واشنطن وبكين تستأنفان محادثات التجارة نهاية ينايرhttps://aawsat.com/home/article/1550656/%D9%88%D8%A7%D8%B4%D9%86%D8%B7%D9%86-%D9%88%D8%A8%D9%83%D9%8A%D9%86-%D8%AA%D8%B3%D8%AA%D8%A3%D9%86%D9%81%D8%A7%D9%86-%D9%85%D8%AD%D8%A7%D8%AF%D8%AB%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AC%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D9%86%D9%87%D8%A7%D9%8A%D8%A9-%D9%8A%D9%86%D8%A7%D9%8A%D8%B1
أعلنت وزارة التجارة الصينية الخميس أن كبير المفاوضين الصينيين للتجارة ليو هي سيتوجه إلى الولايات المتحدة لاستئناف المفاوضات في نهاية يناير الجاري. وتأتي الزيارة التي سيقوم بها كبير المفاوضين في 30 و31 يناير، قبل شهر من موعد انتهاء الهدنة في النزاع التجاري الصيني الأميركي، والذي يهدد الرئيس الأميركي دونالد ترمب بأنه سيفرض بعده رسوما جمركية عقابية على منتجات صينية. وقال الناطق باسم وزارة التجارة الصينية غاو فينغ إن نائب رئيس الوزراء ليو هي والمسؤولين الأميركيين «سيجرون مفاوضات حول قضايا تجارية واقتصادية ويعملون معا للدفاع قدما باتجاه تطبيق الاتفاق الذي توصل إليه الرئيسان شي جينبينغ ودونالد ترمب في الأول من ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وكان مفاوضون صينيون وأميركيون برتبة أقل التقوا في وقت سابق خلال الشهر الجاري في بكين. وقال الناطق إن ليو هي يتوجه إلى الولايات المتحدة تلبية لدعوة وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين وممثل التجارة روبرت لايتهايزر. وإلى حين التوصل إلى اتفاق شامل مع بكين، وافق ترمب على تعليق حتى الثاني من مارس (آذار) رفع الرسوم الجمركية من 10 في المائة إلى 25 في المائة على سلسلة منتجات صينية تبلغ قيمتها 200 مليار دولار من الواردات السنوية إلى الولايات المتحدة. ومن جهة أخرى، وصل وزير المالية الألماني أولف شولتس إلى الصين الخميس لإجراء محادثات حول التجارة والسياسة المالية مع المسؤولين الصينيين. وتتركز محادثات شولتس، الذي يشغل أيضا منصب نائب المستشارة الألمانية، على جهود تسوية النزاع التجاري بين الصين والولايات المتحدة لتجنب انتشار الإجراءات التجارية العقابية في مختلف أنحاء العالم. وأعرب شولتس عن أمله في التوصل لحل للنزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين، وأعلن أنه يعول على تحقيق تعاون مع بكين. وقال عقب بدء زيارته أمس: «اتفقنا على أنه من المهم حاليا إرسال إشارة بأن العالم يتكاتف وأنه يظل متعدد الأطراف وأن الجميع يحاولون التعاون سويا». وأشاد الوزير الألماني بأن الولايات المتحدة والصين يعتزمان التوصل لحلول على مستوى أعلى في نهاية شهر يناير الجاري من أجل تفادي الرسوم الجمركية الأخرى التي هدد بها الرئيس الأميركي دونالد ترمب بقيمة مليارات، مؤكدا أنه من الجيد أنه سيتم إجراء مباحثات أخرى بين الصين والولايات المتحدة. وأضاف شولتس قائلا: «إننا نعلم أننا نواجه حاليا وضعا اقتصاديا عالميا يمكنه أن يتحمل على نحو جيد خفض الصراعات إلى أدنى حد»، لذا أكد أنه من المهم وضع إشارة للتعاون الجيد هنا في بكين. ويعتزم شولتس مقابلة نائب رئيس وزراء الصين ليو هي اليوم الجمعة، بعدما التقى أمس نظيره الصيني ليو كون ومسؤولين رفيعي المستوى من الحزب الشيوعي خلال أول زيارة له كنائب للمستشارة الألمانية للصين. ويتولى ليو الملف الاقتصادي في الحكومة الصينية، كما أنه مسؤول عن المفاوضات التجارية مع الولايات المتحدة ويحظى بثقة زعيم الدولة والحزب الحاكم تشي جينبينغ.
