«الاتحاد الوطني» ينزل علم كردستان من معظم مقراته في كركوك

TT

«الاتحاد الوطني» ينزل علم كردستان من معظم مقراته في كركوك

أعلن حزب «الاتحاد الوطني» الكردستاني، أمس، أنه قرر إنزال علم إقليم كردستان من فوق مقراته والاكتفاء ببقائه مرفوعا فوق مقرين تابعين للحزب فقط في كركوك. ويأتي الإجراء الذي اتخذه «الاتحاد» في إطار مسعى على ما يبدو لحل أزمة «العلم» التي نشبت في الأيام الأخيرة بين الأكراد من جهة والمكونين العربي والتركماني من جهة أخرى، حيث اعترض الأخيران على رفع العلم الكردستاني فوق مباني مدينة كركوك واعتبرا أنه «إجراء غير قانوني ويسهم في زعزعة الاستقرار في المحافظة».
كما جاءت الخطوة بعد يوم واحد من لقاء وفد من حزب «الاتحاد الوطني» برئيس الوزراء عادل عبد المهدي ببغداد، واعتبار الأخير أن رفع علم كردستان في كركوك «مخالف للدستور».
ويقول عضو حزب «الاتحاد الوطني» الكردستاني روند محمود إن حزبه «قرر الإبقاء على رفع علم إقليم كردستان إلى جانب العلم العراقي وعلم حزب الاتحاد على مقر مكتبه السياسي الواقع على طريق كركوك - أربيل ومقر تنظيمات الحزب داخل كركوك». ويؤكد محمود لـ«الشرق الأوسط» أن «لدى حزب الاتحاد نحو 35 مقرا في كركوك، بعض مبانيها مؤجرة من الأهالي، ورفع علم الإقليم ربما يتسبب ببعض المشاكل معهم، وربما يثير حساسية المكونات الأخرى، فصار الاتفاق أن يرفع في مقرّين فقط».
وكشف محمود عن «تسلم حزب الاتحاد رسالتين من رئيس الوزراء عادل عبد المهدي ورئيس الجمهورية برهم صالح بشأن مشكلة العلم في كركوك وطالبا فيها بالاحتكام إلى الدستور». وأكد أن «أزمة العلم حلّت في كركوك ونحن بانتظار رأي المحكمة بشأن شرعية رفعه في كركوك من عدمه، وسنلتزم بما تقرره المحكمة، لأن الرئيس برهم صالح عضو في حزب الاتحاد وهو حامي الدستور».
وكان رئيس الوزراء وجّه، أول من أمس، بإنزال العلم الكردستاني من بعض المقرات الحزبية في كركوك، معتبراً أن ذلك العمل «مخالف للدستور». وقال مكتب عبد المهدي في بيان إن «رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي أجرى اتصالات عاجلة برئيس الجمهورية باعتباره حامي الدستور والساهر على ضمان الالتزام به، وكذلك اتصل بالقيادات السياسية المختلفة ووجهها بإنزال العلم الكردستاني من السارية الرئيسية في مقرات حزبية في كركوك باعتبار هذا العمل مخالفا للدستور». وشدد على أن «الأسلوب المناسب هو سؤال المحكمة الاتحادية العليا عن دستورية هذه الخطوة قبل تطبيقها، إن أردنا احترام الدستور كما نطالب جميعا».
بدوره، يقول مصدر مسؤول في محافظة كركوك، إن «مشكلة العلم في كركوك انتهت، لكن الاتفاق تم بين جهاز مكافحة الإرهاب الذي يدير ملف الأمن في المحافظة وبين حزب الاتحاد الكردستاني على إنزال جميع الأعلام فوق مقرات حزب الاتحاد والاكتفاء برفعه على مقر واحد في منطقة (شوراو) إلى جنب العلم العراقي وعلم الاتحاد».
ويرى المصدر الذي يفضّل عدم الكشف عن اسمه لـ«الشرق الأوسط» أن «أزمة العلم الأخيرة أضرت بالاتحاد الوطني ولم تضف شيئا لرصيده السياسي، أظن أنهم اثأروا هذه القضية مؤخرا لأسباب تتعلق بتنافسهم مع الحزب الديمقراطي الكردستاني، وأيضا نتيجة الصراع على المناصب في بغداد ورغبتهم في الحصول على منصب وزارة العدل الاتحادية».
وعن عدم التعامل بحساسية مع رفع العلم القومي للمكون التركماني وكما يحدث مع علم كردستاني، يشير المصدر إلى أن «التركمان يعلنون دائما أنهم على استعداد لإنزاله في أي لحظة، ولم يرفع ليعبر عن رغبتهم في الانفصال عن العراق، لذلك لا تتحسس بعض الأطراف من رفعه كما يحدث مع علم كردستان».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم