هيل لم يوجه دعوة إلى لبنان لحضور قمة وارسو «تقديراً لخصوصيته»

واشنطن تعتبر وجود الحريري على رأس الحكومة ضرورة للإدارة الأميركية والمجتمع الدولي

ديفيد هيل خلال زيارته لبيروت (إ.ب.أ)
ديفيد هيل خلال زيارته لبيروت (إ.ب.أ)
TT

هيل لم يوجه دعوة إلى لبنان لحضور قمة وارسو «تقديراً لخصوصيته»

ديفيد هيل خلال زيارته لبيروت (إ.ب.أ)
ديفيد هيل خلال زيارته لبيروت (إ.ب.أ)

أتاحت المحادثات التي أجراها وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية السفير ديفيد هيل، مع أركان الدولة اللبنانية وعدد من الشخصيات السياسية الفاعلة في الشأن العام، الفرصة لاستقراء العناوين السياسية الرئيسة للتوجّه الأميركي حيال الأزمة التي يتخبّط فيها لبنان وارتباطها المباشر مع التأزم الذي تمر فيه المنطقة، تحديداً في دول الجوار، خصوصاً أن زيارته لبيروت جاءت تعويضاً عن عدم شمولها بالجولة التي قام بها وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو على عدد من الدول العربية.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر لبنانية رسمية رفيعة مواكبة عن كثب للعناوين التي تناولت محادثات هيل في بيروت، أن الأخير لم يتطرّق في معظم لقاءاته بأركان الدولة إلى موقف لبنان من الدعوة الأميركية لعقد مؤتمر دولي وغربي في وارسو عاصمة بولندا في فبراير (شباط) المقبل بغية تأمين أكبر حشد دولي وعربي وإقليمي لمواجهة الأنشطة الإيرانية لزعزعة الاستقرار في المنطقة.
وكشفت المصادر نفسها أن هيل تطرّق إلى مؤتمر وارسو في معظم لقاءاته غير الرسمية، ولم يتناولها في محادثاته مع أركان الدولة، وهذا ما أكدته أوساط سياسية مقرّبة من رؤساء الجمهورية ميشال عون والمجلس النيابي نبيه بري وحكومة تصريف الأعمال سعد الحريري.
واعتبرت هذه الأوساط هذه أن هيل يدرك جيداً دقة الوضع الداخلي في لبنان، وعدم قدرته على أن يتحمل ما سيصدر عن مؤتمر وارسو، وهذا ما دفعه إلى عدم استحضاره كبند أساسي في محادثاته في بيروت.
وكشفت المصادر المواكبة أيضاً أن هيل تناول ما آلت إليه الاتصالات لتشكيل الحكومة الجديدة في لبنان، والأسباب التي حالت دون ولادتها، وقالت إنه شدد على ضرورة قيام حكومة متوازنة تحظى بدعم المجتمع الدولي، ولا تقحم لبنان في صدام معه. ولفتت إلى أن هيل لم يتحدث عن وجود فيتو أميركي على إسناد وزارة الصحة العامة إلى وزير ينتمي إلى «حزب الله» في حال أدت المشاورات إلى تشكيل الحكومة لاحقاً، لكنه أشار إلى أن واشنطن ومعها الدول الأوروبية لن تكون مرتاحة لمثل هذه الخطوة على خلفية أن هناك عقوبات مفروضة على «حزب الله»، وأن وزارة الصحة ستكون مضطرة للتعاون مع المؤسسات الدولية المعنية بالشأن الصحي، وبالتالي قد تتردد بالتعاون مع وزارة يشغلها وزير من «حزب الله»، وإن كان القرار يعود للبنان.
وأكدت المصادر المواكبة أن هيل تحدث عن نبرة عالية في معرض تأكيد دعم بلاده للبنان لمساعدته على النهوض بوضعه الاقتصادي، ليكون في وسعه التغلب على أزماته في هذا الخصوص. وقالت إنه مع تفعيل الحكومة الحالية في حال أن توفير البديلة سيصطدم بعقبات من شأنها أن تدخل لبنان في أزمة تأليف مديدة.
ورأت المصادر أن حرص هيل على تفعيل حكومة تصريف الأعمال، ومن خلال البيان المكتوب الذي تلاه بعد اجتماعه بالرئيس الحريري، ينم عن موقف أميركي داعم للأخير الذي تتعامل معه واشنطن على أن وجوده على رأس حكومة جديدة أكثر من ضرورة، ليس للإدارة الأميركية فحسب، وإنما للمجتمع الدولي بأسره.