الانتخاب الرئاسي... خطوة أولى لإنقاذ لبنان من أزمته الاقتصاديةhttps://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF/5099239-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AE%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A6%D8%A7%D8%B3%D9%8A-%D8%AE%D8%B7%D9%88%D8%A9-%D8%A3%D9%88%D9%84%D9%89-%D9%84%D8%A5%D9%86%D9%82%D8%A7%D8%B0-%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86-%D9%85%D9%86-%D8%A3%D8%B2%D9%85%D8%AA%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D8%A9
الانتخاب الرئاسي... خطوة أولى لإنقاذ لبنان من أزمته الاقتصادية
الكرسي الرئاسي الشاغر في «قصر بعبدا» بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون (رويترز)
منذ عام 2019، يشهد لبنان واحدة من أشد الأزمات الاقتصادية والمالية في تاريخه الحديث... أزمة تجاوزت نطاق الاقتصاد لتؤثر بشكل حاد في جميع جوانب الحياة، فقد أثقلت هذه الأزمة كاهل المواطن اللبناني، وأغرقت البلاد في دوامة من انهيار شامل للنظامين المالي والاقتصادي، بعد أن فقدت العملة المحلية أكثر من 95 في المائة من قيمتها. ونتيجة لذلك، تفشى التضخم بشكل غير مسبوق مع ارتفاع أسعار السلع والخدمات إلى مستويات قياسية، في حين قفزت معدلات الفقر والبطالة بشكل دراماتيكي.
وفي خضم هذا الواقع المأساوي، شلّت الصراعات السياسية الحادة مؤسسات الدولة، فقد تعمقت الانقسامات إلى حد أن الحكومة أصبحت عاجزة عن اتخاذ خطوات حاسمة لمعالجة الأزمة جذرياً. ومع تفاقم الأوضاع، أضافت الحرب الأخيرة مع إسرائيل عبئاً جديداً على لبنان، مخلّفة خسائر بشرية ومادية هائلة قدّرها «البنك الدولي» بنحو 8.5 مليار دولار، وزادت من تعقيد الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، فقد بات من الصعب تصور أي إمكانية لاحتواء أعبائها في غياب انتخاب رئيس للجمهورية.
المنصب الرئاسي والمأزق الاقتصادي
المنصب الرئاسي، الذي لا يزال شاغراً منذ انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، يحمل للفائز به قائمة طويلة من التحديات الاقتصادية والمالية المتراكمة، التي باتت تهدد بنية الدولة وكيانها. فقد أدى غياب هذا المنصب إلى تعطيل عملية تشكيل الحكومة، مما جعل الدولة غير قادرة على التفاوض بجدية مع الجهات الدولية المانحة التي يحتاج إليها لبنان بقوة لإعادة إحياء اقتصاده، مثل «صندوق النقد الدولي» الذي يشترط إصلاحات اقتصادية ومالية جذرية مقابل أي دعم مالي يمكن أن يوفره.
وعليه؛ فإن انتخاب رئيس جديد للجمهورية يمثل أولوية ملحة ليس فقط لاستعادة الثقة المحلية والدولية، بل أيضاً ليكون مدخلاً أساسياً لبدء مسار الإصلاحات التي طال انتظارها.
ومن بين أبرز هذه التحديات، ملف إعادة الإعمار، الذي تُقدر تكلفته بأكثر من 6 مليارات دولار، وفق موقع «الدولية للمعلومات»، وهو عبء مالي ضخم يتطلب موارد هائلة وجهوداً استثنائية لتأمين التمويل اللازم.
لكن عملية إعادة الإعمار ليست مجرد عملية تقنية لإصلاح البنية التحتية أو ترميم الأضرار، بل هي اختبار حقيقي لقدرة الدولة على استعادة مكانتها وتفعيل دورها الإقليمي والدولي. وفي هذا السياق، تبرز الحاجة الملحة إلى رئيس يتمتع برؤية استراتيجية وشبكة واسعة من العلاقات الدولية، وقادر على استخدام مفاتيح التواصل الفعّال مع الدول المانحة والمؤسسات المالية الكبرى. فمن دون قيادة سياسية موحدة تتمتع بالصدقية، فستبقى فرص استقطاب الدعم الخارجي محدودة، خصوصاً أن الثقة الدولية بالسلطات اللبنانية تعرضت لاهتزاز كبير في السنوات الأخيرة بسبب سوء الإدارة وغياب الإصلاحات الهيكلية.
فرصة محورية لإحداث التغيير
كما يأتي انتخاب رئيس للجمهورية يوم الخميس بوصفه فرصة محورية لإحداث تغيير في مسار الأزمات المتراكمة التي يعاني منها لبنان، والتي تفاقمت بشكل حاد خلال عام 2024؛ بسبب الصراعات المتصاعدة والأزمة الاقتصادية الممتدة.
