المكسيك تفضل الحلول بدل التصعيد في نيكاراغوا وفنزويلا

روسيا «منزعجة» من حديث أميركي حول «خيار عسكري» ضد مادورو

رئيس الجمعية الوطنية الفنزويلية خوان غويدو قال إنه مستعد لتولي رئاسة البلاد بشكل مؤقت لحين إجراء انتخابات (أ.ف.ب)
رئيس الجمعية الوطنية الفنزويلية خوان غويدو قال إنه مستعد لتولي رئاسة البلاد بشكل مؤقت لحين إجراء انتخابات (أ.ف.ب)
TT

المكسيك تفضل الحلول بدل التصعيد في نيكاراغوا وفنزويلا

رئيس الجمعية الوطنية الفنزويلية خوان غويدو قال إنه مستعد لتولي رئاسة البلاد بشكل مؤقت لحين إجراء انتخابات (أ.ف.ب)
رئيس الجمعية الوطنية الفنزويلية خوان غويدو قال إنه مستعد لتولي رئاسة البلاد بشكل مؤقت لحين إجراء انتخابات (أ.ف.ب)

بعد أسابيع من الترقّب في الأوساط الدبلوماسية الإقليمية والدولية وللمرة الأولى منذ تسلّمه مهام الرئاسة مطلع الشهر الماضي، كشف الرئيس المكسيكي مانويل لوبيز أوبرادور، عن سياسة حكومته إزاء الأزمتين الرئيسيتين الدائرتين في نيكاراغوا وفنزويلا، لكن من غير أن تتضح معالم التموضع الجديد للدبلوماسية المكسيكية التي اعتادت أن تلعب دوراً وازناً في معالجة الأزمات الإقليمية.
وقد جاء الإعلان عن الخطوط العريضة لهذه السياسة على لسان وكيل وزارة الخارجية لشؤون أميركا اللاتينية أمام مجلس الشيوخ، الذي قال إن حكومته على استعداد للقيام بوساطة بين الأطراف المتنازعة في الأزمتين، مؤكداً «أن الدبلوماسية المكسيكية سيكون لها دور حاسم في أميركا اللاتينية والكاريبي، وأن المكسيك لا بد أن تكون رائدة في المنطقة وهي مستعدة لتحمّل هذه المسـؤولية. لقد أزف الوقت كي تعود المكسيك وتركّز سياستها الخارجية باتجاه الجنوب».
هذه التصريحات هي أول موقف رسمي يصدر عن الحكومة المكسيكية الجديدة بشأن الأزمة السياسية الخطيرة التي تعاني منها نيكاراغوا منذ أبريل (نيسان) الماضي، نتيجة الاحتجاجات الشعبية العارمة ضد نظام الرئيس دانييل أورتيغا، والتي أوقعت حتى الآن 325 قتيلاً وأكثر من ألفي جريح إضافة إلى نزوح عشرات الآلاف من معارضي النظام الذي لجأ إلى استخدام العنف لقمع المظاهرات المدنية منذ بدايتها. وقال المسـؤول المكسيكي إن حكومته «ستتابع الوضع في نيكاراغوا عن كثب»، لكنه أوضح «أن المكسيك لن تتخذ أو تؤيد أي إجراءات من شأنها التأثير سلباً على الشعب في نيكاراغوا أو عدم المساعدة على توفير أجواء الثقة اللازمة لتقريب وجهات النظر بين الأطراف المتنازعة».
وتجدر الإشارة إلى أن الأزمة في نيكاراغوا قد أثارت موجة من التوتّر الدبلوماسي داخل منظمة البلدان الأميركية التي حذّر أمينها العام لويس آلماغرو مؤخراً من استعداده لتفعيل الميثاق الديمقراطي الذي أقرته المنظمة منذ سنوات والذي يمهّد لطرد نيكاراغوا وفرض عقوبات سياسية واقتصادية عليها. وتحاول المنظمة منذ أشهر الضغط على أورتيغا كي يقبل بفتح حوار مع المعارضة، لكن من غير جدوى حتى الآن.
وكان أعضاء في مجلس الشيوخ المكسيكي قد وجهّوا انتقادات شديدة إلى حكومة لوبيز أوبرادور بسبب موقفها خلال الاجتماع الأخير لمنظمة البلدان الأميركية نهاية الأسبوع الماضي عندما امتنعت عن إدانة أعمال العنف والقمع وانتهاكات حقوق الإنسان التي يقوم بها نظام أورتيغا في نيكاراغوا. وردّ المسؤول المكسيكي بقوله «إن المكسيك على استعداد للمشاركة، بدعوة من حكومة نيكاراغوا، في أي آليّة للوساطة وتسهيل الحوار لتقريب وجهات النظر بين الأطراف المتنازعة مع الاحترام الكامل للشؤون الداخلية»، كاشفاً أن وزير خارجية نيكاراغوا دنيس مونكادا، سيصل غداً إلى مكسيكو في زيارة رسمية.
