مكتسبات «حزب الله» من حرب سوريا تُعادل خسائره

استفاد تسليحياً ونفوذاً داخلياً... لكنه فقد هالة المقاومة وأثقلت عاتقه الإعاقات الدائمة

مكتسبات «حزب الله» من حرب سوريا تُعادل خسائره
TT

مكتسبات «حزب الله» من حرب سوريا تُعادل خسائره

مكتسبات «حزب الله» من حرب سوريا تُعادل خسائره

مرت نحو 7 سنوات على انخراط «حزب الله» عملياً في الحرب السورية التي شكلت بالنسبة له التحدي الأكبر الذي واجهه منذ نشأته في عام 1982. اليوم، بعدما هدأت الجبهات، عاد الحزب ليصوّب باتجاه العمل السياسي داخل لبنان، ساعياً لاستثمار ما يعتبرها «انتصارات ميدانية» حققها والمحور الذي ينتمي إليه في سوريا. وهكذا، انطلقت عملية تقييم هذه التجربة، سواءً من قبل قيادة الحزب أو من قبل متابعين عن كثب لشؤونه.
ولعل أول ما يبحث عنه أي ساعٍ لتقييم التجربة هو تحديد عدد عناصر الحزب الذين قتلوا في الميدان السوري، في ظل تعتيم القيادة التام عن الموضوع ورفضها تحديد أي عدد. لكن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أعلن في الذكرى السابعة للحرب في سوريا، مقتل نحو 122 ألف عنصر من قوات النظام السوري والمسلحين الموالين لها من جنسيات سورية وغير سورية، بينهم 63.820 جندي سوري و1630 عنصراً من «حزب الله» اللبناني.

إبّان احتدام المعارك في سوريا وبالتحديد في عامي 2013 و2014، قُدر عدد مقاتلي «حزب الله» هناك بـ5 آلاف. وأشارت وكالة الصحافة الفرنسية (أ ف ب) في تقرير أعدته في وقت سابق، إلى أن عناصر الحزب يتلقون قبل ذهابهم إلى الميدان دورات تدريبية في لبنان في مرحلة أولى، ثم في إيران. ونقلت عن أحد هؤلاء، الذي قدم نفسه باسم أبو محمد (30 سنة) من منطقة بعلبك، أن «دورات التدريب تبدأ في جرود بعلبك وتتراوح بين 40 يوماً و3 أشهر، ثم تستكمل في إيران لمدة شهرين، حيث يتم التدريب على الأسلحة الثقيلة».
عدد مقاتلي الحزب في سوريا تراجع أخيراً بشكل كبير، بالتزامن مع تراجع حدة ورقعة المعارك، وإن كانوا ينتشرون في أكثر من منطقة الآن. ويشير مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنهم يتمركزون بشكل أساسي حالياً في محيط دير الزور، وفي البوكمال والقصير وريف دمشق والبادية السورية وحلب ومطار القامشلي.
لكن الحزب يرفض تحديد موعد لانسحابه من سوريا. ولقد ربط أمينه العام حسن نصر الله الصيف الماضي، الانسحاب بطلب القيادة السورية. وقال في خطاب: «ليست لدينا معركة بقاء في سوريا، وما يبقينا هو الواجب والقيادة السورية. ولكن في الوقت ذاته نقول إنه لو اجتمع العالم كله ليفرض علينا أن نخرج من سوريا، فإنه لن يستطيع، فهذا الأمر يحصل في حالة وحيدة وهي أن يكون بطلب من الحكومة السورية».
ومن جانبها، نشرت صحيفة «فيلت» الألمانية أخيراً، تقريراً تحدث عن «نهاية مهمة حزب الله في سوريا» بعدما خسر عدداً كبيراً من مقاتليه في أرض المعركة، موضحة أن الحزب سيكتفي بدور استشاري فقط بعد أن شارك في الحرب السورية بنحو 8 آلاف مقاتل.

