59 حالة انتحار في محافظة عراقية واحدة خلال 2018

محتجون يحرقون إطارات سيارات في أحد شوارع البصرة خلال مظاهرة للمطالبة بتوفير وظائف وتحسين الخدمات الحكومية (أ.ب)
محتجون يحرقون إطارات سيارات في أحد شوارع البصرة خلال مظاهرة للمطالبة بتوفير وظائف وتحسين الخدمات الحكومية (أ.ب)
TT

59 حالة انتحار في محافظة عراقية واحدة خلال 2018

محتجون يحرقون إطارات سيارات في أحد شوارع البصرة خلال مظاهرة للمطالبة بتوفير وظائف وتحسين الخدمات الحكومية (أ.ب)
محتجون يحرقون إطارات سيارات في أحد شوارع البصرة خلال مظاهرة للمطالبة بتوفير وظائف وتحسين الخدمات الحكومية (أ.ب)

رصدت مفوضية حقوق الإنسان العراقية 59 حالة انتحار خلال عام 2018 في محافظة ذي قار (360 كيلومتراً جنوب بغداد)، تباينت وسائلها بين الرصاص والشنق والحرق والغرق.
وقال عضو المفوضية فاضل الغراوي لـ«الشرق الأوسط» إن «عدد النساء بين المنتحرين بلغ 20؛ أغلبهن من ربات البيوت، وتتراوح أعمارهن بين 20 و25 سنة. أما الرجال فتتفاوت أعمارهم لتصل إلى نحو 50 سنة، ويتوزعون على طلبة وموظفين وأصحاب حرف ومهن خاصة».
ورأى أن «أسباب الانتحار تتراوح بين 3 أسباب؛ اجتماعية، واقتصادية، وآخر يتعلق بالمشكلات الناجمة عن الاتصالات وشبكات التواصل المختلفة». وكشف عن عزم المفوضية الإعلان بنهاية الشهر عن إحصاءات مفصلة عن حالات حقوق الإنسان في بقية المحافظات العراقية.
لكن رئيس قسم الاجتماع في كلية الآداب بجامعة ذي قار، عدي بجاي شبيب، عدّ أن «الانتحار في جزء أساسي منه يعبر عن احتجاج شديد على الواقع المعقد الذي يعيشه الشباب اليوم في ذي قار وسواها». وقال شبيب لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك تحولات كبرى حدثت وفرضت ضغوطاً هائلة على الشباب، منها التضارب بين قيم الريف والمدينة، والمحتوى العنفي والحاد الذي تفرزه مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة».
وعدّ أن «تصدر محافظة ذي قار لائحة المحافظات بالنسبة لحالات الانتحار، أمر غير مستغرب، فقد احتلت سابقاً (صدارة) لائحة المحافظات التي ضحت في الحرب ضد (داعش) من حيث عدد الشباب الذي قتلوا، فالشباب لم يذهب إلى الحرب لأسباب تتعلق بالعقيدة والوعي فقط، إنما لأسباب أخرى تتعلق باليأس من الأوضاع أيضاً».
وأشار شبيب إلى أن «الدولة تتحمل المسؤولية الكبرى فيما يتعلق بمصير الشباب عموماً، لأنها لم تتبن رؤية حقيقية بشأن المسارات الاجتماعية والنفسية والاقتصادية، وذلك كله يساعد على ضبابية الرؤى المستقبلية بالنسبة إلى الشباب».
ولفت إلى «عامل آخر يساعد في تغذية مشاعر القلق والاضطراب بين السكان، خصوصاً الشباب منهم في ذي قار»، وهو «خلو المحافظة من البهجة تقريباً، فلا توجد سوى حديقة أو اثنتين في مركز الناصرية، ولا توجد سينما أو مسرح أو ما شابه من أماكن الترفيه وغيرها، ما ينعكس سلباً على حياة الناس وصحتهم الجسدية والنفسية». وأعرب عن اعتقاده بحاجة العراق إلى «دراسات مستفيضة تقف على الأسباب الحقيقية لازدياد حالات الانتحار في السنوات الأخيرة».
وكانت تقارير كثيرة أشارت في أوقات سابقة إلى ازدياد حالات الانتحار في إقليم كردستان العراق عقب الأزمة المالية التي ضربت الإقليم في 2014، على خلفية الخلافات السياسية بين بغداد وأربيل.
وبالإضافة إلى حالات الانتحار، كشفت مفوضية حقوق الإنسان عن تسجيلها 12 اغتيالاً في محافظة ذي قار في 2018 ضمن القضايا الجنائية المسجلة بوصفها عشائرية، و6 حالات وفاة جراء إطلاق المقذوفات العشوائية، و357 حالة وفاة جراء الحوادث المرورية.
وأشارت المفوضية إلى تلقيها 30 شكوى بادعاءات تعذيب؛ بينها 16 شكوى من نزلاء سجن الناصرية المركزي. ومعروف أن هذا السجن الذي يسمى «سجن الحوت» فيه أغلب المحكومين من «قائمة الـ55» التي تضم أركان نظام «البعث». وبين الموجودين فيه حتى الآن وزير الدفاع السابق سلطان هاشم، إلى جانب معتقلين ومحكومين من جنسيات عربية مختلفة بتهم الإرهاب.
ويقول المحامي أحمد ساجت إن «أبناء سلطان هاشم يأتون إليه بشكل دوري كل أسبوعين أو ثلاثة لزيارته ويُعامَلون باحترام من قبل الجهات الأمنية المشرفة على السجن». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «السجن يبعد نحو 15 كيلومتراً عن مركز مدينة الناصرية، ومحوط بإجراءات أمنية مشددة، حتى إن السلطات تشترط وجود شخص ضامن لمن يرغب في زيارة الناصرية إن كان من غير سكانها».



الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
TT

الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)

بالتزامن مع تحذيرها من تفاقم الأزمة الإنسانية، ووصول أعداد المحتاجين للمساعدات العاجلة إلى أكثر من 19 مليون شخص، أطلقت الأمم المتحدة وشركاؤها خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في اليمن للعام الحالي لمساعدة أكثر من 10 ملايين محتاج.

ويأتي ذلك في ظل تراجع حاد للعملة اليمنية، إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، بعد تجاوز سعر الدولار 2160 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، التي عجزت عن سداد رواتب الموظفين منذ 4 أشهر، بعد أكثر من عامين من تسبب الجماعة الحوثية في توقف تصدير النفط، واشتداد أزمات الخدمات العامة، وانقطاع الكهرباء في عدن حيث العاصمة المؤقتة للبلاد لأكثر من نصف اليوم.

ودعت الأمم المتحدة المجتمع الدولي والمانحين إلى توفير مبلغ 2.47 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام الحالي، لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة لأكثر من 19.5 مليون شخص.

وجاءت الدعوة على لسان جوليان هارنيس، منسق الشؤون الإنسانية في اليمن، الذي طالب بتقديم الدعم اللازم لضمان الوصول إلى الفئات الأكثر ضعفاً وتقديم المساعدات المنقذة للحياة لـ10.5 مليون شخص، مشيراً إلى أن الجهود السابقة خلال العام الماضي، شملت أكثر من 8 ملايين شخص بدعم تجاوز 1.4 مليار دولار.

نصف الأطفال اليمنيين يعانون من سوء تغذية وتعدّ النساء والفتيات من الفئات الأكثر ضعفاً (الأمم المتحدة)

وشدَّد هاريس على أن الاحتياجات خلال العام الحالي تتطلب استجابة أوسع وأكثر شمولية لتحقيق الاستقرار وبناء قدرة المجتمعات على الصمود، منوهاً بأن تدهور الأوضاع الاقتصادية، والظروف المناخية القاسية، والتطورات العسكرية الإقليمية أسهمت في مضاعفة الاحتياجات الإنسانية.

ويواجه نصف السكان تقريباً انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، ويعيش أكثر من 13 مليون شخص في ظل نقص حاد في مياه الشرب النظيفة، بينما تعمل 40 في المائة من المرافق الصحية بشكل جزئي أو لا تعمل.

وكانت الأمم المتحدة طالبت العام الماضي بـ2.7 مليار دولار لخطة الاستجابة الإنسانية، لكنها لم تحصل سوى على تعهدات ضئيلة، ما تسبب في عجز كبير في تلبية احتياجات المستهدفين.

تناقض الاحتياجات والمطالب

ويؤكد جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أرقام الاحتياجات الإنسانية التي تعلن عنها الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية، لكنه يشير إلى التناقض بين ما تعلن عنه من احتياجات ومساعيها للحصول على تمويل لتلبية تلك الاحتياجات، إلى جانب عدم قدرتها على الوصول إلى المستهدفين بسبب نقص المعلومات والبيانات، بالإضافة إلى التغيرات الديموغرافية الحاصلة بفعل النزوح.

استمرار الصراع ترك اليمنيين في حالة احتياج دائم للمساعدات (الأمم المتحدة)

وفي تصريحه لـ«الشرق الأوسط» أعرب بلفقيه عن مخاوفه من عدم إمكانية الحصول على المبالغ المطلوبة لصالح الاستجابة الإنسانية بسبب سوء الترويج للأزمة الإنسانية في اليمن لدى المانحين، لافتاً إلى أن طرق تعامل المنظمات الدولية والأممية في الإغاثة لم تتغير منذ عام 2015، رغم فشلها في تلبية احتياجات اليمنيين، وإنهاء الأزمة الإنسانية أو الحد منها.

