أوغندا تتعهد بهزيمة «زعيم» التمرد في جنوب السودان إذا رفض وقف إطلاق النار

الحكومة الفلسطينية تعقد اجتماعها في المنطقة اليوم لتأكيد أهميتها

أطفال نازحون يتجمعون حول سيارة لنقل المياه بإحدى القواعد التابعة للأمم المتحدة في عاصمة جنوب السودان أول من أمس (أ.ب)
أطفال نازحون يتجمعون حول سيارة لنقل المياه بإحدى القواعد التابعة للأمم المتحدة في عاصمة جنوب السودان أول من أمس (أ.ب)
TT

أوغندا تتعهد بهزيمة «زعيم» التمرد في جنوب السودان إذا رفض وقف إطلاق النار

أطفال نازحون يتجمعون حول سيارة لنقل المياه بإحدى القواعد التابعة للأمم المتحدة في عاصمة جنوب السودان أول من أمس (أ.ب)
أطفال نازحون يتجمعون حول سيارة لنقل المياه بإحدى القواعد التابعة للأمم المتحدة في عاصمة جنوب السودان أول من أمس (أ.ب)

دعا الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني دول شرق أفريقيا لإلحاق هزيمة بنائب رئيس جنوب السودان المعزول رياك مشار، حال رفضه لعرض وقف إطلاق النار الذي اقترحه زعماء إيقاد (دول شرق أفريقيا) الجمعة قبل الماضية وقبلته جوبا، فيما اشترط مشار إطلاق سراح معتقلين سياسيين موالين له من قادة الحركة الشعبية.
وقال موسيفيني للصحافيين بجوبا أمس، عقب زيارته لعاصمة جنوب السودان إنهم منحوا مشار أربعة أيام للرد على طلبهم منه وقف إطلاق النار، مشيرا إلى أنهم - يقصد بها دول إيقاد - سيلاحقونه حتى يهزموه، وأضاف: «هذا ما اتفقنا عليه في نيروبي»، فيما يجري تناقل تقارير عن دخول قوات أوغندية لأراضي جنوب السودان.
ووصل موسيفيني ووزير الخارجية الإثيوبي تيدرس أدناهوم لعاصمة جنوب السودان جوبا أمس، في زيارة لم تكن معلنة من قبل، والتقيا الرئيس سلفا كير ضمن جهود وساطة دول الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا «إيقاد»، لوقف الحرب في جنوب السودان وتنفيذ ما اتفق عليه في اجتماع نيروبي الجمعة قبل الماضية، والذي قضى بإمهال الطرفين حتى اليوم، لوقف العدائيات والدخول فورا في مفاوضات مباشرة.
بينما قال أدناهوم للصحافيين لحظة وصوله: «علي قادة جنوب السودان الاقتناع بأن الحوار السياسي هو السبيل الوحيد للخروج من الأزمة الراهنة».
ولم تحدد «إيقاد» مكان التفاوض، أو الإجراءات التي ستتخذها حال انقضاء المهلة التي حددتها إذا لم يجلس الطرفان للتفاوض.
وحسب تقارير صحافية فإن القتال امتد في سبع ولايات من جملة ولايات جنوب السودان العشرة، فيما تشير تقارير أممية إلى ترد كبير في الأوضاع الإنسانية في كل أنحاء البلاد كافة. وتقدر أعداد ضحايا القتال الذي اندلع منتصف الشهر الحالي، بقرابة الألفي قتيل، فيما تقول منظمات إن أعداد النازحين تقارب 180 ألفا في مختلف أنحاء البلاد.
من جهتها، جددت حكومة جنوب السودان التأكيد أن قوات موالية لمشار ما زالت تتقدم باتجاه مدينة «بور» بولاية جونقلي، وقالت إن كتيبة متقدمة من تلك القوات اشتبكت مع الجيش الحكومي قرب مدينة بور، واستولت عليها.
وقال المتحدث باسم الجيش الشعبي (جيش جنوب السودان) العقيد فيلب أقوير لـ«الشرق الأوسط»، هاتفيا من جوبا، إن القوات الموالية لمشار، تتقدم حثيثا نحو المدينة، وإن وحدة متقدمة منهم اشتبكت مع قواته في «مانتيام» التي تبعد 25 كيلومترا عن بور.
