لولا تيليافا: عطوري تستهدف اللاشعور لإيقاظ الشعور

«ذي هارمونيست» مفهوم جديد يعتمد على الفلسفة ويبتعد عن الموضة

مجموعة مصغرة خاصة بالسفر - لولا تيليافا المؤسسة - مجموعتها تعتمد على الين واليانغ
مجموعة مصغرة خاصة بالسفر - لولا تيليافا المؤسسة - مجموعتها تعتمد على الين واليانغ
TT

لولا تيليافا: عطوري تستهدف اللاشعور لإيقاظ الشعور

مجموعة مصغرة خاصة بالسفر - لولا تيليافا المؤسسة - مجموعتها تعتمد على الين واليانغ
مجموعة مصغرة خاصة بالسفر - لولا تيليافا المؤسسة - مجموعتها تعتمد على الين واليانغ

عندما تتحدث لولا تيليافا عن العطور فإن أكثر ما تركز عليه هو تلك العلاقة العميقة بين الين واليانغ، وكيف أن وضع الأشياء وترتيبها بطريقة صحيحة يمكن أن يحسن حالتنا النفسية.
لولا هي ابنة إسلام كارموف، (الرئيس السابق لأوزبكستان)، تعمل حالياً مندوبة دائمة في اليونيسكو إضافة إلى ترأسها للكثير من الجمعيات الخيرية. في عام 2015 أطلقت دار «ذي هارمونيست» للعطور المتخصصة، وكما يشير الاسم، فإن الدار تقوم على مفهوم فلسفي جديد يستهدف اللاشعور لإيقاظ الشعور.
علاقتها بالعطور بدأت في سن الصبا عندما كانت تخلط عطور أمها ببعض عوض الاكتفاء باستعمال كل واحد على حدة. لم يكن يضاهي حبها للعطور سوى اهتمامها بالفونغ شوي، الفلسفة الصينية القديمة التي تعمل على خلق توازن نفسي وروحي بترتيب الأشياء المحيطة بنا ووضعها في إطارها الصحيح. بالنسبة للولا، فإن هذا التوازن يأتي من خلال الروائح، التي تؤكد بأنها لها شخصية خاصة جدا. «عندما يتعلق الأمر بالعطر، فإنه من المستحيل أن تكون هناك خلطة مناسبة للجميع، لأن لكل منا عالمه الخاص، كما لكل منا أسراره وأفكاره ومكامن قوة وضعف، وهذا يعني أننا قد نعيش التجارب نفسها، لكن نتعامل ونتفاعل معها من وجهة نظر شخصية بحتة، كما نتأثر بالأشياء الخارجية بشكل مختلف تماما عن بعضنا البعض». رأيها أن علم الفونغ شوي يساعد على ترتيب الفوضى الداخلية، وبأن العطور مرآة «نرى الحياة من خلالها». عندما ابتكرت عطرها لأول مرة، كان كل أملها أن تبتكر عطرا يعكس شخصيتها ويمنحها نوعاً من الحرية والتحرر، مع إحساس بالرضا والتصالح مع النفس. استعملت فيه باقة من الورود البيضاء ومسك الفانيلا وزهر اليولانغ. لم تكن تتوقع أن يثير اهتمام ورغبة صديقاتها، لكن هذا ما حصل وشجعها على ابتكار مجموعة مكونة من 500 قارورة أخذت شكل زهرة التوليب. كان مهما أن تُعبئ كل واحدة منها بفلسفتها الخاصة، والتي تتلخص في استعمال العناصر الطبيعية الخمسة التي يقوم عليها علم الفونغ شوي: المعدن، النار، التراب، الماء والخشب.