ورداً على سؤال، قالت المصادر المواكبة إن هيل توقف مطولاً أمام الوضع في الجنوب في ضوء التطورات الأخيرة، وأبرزها مواصلة إسرائيل تشييد الجدار العازل، ولاحظت أنه لم يحمل تهديداً للبنان بمقدار ما أنه ركّز على ضرورة التعاون بين الجيش اللبناني والقوات الدولية «يونيفيل» في جنوب الليطاني لتطبيق القرار الدولي رقم 1701.
لكن الجانب اللبناني أثار مع هيل - كما تقول المصادر - أن إسرائيل تجاوزت الخط الأزرق مع استمرار إقامتها الجدار العازل، خصوصاً في 13 نقطة يتحفظ عليها لبنان باعتبارها تقع في المنطقة المتنازع عليها، وأن هذه القضية ما زالت مطروحة من الجانب اللبناني في محادثات الناقورة التي ترعاها القوات الدولية، ويشارك فيها لبنان إلى جانب إسرائيل.
ورد هيل - بحسب المصادر - بقوله إن «حزب الله» يواصل خرقه للقرار 1701، وسأل كيف يحق لميليشيا أن تشق أنفاقاً من داخل الأراضي اللبنانية إلى إسرائيل؟ وهنا قيل لهيل إن إسرائيل تواصل خرقها للبنان جواً وبحراً وبراً، وإن لبنان ضد الخروقات من أي جهة أتت. كما تطرّق هيل إلى مبادرة بعض الدول العربية إلى إعادة فتح سفاراتها في سوريا، ورأى أنه من الأفضل للدول العربية التي كانت أغلقت سفاراتها في دمشق أن تتريث، لأنه لا مصلحة لها قبل إنضاج الظروف التي تؤدي للوصول إلى حل سياسي.
وتناول هيل مسألة الرغبة الأميركية في الانسحاب من سوريا، ونقلت عنه المصادر المواكبة أن قرار سحب نحو 2300 جندي وضابط أميركي يوجدون حالياً في مناطق معينة داخل الأراضي السورية قد اتخذ منذ فترة، وأن انسحاب هذه القوات لا يعني أن واشنطن قررت أن تدير ظهرها لما يجري فيها.
وأضاف هيل - حسب المصادر ذاتها - أن الانسحاب سيبدأ تدريجياً، وأن واشنطن حريصة على دعم حلفائها «وبالتالي لا أرى من مبرر لأي توتر من قبل حلفائنا لأنه ممنوع على الجيش السوري الدخول أو التمركز في المناطق التي سنخليها، لأن مجرد دخوله يعني من وجهة نظرنا أنه يتجاوز الخطوط الحمر المرسومة له، وهذا ما سيعرضه إلى الرد من قبلنا بالتعاون مع حلفائنا».
واعتبر هيل أن المنطقة المعروفة بشمال سوريا، التي توجد فيها القوات الأميركية ستكون خاضعة لحلفائها، وهي تعمل حالياً بالتفاهم معهم لترتيب الوضع فيها، وقال إن واشنطن تعزّز حالياً وجودها العسكري داخل العراق، وإن قواتها تمكنت من دحر المجموعات الإرهابية، على رأسها تلك التابعة لـ«داعش»، وبمجرد أن تتوفر لديها معلومات أمنية واستخباراتية عن أن تلك المجموعات ستقوم بتحريك خلاياها النائمة ستبادر القوات الأميركية إلى ضربها فوراً.
وكرّر هيل - كما تقول المصادر - أن هناك صعوبة أمام الجيش السوري للدخول إلى المناطق الواقعة في شرق سوريا، بذريعة أنه يفتقد إلى الإمكانات اللوجستية والبشرية التي تسمح له بالتمدُّد إلى هذه المناطق، وأنه «في حال قرر اللجوء إلى استخدام أسلحة ثقيلة سيضطرنا إلى الرد، وهذه المسألة هي من النقاط التي تُبحث حالياً بين واشنطن وموسكو، لأن النظام في سوريا في حاجة ماسة إلى الأخيرة لتوسيع رقعة انتشاره».
لذلك شدّد هيل في محادثاته مع معظم القيادات اللبنانية التي التقاها في زيارته لبيروت على تفعيل وتشديد العقوبات المفروضة على إيران و«حزب الله»، لكنه في المقابل يقدّر حساسية الوضع الداخلي في لبنان، ولا يطلب منه القيام بما لا يستطيع، وبالتالي فإن المواجهة الأميركية - الإيرانية يُنتظر أن تشهد تصعيداً من قبل واشنطن ضد طهران، وأن ساحته ستشمل دول الجوار المحيطة بلبنان، باعتبار أن مجرد التوصّل إلى تجفيف أنشطة النفوذ الإيراني في المنطقة سيضعف «محور الممانعة» على الساحة اللبنانية، حتى في ظل غياب بيروت عن لقاء وارسو، الذي لم توجه دعوة للبنان للمشاركة فيه، منعاً لإحراجه وتقديراً لخصوصيته.



تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
TT

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

نددت الحكومة اليمنية بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين المدنيين في أحد السجون الواقعة شرق مدينة تعز، واتهمت الجماعة بالتورط في قتل 350 معتقلاً تحت التعذيب خلال السنوات الماضية.

التصريحات اليمنية التي جاءت على لسان وزير الإعلام، معمر الإرياني، كانت بعد أيام من فرض الولايات المتحدة عقوبات على قيادي حوثي يدير المؤسسة الخاصة بملف الأسرى في مناطق سيطرة الجماعة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

ووصف الإرياني إقدام الحوثيين على تصفية المواطن أحمد طاهر أحمد جميل الشرعبي، في أحد معتقلاتهم السرية في منطقة الحوبان شرق تعز، بأنها «جريمة بشعة» تُضاف إلى سجل الجماعة الحافل بالانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، وتعكس طبيعتها الوحشية وعدم التزامها بأي قانون أو معايير إنسانية، وفق تعبيره.

وأوضح الوزير اليمني في تصريح رسمي أن الحوثيين اختطفوا الضحية أحمد الشرعبي، واحتجزوه قسرياً في ظروف غير إنسانية، قبل أن يطلبوا من أسرته، في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، الحضور لاستلام جثته بعد وفاته تحت التعذيب.

وقال إن هذا العمل الوحشي من قِبَل الحوثيين يظهر اللامبالاة بأرواح اليمنيين، ويعيد التذكير باستمرار مأساة الآلاف من المحتجزين والمخفيين قسراً في معتقلات الجماعة بما في ذلك النساء والأطفال.

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى تقارير حكومية وثقت أكثر من 350 حالة قتل تحت التعذيب في سجون الحوثيين من بين 1635 حالة تعذيب، كما وثقت المنظمات الحقوقية -بحسب الوزير- تعرض 32 مختطفاً للتصفية الجسدية، بينما لقي آخرون حتفهم نتيجة الانتحار هرباً من قسوة التعذيب، و31 حالة وفاة بسبب الإهمال الطبي، وقال إن هذه الإحصاءات تعكس العنف الممنهج الذي تمارسه الميليشيا بحق المعتقلين وحجم المعاناة التي يعيشونها.

ترهيب المجتمع

اتهم الإرياني الحوثيين باستخدام المعتقلات أداة لترهيب المجتمع المدني وإسكات الأصوات المناهضة لهم، حيث يتم تعذيب المعتقلين بشكل جماعي وتعريضهم لأساليب قاسية تهدف إلى تدمير إرادتهم، ونشر حالة من الخوف والذعر بين المدنيين.

وطالب وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بمغادرة ما وصفه بـ«مربع الصمت المخزي»، وإدانة الجرائم الوحشية الحوثية التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والإنساني.

الحوثيون يتعمدون ترهيب المجتمع بالاعتقالات والتعذيب في السجون (رويترز)

ودعا الوزير إلى «ممارسة ضغط حقيقي على ميليشيا الحوثي» لإطلاق صراح كل المحتجزين والمخفيين قسرياً دون قيد أو شرط، وفرض عقوبات صارمة على قيادات الجماعة وتصنيفها «منظمة إرهابية عالمية».

وكانت الولايات المتحدة فرضت قبل أيام عقوبات على ما تسمى «لجنة شؤون الأسرى» التابعة للحوثيين، ورئيسها القيادي عبد القادر حسن يحيى المرتضى، بسبب الارتباط بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في اليمن.

وتقول الحكومة اليمنية إن هذه المؤسسة الحوثية من أكبر منتهكي حقوق الإنسان وخصوصاً رئيسها المرتضى الذي مارس خلال السنوات الماضية جرائم الإخفاء القسري بحق آلاف من المدنيين المحميين بموجب القوانين المحلية والقانون الدولي الإنساني.