وأضاف أقوير إن قوات الجيش الشعبي المتمركزة في دفاعاتها تتوقع الاشتباك مع تلك القوات في أية لحظة، وأن قواته لا تملك معلومات دقيقة عن تلك القوات، من حيث أعدادها وتسليحها.
وأكد أقوير هدوء الأوضاع في «ملكال» عاصمة ولاية أعالي النيل، بعد أن أحكمت القوات الحكومية السيطرة عليها، على الرغم من مزاعم السيطرة على المدينة النفطية الاستراتيجية من قبل الطرفين.
وذكر الناطق باسم القوات الموالية لمشار في وقت سابق أن المدينة تحت سيطرتهم الكاملة، فيما قال وزير الدفاع بحكومة جنوب السودان كوال مينانق إن المدينة تحت سيطرة قواته، وأن المتمردين انسحبوا منها، وأن تصريحاتهم مجرد تضليل إعلامي، وأن القوات المتمردة لا تزال تسيطر على مدينة «بانتيو» عاصمة ولاية الوحدة النفطية.
ووصف العقيد أقوير في حديثه لـ«الشرق الأوسط» الأوضاع في بلاده بـ«غير المستقرة»، مما أدى لتعذر الحصول على إحصائيات دقيقة عن أعداد القتلى والجرحى والنازحين، ما خلا الذين احتموا بمعسكرات بعثة الأمم المتحدة.
ونسبت تقارير إلى موسى رواي، المتحدث باسم المتمردين، أن شباب النوير المسلحين «قوة نظمت بشكل مستقل» وأنها لا تخضع لسيطرة مشار، فيما ذكرت الأمم المتحدة أن تدخل «الجيش الأبيض» يزيد من الاضطرابات في البلاد.
وأكد وزير الإعلام المتحدث باسم حكومة الجنوب مايكل مكوي لـ«الشرق الأوسط» أمس استيلاء القوات الموالية لمشار على منطقة عسكرية قرب بور ليلة الأحد، وأن وجهتهم الثانية غير معروفة.
وأضاف مكوي أن الأوضاع ما زالت متوترة، ولا توجد آفاق لحلول سياسية تفاوضية لوقف العمليات العسكرية بسبب رفض نائب الرئيس المعزول رياك مشار لوقف إطلاق النار، وقال: «نحن منتظرون». وكانت منظمة «إيقاد» قد أمهلت مشار أربعة أيام تنتهي اليوم، لوقف العدائيات والدخول في تفاوض لإنهاء الأزمة.
ورفض مكوي قبول طلب الإفراج عن القادة المعتقلين في جوبا، وعلى رأسهم الأمين العام للحركة الشعبية باقان أموم، الذين يشترط مشار الإفراج عنهم أولا لوقف العدائيات، لا سيما أنه سمى أموم رئيسا لوفده التفاوضي مع الرئيس سلفا كير في أديس أبابا.
وفي دارفور السودانية المضطربة، لقي رجلان من قوات بعثة حفظ السلام الدولية «يوناميد» مصرعهما في هجوم نفذته مجموعة مجهولة على دورية قرب منطقة «قريضة» بولاية جنوب دارفور.
وأوردت البعثة في بيان لها أن دورية تابعة لها تعرضت لهجوم راح ضحيته مستشاري شرطة، أحدهما أردني والثاني سنغالي، وأن سلطات الأمن المحلية ألقت القبض على اثنين من «القتلة»، حسب عبارة البيان. ودانت البعثة ما أسمته الجريمة، ودعت حكومة السودان لتقديم منفذي الهجوم والهجمات السابقة إلى العدالة، مبدية استعدادها للتعاون مع حكومة السودان في التحقيق.



إردوغان يعرض وساطة لحل الخلاف بين السودان والإمارات

من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
TT

إردوغان يعرض وساطة لحل الخلاف بين السودان والإمارات

من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)

عرض الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وساطة بلاده لحل الخلاف بين السودان ودولة الإمارات العربية المتحدة على غرار ما قامت به لتسوية الأزمة بين الصومال وإثيوبيا حول اتفاق الأخيرة مع إقليم أرض الصومال على استخدام ساحلها على البحر الأحمر.