وهكذا ولدت دار «ذي هارمونيست»، ومن هنا بدأت تتوسع. فبعد لوس أنجليس حيث تعيش لولا، وباريس حيث تعمل وتصنع عطورها وافتتحت محلاً فخماً في جادة جورج 5، توجهت إلى دبي. خطوة طبيعية بحكم أن منطقة الخليج هي أكثر مستهلك للعطور وأكبر متذوق له. ورغم أن السوق مُتخمة في الوقت الحالي، فإنها ليست متخوفة من المنافسة، لأنها وبكل بساطة لا تنوي دخولها من الباب التقليدي. فهي تعرف أن قوة عطورها تكمن في أنها تعبق بنفس روحاني. قد يكون مجرد طريقة تسويقية ذكية، إلا أنها تبدو مؤمنة به، كما أن لائحة زبائنها من المشاهير ممن تبنوا فلسفتها واقتنعوا بها تشمل حاليا العارضة هايدي كلوم وكايت هادسون وأورلاندو بلوم وغيرهم.
فقد نجحت في بيعهم ما يحتاجونه من توازن وراحة نفسية في قارورات ربما تحولت بالنسبة لهم إلى تعويذات. لا تحب لولا أن تربط عطورها بالموضة فهذه موسمية وتخضع لاعتبارات خارجية، بينما «عندما يجذبنا عطر ما، فإن ذلك يعني أنه لمس شيئا عميقا بداخلنا، الأمر الذي يفسر السبب الذي يجعلنا نريد الانصهار مع عناصره». وتضيف بكل ثقة: «يمكنني القول إنه قد يكون الحلقة المفقودة في حياتنا، والتي من شأنها أن تضيف عنصرا أساسيا كنا نبحث عنه دائما للوصول إلى الراحة والتناغم النفسي». وتستدل على هذا بقولها إنه عندما تكون الحياة صعبة، وحالتنا النفسية في الحضيض، فإن رائحة معينة من شأنها أن تُغير المزاج وتُحسنه في ثانية. من هذا المنظور تركز على أن يكون أساس عطورها إما الين أو اليانغ، حيث يكتشف الزبون بمساعدة خبير أيهما أقرب إلى النفس والشخصية، ثم يبني عليه نوتات أخرى كلها مستمدة على العناصر الخمس للفونغ شوي، على أساس أن حواسنا الخمسة تلعب دورا كبيرا في طريقتنا في التعامل مع التجارب التي تمر علينا، وفهم ما يجري حولنا. وبالنسبة لها فإن «حاسة الشم تحديدا هي الأقوى وواحدة من أهم الأدوات التي نعتمد عليها فطريا لتقييم ما يجري حولنا. فهي لا تؤثر علينا فحسب بل أيضاً توقظ ذكريات قديمة قد نكون نسيناها أو اعتقدنا أننا دفناها للأبد». لكنها تضيف بأن الروائح عموماً لها قدرة على بث الاطمئنان والثقة في النفس «فالغوص في الأنا تساعد على فهم الكثير من الأشياء. فهي إما تُمكننا من استغلال نقاط القوة بداخلنا أو تحفزنا على تحسين مكامن ضُعفنا... المهم أن نتوصل إلى مفاتيح التناغم». هذه المفاتيح في رأيها قد تكون مجرد رشة من عطر مكون من نغمات معينة يتم خلطها على يد خبير بعد أن يغوص في شخصية الزبون ويتعرف عليه عن قُرب.


مقالات ذات صلة

فؤاد سركيس يرسم لوحة ملونة بالالوان والتفاصيل في مجموعته لـ 2025

لمسات الموضة اعتمد المصمم على التفاصيل الجريئة حتى يمنح كل زي ديناميكية خاصة (خاص)

فؤاد سركيس يرسم لوحة ملونة بالالوان والتفاصيل في مجموعته لـ 2025

في أحدث مجموعاته لموسم خريف وشتاء 2025، يعيد المصمم فؤاد سركيس رسم هوية جديدة لمعنى الجرأة في الموضة. جرأة اعتمد فيها على تفاصيل الجسم وتضاريسه. تتبعها من دون…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي (الشرق الأوسط)

علياء السالمي... تحمل تقاليد الماضي إلى الحاضر

من قلب المملكة العربية السعودية؛ حيث تتلاقى الأصالة والحداثة، تبرز مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي واحدةً من ألمع الأسماء في عالم تصميم الأزياء.

