أسبوع لندن الرجالي لخريف وشتاء 2019 يُفجر طاقاته في وجه التحديات الجديدة

تشكيلات تعكس حاجة المصممين للتوسع وخوض مجال الأزياء النسائية

من عرض «فاشن إيست» - من عرض «رايبورن»
من عرض «فاشن إيست» - من عرض «رايبورن»
TT

أسبوع لندن الرجالي لخريف وشتاء 2019 يُفجر طاقاته في وجه التحديات الجديدة

من عرض «فاشن إيست» - من عرض «رايبورن»
من عرض «فاشن إيست» - من عرض «رايبورن»

عندما دشن الأمير تشارلز أسبوع الموضة الرجالي في عام 2012. كان ذلك إشارة واضحة إلى أن قطاع الأزياء الرجالية أصبح مستقلاً وقائماً بذاته. فأرقام المبيعات كانت تشير حينها إلى أنه بدأ يتنامى بسرعة أكثر من قطاع الأزياء النسائية إذا أخذنا بعين الاعتبار أن الرجل لم يدخل لعبة الموضة إلا قريباً.
بدأ مصمموه يطالبون بأسبوع خاص بهم عوض يوم يتيم يتشبث بذيل أسبوع الموضة النسائي في آخر أيامه طامعاً في حضور وسائل الإعلام قبل توجههم إلى ميلانو. طبعاً كان هذا مجرد حلم لأن وسائل الإعلام كانت تتجاهله لتوفر على نفسها يوماً كاملاً، إنْ لم ترتحْ فيه فهي ستُجري فيه لقاءات مع أصحاب القرارات في مجال الإعلانات. لهذا اضطرت منظمة الموضة البريطانية إلى إجراء تدخل جذري يعيد لهم الاعتبار. في عام 2012، كان الوقت مناسباً لولادة أسبوع يُقدم فيه المصممون اقتراحاتهم مرتين في السنة. أصبح له أيضاً تاريخ مستقل وثلاثة أيام عوض يوم واحد. استقطبت له المنظمة أيضاً بيوت أزياء عريقة مثل «دانهيل» و«سافيل رو» وأسماء أخرى من متمرسين في التفصيل ليساندوا المصممين الشباب وفي الوقت ذاته يُعطون الأسبوع زخماً أكبر. لم يخطر بالبال أن تتأزم الأمور الاقتصادية على مستوى العالم، وتشمل الأزمة حتى بيوت الأزياء الكبيرة التي أصبح لزاماً عليها البحث عن حلول جديدة والقيام بعمليات سريعة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. «بيربري» مثلاً اقترحت فكرة بيع منتجاتها مباشرة بعد العرض. ثم دمجت عروضها النسائية مع الرجالية لتوفر على نفسها عناء ومصاريف أربعة عروض في السنة. لم تكن الوحيدة في هذا التوجه، فقد رأينا «غوتشي» وآخرين يقومون بنفس عملية الدمج بين النسائي والرجالي.
البعض يراها محاولة من مصممين تخصصوا في القطاع الرجالي لخوض مجال الأزياء النسائية، على أساس أنه أكثر مردودية.
منظمة الموضة البريطانية تعرف أن إيقاع الموضة يتغير في كل موسم، وهو ما يتطلب تدخلات جديدة ومبتكرة. فما قد يكون مناسباً في عام 2018 قد لا يكون مُجدياً في عام 2019. لكنها لا تزال متفائلة. فقد أفادت دراسة نشرتها مؤخراً بأن القطاع الرجالي شهد نمواً بنسبة 5.1 في المائة في عام 2018، وذكرت مرة أخرى أن لندن تفوقت في السنوات الأخيرة على كلٍّ من نيويورك وميلانو وباريس. فما يطرحه مصمموها، من أمثال كرايغ غرين وتشارلز جيفري وغيرهما، في أي موسم، هو الذي يحدد توجهات الموضة لسنوات قادمة. لكنّ هناك جهات أخرى متشائمة تردد أن هناك تراجعاً أو تباطؤاً في النمو، من شأنه أن يؤثر سلباً على مستقبل أسابيع الموضة الرجالية. هؤلاء لا يستبعدون أن تعود إلى بداياتها عندما كانت جزءاً من الأسابيع النسائية، على الأقل فيما يتعلق ببيوت الأزياء الكبيرة. فعروضها الضخمة تتحمل عرض الاثنين معاً، وأمثال «ديور» و«لويس فويتون» و«برادا» لن