ليفني تقترح استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين فوراً

وزراء في الحكومة الإسرائيلية يتهمون نتنياهو باستخدام ضرب سوريا لـ«أغراض انتخابية»

TT

ليفني تقترح استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين فوراً

توجهت وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة رئيسة حزب «الحركة»، تسيبي ليفني، بنداء إلى رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، تناشده فيه أن يستأنف المفاوضات مع السلطة الفلسطينية فوراً «حتى قبل أن يعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، عن خطته السلمية المعروفة بصفقة القرن». وقالت: إن سبب الجمود الحالي يعود إلى «انعدام الثقة»، معتبرة أن في الإمكان «إثبات النيات الطيبة وإعادة الثقة» بتخفيف الأعباء عن الفلسطينيين والإقدام على مشروعات اقتصادية ذات وزن».
وكانت ليفني تتكلم أمام مجموعة من قادة اللوبي الأميركي «ايباك»، الذي يزور تل أبيب، فقالت إنها من خلال علاقاتها ومعرفتها، تؤكد أن بالإمكان استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين فوراً، إذا توافرت النيات الطيبة والمقاصد الجيدة. وألمحت ليفني إلى ضرورة اتخاذ موقف حازم وضاغط في واشنطن لإقناع الحكومة الإسرائيلية بذلك، قائلة: «على الرئيس الأميركي أن يعرف أن أي خطوة يقوم بها في اتجاه حل الدولتين ستكون مباركة، حتى لو لم تعجب اليمين المتطرف في إسرائيل أو الولايات المتحدة. فحل الدولتين هو أكبر وأعلى مصلحة لإسرائيل ولمن يريد لها أن تبقى دولة يهودية وديمقراطية».
وأضافت ليفني: إن هناك إمكانية واقعية لاستئناف المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، بالحوار الإيجابي وبالخطوات الإسرائيلية المرافقة التي تغيّر الأجواء للأفضل، على الأقل في مجال تطوير وتحسين الاقتصاد الفلسطيني وتخفيف معاناة المواطنين الفلسطينيين في الضفة الغربية. وأضافت: «ليس من المعقول أن تبدو حكومة إسرائيل على هذا النحو من التناقض، حيث تقيم علاقات سيئة مع السلطة الفلسطينية التي تحارب الإرهاب وتؤكد التمسك بعملية السلام، وفي الوقت نفسه تتيح دخول الأموال إلى (حماس) التي تدعو إلى تدمير إسرائيل وتضمر تخليد الصراع».
وناشدت ليفني الرئيس الأميركي، ترمب، أن يأخذ بالاعتبار، وهو يعد خطة السلام، المصلحة الوطنية الحقيقية لإسرائيل و«هي إقامة السلام على أساس حل الدولتين. فهذا الحل لم ينته وقته، كما يحاولون تيئيسنا، بل ما زال حياً وحيوياً، ولم ينتج أحد أي حل أفضل منه. ويمكن بناؤه على أساس الفصل بين الشعبين تماماً وإنهاء الصراع وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين، لكن من دون العودة إلى تخوم إسرائيل وتوفير ضمانات أمنية».
ورأت ليفني، أن الشرق الأوسط لم يعد مقسماً ما بين يهود وعرب، بل مقسم ما بين المعتدلين والمتطرفين، وعلى إسرائيل أن تكون عنصراً بارزاً وقوياً ومؤثراً بين المعتدلين، وتسعى إلى انتصارهم على الإرهاب والعنف والرفض لعملية السلام. وأضافت: «إسرائيل أيضاً مقسمة قسمين، قسم يحلم بأن تكون هنا دولتان للشعبين، تعيشان متجاورتين بسلام، وهذا هو القسم الذي يريد لإسرائيل أن تكون دولة يهودية وديمقراطية ومسالمة، وبين قسم ذي حلم آخر يريد لنا تخليد الصراع عن طريق إجهاض حل الدولتين والذهاب بأرجلنا نحو حل الدولة الواحدة، أكان ذلك برغبتنا أو من دون إرادتنا».
