غاري مهيغان أحد حكام «ماستر شيف» في نسخته الأسترالية بضيافة الهند

زار غاري مهيغان، الطاهي الإنجليزي الأسترالي، الذي يعد واحدا من أبرز الحكام الثلاثة في برنامج «ماستر شيف أستراليا»، الهند، مؤخرا، لحضور مهرجان أسترالي في الهند. وتعود شهرة مهيغان العالمية إلى مشاركته في برنامج «تلفزيون الواقع» حكما لمدة عشرة أعوام. وفي الوقت الذي يتسم فيه الحكمان الآخران، الطاهي جورج كالومباريس، وناقد الطعام مات بيترسون، بغرابة الطباع، يجذب معجبي مهيغان إليه هدوؤه على طاولة الحكم على الأطباق.
كانت أول مرة يأتي فيها مهيغان إلى الهند عام 2012. ومنذ ذلك الحين تكررت زياراته إلى هذا البلد كثيرا، وقد عبّر عن حبه للطعام والشعب الهندي. يقول الطاهي البالغ من العمر 51 عاما، إن الطعام هو ما يجعله يعود إلى الهند، حيث يوضح قائلا: «تنوع الطعام هو ما يجذبني إلى زيارة الهند مرارا. من الصعب تسمية طبق واحد، فأنا أحب كل شيء من أطباق الكاري في الشمال حتى أطباق الجنوب. إنها أطباق مثيرة للحماس ولذيذة. لطالما مثّل الطعام جزءا من حياتي في المملكة المتحدة، لكن بعد هجرتي إلى أستراليا أدركت عدم وجود كثير من المطاعم الهندية هناك رغم أن بعض المطاعم المتميزة قد بدأت تفتح أبوابها حاليا». ويضيف قائلا: «هناك مطابخ مختلفة ومتنوعة في الهند من الشمال والجنوب والشرق والغرب، ولكل منها نكهاتها المميزة. لم أعرف هذا إلا بعد مجيئي إلى الهند لأن التركيز خارج الهند يكون بالأساس على مطبخ شمال الهند».
ويشير مهيغان إلى أن المطبخ الهندي يتسم بتعدد وثراء المكونات في كل طبق. ويوضح قائلا إن «الحب الكامن للنكهات والملمس المختلف لكل طبق هو ما يميز الطعام الهندي. ويشبه الأستراليون الهنود في ذلك الأمر، حيث تتسم أصناف طعامهم بالتنوع».
تجول الطاهي النجم في أنحاء الهند من دلهي حتى مومباي، وبنغالورو، وتشيناي، وحيدر آباد، وراجستان، مجربا كل شيء من أفضل المطاعم في تلك المدن حتى أكل الشوارع اللذيذ. تدرب غاري في فندق «كونوت» ذي الخمس نجوم في لندن، و«لي سوفليه»، الذي كان يتمتع بسمعة طيبة آنذاك قبل أن يفقدها، ثم انتقل إلى ملبورن حيث تولى إدارة مطاعم كبرى مثل «بورنام بيتشز كانتري هاوس»، و«براونز» «وهوتيل سوفياتيل» قبل أن يصبح صاحب مطعم «فينيكس»، وهو حاليا أحد أصحاب مطعم «بوتهاوس» في «موني بوندز»، إحدى ضواحي ملبورن.
كان هدوء واتزان مهيغان واضحا خلال زيارته الأخيرة إلى مومباي التي طها خلالها الطعام الأسترالي باستخدام مكونات أسترالية. كذلك دشّن مجموعة من أدوات الطهي التي تجمع بين الثقافة الهندية والأسترالية من حيث التصميم، والصنعة، والاستخدام. وأشار غاري إلى أن حسّ الدعابة، الذي يتمتع به الشعب الهندي، جعله يعشق البلاد، حيث قال: «أحب كثيرا حسّ الدعابة لدى الهنود، فهم قادرون على إضحاكك، وهذه من الأمور التي تجذبني إلى الهند في كل مرة. إذا زرت بلدا آخر فلن تجد شعبا يتمتع بهذا القدر الكبير من حسّ الدعابة، لكن في الهند وأستراليا يستطيع الناس التواصل مع غيرهم بفضل تلك الروح المرحة». وأضاف قائلا: «كان أول ما سألته لزوجتي ماندي حين زرت الهند معها هو هل لاحظت مدى لطف الجميع. سواء كنت من دلهي أو من مكان آخر يرى المرء أن الجميع يتسمون بطيبة القلب».