يتأثروا كثيراً مقارنة بالمصممين الشباب الذين ليس لهم منفذ آخر سوى هذه الأسابيع. أملهم ربما قد يكون معقوداً على وسائل التواصل الاجتماعي. فحتى إنْ هجرتهم وسائل الإعلام التقليدية إلى عواصم أخرى، أو بخلت عليهم بالتغطيات المجانية، بحكم أن أغلبهم ليست لديهم إمكانيات إعلانية، فإن من أصبحوا يُعرفون بالـ«إنفلوونسرز» قد يقومون بالواجب وأكثر، بعد أن أكد بعضهم في الآونة الأخيرة مصداقيتهم ومدى تأثيرهم الإيجابي على المستهلك. على الأقل من ناحية تفاعلهم معه بشكل مباشر حتى قبل أن تصل المنتجات إلى المحلات. بتغريداتهم وصورهم وتعليقاتهم يخلقون نوعاً من الرغبة في الأزياء والإكسسوارات. ويقول بعض المصممين إنها أكثر فاعلية من أي إعلان في مجلة براقة. من هذا المنظور أيضاً يرى البعض أن عودتهم إلى أسابيع الموضة النسائية واندماجهم معها ليس سيئاً أو سلبياً، لأنهم سيحصلون على تغطيات أكبر، بحكم أن عدد المجلات النسائية التي ستغطي هذه الفعاليات أكبر بكثير من المجلات الرجالية، التي لا يختلف اثنان على أن عددها لا يزال أقل بالمقارنة.
لكن إلى أن يحين ذلك الوقت وتصبح هذه هي القاعدة، فإن أسبوع لندن لخريف وشتاء 2019 الذي اختُتم يوم الاثنين الماضي، أكد روحه اللندنية المتحدية والمسؤولة في الوقت ذاته، منها تبني قضايا إنسانية مثل صامويل روس مؤسس ماركة «أ - كولد - وول»، ورسم لوحات فنية بألوان متفتحة مثل باتريك غرانت مصمم «إي.توتز»، وتشارلز جيفري وآخرين. ألوان سيسل بيتون الصاخبة وقصّات «بيتر بان» كانت حاضرة، كذلك نقاشات فكرية تغوص في اللاوعي في زمن التكنولوجيا وتتساءل عن دور وسائل التواصل الاجتماعي. كل هذا جعل العديد من العروض يتعدى الجمالي إلى الإنساني. عرض تشارلز جيفري مثلاً أخذنا من الواقع بكل ما يحمله من أزمات وضبابية في رحلة إلى عالم مفعم بالغرائب والخيال. عالم غني بالألوان والتصاميم التي سيجد فيها الرجل، أياً كانت ميوله وذوقه، ما يشفي غليله. من البدلات المفصلة والمصنوع بعضها من قماش «التارتان» إلى معاطف الموهير المزينة بسلاسل، وغيرها من القطع المطعمة بلمسات شقية تناسب رجلاً إما جريئاً أو متمكناً من أدواته يعشق اللعب بالموضة. ما قام به جيفري أنه عاد بنا إلى التسعينات، الحقبة التي شهدت تغيرات إيجابية هزت الكثير من التابوهات التي كانت تُكبل الرجل تحديداً.
من جهتهما، قدم المصممان بين كوتريل وماثيو داينتي عرضاً غريباً حاولا من خلاله «الغوص في تأثيرات عالم التكنولوجيا على حياتنا، حسب قولهما. ترجمتهما لهذه الفكرة تجلت في أزياء مطبوعة بلمسة رياضية يتخللها بعض التفصيل الرجالي، إلى جانب قطع مضادة للماء بتقنيات جديدة وأخرى بسحابات مائلة إلى الجانب وغير متوازية.
طبعاً ليس هناك أكثر من «فاشن إيست» لتجسيد المفهومين الشبابي والتكنولوجي اللذين باتت تفرضهما وسائل التواصل الاجتماعي. فهذا المشروع الذي دُشن في عام 2000 لاحتضان مصممين شباب في بداياتهم، اشتدّ صُلبه واكتمل لكنه لا يزال موجهاً إلى المواهب الصاعدة. لا يختلف اثنان على أن الزمن الذي ظهر فيه المشروع يختلف تماماً عما شهده عالم الموضة من تغيرات وتطورات على مدى 19 عاماً. فالكثير من المفاهيم تغيّر وإيقاع الحياة يتسارع يوماً عن يوم، كذلك الانفتاح على أسواق