أعمال فنية تمزج اللون بالحجر في معرض بالقاهرة

17 لوحة وقطعة مبهجة لعزة أبو السعود وياسمينا حيدر

لوحة تعبر عن جبال السعودية
لوحة تعبر عن جبال السعودية
TT

أعمال فنية تمزج اللون بالحجر في معرض بالقاهرة

لوحة تعبر عن جبال السعودية
لوحة تعبر عن جبال السعودية

لأن الفن التشكيلي يعكس الحالة النفسية والوجدانية والمتغيرات الاجتماعية والإنسانية لكثير من التشكيليين، استمدت الفنانة والدكتورة عزة أبو السعود معاني لوحاتها بمعرض «إسكندرية... ديالوج من اللون والحجر»، بغاليري خان المغربي بحي الزمالك، وسط القاهرة، من واقع توليها عدة مناصب، من بينها رئاسة قسم التصميمات المطبوعة، بكلية الفنون الجميلة بالإسكندرية.
المعرض الذي انطلق في 8 يناير (كانون الثاني) الجاري، يكشف عن أعمال فنية للفنانتين عزة أبو السعود وياسمينا حيدر.
ارتبطت أعمال أبو السعود بفن الغرافيك المعتمد على الخطوط المحفورة والمرسومة. وتعبر لوحات الفنانة التي تنتمي إلى مدينة الإسكندرية الساحلية، عما كان يدور في خواطرها، خلال الاجتماعات الدورية الكثيرة «المملة».
وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «قبل خروجي للمعاش كنا نعقد كثيراً من الاجتماعات التي كنت أراها عديمة الفائدة، وكنت أقوم خلال الاجتماعات بكتابة آرائي في المتحدثين بكل حرية في ورقة جانبية، لإخراج كل الطاقات السلبية بداخلي خلال الاجتماع، وبالتالي كنت أخرج سعيدة وراضية من تلك الاجتماعات، رغم حالة الملل بها».
وأضافت: «بعد خروجي إلى سن التقاعد القانوني، اكتشفت أنني قمت بكتابة كمية كبيرة من المشاعر الصادقة، حتى قمت بترجمة تلك الأفكار والكتابات القديمة في أعمال فنية، وهو ما عبرت عنه في لوحاتي، عبر استخدام الخطوط المستقاة من كتاباتي السابقة، بجانب مسودات رسالة الماجستير الخاصة التي كنت أحتفظ بها في صندوق كبير مليء بالأوراق».
ولفتت: «لا أظن أن فناناً آخر سبقني إلى هذه التجربة الممتعة؛ لأني كنت أقوم بها في السر، فكتاباتي هي عالمي الخاص، بعدما استوحيت منها جزءاً كبيراً من عملي».
وأوضحت أبو السعود أن «الفن بصفة عامة هو سعادة وقضية داخلية بالنسبة لي، فإذا لم يبهجني العمل في المقام الأول، فلن تكون له قيمة، لذا قمت باستخدام الألوان هذه المرة في عمل اللوحات، فهي غنية بألوان الموز والتفاح والبرتقال والورود والأشخاص».
وعن المواد المستخدمة في رسم لوحاتها، قالت: «استخدمت تقنية (ميكس ميديا كولاج) وطباعة قوالب صغيرة وبارزة، وطباعة ملمس، وأكريليك، وحبراً صينياً».
وشرحت لوحة أخرى تبرز الجبال والنخيل قائلة: «عشت لمدة سنة في السعودية، وتأثرت بالجبال هناك، وعبرت عن ذلك بقالب طباعي يعكس النبات، عبر رسم أشكال من التفاح، بينما عبرت عن النخيل باللون الأبيض، لما له من فوائد كبيرة، وليس بالأخضر كما هو معتاد، أما أعمال الغرافيك فقد اعتمدت فيها على الخط».
وعن لوحة «خيال المآتة» قالت أبو السعود: «لها معنيان اثنان: الأول تعبير مجرد تماماً، والثاني هدفه ومعناه مباشران، وهو أن الطيور التي تطير بحرية في أسفل اللوحة لا يراها خيال المآتة المرتفع الذي ينظر لأعلى باستمرار، ويصدر تعليمات مشددة بمنع الخروج مثلاً، أو أي تعليمات أخرى».
من جانبها، قالت الفنانة المتخصصة في أعمال النحت، الدكتورة ياسمينا حيدر، لـ«الشرق الأوسط»: «أعمالي عبارة عن مجموعة نحتية من حجر البازلت الناري البركاني، وهي تدور حول فكرة الشرنقة، التي كنت أتأملها كثيراً، وهي ترمز للفترة التي سبقت ثورة 25 يناير 2011 مباشرة؛ لأنني تأثرت كثيراً بتلك الفترة بعدة مؤثرات ومتغيرات نفسية وخارجية، وتلك التغيرات تجعل الفنان يعيد صياغة أفكاره وتأملاته، ليعبر عنها في أعمال وأشكال فنية متنوعة».
وأضافت: «تأملت الشرنقة وهي تتحول وتنسلخ من جسدها، وهي مرحلة قد تكون قبيحة؛ لكنها تعطي استمرارية لحياتها، وهو ما حمسني لدراسة الشرانق وأشكالها، ثم قمت بتحليلها، وقمت بترجمة ذلك في صناعة قطع نحتية على هيئة شرانق رمزية، في كريستال شفاف أسود، تعبيراً عن حساسية الشرنقة». وتابعت: «حاولت التعبير عن قوة الشرنقة كذلك عبر حجر الغرانيت الصلب».