الطبق الهندي المفضل لمهيغان هو «ماسالا دوسا». ويقول: «سبب حبي لأطباق جنوب الهند هو قضائي بعض الوقت في تشيناي. أصناف جنوب الهند مألوفة بشكل كبير بالنسبة للأستراليين بدرجة لا تتخيلها لأن الأستراليين قد سافروا، كما أظن، من إندونيسيا وماليزيا إلى فيتنام وسريلانكا. هناك صلة بين الأرز، وجوز الهند، والليمون الأخضر، والليمون الأصفر، وأوراق الكاري. لكل تلك المكونات نكهات حلوة وحادقة موجودة في تلك المطابخ في طعام جنوب شرقي الهند». مع ذلك يقرّ مهيغان بأنه حاليا متيم بالحمص والـ«كولتشا» (خبز هندي مختمر) يتناوله على الإفطار. وأوضح قائلا: «نحن نزرع الحمص كثيرا خاصة في جنوب أستراليا، لكنه دائما متوفر في شكله المجفف، ولا أحد يعرف أنه من الممكن تناوله طازجا. لقد قابلت توماس زكارياس، (طاه من مومباي)، أثناء تصوير البرنامج التلفزيوني، واقترح أن أعد سلطة الحمص وقد فعلت. وقد تفاجأ كثير من العرب، وغيرهم ممن يعدّون هذا الطبق طوال الوقت، عندما نشرته على الإنترنت».
من المكونات الأخرى، التي بهرت الطاهي الأسترالي وأثارت إعجابه، أوراق الكاري، فبعد زيارته الأولى إلى الهند أخذ معه نبتة زرعها في حديقته. وقال: «أحب نكهات جنوب الهند خاصة لأني أحب كريمة جوز الهند، والليمون، وأوراق الكاري». يعتقد مهيغان أن الناس قد باتوا يدركون مدى تنوع الطعام الهندي، حيث يوضح قائلا: «أشعر أن كثيرين في أستراليا قد بدأوا يفهمون الطعام الهندي بفضل وجود إقامة الهنود هناك. أعتقد أن العالم بدأ يدرك ببطء فكرة التنوع الذي يتسم به الطعام الهندي». ومع رحلاته الكثيرة إلى الهند خاصة مومباي يصبح أكثر ارتياحا للمدينة، حيث يقول: «كنت أقيم خلال رحلتي الأخيرة في حي باندرا مثل ساكن محلي، وكنت سعيدا عندما كنت أوجّه السائق في الطريق».
ويرى مهيغان أن مشهد الطهي في مومباي لا يقل عنه في نيويورك ولندن، حيث يقول عن المدينة: «إنها مدينة صاخبة كبيرة مبهجة. هناك ما يجعل مومباي مدينة مميزة». وقد دشّن في بداية العام الحالي أول برنامج هندي له هو «ماسترز أوف تيست» (أساتذة المذاق) على محطة «فوكس لايف». وقابل مهيغان في البرنامج بعضا من أهم الطهاة الهنود من مومباي ونيودلهي لاستكشاف وصفاتهم وأساليب وطرق طهيهم. الجزء الأصعب في طهي الطعام الهندي هو مدى تعقيد البهارات، ومعرفة القدر الكافي عند إعداد الطبق. ويزعم أن العمل في البرنامج قد ساعده في فهم أهمية البهارات في إعداد أصناف الطعام الهندي. ويوضح قائلا: «عندما تقرأ عن الاستخدامات الطبية للبهارات والأعشاب تدرك أنه في وقت من الأوقات كان الأطباء والطهاة يتعاونون معا، ويعملون جنبا إلى جنب. يشعرني هذا بأني لا أعلم أي شيء».
حين يتعلق الأمر بالطعام الهندي، تمثل التقاليد العنصر المهيمن، رغم وجود مساحة للتجربة كما لاحظ، حيث يوضح قائلا: «ما استنتجته من رحلتي إلى هنا هو أن الهند تمر بمرحلة تحول كبير في عالم الطهي. ربما منذ خمسة أعوام كان الناس يشعرون بالقلق من الانفصال عن جذورهم، وضياع وصفاتهم التقليدية، لكن ما يحدث الآن هو أن الطهاة يسافرون إلى الخارج ويتعلمون من أشخاص من مختلف أنحاء العالم، ثم يعودون إلى الهند ليدركوا مدى روعة وأصالة طعامهم. أعتقد أن هذا الأمر مثير للحماسة».
ويرى مهيغان أن الهند تشهد ثورة في الطعام، مشيرًا إلى أنه من المثير للاهتمام مشاهدة ما يفعله الطهاة الشباب، الذين يحاولون تحقيق التوازن بين الوصفات والأساليب المتوارثة، وتأثير التوجهات العالمية في عالم الطهي، وكذلك العملاء الذين تطورت ذائقتهم، ولا يخشون التجربة.
ولد مهيغان على الساحل الجنوبي لإنجلترا، وكان طهي جده هو أول ذكرى له عن الطعام الجيد. ويروي قائلا: «كان والدي يأخذ معه إلى العمل يوميا شطيرة جبن، لكن كان جدي على العكس من ذلك يحب المرح والطهي، وكان يجعلني أتذوق أشياء مثل الشوكولاته الجيدة». وكانت مشاهدته من الأمور التي استمتع بها مهيغان حقا، وهذا ما وضعه على الطريق نحو العمل طاهيا.