عالمية وما تتطلبه من تجاوب ومنافسة، الأمر الذي يضعهم أمام تحديات غير مسبوقة. فما كان مُهماً في الماضي، مثل الابتكار على حساب التسويق، أصبح خبراً من الماضي. أصبح الابتكار مربوطاً بالتسويق لكن أيضاً بالثقة وتلك العلاقة الحميمة التي تربط المصمم بالمستهلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي. فما يقدمه يجب أن يُعبر عن فلسفته ومبادئه من جهة، وأن يعكس مواكبته لأحداث عصره من جهة ثانية. ليس أدلّ على هذا من ماركة «أ - كولد - وول» التي أطلقها الشاب صامويل روس، 27 عاماً. فهي من الماركات التي لا تفوّت خلال أسبوع لندن منذ إطلاقها في عام 2015. لم يخيب المصمم الآمال هذه المرة أيضاً، وقدم عرضاً مؤثراً لم يكن عن الأزياء المتنوعة والعملية بقدر ما كان عن مآسي المهاجرين. خيَّم على الضيوف طوال العرض إحساس بالحزن وهم يتابعون حركات العارضين كأنهم يغرقون ويتعلقون بألواح خشبية لكي يطفوا على سطح الماء، بينما كان عارضون آخرون يتوقفون في منتصف الخشبة بين الفينة والأخرى، وهم يتلفتون وراءهم بخوف وريبة. كأن هذا لا يكفي، ظهر فجأة كلب شرس وهو ينبح. والحقيقة أن مشاعر الحزن لم تختفِ إلا بعد ظهور المصمم في آخر العرض وهو يحمل طفلته الصغيرة كأنه يذكِّرنا بأن هناك أملاً في المستقبل. خلف الكواليس لم يخفِ أن هدفه كان تسليط الضوء على تنامي الموجات القومية ومخاوفه من تأثيراتها «كنت أريد أن أرمز من خلال الماء إلى الخوف والرغبة في البقاء... كنت أريد أيضاً أن أشير إلى تخبط الإنسان وعُمق المخاوف التي تساوره ومدى الشجاعة التي نحتاج إليها للانتصار على الأفكار الشعبوية للتقدم إلى الأمام». تجدر الإشارة إلى أن صامويل روس، وهو صديق مقرب من مصمم دار «لويس فويتون» فيرجيل أبلو، كما سبق له العمل مع كيني ويست، تبنى هذه العروض الفلسفية والإنسانية منذ بدايته في عام 2015، حيث تناول فيها قضايا مثل التمييز العنصري والطبقي وغيرها.
لحسن الحظ أن باتريك غرانت، مصمم دار «إي.توتز» أخذنا في رحلة عبر العالم كانت أكثر متعة وراحة للبال والعين معاً. قال إنه استوحاها من ألوان غابات البرازيل التي قضى فيها إجازته الأخيرة، وهو ما تجلى في ألوان مثل الأخضر والأصفر الزعفراني والبيج الرملي. كانت الدرجات المنعشة هي التي طبعت سترات خفيفة وبنطلونات واسعة ومريحة قال إنه استلهمها من السروال المغربي. أما الخطوط والتقليمات التي ظهرت في المعاطف والكنزات والإيشاربات الصوفية فاستلهمها من أسلوب أوسكار نيماير المعماري ومن حديقة باركي دو إبيرابويرا، في ساو باولو، حسب قوله.
من جهته، نجح عرض «كنت آند كوروين» التي يملك لاعب الكرة البريطاني ديفيد بيكهام الحصة الأكبر فيها، في جذب الكثير من الأنظار. فبالإضافة إلى حضور أفراد من عائلته، كانت القصات التي اعتمدتها التشكيلة «دانديه» ضمت قمصاناً كلاسيكية وبدلات مع صديريات ومعاطف صوفية وقبعات. كانت بكل تفاصيلها تعكس أسلوب بيكهام الشخصي. فهو أسلوب يُقلده العديد من الشباب من كل أنحاء العالم، فلمَ لا يقدمه لهم على طبق جاهز؟
تجدر الإشارة إلى أن «كنت آند كوروين» تأسست في عام 1926 على يد كنت ودوروثي كوروين في «سافيل رو»، لكنها توارت عن الأنظار إلى أن عادت في عام 2015 عندما اشترى ديفيد بيكهام حصة مهمة فيها.