حضور تشكيلي سعودي بارز في مهرجان «ضي للشباب العربي» بمصر

عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)
عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)
TT

حضور تشكيلي سعودي بارز في مهرجان «ضي للشباب العربي» بمصر

عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)
عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)

يُشكّل «مهرجان ضي للشباب العربي» الذي يُطلقه «أتيليه العرب للثقافة والفنون» في مصر كل عامين، تظاهرة ثقافية تحتفي بالمواهب العربية الشابة في الفنون التشكيلية، وتعكس عمق التعبير وتنوعه بين الفنانين المشاركين عن القضايا الجماعية والتجارب الذاتية.

وتشهد نسخته الخامسة التي انطلقت تحت شعار «بلا قيود»، وتستمر لشهر كامل في قاعات غاليري «ضي» بالقاهرة، مشاركة 320 فناناً من الشباب، يمثلون 11 دولة عربية هي مصر، والسعودية، والسودان، وسوريا، وفلسطين، والعراق، والأردن، واليمن، ولبنان، والعراق، وتونس.

تُقدم سلمى طلعت محروس لوحة بعنوان «روح» (الشرق الأوسط)

وبين أرجاء الغاليري وجدرانه تبرز مختلف أنواع الفنون البصرية، من الرسم والتصوير والحفر والطباعة والخزف والنحت. ومن خلال 500 عملٍ فني تتنوع موضوعاتها وتقنياتها وأساليبها واتجاهاتها.

ويحفل المهرجان في دورته الحالية بأعمال متنوعة ومميزة للشباب السعودي، تعكس إبداعهم في جميع ألوان الفن التشكيلي؛ ومنها عمل نحتي للفنان السعودي أنس حسن علوي عنوانه «السقوط».

«السقوط» عمل نحتي للتشكيلي السعودي أنس علوي (الشرق الأوسط)

يقول علوي لـ«الشرق الأوسط»: «استلهمت العمل من فكرة أن كلمَتي (حرام) و(حلال)، تبدآن بحرف الحاء، وهما كلمتان متضادتان، وبينهما مساحات شاسعة من الاختلاف».

ويتابع: «يُبرز العمل ما يقوم به الإنسان في وقتنا الراهن، فقد يُحرّم الحلال، ويُحلّل الحرام، من دون أن يكون مُدركاً أن ما يقوم به هو أمر خطير، وضد الدين».

ويضيف الفنان الشاب: «لكنه بعد الانتهاء من فعله هذا، قد يقع في دائرة الشكّ تجاه تصرّفه. وفي هذه المرحلة أردت أن أُجسّد تلك اللحظة التي يدخل إليها الإنسان في مرحلة التفكير والتشكيك في نفسه وفي أعماله، فيكون في مرحلة السقوط، أو مراجعة حكمه على الأمور».

وتأتي مشاركة الفنانة السعودية سمية سمير عشماوي في المهرجان من خلال لوحة تعبيرية من الأكريلك بعنوان «اجتماع العائلة»، لتعكس عبرها دفء المشاعر والروابط الأسرية في المجتمع السعودي.

عمل للتشكيلية السعودية سمية عشماوي (الشرق الأوسط)

وتقول سمية لـ«الشرق الأوسط»: «تُعدّ اللوحة تجسيداً لتجربة شخصية عزيزة على قلبي، وهي لقاء أسبوعي يجمع كل أفراد أسرتي، يلفّه الحب والمودة، ونحرص جميعاً على حضوره مهما كانت ظروف الدراسة والعمل، لنتبادل الأحاديث، ونتشاور في أمورنا، ونطمئن على بعضنا رغم انشغالنا».