وقبيل إطلاقها خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، حذّرت الأمم المتحدة، من اشتداد الأزمة الإنسانية في اليمن، بعد تجاوز أعداد المحتاجين إلى مساعدات إنسانية هذا العام 19.5 مليون شخص، بزيادة قدرها 1.3 مليون شخص مقارنة بالعام الماضي، مبدية قلقها على الأطفال الذين يعانون من سوء تغذية، وعلى الفئات الأكثر تهميشاً من بينهم، مثل النساء والفتيات والنازحين البالغ عددهم 4.8 مليون شخص.

وقالت نائبة رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، جويس مسويا، أمام مجلس الأمن الدولي إنّ اليمنيين ما زالوا يواجهون أزمة خطرة على الصعيدين الإنساني وحماية المدنيين، مشيرة إلى أن تقديرات النداء الإنساني للعام الحالي الذي يجري إعداده، كشفت عن تفاقم الأزمة.

وباء الكوليرا عاد للتفشي في اليمن بالتزامن مع ضعف القطاع الصحي (رويترز)

ووفق حديث مسويا، فإنّ نحو 17 مليون يمني، أي ما يقدر بنصف سكان البلاد، لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية، وما يقرب من نصف الأطفال دون سنّ الخامسة يعانون من تأخر خَطرٍ في النمو بسبب سوء التغذية، مع انتشار مروّع لوباء الكوليرا، بينما يعاني النظام الصحي من ضغوط شديدة.

انهيار العملة

وواصلت العملة اليمنية تراجعها إلى أدنى المستويات، وتجاوز سعر العملات الأجنبية المتداولة في البلاد 2160 ريالاً للدولار الواحد، و565 ريالاً أمام الريال السعودي، بعد أن ظلت تتراجع منذ منتصف العام الماضي، وهي الفترة التي شهدت تراجع الحكومة اليمنية عن قراراتها بفرض حصار على البنوك التجارية المتواطئة مع الجماعة الحوثية.

ويرجع الخبراء الاقتصاديون اليمنيون هذا الانهيار المتواصل للعملة إلى الممارسات الحوثية ضد الأنشطة الاقتصادية الحكومية، مثل الاعتداء على مواني تصدير النفط الخام ومنع تصديره، وإجبار الشركات التجارية على الاستيراد عبر ميناء الحديدة الخاضع للجماعة، إلى جانب المضاربة غير المشروعة بالعملة، وسياسات الإنفاق الحكومية غير المضبوطة وتفشي الفساد.

العملة اليمنية واصلت تدهورها الحاد خلال الأشهر الستة الماضية (رويترز)

ويقدر الباحث الاقتصادي اليمني فارس النجار الفجوة التمويلية لأعمال الإغاثة والاستجابة الإنسانية، بأكثر من 3 مليارات دولار، ويقول إن تراكمات هذا العجز خلال السنوات الماضية أوصل نسبة تغطية الاحتياجات الإنسانية في البلاد إلى 52 في المائة.

ولمح النجار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى تضرر الاقتصاد اليمني بفعل أزمة البحر الأحمر وما سببته من تحول طرق التجارة العالمية أو ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، مع عدم بروز إمكانية لتحسن اقتصادي دون توقف الجماعة الحوثية عن ممارساتها أو إلزامها بالكف عنها، بالتوازي مع إجراءات داخلية لتحسين الإيرادات.

استهداف الحوثيين للسفن التجارية في البحر الأحمر ضاعف من تدهور الاقتصاد اليمني (أ.ف.ب)

وحثّ النجار الحكومة اليمنية على اتباع سياسات تزيد من كفاءة تحصيل الإيرادات المحلية، وتخفيف فاتورة الاستيراد، ومن ذلك تشجيع الأنشطة الزراعية والسمكية وتوفير فرص عمل جديدة في هذين القطاعين اللذين يشكلان ما نسبته 30 في المائة من حجم القوى العاملة في الريف، وتشجيع زراعة عدد من المحاصيل الضرورية.

يشار إلى أن انهيار العملة المحلية وعجز الحكومة عن توفير الموارد تسبب في توقف رواتب الموظفين العموميين منذ 4 أشهر، إلى جانب توقف كثير من الخدمات العامة الضرورية، ومن ذلك انقطاع الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن لمدد متفاوتة تصل إلى 14 ساعة يومياً.