طهران تهاجم مواقف هيل... وباسيل يبحث مع لافروف عودة النازحين

لبنان يدخل منطقة التجاذب الأميركي ـ الإيراني

من لقاء الرئيس سعد الحريري والسفير الإيراني أمس (دالاتي ونهرا)
من لقاء الرئيس سعد الحريري والسفير الإيراني أمس (دالاتي ونهرا)
TT

طهران تهاجم مواقف هيل... وباسيل يبحث مع لافروف عودة النازحين

من لقاء الرئيس سعد الحريري والسفير الإيراني أمس (دالاتي ونهرا)
من لقاء الرئيس سعد الحريري والسفير الإيراني أمس (دالاتي ونهرا)

اتخذت إيران أمس منحى تصعيدياً رداً على مواقف وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية ديفيد هيل في بيروت الذي تجنب التطرق إلى ملف مشاركة لبنان في قمة وارسو الشهر المقبل خلال لقاءاته مع الرؤساء اللبنانيين، منعاً لإحراج بيروت التي دخلت منطقة التجاذب الأميركي - الإيراني.
وردت السفارة الإيرانية في بيروت على هيل في بيان وصفت فيه زيارته بـ«الاستفزازية والتحريضية»، عادّة أنها «تندرج في إطار التدخل السافر في شؤون الغير وإملاء القرارات»، كما قالت. وإذ هاجمت السفارة تصريحات هيل وسياسة الولايات المتحدة، قالت إن «لبنان، كما نراه، أصبح اليوم بفضل قيادته الحكيمة وحكومته وشعبه وجيشه ومقاومته المسؤولة، رقما صعبا في المعادلات الإقليمية بحيث أصبح حصينا وعصيا على إملاءات الآخرين وأعدائه، فلا يسمح لأي طرف بأن يملي عليه القرارات الخاطئة».
وقالت إنها «في إطار العلاقات الثنائية مع الحكومة اللبنانية والتواصل معها والتعاون المشروع مع كل الأحزاب والتيارات السياسية والاجتماعية، تواصل دورها البناء في المساعدة على تكريس الاستقرار والأمن في لبنان وازدهار هذا البلد الشقيق ورقيه، وتستمر في العمل في إطار العلاقات الثنائية والإقليمية لترجمة هذا الواقع». كما قالت إن طهران «لن تدخر جهدا لأي تعاون مع الحكومة اللبنانية والجيش اللبناني والمقاومة». وسبقت البيان التصعيدي ضد واشنطن زيارة قام بها السفير الإيراني في بيروت محمد جلال فيروزنيا أمس إلى الرئيس الحريري، وتناول اللقاء آخر المستجدات في لبنان والمنطقة وسبل تقوية العلاقات بين البلدين. وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن الزيارة «زيارة تعارف بروتوكولية للسفير الجديد» الذي عين سفيراً لإيران لدى لبنان في أغسطس (آب) الماضي، مشيرة إلى أنها «كانت مقررة قبل أن يتبلغ لبنان بزيارة هيل إلى بيروت، وغير مرتبطة بها ولا بالبيان السياسي الصادر عن السفارة، الذي هاجمت فيه واشنطن». وخلال اللقاء سلم الرئيس الحريري للسفير الإيراني مذكرة موجهة للرئيس الإيراني الدكتور حسن روحاني تطالبه بالإفراج عن السجين اللبناني نزار زكا. وبدا واضحاً أن الطرفين الأميركي والإيراني، ورغم تجاذبهما، لم يقحما لبنان في الخلافات وشددا على «الاستقرار» في البلاد.
وبدا لافتاً أمس دخول روسيا على الخط، حيث تلقى وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل اتصالا مطولا من نظيره الروسي سيرغي لافروف، تم البحث فيه في موضوع الأمن في لبنان وأهمية المحافظة على الاستقرار من دون ربطه بمشكلات المنطقة، خصوصا لجهة تأليف الحكومة. كما بحثا ملف الأزمة السورية، وضرورة السير بالحل السياسي، وأهمية إنشاء لجنة وضع الدستور، وعدم ربط عودة النازحين السوريين إلى سوريا بأي أمر آخر، خصوصا في ظل التقارير التي ترد عن محاولات ثني النازحين عن العودة، رغم توفر ظروف العودة لكثيرين منهم، كما تلقى باسيل وعداً من لافروف باستمرار دعم روسيا لتسهيل العودة مع جميع الجهات المعنية. كذلك تم البحث بإعادة إعمار سوريا والدور المهم الذي يمكن أن يقوم به لبنان.
ويقول الباحث السياسي والخبير في الملف الإيراني الدكتور طلال عتريسي، إن «لبنان أساسا يعد ضمن منطقة التجاذب»، لكنه يرى في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن واشنطن «غير قادرة على الطلب من لبنان أكثر من قدرته»، موضحاً أنها «تمارس ضغوطاً اقتصادية، لكنها غير قادرة على جذب لبنان أكثر باتجاه رؤيتها وموقفها بالنظر إلى أن لبنان لا قدرة له على الخروج من توازناته الهشة». وإذ يعرب عتريسي عن اعتقاده بأن دعوة لبنان إلى مؤتمر وارسو «مستبعدة»، يرى أن واشنطن «لن تترك (حزب الله) مرتاحاً، وتحاول ممارسة ضغوط إضافية ليبقى الوضع ضمن نطاق التجاذب والضغوط».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».