ويُمثّل العمل النحتي «حزن» أول مشاركة للتشكيلية السعودية رويدا علي عبيد في معرض فني، والتمثال مصنوع من خامة البوليستر، ويستند على رخام. وعن العمل تقول لـ«الشرق الأوسط»: «يُعبّر التمثال عن لحظة حزن دفينة داخل الإنسان».

عمل نحتي للفنانة السعودية رويدا علي عبيد في الملتقى (الشرق الأوسط)

وتتابع رويدا: «لا أحد يفهم معنى أن تقابل الصدمات بصمت تام، وأن تستدرجك المواقف إلى البكاء، فتُخفي دموعك، وتبقى في حالة ثبات، هكذا يُعبّر عملي عن هذه الأحاسيس، وتلك اللحظات التي يعيشها المرء وحده، حتى يُشفى من ألمه وأوجاعه النفسية».

من جهته قال الناقد هشام قنديل، رئيس مجلس إدارة «أتيليه العرب للثقافة والفنون»، لـ«الشرق الأوسط»، إن «مهرجان الشباب العربي يمثّل خطوة مهمة في تشجيع الفنانين الشباب ودفعهم إلى الابتكار، وتقديم أفكارهم بلا قيود؛ وانطلاقاً من هذا الفكر قرّرت اللجنة المنظمة أن يكون موضوع المهرجان 2025 مفتوحاً من دون تحديد ثيمة معينة».

وأضاف قنديل: «اختارت لجنتا الفرز والتحكيم أكثر من ثلاثمائة عملٍ فني من بين ألفي عمل تقدّمت للمشاركة؛ لذا جاءت الأعمال حافلة بالتنوع والتميز، ووقع الاختيار على الإبداع الفني الأصيل والموهبة العالية».

ولفت قنديل إلى أن الجوائز ستُوزّع على فروع الفن التشكيلي من تصوير، ونحت، وغرافيك، وخزف، وتصوير فوتوغرافي وغيرها، وستُعلن خلال حفل خاص في موعد لاحق يحدده الأتيليه. مشيراً إلى أن هذه النسخة تتميّز بزخم كبير في المشاركة، وتطوّر مهم في المستوى الفني للشباب. ومن اللافت أيضاً في هذه النسخة، تناول الفنانين للقضية الفلسطينية ومعاناة سكان غزة من خلال أعمالهم، من دون اتفاق مسبق.

عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)

وبرؤية رومانسية قدّمت الفنانة المصرية الشابة نورهان إبراهيم علاجاً لصراعات العالم وأزماته الطاحنة، وهي التمسك بالحب وتوفير الطفولة السعيدة للأبناء، وذلك من خلال لوحتها الزيتية المشاركة بها في المهرجان، التي تغلب عليها أجواء السحر والدهشة وعالم الطفولة.

وتقول نورهان، لـ«الشرق الأوسط»، إن «براءة الأطفال هي بذرة الإبداع التي ستعالج العالم كله»، وتتابع: «أحب الأطفال، وأتعلم كثيراً منهم. وأدركت أن معظم المشكلات التي تواجه العالم اليوم من الجرائم الصغيرة إلى الحروب الكبيرة والإرهاب والسجون الممتلئة لدينا، إنما هي نتيجة أن صانعي هذه الأحداث كانوا ذات يومٍ أطفالاً سُرقت منهم طفولتهم».

«بين أنياب الأحزان» هو عنوان لوحة التشكيلي الشاب أدهم محمد السيد، الذي يبرز تأثر الإنسان بالأجواء المحيطة به، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «حين يشعر المرء بالحزن، يبدأ في الاندماج مع الطبيعة الصامتة، ويتحوّلان إلى كيان واحد حزين. وحين يسيطر الاكتئاب على الإنسان ينجح في إخفائه تدريجياً».

لوحة للتشكيلية المصرية مروة جمال (الشرق الأوسط)

وتقدم مروة جمال 4 لوحات من الوسائط المتعددة، من أبرزها لوحة لبناية قديمة في حي شعبي بالقاهرة، كما تشارك مارلين ميشيل فخري المُعيدة في المعهد العالي للفنون التطبيقية بعملٍ خزفي، وتشارك عنان حسني كمال بعمل نحت خزفي ملون، في حين تقدّم سلمى طلعت محروس لوحة عنوانها «روح» تناقش فلسفة الحياة والرحيل وفق رؤيتها.