ماي تنجو من سحب الثقة وسط ضغوط لتأجيل «بريكست»

مسؤولون أوروبيون يستبعدون إعادة التفاوض على «شبكة الأمان»

ماي تنجو من سحب الثقة وسط ضغوط لتأجيل «بريكست»
TT

ماي تنجو من سحب الثقة وسط ضغوط لتأجيل «بريكست»

ماي تنجو من سحب الثقة وسط ضغوط لتأجيل «بريكست»

نجت رئيسة الوزراء تيريزا ماي، مساء أمس، من محاولة إطاحتها الثانية في 5 أسابيع ومضت في تمسكها بضرورة الخروج من الاتحاد الأوروبي في الموعد المحدد بـ29 مارس (آذار). في غضون ذلك، لمّح الاتحاد الأوروبي إلى أنه مستعد لتأجيل موعد بريكست، لكنه رهن ذلك بشروط تشمل الحفاظ على آلية «شبكة الأمان» المثيرة للجدل.
وفازت ماي بثقة البرلمان بغالبية 19 صوتا، بدعم 325 نائبا لحكومتها مقابل 306. وفور إعلان النتيجة، دعت ماي قادة الأحزاب الممثلة في البرلمان للاجتماع معها لبحث القضايا الخلافية حول بريكست، على أن تقدّم خطة بديلة بحلول الاثنين المقبل، امتثالا لمهلة البرلمان.
في المقابل، حثّ زعيم حزب العمال المعارض جيريمي كوربن رئيسة الوزراء على استبعاد سيناريو الخروج دون اتفاق، الذي وصفه بـ«الكارثي». ويواجه كوربن ضغوطا متزايدة من أعضاء حزبه والحزب الاسكوتلندي القومي والديمقراطيين الأحرار، للدعوة إلى تنظيم استفتاء ثان يتيح للناخبين خيار البقاء في الاتحاد الأوروبي.
وفي انتظار خطة حكومة ماي وموقف كوربن من الاستفتاء، اعتبرت رئيسة وزراء سكوتلندا نيكولا ستورجن أن الحل الذي يطرح نفسه هو مطالبة المؤسسات الأوروبية بتأجيل موعد تفعيل إجراءات الخروج التي تنص عليها المادة 50 من معاهدة لشبونة.

وبدا أن مسؤولين أوروبيين بارزين يراهنون على هذا الخيار، بناء على تصريحات رئيسي المجلس والمفوضية الأوروبيين ومسؤولين فرنسيين وألمان. ونقلت صحيفة «التايمز» البريطانية عن مصادر أوروبية مطلعة، قولها إن الاتحاد يبحث إجراءات قانونية قد تتيح لبريطانيا البقاء حتى عام 2020.
وذكر وزير الاقتصاد الألماني بيتر التماير، المقرب من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أنه يعتبر طلب تمديد موعد الخروج من الاتحاد الأوروبي منطقيا، «خاصة إذا كان البرلمان (البريطاني) بحاجة إلى المزيد من الوقت». فيما رهنت نتالي لوازو، الوزيرة الفرنسية المكلفة الشؤون الأوروبية، ذلك بالحفاظ على آلية «شبكة الأمان» المرتبطة بالحدود الآيرلندية. في المقابل، اعتبر دتليف سيف النائب الألماني عن حزب ميركل أن منح بريطانيا فترة مفاوضات إضافية سيسمح ببحث القضايا الخلافية المتعلقة بـ«شبكة الأمان».
وفيما أبدى عدد من المسؤولين الأوروبيين استعدادهم لتمديد موعد الخروج تفاديا لبريكست غير منظّم، استبعد كل من كبير المفاوضين ميشال بارنييه ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود - يونكر إعادة التفاوض حول نص الاتفاق الذي توصلت إليه بروكسل وحكومة ماي.
وقال يونكر: «أدعو بريطانيا إلى توضيح نياتها في أسرع وقت ممكن. لم يعد هناك كثير من الوقت»، مضيفا أن «اتفاق الخروج هو تسوية منصفة ويشكل أفضل اتفاق ممكن يحد من الآثار المسيئة لبريكست على المواطنين والشركات في مجمل أنحاء أوروبا. إنه يشكل الحل الوحيد لضمان خروج منسق لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي». وحذر في الوقت ذاته من خروج دون اتفاق، معتبرا أن «مخاطر خروج غير منظم تزايدت بعد التصويت (أول من أمس). ورغم أننا لا نرغب في مثل هذا الاحتمال، فإن المفوضية الأوروبية ستواصل أعمالها بشكل طارئ للمساعدة في ضمان أن يكون الاتحاد الأوروبي مستعدا بشكل كامل لذلك».
بدوره، قال بارنييه: «يعود الآن إلى الحكومة البريطانية القول: ما هي المرحلة المقبلة؟ الاتحاد الأوروبي سيبقى موحدا ومصمما على التوصل إلى اتفاق». فيما اعتبرت المستشارة الألمانية أنه «لا يزال هناك وقت للتفاوض» على اتفاق بشأن بريكست عملا باقتراحات محتملة من جانب رئيسة الوزراء البريطانية.
أما رئيس الوزراء الآيرلندي ليو فارادكار، فقال إن احتمال بريكست دون اتفاق لم يعد فرصة فحسب. وأضاف أن حكومته تطبق تحضيرات لتفادي تداعيات اقتصادية فادحة، داعيا «الشركات والمؤسسات إلى القيام بالأمر نفسه».
وعودة إلى لندن، تتجه الأعين إلى اللقاءات التي ستجمع ماي بالقيادات الحزبية. وفي محاولة لحلحلة الوضع، أعلنت ماي أنها ستلتقي نواباً من كل الأحزاب «لتحديد العناصر الضرورية للحصول على دعم مجلس العموم».
وطالب النائب نايجل دودس من الحزب الوحدوي الديمقراطي مجدداً بإعادة النظر في الترتيبات المتعلقة بـ«شبكة الأمان» (باكستوب) التي يتمحور حولها الاستياء. وصرّح لشبكة «بي بي سي» بأن «رئيسة الوزراء يجب أن تُدرك أن الباكستوب هو سمّ اتفاق الانسحاب»، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
وينصّ حل اللحظة الأخيرة هذا على إبقاء المملكة المتحدة ضمن الاتحاد الجمركي مع الاتحاد الأوروبي لتجنّب إعادة الحدود الفعلية بين مقاطعة آيرلندا الشمالية التابعة لبريطانيا وجمهورية آيرلندا العضو في الاتحاد، في حال لم يتم التوصل إلى حل بديل بعد الفترة الانتقالية التي يُفترض أن تستمر حتى نهاية عام 2020.
ويخشى كثير من النواب البريطانيين أن تُرغم شبكة الأمان المملكة المتحدة على إبقاء روابطها بالاتحاد الأوروبي لمدة غير محددة. وحذّر دودس من أنه «إذا لم يتغير شيء، فالجميع سيكون لديه مشكلة كبيرة، بما في ذلك الآيرلنديون وأوروبا والمفوضية الأوروبية».



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.