابق بمحيط مطار القامشلي (المرصد السوري)

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: تركيا ستطالب أميركا بموقف حاسم من «الوحدات» الكردية

أكدت تركيا استمرار الفصائل الموالية لها في التقدم بمناطق «قسد»، وقالت مصادر إنها ستطلب من وزير الخارجية أنتوني بلينكن موقفاً أميركياً ضد «الوحدات» الكردية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.