لافروف: نبحث المنطقة العازلة... والاتفاق يجب أن يلبي مصالح كل الأطراف

موسكو تطلب من واشنطن جدولاً للانسحاب من سوريا

TT

لافروف: نبحث المنطقة العازلة... والاتفاق يجب أن يلبي مصالح كل الأطراف

أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أن اقتراح تركيا لإقامة منطقة عازلة على الحدود في شمال سوريا سيكون محوراً أساسياً للبحث خلال القمة الروسية - التركية المنتظرة بداية الأسبوع المقبل.
ومع أنه لم يبدِ اعتراضاً روسياً على مبادرة أنقرة، شدد على أن أي اتفاق نهائي يتم التوصل إليه في هذا الشأن «يجب أن يضمن مصالح كل الأطراف، بما في ذلك تركيا». ولفت إلى أهمية أن تبسط الحكومة السورية سيطرتها في المناطق التي تنسحب منها القوات الأجنبية في شمال البلاد، مشدداً في الوقت ذاته على أن «حل المشكلة الكردية ليس ممكناً من دون الحوار الذي ندعمه مع دمشق».
وكان لافروف يتحدث خلال مؤتمره الصحافي السنوي الشامل الذي خُصص لعرض مجريات العام الماضي، وتحديد أولويات السياسة الروسية في العام الجديد. وشغل الملف السوري حيزاً كبيراً في حديثه رغم وجود ملفات كثيرة معقدة أخرى تطرق إليها؛ ما دل على الأهمية التي توليها موسكو لسياساتها في سوريا في المرحلة المقبلة.
واستهل لافروف تقويمه الوضع في سوريا بتأكيد أن العام الماضي شهد تقدماً مهماً على صعيد محاربة الإرهاب وبسط سيطرة الحكومة على غالبية الأراضي السورية. ولفت إلى دفع ملف جهود تشكيل اللجنة الدستورية، ورأى أن هذا التوجه سيكون أساسياً في هذا العام. وقال: إن المبادرة التركية بشأن إنشاء منطقة عازلة شمال سوريا سيكون مطروحاً للبحث على ضوء تطورات الوضع أخيراً في سوريا، لافتاً إلى أن هذا الملف سيشغل حيزاً أساسياً خلال محادثات الرئيس فلاديمير بوتين مع نظيره التركي رجب طيب إردوغان، علماً بأن الرئيسين يعقدان جلسة محادثات جديدة حول سوريا الاثنين المقبل.
ومن دون أن يعلن موافقة روسية صريحة على الاقتراح التركي، قال لافروف، إن بلاده تنطلق من أن «الأولوية في المسار السوري تكمن في الحفاظ على وحدة واستقلال وسيادة سوريا، وتركيا والولايات المتحدة وغيرهما من أعضاء الأمم المتحدة وافقوا على هذا الهدف»، مؤكداً في الوقت ذاته أنه «بطبيعة الحال، ستكون المصالح الأمنية لدول المنطقة بما فيها تركيا جزءاً من الاتفاقيات التي نسعى إلى بلورتها».
وتطرق إلى الوضع في إدلب، مشدداً على ضرورة «إنجاز أهداف محاربة الإرهاب وبخاصة في منطقة إدلب»، ولفت إلى أن «المسلحين (في إدلب) يستمرون في محاولات تنشيط هجمات على مواقع عدة، على رأسها قاعدة حميميم».
وأقر لافروف بوجود عقبات جدية أمام دفع التسوية السورية، وقال: إن «مساعي تسوية الأزمة السورية مستمرة، بالطبع أبطأ مما نريد، وثمة مشكلات كان من الصعب حلها في مرحلة ما، لكن التقدم واضح. نحن متأكدون أنه يجب إنجاز أهداف محاربة الإرهاب. وخصوصاً في المعقل الرئيسي للإرهاب حالياً منطقة إدلب، التي يتمركز فيها كل مسلحي تنظيم (جبهة النصرة) تقريباً».
وشدد لافروف على التزام روسيا بتنفيذ الاتفاقات التي تم التوصل إليها مع تركيا بشأن منطقة إدلب، و«هذه الاتفاقيات تقيد تحركات الإرهابيين الذين يستمرون بإطلاق النار من منطقة إدلب والمنزوعة السلاح على مواقع الجيش السوري ومواقع مدنية ويحاولون مهاجمة القاعدة الجوية الروسية حميميم».
وأكد وزير الخارجية الروسي، أن بلاده تدعم الاتصالات الجارية الآن بين الأكراد والسلطات السورية. ووصفها بأنها «تهدف إلى إعادة الحياة إلى الدولة الموحدة من دون تدخل خارجي».
وشدد على قناعة موسكو بضرورة حل القضية الكردية في دول الشرق الأوسط ضمن الأطر القانونية لبلدان المنطقة وعبر الحوار مع حكوماتها.
مؤكداً موقف بلاده إلى جانب الحفاظ على وحدة أراضي بلدان المنطقة واحترام سيادتها، وقال: إن موسكو تعارض إعادة ترسيم الحدود في هذه المنطقة.
وأعرب وزير الخارجية الروسي عن أمله في أن «يدرك المواطنون الأكراد في دول الشرق الأوسط ضرورة البحث عن حلول وسط مع حكومات دولهم»، وزاد: «أعتقد أن أكراد سوريا والعراق يتفهمون ضرورة التوصل إلى اتفاقيات تكون مقبولة وتراعي مصالحهما، دون نسف الوحدة الترابية للدولتين».
كما رحب لافروف ببدء الاتصالات بين الأكراد المقيمين في شمال سوريا وحكومة دمشق؛ بهدف الاتفاق على كيفية استعادة الحياة ضمن دولة موحدة، دون تدخلات خارجية، مؤكداً ضرورة ضمان جميع ظروف المعيشة المطلوبة للمواطنين الأكراد في مناطقهم بسوريا.
وتطرق لافروف إلى الوضع في شرق الفرات، وذكر أن الولايات المتحدة أقامت نحو 20 موقعاً عسكرياً، بما فيها قواعد عسكرية، في شرق الفرات «مما يستدعي بطبيعة الحال قلقاً لدى تركيا».
وأوضح أنه «ليس سراً أن الأميركيين سلحوا (وحدات حماية الشعب) الكردية المتعاونة معهم؛ ما يستدعي تساؤلات، ولا سيما من زملائنا الأتراك، بشأن ما سيحدث لاحقاً لهذه الأسلحة والمنشآت العسكرية. نحن مقتنعون بأن الحل الأفضل والوحيد هو تسليم المنطقة إلى الحكومة والجيش والمؤسسات الإدارية السورية». وأشار إلى أن قرار الولايات المتحدة سحب قواتها من سوريا، تبعه تضارب في المواقف الأميركية بخصوص تفاصيل هذه العملية.
وأعرب لافروف عن قلق موسكو إزاء الوضع الإنساني الحرج في مخيم الركبان للاجئين السوريين الواقع عند الحدود مع الأردن، متهماً الولايات المتحدة بمنع إيصال قافلة مساعدات إليه، خلافاً لتعهداتها السابقة.
في غضون ذلك، أعلن سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف، أن تصريحات واشنطن حول انسحابها من سوريا «لن تكون جديرة بالاهتمام إلا بعد تقديم مواعيد محددة لهذه العملية».
وقال باتروشيف لصحيفة «روسيسكايا غازيتا» الناطقة باسم الحكومة الروسية: إنه من دون تقديم الولايات المتحدة خطة لمراحل انسحابها من سوريا، تتضمن مواعيد واضحة وأطراً جغرافية وتسلسل الخطوات لتنفيذ هذه العملية، فإن موسكو لن تتعامل بجدية مع التصريحات الصادرة من واشنطن».
وأضاف: إن «الولايات المتحدة تعرقل إجراء العمليات الإنسانية في البلاد وأي محاولات للتخفيف من معاناة السكان المدنيين وإرساء الأسس لعودة الحياة السلمية إلى سوريا، ويستمرون بسياسة خنق سوريا بالعقوبات الاقتصادية، ويهددون بضرب قواتها بالقنابل والصواريخ». وتساءل: هل تحارب واشنطن الإرهاب الدولي في سوريا أم الحكومة السورية الشرعية»؟، وأكد أنه «يتكون الانطباع بأن الولايات المتحدة حتى الآن لم تضع استراتيجية واضحة لحضورها في هذا البلد».



مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
TT

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)

تسعى الحكومة المصرية، لتعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، في مجال إدارة الموارد المائية، في ظل تحديات كبيرة تواجهها تتعلق بـ«محدودية مواردها». وخلال لقائه سفيرة الاتحاد الأوروبي في القاهرة أنجلينا إيخورست، الاثنين، ناقش وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، التعاون بين الجانبين، في «إعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجتها».

وتعاني مصر عجزاً مائياً، حيث يبلغ إجمالي الموارد المائية، نحو 60 مليار متر مكعب سنوياً، في مقابل احتياجات تصل إلى 114 مليار متر مكعب سنوياً، وبنسبة عجز تقدر 54 مليار متر مكعب، وفق «الري المصرية».

وتعتمد مصر على حصتها من مياه نهر النيل بنسبة 98 في المائة، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وحسب بيان لـ«الري المصرية»، ناقش سويلم، مع سفيرة الاتحاد الأوروبي، مقترحات تطوير خطة العمل الاستراتيجية (2024-2027)، طبقاً للأولويات المصرية، مشيراً إلى الدعم الأوروبي لبلاده في مجالات «رفع كفاءة الري، وإعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجة المياه، والتكيف مع تغير المناخ».

ووقَّعت الحكومة المصرية، والاتحاد الأوروبي، إعلاناً للشراكة المائية، خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، COP28، الذي عُقد في دبي عام 2023، بهدف تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية، وتعزيز الحوار، وتبادل الخبرات.

وأوضح وزير الري المصري أن «الإجراءات التي تتبعها بلاده لرفع كفاءة استخدام المياه، تندرج تحت مظلة الجيل الثاني لمنظومة الري»، منوهاً بقيام الوزارة حالياً «بتأهيل المنشآت المائية، ودراسة التحكم الآلي في تشغيلها لتحسين إدارة وتوزيع المياه، والتوسع في مشروعات الري الحديث»، إلى جانب «مشروعات معالجة وإعادة استخدام المياه، ودراسة تقنيات تحلية المياه من أجل الإنتاج الكثيف للغذاء».

ومن بين المشروعات المائية التي تنفذها الحكومة المصرية، بالتعاون مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي، «البرنامج القومي الثالث للصرف، وتحسين نوعية المياه في مصرف (كيتشنر)، وتحديث تقنيات الري لتحسين سبل عيش صغار المزارعين في صعيد مصر، ومراقبة إنتاجية الأراضي والمياه عن طريق الاستشعار عن بعد».

وتعوِّل الحكومة المصرية على الخبرات الأوروبية في مواجهة ندرة المياه، وفق أستاذ الموارد المائية، في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، الذي أشار إلى أن «القاهرة سبق أن استعانت بخبراء أوروبيين لصياغة حلول للتحديات المائية التي تواجهها مصر»، وقال إن «كثيراً من المقترحات التي قدمها الخبراء تنفذها الحكومة المصرية في سياستها المائية، ومن بينها التوسع في مشروعات معالجة المياه، وتحلية مياه البحر، واعتماد نظم الري الحديث».

وللتغلب على العجز المائي شرعت الحكومة المصرية في تطبيق استراتيجية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037 باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، تشمل بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية، إضافة إلى تطبيق مشروع تحول للري الزراعي الحديث.

ويعتقد نور الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخبرة الأوروبية في مجال تطوير إدارة المياه والتغيرات المناخية هي الأفضل في هذا المجال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تسعى إلى الاستفادة من المنح الأوروبية المقدَّمة في تلك المجالات، وخصوصاً، التكيف مع التغيرات المناخية»، معتبراً أن «التعامل مع العجز المائي في مصر من أولويات السياسة المائية المصرية».

ويُعد الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء في المجال التنموي بالنسبة لمصر، وفق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، الذي أشار إلى أن «التعاون المائي بين الجانبين يأتي ضمن الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي جرى توقيعها بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي، لتطوير التعاون بمختلف المجالات».

ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتحاد الأوروبي يمتلك التكنولوجيا والخبرات الحديثة بشأن تطوير استخدام المياه، خصوصاً في الدول التي تعاني من شح مائي».