المغرب يطالب مجلس الأمن بوضع حد لـ«استفزازات بوليساريو»

TT

المغرب يطالب مجلس الأمن بوضع حد لـ«استفزازات بوليساريو»

طالبت المملكة المغربية مجلس الأمن والأمم المتحدة بوضع حد لـ«الاستفزازات والانتهاكات» المتواصلة التي تقوم بها جبهة «بوليساريو» في منطقة الكركرات في الصحراء، محذرة من أنها «لا يمكن أن تتسامح» مع النشاطات التي «تهدد بصورة خطيرة الأمن والسلم الإقليميين».
وفي رسالة حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، كتب المندوب المغربي الدائم لدى الأمم المتحدة عمر هلال في نسختين متطابقتين إلى كل من رئيس مجلس الأمن للشهر الحالي المندوب الدومينيكاني خوسيه سينغر ويزينغر والأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريش أن «البوليساريو تواصل القيام بانتهاكات واستفزازات في المنطقة العازلة بالكركرات، وكذلك شرق منظومة الدفاع في الصحراء المغربية»، لافتاً إلى ثلاثة انتهاكات، الأول «في 6 يناير (كانون الثاني) 2019، نظمت الميليشيات المسلحة التابعة للبوليساريو مناورات عسكرية وتمرينات قتالية، بواسطة معدات ثقيلة وذخيرة حية في محلة أمهيريز شرق منظومة الدفاع». وأضاف أنه في اليوم التالي «تابعت البوليساريو نقل بنية إدارية وعسكرية» إلى أمهيريز، فضلاً عن نشرها مركبتين عسكريتين في المنطقة العازلة للكركرات في 8 يناير.
وقال هلال إن المملكة المغربية «تندد بشدة بهذه الأعمال المزعزعة للاستقرار والتي تنتهك الاتفاق العسكري رقم 1 وتهدد بشكل خطير وقف النار»، مؤكداً أنها «تمثل إهانة واضحة لمجلس الأمن وتحديا لسلطته». وأكد أن «هذه الأعمال تمثل انتهاكاً صارخاً لأحكام القرار 2414»، الذي طالب فيه مجلس الأمن «البوليساريو بالانسحاب فوراً من المنطقة العازلة للكركرات كما أمرها بعدم الإقدام على الأفعال المزعزعة للاستقرار بنقل بنيات إدارية إلى شرق منظومة الدفاع». واعتبر أن هذه الأفعال تمثل «تنصلاً يستحق التنديد من التزامات البوليساريو بعدم العودة إلى المنطقة العازلة في الكركرات». وذكر أن «البوليساريو» عبرت عن هذه الالتزامات للمبعوث الشخصي للأمين العام هورست كولر، مشدداً على أن «هذه الخروقات تنتهك القرار 2440، الذي أخذ من خلاله مجلس الأمن علما بـ(الضمانات) التي قدمتها (البوليساريو) طبقاً للقرار 2414». وكذلك ندد بما سماه «ازدواجية خطاب البوليساريو، التي تدعي وجود أزمة إنسانية في مخيمات تندوف وتطالب بزيادة المساعدات الإنسانية، بينما تنفق ملايين الدولارات في مناورات عسكرية». وحذر من أن «البوليساريو تهدف، من خلال اللجوء إلى التصعيد والاستفزاز وتجاهل التزاماتها، إلى نسف جهود الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الشخصي، الرامية إلى إعادة إطلاق العملية السياسية، عقب نجاح المائدة المستديرة التي انعقدت في جنيف يومي 5 ديسمبر (كانون الأول) الماضي و6 منه، وعشية المائدة المستديرة الثانية، المرتقبة في الأسابيع المقبلة»، مؤكداً أن المملكة المغربية «لا يمكن أن تتسامح مع تكرار هذه الاستفزازات التي تهدد بشكل خطير السلم والأمن الإقليميين وتعيق جهود الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الشخصي، وتدعوهما، إلى جانب بعثة المينورسو، إلى إدانة هذه الانتهاكات».
الأمم المتحدة: لم نرصد انتهاكات
ورداً على سؤال من «الشرق الأوسط» في شأن الرسالة المغربية، أجاب الناطق باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك: «يمكنني أن أؤكد أننا تلقينا رسالة من المغرب تفيد بانتهاكات لوقف النار في الصحراء الغربية». وأضاف أن «هناك عملية مرسخة على الأرض تقوم بها بعثة الأمم المتحدة، مينورسو، لتقييم ادعاءات كهذه من قبل أي من الطرفين، استناداً إلى عملها المحايد في الرصد والمراقبة». وأكد أن «مينورسو كانت حاضرة خلال هاتين الحادثتين المشار إليهما ولم ترصد أي شيء يرقى إلى أي انتهاك بموجب الاتفاقات المرعية». ولكنه شدد على أن «الحوادث أو المواضيع التي تحدد بكونها انتهاكات للاتفاقات المرعية يجري تقاسمها مع الأطراف من أجل اتخاذ إجراء فعلي في شأنها»، فيما يعد «عملية فاعلة في تلافي النزاع وصون وقف النار منذ بدء العمل فيه»، ملاحظاً أن «انتهاكات كهذه تبلغ كذلك إلى أعضاء مجلس الأمن كجزء من الإحاطة الدورية للبعثة بموجب التفويض الممنوح لها».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.