المعارض الفائز برئاسة الكونغو الديمقراطية يضمن نفوذ الرئيس الحالي؟

الرئيس الحالي للكونغو الديمقراطية جوزف كابيلا يوم الانتخابات في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي (رويترز)
الرئيس الحالي للكونغو الديمقراطية جوزف كابيلا يوم الانتخابات في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي (رويترز)
TT

المعارض الفائز برئاسة الكونغو الديمقراطية يضمن نفوذ الرئيس الحالي؟

الرئيس الحالي للكونغو الديمقراطية جوزف كابيلا يوم الانتخابات في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي (رويترز)
الرئيس الحالي للكونغو الديمقراطية جوزف كابيلا يوم الانتخابات في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي (رويترز)

تتوجه جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى تعايش غير مسبوق بين رئيس منتخب منبثق من المعارضة والسلطة المنتهية ولايتها التي احتفظت بغالبيتها في البرلمان. فبعد يومين من إعلان الفوز التاريخي للمعارض فيليكس تشيسيكيدي في الانتخابات الرئاسية التي أُجريت في دورة واحدة، أعلنت مفوضية الانتخابات نتائج الانتخابات التشريعية التي تشير إلى فوز حلفاء الرئيس الحالي جوزف كابيلا بالأكثرية في الجمعية الوطنية.
وهذا يعني أنه سيكون على تشيسيكيدي اختيار رئيس للحكومة من القوى الموالية لسلفه. ووفق نظام البلاد، ينبغي أن يكون رئيس الحكومة من الأكثرية البرلمانية.
من جهته، يدين المعارض الآخر الذي ترشح للانتخابات الرئاسية وهُزم فيها، مارتن فايولو، كل النتائج ويتحدث عن عمليات تزوير، وعن تقديم طعونه إلى المحكمة الدستورية اليوم (السبت). وهو يؤكد بعد حلوله رسمياً في المرتبة الثانية في الانتخابات، أنه فاز بـ 61 في المائة من الأصوات. وهو يتهم كابيلا بتدبير "انقلاب انتخابي" مع تشيسيكيدي "بتواطؤ كامل". وطوّق جنود من الحرس الجمهوري وعناصر من الشرطة مقر إقامة فايولو قبل أن يتمكن من مغادرته لتقديم شكوى للمحكمة بشأن تزوير التصويت.
وأجريت الانتخابات الرئاسية والتشريعية والاقليمية في 30 ديسمبر (كانون الأول) لاختيار رئيس خلفا لكابيلا الذي يحكم البلاد منذ 18 عاما.
وجاء تشيسيكيدي في الطليعة في نتائج الانتخابات الرئاسية، بحصوله على 38.57 في المائة من الأصوات، متقدما على فايولو الذي نال 34.8 في المائة، وبفارق كبير على إيمانويل رامزاني شاداري المقرب من كابيلا والذي حصل على 23 في المائة من الأصوات.
أما في الجمعية الوطنية فتجاوز عدد المقاعد التي سيشغلها حلفاء كابيلا 250 من أصل 500، وفق أرقام أولية.
ولم تعلن مفوضة الانتخابات سوى أسماء 485 نائبا إذ إن انتخاب النواب الـ 15 الآخرين أرجئ في ثلاث مناطق.
وحصل حزب الشعب لإعادة البناء والديمقراطية الذي يقوده جوزف كابيلا على 48 مقعدا. أما حزب الشعب للسلام والديمقراطية الذي يدور في فلكه ويقوده وزير الداخلية هنري موفا فسيمثله 20 نائبا. ولن يشغل التحالف من أجل التغيير الذي يقوده تشيسيكيدي سوى 46 مقعدا بينها 32 لحزبه اتحاد الديمقراطية والتقدم الاجتماعي و14 لاتحاد الأمة الكونغولية بقيادة حليفه فيتال كاميرهي. وحصل تحالف لاموكا الذي يقوده فايولو على عدد من المقاعد (94) أكبر من تلك التي سيشغلها تحالف خصمه المعارض.
وهذه الأرقام ستتوضح بشكل أكبر لكن كابيلا سيحتفظ بالسيطرة على البرلمان. وحسب الدستور، سيصبح هو نفسه عضوا في مجلس الشيوخ مدى الحياة.
ورأى مارتن فايولو أنه "إذا أصبح تشيسيكيدي الرئيس (...) فسيكون بمثابة دمية يواصل تحريكها كابيلا". وأكد أن "تشيسيكيدي والرئيس يتناقشان منذ 2015".
وكان تشيسيكيدي صرح بعد إعلان فوزه في الانتخابات: "أشيد بالرئيس جوزف كابيلا (...). اليوم يجب ألا نعتبره خصما بل شريكا في التناوب الديمقراطي في بلدنا".
وحدد موعد تنصيب الرئيس الجديد في 22 يناير (كانون الثاني) بعد إعلان المحكمة الدستورية للنتائج النهائية.



كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
TT

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

نجح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية جديدة في أوروبا وحول العالم، عبر جعل التهديد النووي أمراً عادياً، وإعلانه اعتزام تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

في عام 2009، حصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على «جائزة نوبل للسلام»، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعوته إلى ظهور «عالم خالٍ من الأسلحة النووية». وفي ذلك الوقت، بدت آمال الرئيس الأميركي الأسبق وهمية، في حين كانت قوى أخرى تستثمر في السباق نحو الذرة.

وهذا من دون شك أحد أخطر آثار الحرب في أوكرانيا على النظام الاستراتيجي الدولي. فعبر التهديد والتلويح المنتظم بالسلاح الذري، ساهم فلاديمير بوتين، إلى حد كبير، في اختفاء المحرمات النووية. وعبر استغلال الخوف من التصعيد النووي، تمكن الكرملين من الحد من الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومن مَنْع مشاركة الدول الغربية بشكل مباشر في الصراع، وتخويف جزء من سكان هذه الدول، الذين تغلّب عليهم «الإرهاق والإغراءات بالتخلي (عن أوكرانيا) باسم الأمن الزائف».

بدأ استخفاف الكرملين بالأسلحة النووية في عام 2014، عندما استخدم التهديد بالنيران الذرية للدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم من طرف واحد إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين، لُوّح باستخدام السلاح النووي في كل مرة شعرت فيها روسيا بصعوبة في الميدان، أو أرادت دفع الغرب إلى التراجع؛ ففي 27 فبراير 2022 على سبيل المثال، وُضع الجهاز النووي الروسي في حالة تأهب. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، استخدمت روسيا التهديد النووي لمحاولة منع السويد وفنلندا من الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». في مارس (آذار) 2023، نشرت روسيا صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا. في فبراير 2024، لجأت روسيا إلى التهديد النووي لجعل النشر المحتمل لقوات الـ«ناتو» في أوكرانيا مستحيلاً. وفي الآونة الأخيرة، وفي سياق المفاوضات المحتملة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، جلبت روسيا مرة أخرى الخطاب النووي إلى الحرب، من خلال إطلاق صاروخ باليستي متوسط ​​المدى على أوكرانيا. كما أنها وسعت البنود التي يمكن أن تبرر استخدام الأسلحة الذرية، عبر مراجعة روسيا عقيدتها النووية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع وممثلي صناعة الدفاع في موسكو يوم 22 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

التصعيد اللفظي

تأتي التهديدات النووية التي أطلقتها السلطات الروسية في الأساس ضمن الابتزاز السياسي، وفق «لوفيغارو». ولن تكون لدى فلاديمير بوتين مصلحة في اتخاذ إجراء عبر تنفيذ هجوم نووي تكتيكي، وهو ما يعني نهاية نظامه. فالتصعيد اللفظي من جانب القادة الروس ورجال الدعاية لم تصاحبه قط تحركات مشبوهة للأسلحة النووية على الأرض. ولم يتغير الوضع النووي الروسي، الذي تراقبه الأجهزة الغربية من كثب. وتستمر الصين أيضاً في لعب دور معتدل، حيث تحذّر موسكو بانتظام من أن الطاقة النووية تشكل خطاً أحمر مطلقاً بالنسبة إليها.

إن التهوين من الخطاب الروسي غير المقيد بشكل متنامٍ بشأن استخدام الأسلحة النووية ومن التهديد المتكرر، قد أدى إلى انعكاسات دولية كبيرة؛ فقد غير هذا الخطاب بالفعل البيئة الاستراتيجية الدولية. ومن الممكن أن تحاول قوى أخرى غير روسيا تقليد تصرفات روسيا في أوكرانيا، من أجل تغيير وضع سياسي أو إقليمي راهن محمي نووياً، أو إنهاء صراع في ظل ظروف مواتية لدولة تمتلك السلاح النووي وتهدد باستخدامه، أو إذا أرادت دولة نووية فرض معادلات جديدة.

يقول ضابط فرنسي: «لولا الأسلحة النووية، لكان (حلف شمال الأطلسي) قد طرد روسيا بالفعل من أوكرانيا. لقد فهم الجميع ذلك في جميع أنحاء العالم».

من الجانب الروسي، يعتبر الكرملين أن الحرب في أوكرانيا جاء نتيجة عدم الاكتراث لمخاوف الأمن القومي الروسي إذ لم يتم إعطاء روسيا ضمانات بحياد أوكرانيا ولم يتعهّد الغرب بعدم ضم كييف إلى حلف الناتو.

وترى روسيا كذلك أن حلف الناتو يتعمّد استفزاز روسيا في محيطها المباشر، أكان في أوكرانيا أو في بولندا مثلا حيث افتتحت الولايات المتحدة مؤخرا قاعدة عسكرية جديدة لها هناك. وقد اعتبرت موسكو أن افتتاح القاعدة الأميركية في شمال بولندا سيزيد المستوى العام للخطر النووي.