وقال إردوغان، في اتصال هاتفي، الجمعة، مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، إن «بإمكان تركيا التوسط لحل الخلاف بين السودان ودولة الإمارات العربية المتحدة». وبحسب بيان للرئاسة التركية، تناول إردوغان مع البرهان، خلال الاتصال الهاتفي، العلاقات بين تركيا والسودان، وقضايا إقليمية وعالمية، وأكد أن تحقيق السلام والاستقرار في السودان والحفاظ على وحدة أراضيه وسيادته ومنع تحوله إلى ساحة للتدخلات الخارجية، من المبادئ الأساسية لتركيا.

ولفت إردوغان، بحسب البيان، إلى أن تركيا توسطت لحل الخلاف بين الصومال وإثيوبيا، وأن الاتفاق بين البلدين سيساهم في السلام بالمنطقة.

اتهامات متبادلة

ودأب قادة الجيش السوداني على اتهام دولة الإمارات العربية المتحدة، بدعم قوات «الدعم السريع» وتزويدها بالأسلحة والمعدات. وتقدم مندوب السودان في الأمم المتحدة الحارث إدريس الحارث، بشكوى رسمية ضدها، واتهمها بالتخطيط لإشعال الحرب ودعم «قوات الدعم السريع» بمساعدة من تشاد، طالباً إدانتها، بيد أن أبوظبي فندت تلك الاتهامات ووصفتها بأنها "ادعاءات لا أساس لها من الصحة، وتفتقر للأدلة الموثوقة.

وفي المقابل وجهت دولة الإمارات رسالة إلى مجلس الأمن في 21 أبريل (نيسان)، شددت خلالها على أن نشر المعلومات المضللة والروايات الزائفة، يرمي إلى التهرب من المسؤولية، وتقويض الجهود الدولية الرامية إلى معالجة الأزمة الإنسانية في السودان بعد عام من الصراع بين الجيش و«قوات الدعم السريع». وأكدت أنها «ستظل ملتزمة بدعم الحل السلمي للصراع في السودان، ودعم أي عملية تهدف إلى وضع السودان على المسار السياسي للتوصل إلى تسوية دائمة، وتحقيق توافق وطني لتشكيل حكومة بقيادة مدنية».

الشيخ محمد بن زايد وعبد الفتاح البرهان في أبو ظبي 14 فبراير (أ.ف.ب)

وفي يوليو (تموز) الماضي، بحث رئيس الإمارات، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في اتصال هاتفي، مع رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، «سبل دعم السودان للخروج من الأزمة التي يمر بها»، وأكد حرص دولة الإمارات على دعم جميع الحلول والمبادرات الرامية إلى وقف التصعيد وإنهاء الأزمة في السودان.

تعهدات تركية للبرهان

ووفقاً لنشرة صحافية صادرة عن مجلس السيادة السوداني، فإن الرئيس إردوغان تعهد للبرهان باستمرار تدفق المساعدات الإنسانية التركية للسودان، وباستئناف عمل الخطوط الجوية التركية قريباً، وباستعداد بلاده لتعزيز العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، والتعاون في الزراعة والتعدين.

وذكر السيادي أن البرهان أشاد بمواقف تركيا «الداعمة للسودان»، وجهودها من أجل السلام والاستقرار في المنطقة والإقليم، ودورها في معالجة الكثير من القضايا الإقليمية والدولية، ودورها في الملف السوري، مبدياً ترحيبه بأي دور تركي لوقف الحرب «التي تسببت فيها ميليشيا الدعم السريع المتمردة». ودعا البرهان لتعزيز الاستثمارات التركية في مختلف المجالات، مؤكداً ثقته في مواقف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وحكومته الداعمة للشعب السوداني وخياراته.

ويرى مراقبون أن الاتصال الهاتفي بين إردوغان والبرهان في هذا التوقيت يأتي في ظل متغيرات وترتيبات جديدة في المنطقة تشمل السودان، بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا.