مقالات ذات صلة

5 قطع لن تخسري إذا استثمرتِ فيها حالياً

لمسات الموضة الجينز لا يزال يتصدر منصات الموضة العالمية مثل عرض «ليبرتين» خلال أسبوع نيويورك الأخير (إ.ب.أ)

5 قطع لن تخسري إذا استثمرتِ فيها حالياً

مهما تغيرت المواسم والأذواق، هناك قطع من الموضة تتحدى الزمن وتعتبر بمثابة استثمار سعره فيه.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة اعتمد المصمم على التفاصيل الجريئة حتى يمنح كل زي ديناميكية خاصة (خاص)

فؤاد سركيس يرسم لوحة ملونة بالالوان والتفاصيل في مجموعته لـ 2025

في أحدث مجموعاته لموسم خريف وشتاء 2025، يعيد المصمم فؤاد سركيس رسم هوية جديدة لمعنى الجرأة في الموضة. جرأة اعتمد فيها على تفاصيل الجسم وتضاريسه. تتبعها من دون…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي (الشرق الأوسط)

علياء السالمي... تحمل تقاليد الماضي إلى الحاضر

من قلب المملكة العربية السعودية؛ حيث تتلاقى الأصالة والحداثة، تبرز مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي واحدةً من ألمع الأسماء في عالم تصميم الأزياء.

أسماء الغابري (جدة)
لمسات الموضة كانت روح ماريا تحوم في قصر غارنييه بكل تجلياتها (ستيفان رولان)

من عاشقة موضة إلى مُلهمة

كل مصمم رآها بإحساس وعيون مختلفة، لكن أغلبهم افتُتنوا بالجانب الدرامي، وذلك التجاذب بين «الشخصية والشخص» الذي أثَّر على حياتها.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يرسم معالمها... لأن «نجمها الأول وعملتها الذهبية» هي أنسجتها (لورو بيانا)

«لورو بيانا»... تحتفل بمئويتها بفخامة تستهدف أصحاب الذوق الرفيع

لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يقودها ويحدد اتجاهاتها... فشخصيتها واضحة، كما أنها تمتلك نجماً ساطعاً يتمثل في أليافها وصوفها الملكي.