أما بالنسبة إلى الوضع في فنزويلا فقد أوضح الناطق بلسان وزارة الخارجية المكسيكية أنه عندما قررت المكسيك عدم التوقيع على عريضة مجموعة ليما، التي تضمّ 13 دولة من أميركا اللاتينية رفضت الاعتراف بشرعيّة الولاية الثانية للرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، كانت توجّه رسالة مفادها أن الأولوية بالنسبة إلى الحكومة المكسيكية هي معالجة الأزمة الإنسانية والمعيشية التي يعاني منها هذا البلد والتفرّغ لاحقاً لمعالجة الأزمة السياسية. لكنه أوضح أن المكسيك لا تقف بجانب مادورو، وأنها اكتفت بإرسال القائم بأعمال سفارتها في كاراكاس إلى حفل تنصيب الرئيس الفنزويلي الجديد لتأكيد ذلك.
ووافقت الجمعية الوطنية الفنزويلية (البرلمان) التي تهيمن عليها المعارضة، على إعلان يتهم الرئيس نيكولاس مادورو باغتصاب السلطة، مطالبةً بأن يحل محله رئيس الجمعية خوان غويدو. وطالبت الجمعية 46 دولة، من بينها أعضاء الاتحاد الأوروبي ومجموعة ليما للدول الأميركية، بحجب الحسابات المصرفية لكبار ممثلي الحكومة، حسبما ذكرت صحيفة «إل ناسيونال».
وكتب لويس آلماغرو، الأمين العام لمنظمة الدول الأميركية على «تويتر»، كما نقلت عنه الوكالة الألمانية، إنه أيّد اتفاق الجمعية الوطنية «في إعلان اغتصاب نيكولاس مادورو للسلطة والحاجة إلى تطبيق المادة 233 من الدستور بشأن الرئاسة المؤقتة والدعوة إلى الانتخابات». وأدى مادورو اليمين الدستورية لولاية ثانية في حفل أُقيم يوم الخميس الماضي، قاطعه معظم الرؤساء بعد انتخابات اعتُبرت غير ديمقراطية على نطاق واسع.
وقال غويدو يوم الجمعة الماضي، إنه مستعدّ لتولي رئاسة البلاد بشكل مؤقت لحين إجراء انتخابات، وناشد الجيش دعم عملية الانتقال السياسي في البلاد. ودعت الجمعية الوطنية والحكومة إلى تنظيم مظاهرات في 23 يناير (كانون الثاني).
وقال المسؤول المكسيكي إن بلده «لن يتخلى أبداً عن دورها في معالجة الوضع الإنساني الخطير الذي تعاني منه فنزويلا، ولن تتهاون إزاء انتهاك حقوق الإنسان للشعب الفنزويلي وغياب الديمقراطية في هذا البلد. لكن رغم ذلك، من واجبنا عدم الانحياز الكلّي إلى طرف واحد، والمحافظة على مسافة متساوية بين الأطراف من أجل مدّ جسور الحوار وتسهيل التوصل إلى حلول عمليّة في أقرب وقت».
ويخشى المراقبون من تدهور سريع للوضع في نيكاراغوا وفنزويلا عقب التطورات الأخيرة التي شهدت تصعيد النظامين ضد القوى والأحزاب المعارضة بعد اقتحام أجهزة الأمن مكاتب صحيفة «كونفيدنسيال»، وهي كبرى الصحف في نيكاراغوا، والعبث بمحتوياتها ومصادرة حواسيب الصحافيين، وإقدام أجهزة المخابرات في فنزويلا على اختطاف رئيس البرلمان من سيارته على إحدى الطرق العامة، ثم اعتقاله لساعات وإطلاق سراحه.
في سياق متصل، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أمس (الأربعاء)، إن موسكو مُنزعجة من حديث أميركي عن نوع من الخيار العسكري المُحتمل في فنزويلا. واتهم واشنطن بالاعتماد على المعارضة هناك لعرقلة المحادثات مع الحكومة. وقال لافروف في كلمة في مؤتمره الصحافي السنوي، إن أسلوب التعامل الأميركي مع فنزويلا أظهر جهود واشنطن في محاولة تقويض الحكومات التي لا تحبها في جميع أنحاء العالم. وقال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في عام 2017، إنه لا يستبعد «خياراً عسكرياً» لوضع حد لما يعتبره فوضى اقتصادية في فنزويلا وهي حليف مقرب من روسيا.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.