أسماء الغابري (جدة)
لمسات الموضة كانت روح ماريا تحوم في قصر غارنييه بكل تجلياتها (ستيفان رولان)

من عاشقة موضة إلى مُلهمة

كل مصمم رآها بإحساس وعيون مختلفة، لكن أغلبهم افتُتنوا بالجانب الدرامي، وذلك التجاذب بين «الشخصية والشخص» الذي أثَّر على حياتها.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يرسم معالمها... لأن «نجمها الأول وعملتها الذهبية» هي أنسجتها (لورو بيانا)

«لورو بيانا»... تحتفل بمئويتها بفخامة تستهدف أصحاب الذوق الرفيع

لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يقودها ويحدد اتجاهاتها... فشخصيتها واضحة، كما أنها تمتلك نجماً ساطعاً يتمثل في أليافها وصوفها الملكي.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة النجمة المصرية نيللي كريم كما ظهرت في عرض هنيدة الصيرفي (هيئة الأزياء)

الرياض... لقاء الثقافة والأناقة

غالبية العروض في الدورة الثانية من أسبوع الرياض منحتنا درساً ممتعاً في كيف يمكن أن تتمازج الثقافة والهوية بروح الشباب التواقة للاختلاف وفرض الذات.

جميلة حلفيشي (لندن)

4 فنانات يحتفلن بميلاد حقيبة «أوريغامي»

سارة أوريارتي أكثر من ركّزت على تقنية «الأوريغامي» نظراً لعشقها وتخصصها في تنسيق الزهور (بيوريفكايشن غارسيا)
سارة أوريارتي أكثر من ركّزت على تقنية «الأوريغامي» نظراً لعشقها وتخصصها في تنسيق الزهور (بيوريفكايشن غارسيا)
TT

4 فنانات يحتفلن بميلاد حقيبة «أوريغامي»

سارة أوريارتي أكثر من ركّزت على تقنية «الأوريغامي» نظراً لعشقها وتخصصها في تنسيق الزهور (بيوريفكايشن غارسيا)
سارة أوريارتي أكثر من ركّزت على تقنية «الأوريغامي» نظراً لعشقها وتخصصها في تنسيق الزهور (بيوريفكايشن غارسيا)

عشر سنوات فقط مرت على إطلاق علامة «بيوريفيكايشن غارسيا» حقيبتها الأيقونية «أوريغامي». بتصميمها الهندسي وشكلها ثلاثي الأبعاد لفتت الأنظار منذ أول ظهور لها. واحتفالاً بمكانتها وسنواتها العشر، تعاونت العلامة الإسبانية مؤخرا، مع أربع مُبدعات في الفنون البلاستيكية لترجمتها حسب رؤيتهن الفنية وأسلوبهن، لكن بلغة تعكس قِيم الدار الجوهرية. هذه القيم تتلخص في الألوان اللافتة والخطوط البسيطة التي لا تفتقر إلى الابتكار، أو تبتعد عن فن قديم لا يزال يُلهم المصممين في شتى المجالات، قائم على طيّ الورق من دون استخدام المقص أو الغراء، ألا وهو «الأوريغامي». فن ياباني تكون فيه البداية دائماً قاعدة مربّعة أو مكعّبة.

المكعّب يُشكّل نقطة البداية في تصميم الحقيبة إلى جانب جلد النابا الناعم والمرن (بيوريفكايشن غارسيا)

ولأن يوم 11 نوفمبر (تشرين الثاني)، صادف اليوم العالمي لفن «الأوريغامي»، فإنه كان فرصة ذهبية لتسليط الضوء على حقيبة وُلدت من رحم هذا الفن ولا تزال تتنفس منه تفاصيلها.