جميلة حلفيشي (لندن)

المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
TT

المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)

إذا كنتِ مداومة على التسوق في محلات «زارا» لأسعارها ونوعية ما تطرحه، فإنكِ قد تتفاجئين أن تعاونها الأخير مع العارضة البريطانية المخضرمة كايت موس سيُكلَفكِ أكثر مما تعودت عليه. فهناك معطف قصير على شكل جاكيت من الجلد مثلاً يقدر سعره بـ999 دولاراً أميركياً، هذا عدا عن قطع أخرى تتراوح بين الـ200 و300 دولار.

تفوح من تصاميم كايت موس رائحة السبعينات (زارا)

ليست هذه المرة الأولى التي تخوض فيها كايت موس تجربة التصميم. كانت لها تجربة سابقة مع محلات «توب شوب» في بداية الألفية. لكنها المرة الأولى التي تتعاون فيها مع «زارا». ويبدو أن تعاون المحلات مع المشاهير سيزيد سخونة بالنظر إلى التحركات التي نتابعها منذ أكثر من عقد من الزمن. فعندما عيَنت دار «لوي فويتون» المنتج والمغني والفنان فاريل ويليامز مديراً إبداعياً لخطها الرجالي في شهر فبراير (شباط) من عام 2023، خلفاً لمصممها الراحل فرجيل أبلو؛ كان الخبر مثيراً للجدل والإعجاب في الوقت ذاته. الجدل لأنه لا يتمتع بأي مؤهلات أكاديمية؛ كونه لم يدرس فنون التصميم وتقنياته في معهد خاص ولا تدرب على يد مصمم مخضرم، والإعجاب لشجاعة هذه الخطوة، لا سيما أن دار «لوي فويتون» هي الدجاجة التي تبيض ذهباً لمجموعة «إل في إم إتش».

فاريل ويليامز مع فريق عمله يُحيّي ضيوفه بعد عرضه لربيع وصيف 2024 (أ.ف.ب)

بتعيينه مديراً إبداعياً بشكل رسمي، وصلت التعاونات بين بيوت الأزياء الكبيرة والنجوم المؤثرين إلى درجة غير مسبوقة. السبب الرئيسي بالنسبة لمجموعة «إل في إم إتش» أن جاذبية فاريل تكمن في نجوميته وعدد متابعيه والمعجبين بأسلوبه ونجاحه. فهي تتمتع بماكينة ضخمة وفريق عمل محترف يمكنها أن تُسخِرهما له، لتحقيق المطلوب.

صفقة «لوي فويتون» وفاريل ويليامز ليست الأولى وإن كانت الأكثر جرأة. سبقتها علاقة ناجحة بدأت في عام 2003 بين لاعب كرة السلة الأميركي الشهير مايكل جوردان وشركة «نايكي» أثمرت عدة منتجات لا تزال تثير الرغبة فيها وتحقق إيرادات عالية إلى الآن.

كان من الطبيعي أن تلفت هذه التعاونات شركات أخرى وأيضاً المحلات الشعبية، التي تعاني منذ فترة ركوداً، وتشجعها على خوض التجربة ذاتها. أملها أن تعمَّ الفائدة على الجميع: تحقق لها الأرباح باستقطاب شرائح أكبر من الزبائن، وطبعاً مردوداً مادياً لا يستهان به تحصل عليه النجمات أو عارضات الأزياء المتعاونات، فيما يفوز المستهلك بأزياء وإكسسوارات لا تفتقر للأناقة بأسعار متاحة للغالبية.

الجديد في هذه التعاونات أنها تطورت بشكل كبير. لم يعد يقتصر دور النجم فيها على أنه وجه يُمثلها، أو الظهور في حملات ترويجية، بل أصبح جزءاً من عملية الإبداع، بغضّ النظر عن إنْ كان يُتقن استعمال المقص والإبرة أم لا. المهم أن يكون له أسلوب مميز، ورؤية خاصة يُدلي بها لفريق عمل محترف يقوم بترجمتها على أرض الواقع. أما الأهم فهو أن تكون له شعبية في مجال تخصصه. حتى الآن يُعد التعاون بين شركة «نايكي» ولاعب السلة الشهير مايكل جوردان، الأنجح منذ عام 2003، ليصبح نموذجاً تحتذي به بقية العلامات التجارية والنجوم في الوقت ذاته. معظم النجوم حالياً يحلمون بتحقيق ما حققه جوردان، بعد أن أصبح رجل أعمال من الطراز الأول.

