العاهل المغربي يتفقد مشروعات برنامج «الرباط مدينة الأنوار»

يهدف إلى تأهيل معالم القلب التاريخي للعاصمة

العاهل المغربي لدى تفقده المدينة العتيقة في الرباط مساء أول من أمس (ماب)
العاهل المغربي لدى تفقده المدينة العتيقة في الرباط مساء أول من أمس (ماب)
TT

العاهل المغربي يتفقد مشروعات برنامج «الرباط مدينة الأنوار»

العاهل المغربي لدى تفقده المدينة العتيقة في الرباط مساء أول من أمس (ماب)
العاهل المغربي لدى تفقده المدينة العتيقة في الرباط مساء أول من أمس (ماب)

قام العاهل المغربي الملك محمد السادس، أول من أمس، بزيارة تفقدية للمدينة العتيقة للرباط للاطلاع على سير تنفيذ المشروعات المدرجة ضمن برنامج «الرباط مدينة الأنوار، عاصمة المغرب الثقافية»، الذي يهدف إلى تأهيل معالم المدينة العتيقة لعاصمة المغرب والمصنفة سنة 2012 تراثاً عالمياً للإنسانية من طرف منظمة «يونيسكو»، بموازنة تناهز 950 مليون درهم (100 مليون دولار).
في إطار ذلك، زار الملك محمد السادس زنقة باب شالة، المؤدية إلى مدارس محمد الخامس، والمسجد الأعظم، وزنقة «سوق الصباط»، وباب البحر، وهي المواقع التي خضعت لأشغال ترميم وتثمين في إطار برنامج تأهيل المدينة العتيقة للرباط.
كما زار العاهل المغربي ورشات تأهيل ساحة الملح وزنقة الصباغين، التي تعرف أشغالها نسبة إنجاز متقدمة جداً (75 في المائة). وتجدر الإشارة إلى أنه جرى استكمال عمليات عدة كان مقرراً إنجازها في إطار برنامج تأهيل المدينة العتيقة للرباط، الذي تطلب استثمارات بقيمة 625 مليون درهم (66 مليون دولار)، منها على الخصوص تأهيل زنقة لكزا، وترميم سور قصبة الأوداية، وتأهيل شارع المرسى، وتهيئة الملاعب الرياضية للقرب على مستوى باب شالة (داخل أسوار المدينة العتيقة)، وبناء رواق تجاري، وتدعيم الواجهة المطلة على النهر من حي الملاح، إضافة إلى تجميل وتثمين الواجهة النهرية للمدينة العتيقة للرباط، الذي يأتي انسجاماً مع المشروع الكبير لتهيئة وادي أبي رقراق.
وفي إطار البرنامج نفسه، لا تزال مشروعات أخرى عدة في طور الإنجاز، من بينها تهيئة الساحات العمومية، وترميم السور الممتد من باب لعلو إلى باب الأحد، وتدعيم المباني المهددة بالسقوط، وترميم «الفنادق»، وبناء فضاء الصانع.
وكان هذا البرنامج قد تعزز في مايو (أيار) الماضي ببرنامج تكميلي لتثمين المدينة العتيقة للرباط، باستثمارات تناهز 325 مليون درهم (34 مليون دولار)، الذي يروم تحسين الوصول إلى المدينة العتيقة وتعزيز جاذبيتها، ولا سيما من خلال بناء موقفين أرضيين للسيارات بالقرب من «باب الأحد» و«باب شالة»، بطاقة استيعابية إجمالية تصل إلى 1090 مركناً، وتهيئة الساحات الموجودة حول السوق المركزية و«باب الأحد». إضافة إلى تأهيل المركب الرياضي «تامجاجت»، وتأهيل محيط سور المدينة وتزويده بالإنارة، وكذا استكمال ترصيف الأزقة والأزقة الضيقة، وعنونة الأزقة والأزقة الضيقة والساحات الصغيرة، إضافة إلى وضع لوحات إخبارية.
تجدر الإشارة إلى أن مشروعات بناء موقف السيارات أرضي لـ«باب الأحد» واستكمال ترصيف أزقة المدينة العتيقة وأزقتها الضيقة، توجد قيد الإنجاز، في حين توجد باقي مشروعات هذا الشطر التكميلي في طور الدراسة.
ويندرج برنامج تأهيل المدينة العتيقة للرباط في إطار مخطط وطني شامل للنهوض بالمدن العتيقة والتاريخية للمغرب وتثمينها، وبخاصة الدار البيضاء، ومراكش، وفاس، ومكناس، والصويرة، وسلا، وتطوان التي أشرف العاهل المغربي على إطلاق برامج مماثلة خاصة بها.
وخلال زيارته التفقدية المدينة العتيقة للرباط أشرف العاهل المغربي على التسليم الرمزي لمفاتيح عربات التاكسي ثلاثية العجلات للمستفيدين من هذه العملية التي تندرج في إطار مشروع النقل السياحي والإيكولوجي لمدينة الرباط تحت إشراف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. ويشكل إطلاق هذا المشروع الجديد فرصة لتشغيل الشباب، وذلك بعد تكوينهم في مجالات السياحة والتواصل وتسيير الأعمال واللغات الأجنبية. إضافة إلى تعزيز العرض السياحي للرباط من خلال توفير جولات سياحية داخل المدينة العتيقة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».