الموازنة تؤجل استكمال الحكومة العراقية... والحزبان الكرديان يتفقان على حقيبة العدل

TT

الموازنة تؤجل استكمال الحكومة العراقية... والحزبان الكرديان يتفقان على حقيبة العدل

أعلن مصدر كردي مطلع أن الحزبين الرئيسيين في إقليم كردستان؛ «الديمقراطي الكردستاني» و«الاتحاد الوطني الكردستاني»، توصلا إلى «تسوية مقبولة» بشأن حقيبة العدل في الحكومة الاتحادية، التي تحولت إلى نقطة خلاف بينهما.
وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط» إن الحزبين، خصوصاً «الديمقراطي الكردستاني»، أدركا أن من الصعوبة بمكان الاستئثار بقيادة الإقليم، بصرف النظر عن عدد المقاعد في البرلمان. وأوضح أنه «تم التوصل بعد سلسلة من الاجتماعات واللقاءات بين قيادات الحزبيين إلى اتفاق بشأن حقيبة العدل المتنازع عليها في الحكومة الاتحادية، وهو ما يفتح الباب أمام اتفاقات أخرى بشأن حكومة الإقليم». وأضاف أن «الاتفاق يقضي بترشيح شخصية مستقلة لوزارة العدل لا تنتمي إلى أي من الحزبين على أن تكون هذه الشخصية من السليمانية أو كركوك».
وفي هذا السياق، كشف النائب عن «تحالف العدالة والديمقراطية» ريبوار كريم لـ«الشرق الأوسط» عن أن «الاجتماعات الأخيرة التي عقدت بين الحزبين الكرديين الرئيسيين انتهت إلى تفاهمات مهمة من شأنها طي صفحة الخلاف الذي كان عميقاً بين الطرفين، وكاد يتسبب في مشكلات بينهما، سواء داخل إقليم كردستان أو في التعامل مع بغداد». وأضاف أن «ما تم التوصل إليه هو استئناف التنسيق والتشاور بين الحزبين حيال القضايا المشتركة، ومنها كيفية التعامل مع بغداد بروح الفريق الواحد».
وأضاف أن هناك «قناعة تولدت لدى الحزب الديمقراطي الكردستاني مفادها بأنه لم يعد من المصلحة استمرار القطيعة مع رئيس الجمهورية الدكتور برهم صالح الذي هو اليوم رئيس العراق كله، ولا يوجد أي مبرر للمقاطعة، خصوصاً أن رئيس الجمهورية؛ فضلاً عن كونه حامي الدستور، (في موقع) رئاسة الجمهورية (التي) هي الركن الثاني من أركان السلطة التنفيذية».
إلى ذلك، أعلن رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي إيقاف الإجازات والعطلات البرلمانية كافة إلى حين إقرار الموازنة، محذراً من مغبة تأخيرها. وقال مكتب الحلبوسي في بيان إن «رئيس مجلس النواب ترأس اجتماعاً للجنة المالية لبحث فقرات الموازنة الاتحادية العامة وبنودها لسنة 2019».
وأضاف أنه «جرى خلال الاجتماع مناقشة زيادة الإيرادات العامة والتخصيصات الاستثمارية، ومناقشة التخصيصات المالية لملفي الصحة والتربية، فضلاً عن قطاع التعليم والخدمات كالماء والكهرباء ومشروعات البنى التحتية»، مشيراً إلى أن «الاجتماع رفض مبدأ الاقتراض الخارجي لمعالجة عجز الموازنة، وضرورة توفير فرص العمل للعاطلين من خلال إطلاق التخصيصات الاستثمارية وتنمية الأقاليم، فضلاً عن معالجة ملف العقود والأجراء اليوميين في مؤسسات الدولة».
ولفت إلى «مناقشة تأمين الرواتب والنفقات الجارية لكل محافظات العراق، بما فيها محافظات إقليم كردستان». وأكد الحلبوسي خلال الاجتماع «أهمية الإسراع بإقرار الموازنة»، محذرا في الوقت نفسه من «مغبة تأخير إقرارها، لما له من نتائج سلبية ستنعكس على حياة المواطنين».
وأكد النائب في البرلمان العراقي عن كتلة «سائرون» برهان المعموي لـ«الشرق الأوسط» أن «المؤشرات كلها تدل على أن الجلسات المقبلة للبرلمان ستخصص لإقرار الموازنة، نظراً لخطورة تأخيره وما يمكن أن يتركه من تداعيات». وأضاف أن «التركيز على الموازنة سيؤجل بالضرورة مسألة إكمال الكابينة (التشكيلة) الوزارية، لا سيما في ظل استمرار الخلافات بين الأطراف السياسية وعدم توصلها إلى صيغ متفق عليها بشأن مرشحي الوزارات المتبقية، مما يجعل عملية تمريرهم صعبة».
وأكد رئيس كتلة «ائتلاف الوطنية» كاظم الشمري لـ«الشرق الأوسط» أن «(الوطنية) ما زالت تنتظر الطعن المقدم من قبل مرشحها لوزارة الدفاع فيصل الجربا، وبالتالي لا يوجد لدينا مرشح جديد إلى أن تظهر نتيجة الطعن، خصوصاً أننا نشك في أن عملية عرقلة تمريره كانت مقصودة؛ إذ إنه حصل على الأصوات الكافية».
وحول ما يشاع عن قيام جهات سُنّية بترشيح بدلاء عن الجربا، قال الشمري إن «هناك محاولات التفاف واضحة من قبل بعض الجهات لترشيح أسماء أخرى، لكن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي لا يزال يحترم كلمته وتعهداته معنا».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.