الشرطة الإسرائيلية تعتدي على إمام المسجد الأقصى

فلسطينيون في مواجهة عناصر الشرطة الإسرائيلية عند أبواب مسجد قبة الصخرة أمس (أ.ب)
فلسطينيون في مواجهة عناصر الشرطة الإسرائيلية عند أبواب مسجد قبة الصخرة أمس (أ.ب)
TT

الشرطة الإسرائيلية تعتدي على إمام المسجد الأقصى

فلسطينيون في مواجهة عناصر الشرطة الإسرائيلية عند أبواب مسجد قبة الصخرة أمس (أ.ب)
فلسطينيون في مواجهة عناصر الشرطة الإسرائيلية عند أبواب مسجد قبة الصخرة أمس (أ.ب)

شهدت باحات المسجد الأقصى المبارك توتراً شديداً، أمس الاثنين، في أعقاب استفزازات إسرائيلية من ضمنها الاعتداء الجسدي على الشيخ عمر الكسواني إمام المسجد، ومحاصرة قوات الاحتلال مسجد قبة الصخرة المشرفة، واقتحام وزير الزراعة الإسرائيلي أوري أرئيل، برفقة عشرات المستوطنين، الحرم الشريف. واستمر هذا التوتر حتى المساء عندما انسحبت قوات الاحتلال.
وكان التوتر بدأ منذ ساعات الصباح الأولى، عندما دخل الوزير أرئيل باحات الأقصى، على رأس وفد من 70 مستوطناً يهودياً تحرسهم قوة كبيرة من رجال الشرطة المدججين بالأسلحة. ثم حضر إلى مسجد قبة الصخرة ضابطان إسرائيليان للقيام بحملة تفتيش يومية. وكان أحدهما يعتمر القبعة الدينية اليهودية. فطالبه الحراس بخلع القبعة، لأنها تشكل رمزاً دينياً يهودياً وهذا محظور في العرف الإسلامي، لكن الضابط رفض وحاول الدخول بالقوة، فقرر الحراس إغلاق كل أبواب المسجد في وجهه.
وروى مسؤول قسم الإعلام في دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، فراس الدبس، أن «حراس المسجد الأقصى أغلقوا أبواب (مُصلى) قبة الصخرة، ضمن صلاحيتهم لمنع المساس بقدسية الحرم الشريف. فتدفق علينا عشرات ضباط وعناصر الشرطة وانتشروا عند البوابات الخارجية لقبة الصخرة وضربوا حصاراً عليه وعلى من فيه من حراس ومصلين مرابطين وموظفين تابعين لدائرة الأوقاف».
وعلى أثر ذلك، توافد مئات المصلين إلى المسجد الأقصى، وأقاموا صلاة الظهر ثم صلاة العصر في صحن مسجد قبة الصخرة فقط. وأفاد مصلون بأنهم توجهوا إلى صحن المسجد حيث ستقام صلاة واحدة في المكان، كما تعالت أصوات التكبيرات في المسجد الأقصى رفضاً لإغلاقه ومحاصرته. وحضر إلى المكان شيخ الأقصى، الشيخ عمر الكسواني، وعدد من الأئمة والشيوخ، طالبين فك الحصار والدخول إلى المسجد. فمنعهم الجنود بالقوة، وقام اثنان من عناصر الشرطة بالاعتداء على الكسواني وإيقاعه أرضاً. وقد ساد توتر شديد في المكان واشتبك بعض المصلين مع قوات الشرطة. وفي ساعة متقدمة بعد الظهر فكت قوات الشرطة حصارها وانسحبت من الحرم.
وقد ندد وزير الأوقاف والشؤون الدينية في الحكومة الفلسطينية، الشيخ يوسف ادعيبس، بهذا الانتهاك لحرمة المسجد الأقصى بمسجده القبلي وقبة الصخرة وساحاته ومرافقه، من شرطة الاحتلال الإسرائيلي. وقال إن «إجراءات الاحتلال ما هي إلا ضرب بعرض الحائط بمشاعر المسلمين واستهانة كبيرة بمقدساتهم وقيمهم الدينية»، مضيفاً أن هذه الممارسات غير الأخلاقية والتي تدفع بمزيد من التحريض الديني في داخل القدس وخارجها تأتي في سياق مدروس وممنهج وتعمل على ترسيخ فكرة هذا الاحتلال بتقسيم المسجد الأقصى زمنياً ومكانياً، أسوة بالمسجد الإبراهيمي في الخليل الذي يئن تحت وطأة انتهاكات المستوطنين اليومية والتي كان آخرها أول من أمس من خلال الاعتداء على حديقته». وأشار ادعيبس إلى أن «هناك هجمة واضحة على مقدسات الفلسطينيين مسلمين ومسيحيين من قبل المستوطنين، وبحماية سياسية وأمنية من قبل حكومة الاحتلال اليمينية المتطرفة، والتي تعمل بجهد واضح على الإساءة للأديان في فلسطين تحت مبررات وحجج واهية». وطالب ادعيبس مؤسسات المجتمع الدولي بضرورة لجم حكومة الاحتلال الإسرائيلي عن الاستمرار بهذه الانتهاكات والتعرض للرموز والمقدسات الإسلامية والمسيحية.
وأصدرت حكومة الوفاق الوطني الفلسطينية بياناً أدانت فيه «الاعتداء الوحشي على الشيخ عمر الكسواني إمام المسجد الأقصى ومحاصرة قوات الاحتلال مسجد قبة الصخرة المشرفة»، وقالت إنه «يقع في دائرة الجرائم التي ترتكبها حكومة الاحتلال الإسرائيلي بحق القدس والمقدسات». وأكد المتحدث باسمها، الكاتب يوسف المحمود، على مطلب حكومة فلسطين من الحكومات العربية والإسلامية وحكومات العالم بالانتصار لفلسطين وعاصمتها القدس العربية المحتلة، وذلك عبر التحرك الجدي في جميع المحافل الدولية، والعمل على وقف الاعتداءات الاحتلالية على المسجد الأقصى المبارك والمقدسات الإسلامية والمسيحية وعاصمتنا مدينة القدس ومحاسبة المعتدين.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.