من تصاميم فكتوريا بيكهام لمحلات «مانغو»... (مانغو)

المغنية ريهانا مثلاً تعاونت مع شركة «بوما». وقَّعت عقداً لمدة خمس سنوات جُدِّد العام الماضي، نظراً إلى النقلة التي حققتها للشركة الألمانية. فالشركة كانت تمر بمشكلات لسنوات وبدأ وهجها يخفت، لتأتي ريهانا وترد لها سحرها وأهميتها الثقافية في السوق العالمية.

المغنية ريتا أورا، أيضاً تطرح منذ بضعة مواسم، تصاميم باسمها لمحلات «بريمارك» الشعبية. هذا عدا عن التعاونات السنوية التي بدأتها محلات «إتش آند إم» مع مصممين كبار منذ أكثر من عقد ولم يخفت وهجها لحد الآن. بالعكس لا تزال تحقق للمتاجر السويدية الأرباح. محلات «مانغو» هي الأخرى اتَّبعت هذا التقليد وبدأت التعاون مع أسماء مهمة مثل فيكتوريا بيكهام، التي طرحت في شهر أبريل (نيسان) الماضي تشكيلة تحمل بصماتها، تزامناً مع مرور 40 عاماً على إطلاقها. قبلها، تعاونت العلامة مع كل من SIMONMILLER وكاميل شاريير وبيرنيل تيسبايك.

سترة مخملية مع كنزة من الحرير بياقة على شكل ربطة عنق مزيَّنة بالكشاكش وبنطلون واسع من الدنيم (ماركس آند سبنسر)

سيينا ميلر و«ماركس آند سبنسر»

من هذا المنظور، لم يكن إعلان متاجر «ماركس آند سبنسر» عن تعاونها الثاني مع سيينا ميلر، الممثلة البريطانية وأيقونة الموضة، جديداً أو مفاجئاً. مثل كايت موس، تشتهر بأسلوبها الخاص الذي عشقته مجلات الموضة وتداولته بشكل كبير منذ بداية ظهورها. فهي واحدة ممن كان لهن تأثير في نشر أسلوب «البوهو» في بداية الألفية، كما أن تشكيلتها الأولى في بداية العام الحالي، حققت نجاحاً شجع على إعادة الكرَّة.

فستان طويل من الساتان المزيَّن بثنيات عند محيط الخصر يسهم في نحت الجسم (ماركس آند سبنسر)

موسم الأعياد والحفلات

بينما تزامن طرح تشكيلة «مانغو + فيكتوريا بيكهام» مع مرور 40 عاماً على انطلاقة العلامة، فإن توقيت التشكيلة الثانية لسيينا ميلر التي طُرحت في الأسواق في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، أيضاً له دلالته، بحكم أننا على أبواب نهاية العام. فهذه تحتاج إلى أزياء وإكسسوارات أنيقة للحفلات. لم يكن الأمر صعباً على سيينا. فإلى جانب أنها تتمتع بأسلوب شخصي متميِز، فإنها تعرف كيف تحتفل بكل المناسبات بحكم شخصيتها المتفتحة على الحياة الاجتماعية.