في غضون ذلك، بعد يوم واحد من إعلان رئيس الوزراء، نتنياهو، أن قواته قصفت مئات المرات مواقع إيرانية في سوريا، خرج ضده عدد من وزراء «الكابنيت» (المجلس الأمني والسياسي المصغر في الحكومة)، بانتقادات شديدة. وأعرب بعض المنتقدين، ومنهم من ينتمي إلى حزب ليكود برئاسة نتنياهو، عن القلق من أن «يكون توقيت هذا الإعلان متزامناً مع فترة الانتخابات الإسرائيليّة ويستخدم لأغراض انتخابية».
وكان جميع الوزراء في حكومة نتنياهو قد فوجئوا من إعلانه، خلال جلسة الحكومة الإسرائيليّة الأسبوعية أول من أمس، ما يعتبر تغييراً في السياسة «الضبابية» التي اتبعتها على مدار سنوات. وقد وصف بعض الوزراء تصريحات نتنياهو بأنها «ثرثرة خطيرة وغير ضرورية».
وكانت أوساط سياسية قد أعربت عن اعتقادها بأن نتنياهو بادر إلى الاعتراف بقصف المواقع الإيرانية في سوريا لكي يسرق الأضواء من رئيس أركان الجيش، غادي آيزنكوت. فهو على ما يبدو كان على علم بقرار آيزنكوت الاعتراف بهذا القصف، في الأيام الأخيرة من ولايته. فقرر أن يسبقه إلى ذلك، حتى يحصد الإعجاب الجماهيري ويصبح محور النقاش في الموضوع.
وقال أحد الوزراء المنتقدين، في تصريح لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس: إن «هناك تبعات مقلقة لإقرار نتنياهو بمسؤوليتنا عن القصف. فالطرف الآخر أيضاً يستمع ويصغي ويحلل ويستنتج. فأولاً يمكن أن يُفهم الاعتراف في موسكو على أنه تصعيد غير ضروري أمام الروس. ويمكن للإيرانيين أن يشعروا بالاستفزاز الجارح، فيقدِموا على رد الاعتبار بتوجيه ضربة نحن لا نحتاج إليها، منهم مباشرة أو من أحد أذرعهم مثل (حزب الله) أو الميليشيات الأخرى أو حتى النظام السوري. وهذا تحدٍ جديد لإسرائيل قد يلحق بنا الضرر أيضاً في فترة الانتخابات».
ويعتقد هؤلاء الوزراء أن أسباب إعلان نتنياهو هي حزبيّة بحتة؛ «لأنه لم يخبرهم بأن السياسات تجاه تبني الغارات قد تغيّرت، وجاءت على الشكل التي رأوه أمام وسائل الإعلام».
يذكر أن نتنياهو، قال في مستهل جلسة الحكومة، الأحد: إن سلاح الجو الإسرائيلي نفّذ خلال اليومين الماضيين سلسلة غارات استهدفت 6 مخازن أسلحة إيرانية في مطار دمشق الدولي. ثم أضاف خلال كلمته في المراسيم التي أجرتها الحكومة لوداع آيزنكوت: «لقد نشط الجيش بقيادة آيزنكوت ضد التهديدات الأمنية التي تواجه إسرائيل، وقد حاربنا التموضع العسكري الإيراني في سوريا، وخلال ذلك قام الجيش باستهداف وقصف مئات الأهداف، حيث قصفت مستودعات ومصانع لتصنيع الأسلحة في سوريا ومنعنا تحويلها إلى (حزب الله) في لبنان». من جانبه، قال آيزنكوت، في مقابلات مع وسائل الإعلام الإسرائيلية والأجنبية: إن الجيش الإسرائيلي «قصف أهدافاً إلى حد معين حتى قبل عامين ونصف العام، حيث لاحظنا، لاحقاً، أن هناك تغييراً كبيراً في الاستراتيجية الإيرانية؛ إذ شرعوا بإرسال مقاتلين إلى سوريا، وأتبعوهم بمدنيين لتدريب وتعليم الميليشيات الشيعية». وقال إن جيشه شن هجمات على «آلاف الأهداف الإيرانية» في سوريا.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.