ومنذ منتصف أبريل (نيسان) 2023، يخوض الجيش السوداني البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، حرباً خلفت أكثر من 20 ألف قتيل، وما يزيد على 14 مليون نازح ولاجئ، وفق تقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية.

حضور تركي في القرن الأفريقي

وقطعت تركيا، الأربعاء الماضي، خطوة كبيرة على طريق حل النزاع بين الصومال وإثيوبيا، بعد جولات من المباحثات بين الطرفين في إطار ما عرف بـ«عملية أنقرة»، يراها مراقبون ترسيخاً للحضور التركي القوي في منطقة القرن الأفريقي.

إردوغان يتوسط الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي خلال مؤتمر صحافي في أنقرة مساء الأربعاء الماضي (الرئاسة التركية)

وأعلن الرئيس الصومالي، حسن شيخ محمود، ورئيس الوزراء الصومالي، آبي أحمد، في مؤتمر صحافي مع إردوغان مساء الأربعاء، أعقب 8 ساعات من المفاوضات الماراثونية سبقتها جولتان من المفاوضات في أنقرة في الأشهر الماضية، أنهما قررا بدء المفاوضات الفنية بحسن نية بحلول نهاية فبراير (شباط) 2025 على أبعد تقدير، والتوصل إلى نتيجة منها والتوقيع على اتفاق في غضون 4 أشهر، بحسب ما ورد في «إعلان أنقرة». وقبل الطرفان العمل معاً على حل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي تسببت في زيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وقال إردوغان إن البلدين الجارين توصلا، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة، إلى اتفاق «تاريخي» ينهي التوترات بينهما.

وبحسب نص إعلان أنقرة، الذي نشرته تركيا، اتفق البلدان على «التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك، والعمل باتجاه إقرار إبرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولاً إلى البحر «موثوقاً به وآمناً ومستداماً تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفيدرالية».

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر، قائلاً: «أعتقد أنه من خلال الاجتماع الذي عقدناه سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر لإثيوبيا».

إردوغان مع الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي عقب توقيع إعلان أنقرة (الرئاسة التركية)

وتدخلت تركيا في النزاع بطلب من إثيوبيا، التي وقعت في الأول من يناير (كانون الثاني) الماضي اتفاقية مع منطقة «أرض الصومال»، التي أعلنت انفصالها عن الصومال عام 1991، لكن لم تحظ باعتراف المجتمع الدولي، وتشمل النقل البحري واستخدام ميناء بربرة على البحر الأحمر، واستغلال 20 كيلومتراً من ساحل أرض الصومال لمدة 50 عاماً مقابل الاعتراف باستقلالها عن الصومال، مع منحها حصة من شركة الخطوط الجوية الإثيوبية.

ترحيب دولي

ورحب وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، خلال لقائه إردوغان في أنقرة، ليل الخميس – الجمعة، بنجاح تركيا في التوصل إلى اتفاق بين الصومال وإثيوبيا. كما رحب الاتحاد الأوروبي بالاتفاق، وأشاد بدور الوساطة الذي لعبته تركيا بهذا الخصوص.

وترتبط تركيا بعلاقات قوية بإثيوبيا، كما أصبحت حليفاً وثيقاً للحكومة الصومالية في السنوات القليلة الماضية. وافتتحت عام 2017 أكبر قاعدة عسكرية لها في الخارج في مقديشو، وتقدم تدريباً للجيش والشرطة الصوماليين.

وبدأت في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أنشطة المسح الزلزالي للنفط والغاز الطبيعي في 3 مناطق مرخصة في الصومال تمثل كل منها مساحة 5 آلاف كيلومتر مربع، بموجب مذكرة تفاهم وقعت بين البلدين في مارس (آذار) الماضي، لتطوير التعاون في مجال النفط والغاز الطبيعي.

وجاء توقيع المذكرة بعد شهر واحد من توقيع اتفاقية إطارية للتعاون الدفاعي والاقتصادي، تقدم تركيا بمقتضاها دعماً أمنياً بحرياً للصومال، لمساعدته في الدفاع عن مياهه الإقليمية لمدة 10 سنوات.