وتعليقاً على هذا الموضوع، أعربت الممثلة عن سعادتها بالنجاح الذي حققته قائلةً: «أحببت العمل على التشكيلة الأولى ويملؤني الحماس لخوض التجربة مرة أخرى. فالتشكيلة الثانية تتسم بطابع مفعم بالمرح والأجواء الاحتفالية، إذ تضم قطعاً أنيقة بخطوط واضحة وأخرى مزينة بالفرو الاصطناعي، بالإضافة إلى فساتين الحفلات والتصاميم المزينة بالطبعات والنقشات الجريئة والإكسسوارات التي يسهل تنسيق بعضها مع بعض، إلى جانب سراويل الدنيم المفضلة لديّ التي تأتي ضمن لونين مختلفين».

فستان ماركس سهرة طويل من الحرير بأطراف مزينة بالدانتيل (ماركس آند سبنسر)

دمج بين الفينتاج والبوهو

تشمل التشكيلة وهي مخصصة للحفلات 23 قطعة، تستمد إلهامها من أسلوب سيينا الخاص في التنسيق إضافةً إلى أزياء مزينة بالترتر استوحتها من قطع «فينتاج» تمتلكها وجمَعتها عبر السنوات من أسواق «بورتوبيلو» في لندن، استعملت فيها هنا أقمشة كلاسيكية بملمس فاخر. لكن معظمها يتسم بقصَّات انسيابية تستحضر أسلوب «البوهو» الذي اشتهرت به.

مثلاً يبرز فستان طويل من الحرير ومزيَّن بأطراف من الدانتيل من بين القطع المفضلة لدى سيينا، في إشارةٍ إلى ميلها إلى كل ما هو «فينتاج»، كما يبرز فستانٌ بقصة قصيرة مزين بنقشة الشيفرون والترتر اللامع، وهو تصميمٌ يجسد تأثرها بأزياء الشخصية الخيالية التي ابتكرها المغني الراحل ديفيد بوي باسم «زيجي ستاردست» في ذلك الوقت.

طُرحت مجموعة من الإكسسوارات بألوان متنوعة لتكمل الأزياء وتضفي إطلالة متناسقة على صاحبتها (ماركس آند سبنسر)

إلى جانب الفساتين المنسابة، لم يتم تجاهُل شريحة تميل إلى دمج القطع المنفصلة بأسلوب يتماشى مع ذوقها وحياتها. لهؤلاء طُرحت مجموعة من الإكسسوارات والقطع المخصصة للحفلات، مثل كنزة من الدانتيل وبنطلونات واسعة بالأبيض والأسود، هذا عدا عن السترات المفصلة وقمصان الحرير التي يمكن تنسيقها بسهولة لحضور أي مناسبة مع أحذية وصنادل من الساتان بألوان شهية.

أرقام المبيعات تقول إن الإقبال على تشكيلات أيقونات الموضة جيد، بدليل أن ما طرحته كايت موس لمحلات «زارا» منذ أسابيع يشهد إقبالاً مدهشاً؛ كونه يتزامن أيضاً مع قرب حلول أعياد رأس السنة. ما نجحت فيه موس وميلر أنهما ركَزا على بيع أسلوبهما الخاص. رائحة السبعينات والـ«بوهو» يفوح منها، إلا أنها تتوجه إلى شابة في مقتبل العمر، سواء تعلق الأمر بفستان سهرة طويل أو جاكيت «توكسيدو» أو بنطلون واسع أو حذاء من الجلد.

رغم ما لهذه التعاونات من إيجابيات على كل الأطراف إلا أنها لا تخلو من بعض المطبات، عندما يكون النجم مثيراً للجدل. ليس أدلَّ على هذا من علاقة «أديداس» وعلامة «ييزي» لكيني ويست وما تعرضت له من هجوم بسبب تصريحات هذا الأخير، واتهامه بمعاداة السامية. لكن بالنسبة إلى ريهانا وفيكتوريا بيكهام وسيينا ميلر وكايت موس ومثيلاتهن، فإن الأمر مضمون، لعدم وجود أي تصريحات سياسية لهن أو مواقف قد تثير حفيظة أحد. كل اهتمامهن منصبٌّ على الأناقة وبيع الجمال.