ومع انكماش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة -5.7 في المائة خلال الربع الرابع من 2024، انعكست التداعيات السلبية بوضوح على الاقتصاد، فقد تراجعت معدلات النمو بشكل كبير منذ عام 2019، ليصل الانخفاض التراكمي إلى أكثر من 38 في المائة عام 2024، مقارنة بـ34 في المائة خلال العام السابق عليه. وتزامن هذا التدهور مع تصعيد الصراع في الربع الأخير من 2024، مما أضاف آثاراً إنسانية مدمرة، مثل النزوح الجماعي والدمار واسع النطاق، وبالتالي أدى إلى خفض إضافي في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 6.6 في المائة بحلول منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) 2024. وكان قطاع السياحة، الذي يمثل أحد أعمدة الاقتصاد اللبناني، من بين الأشد تضرراً، فقد تراجعت عائداته لتتحول من فائض إلى عجز بنسبة -1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي عام 2024.
منصب حاكم «المصرف المركزي»
كذلك يمثل هذا الحدث محطة مهمة لإصلاح المؤسسات اللبنانية، بما في ذلك معالجة الشغور في المناصب القيادية التي تُعد ركيزة أساسية لاستقرار البلاد. ومن بين هذه المناصب، حاكم «مصرف لبنان» الذي بقي شاغراً منذ انتهاء ولاية رياض سلامة في 31 يوليو (تموز) 2023، على الرغم من تعيين وسيم منصوري حاكماً بالإنابة. لذا، فإن تعيين خَلَفٍ أصيل لحاكم «المصرف المركزي» يُعدّ خطوة حاسمة لضمان استقرار النظامين المالي والنقدي، خصوصاً أن «مصرف لبنان» يشكل محوراً رئيسياً في استعادة الثقة بالنظامين المصرفي والمالي للبلاد.
علاوة على ذلك، سيجد الرئيس الجديد نفسه أمام تحدي إصلاح «القطاع المصرفي» الذي يُعدّ جوهر الأزمة الاقتصادية. فملف المصارف والمودعين يتطلب رؤية شاملة لإعادة هيكلة القطاع بطريقة شفافة وعادلة، تُعيد ثقة المودعين وتوزع الخسائر بشكل منصف بين المصارف والحكومة والمودعين. ومع إدراج لبنان على «اللائحة الرمادية» وتخلفه عن سداد ديونه السيادية، تصبح هذه الإصلاحات ضرورية لاستعادة العلاقات بالمؤسسات المالية الدولية، واستقطاب التمويل اللازم، ومنع إدراج لبنان على «اللائحة السوداء». ناهيك بورشة إصلاح القطاع العام وترشيده وتفعيله، فتكلفة مرتَّبات القطاع العام مرتفعة جداً نسبةً إلى المعايير الدولية. فعلى مرّ السنين، شكّل مجموع رواتب وتعويضات القطاع العام لموظفي الخدمة الفعلية والمتقاعدين (وعددهم نحو 340 ألفاً) نحو 40 في المائة من إجمالي نفقات الموازنة، الأمر الذي شكّل عبئاً فادحاً على مالية الدولة والاقتصاد عموماً.
آمال اللبنانيين في قيادة جديدة
وسط هذه الأزمات المتشابكة، يعوّل اللبنانيون على انتخاب رئيس جديد للجمهورية لفتح نافذة أمل على الصعيدين الاقتصادي والسياسي. فمن المأمول أن يسعى الرئيس المقبل، بدعم من حكومة فاعلة، إلى إعادة بناء الثقة الدولية والمحلية، واستعادة الاستقرار السياسي، وهما شرطان أساسيان لوقف التدهور الاقتصادي وتحفيز النمو. فاستعادة قطاع السياحة؛ الرافعة الأساسية للاقتصاد اللبناني، على سبيل المثال، تتطلب تحسين الأوضاع الأمنية وتعزيز الثقة بلبنان بوصفه وجهة آمنة وجاذبة للاستثمارات. وهذه الأمور لن تتحقق إلا بوجود قيادة سياسية قادرة على تقديم رؤية استراتيجية واضحة لإعادة الإعمار وتحقيق الإصلاحات الضرورية. وبالنظر إلى العجز المستمر في الحساب الجاري والانخفاض الكبير في الناتج المحلي الإجمالي، يصبح نجاح الرئيس الجديد في معالجة هذه الملفات عاملاً حاسماً لإنقاذ لبنان من أزمته العميقة، وإعادة توجيه الاقتصاد نحو التعافي والنمو المستدام.