فالمكعّب يُشكّل نقطة البداية في تصميمها؛ إذ تبدأ العملية باختيار جلد النابا تحديداً لنعومته، وبالتالي سهولة طيّه ومرونته في الحفاظ على شكله. بعد تمديد الجلد، يتم تحديد النمط وإضافة دعامات مثلثة للحفاظ على هيكله، لتُضاف بعد ذلك المُسنّنات يدوياً لخلق حركة انسيابية على الجلد.

للاحتفال بميلاد الحقيبة العاشر وفن «الأوريغامي» في الوقت ذاته، منحت «Purificacion Garcia» أربع مُبدعات، وهن: ألبا غالوتشا وكلارا سيبريان وصوفي أغويو وسارة أوريارتي، حرية ترجمتها حسب رؤية كل واحدة منهن، مع الحفاظ على أساسياتها.

ألبا غالوتشا، وهي ممثلة وعارضة أزياء وفنانة، تعتمد على الأنسجة والخزف كوسيلة للتعبير عن نفسها، وتستقي إلهامها من الحياة اليومية، والاحتفال بتضاريس الجسد. استوحَت الحقيبة التي ابتكرتها من عشقها للأنماط والهياكل والبناء. تقول: «حرصت على الجمع بين ما يُعجبني في شكل هذه الحقيبة وما يستهويني في جسم الإنسان، لأبتكر تصميماً فريداً يعكس هذَين المفهومَين بشكلٍ أنا راضية عنه تماماً».

حرصت ألبا على الجمع بين تضاريس الجسد وأنماط وهياكل البناء (بيوريفكايشن غارسيا)

أما كلارا سيبريان، فرسّامة تحبّ العمل على مواضيع مستوحاة من جوانب الحياة اليومية ويمكن للجميع فهمها والتماسها. تقول عن تجربتها: «أنا وفيّة لأكسسواراتي، فأنا أحمل الحقيبة نفسها منذ 5 سنوات. وعندما طُلب مني ابتكار نسختي الخاصة من هذه الحقيبة، تبادرت فكرة إلى ذهني على الفور، وهي إضفاء لمستي الشخصية على حقيبة (Origami) لتحاكي الحقيبة التي أحملها عادةً بتصميمٍ بسيطٍ تتخلّله نقشة مزيّنة بمربّعات».

من جهتها، تستمد سارة أوريارتي، وهي فنانة متخصصة في تنسيق الأزهار والمديرة الإبداعية في «Cordero Atelier»، إلهامها من الطبيعة، ولهذا كان من الطبيعي أن تُجسّد في نسختها من حقيبة «أوريغامي»، السلام والهدوء والجمال. تشرح: «لقد ركّزت على تقنية (الأوريغامي) التي أقدّرها وأحترمها. فكل طيّة لها هدف ودور، وهو ما يعكس أسلوبي في العمل؛ إذ كل خطوة لها أهميتها لتحقيق النتيجة المرجوة. لذلك، يُعتبر الانضباط والصبر ركيزتَين أساسيتَين في هذَين العملَين. وأنا أسعى إلى إيجاد التوازن المثالي بين الجانب التقني والجانب الإبداعي، وهذا ما يلهمني لمواصلة استكشاف الجمال الكامن في البساطة».

كلارا رسّامة... لهذا عبّرت نسختها عن رؤيتها الفنية البسيطة التي أضافت إليها نقشة مزيّنة بمربّعات (بيوريفكايشن غارسيا)

وأخيراً وليس آخراً، كانت نسخة صوفي أغويو، وهي مستكشفة أشكال ومؤسِّسة «Clandestine Ceramique»، التي تشيد فيها كما تقول بـ«تصميم يتداخل فيه العملي بجمال الطبيعة، وبالتالي حرصت على أن تعكس التناغم بين جوهر دار (بيوريفكايشن غارسيا) القائمة على الأشكال الهندسية وأسلوبي الخاص الذي أعتمد فيه على المكوّنات العضوية. بالنتيجة، جاءت الحقيبة بحلّة جديدة وكأنّها تمثال منحوت بأعلى درجات الدقة والعناية».