- انخراط الحزب في الحرب
في خطاب له في عام 2013، قال نصر الله إنه طلب من رئيس النظام السوري بشار الأسد التريّث في الانخراط في الحرب، لافتاً إلى أنه لم يكن يرغب في نشوب حرب إقليمية. وبتأكيد على عدم حماسة الحزب بداية في الانخراط في الصراع السوري، نشر مركز «كارنيغي» للشرق الأوسط دراسة في سبتمبر (أيلول) 2018، أشارت إلى أن الحزب لم ينحز فوراً إلى الخيار العسكري في سوريا، إذ حاول في البداية إيجاد حل سياسي بمساعدة حركة حماس الفلسطينية التي توسطت في عام 2012 لمحاولة إبرام اتفاقية تقاسم للسلطة في سوريا، بيد أن هذا الجهد تعثّر حين اشترطت الحكومة السورية أن تضع المعارضة سلاحاً أولاً. وبحسب الدراسة، فإن نائب قائد الحرس الثوري الإيراني حسين همذاني الذي قُتل قرب حلب في أكتوبر (تشرين الأول) 2015، تحدث في مذكراته عن أنه في ربيع عام 2012، طلب منه المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي التشاور مع زعيم الحزب حسن نصر الله الذي قيل إنه كان مسؤولاً عن سياسة محور المقاومة في سوريا. وكان نصر الله التقى خامنئي في طهران في أواخر 2011 لاتخاذ قرار حول التدخّل، أي بعد 9 أشهر من انطلاق الأزمة السورية. ثم عاد إلى بيروت لبدء الاستعدادات، بسبب الحاجة إلى تأطير هذا التدخل على نحو ملائم في المشهد السياسي اللبناني الذي كان يعيش أصلاً حالة استقطاب حادة.
ونفى الحزب مع انطلاق الأحداث في سوريا في عام 2011 أكثر من مرة مشاركته بالقتال هناك، ومن ثم اعتمد سياسة لإعلان ذلك تدريجياً. فأشار في المراحل الأولى إلى أن «مواطنين لبنانيين» هم من يشاركون في المعارك دفاعاً عن بلداتهم الواقعة على الحدود بين البلدين. ثم انتقل لتأكيد مشاركة عناصر منه في هذه المعارك تحت عنوان «حماية القرى اللبنانية» الحدودية مع سوريا. وبعدها برّر القتال بحماية «المقامات المقدسة» لدى الشيعة، ثم حسم الموضوع بالإعلان الواضح عن المشاركة في معركة القصير في مايو (أيار) 2013. وفي ذكرى حرب يوليو (تموز) 2013، قال نصر الله: «إذا كان عندنا ألف مقاتل في سوريا فسيصبحون ألفين، وإذا كانوا 5 آلاف فسيصبحون 10 آلاف. وإذا احتاجت المعركة مع هؤلاء التكفيريين ذهابي وكل (حزب الله) إلى سوريا فسنفعل».

- ليست المشاركة الأولى
وأشارت دراسة «كارنيغي» إلى أن نشر قوات «حزب الله» في سوريا لم يكن الأول من نوعه في خارج لبنان، لكنه كان الأكبر. ففي أوائل التسعينات، شارك أكثر من 100 مقاتل من حزب الله في الجهود التي قادتها إيران لتدريب المسلمين في البوسنة، وكان بينهم علي فياض، المُكنّى علاء، وهو مقاتل متمرّس في الحملة البوسنية وقُتِلَ خلال قتاله في سوريا في فبراير (شباط) 2016. وقبل ذلك بعقد من الزمن، كان «حزب الله»، بحسب الدراسة، «منغمساً بعمق في العراق غداة الغزو الأميركي لذلك البلد عام 2003، حيث درّب الميليشيات الشيعية العراقية التي نفّذت هجمات ضد قوات الاحتلال الأميركي. ولقد توجّهت معظم هذه المجموعات العراقية بعد ذلك إلى سوريا للقتال إلى جانب حزب الله والحرس الثوري الإيراني».

- مكتسبات الحزب
لا تختلف كثيراً قراءات المتابعين عن كثب لوضع «حزب الله» حول المكتسبات التي حققها. إذ يُجمع أخصامه ومؤيدوه على أن أبرز ما حققه خلال انخراطه بالحرب السورية هو الخبرة القتالية الكبيرة. ويشير رئيس «مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية» العميد المتقاعد الدكتور هشام جابر إلى أن «الخبرة القتالية الميدانية التي اكتسبها مقاتلو الحزب لا يمكن أن تتأمن خلال التدريبات التي تنظمها قيادة الحزب». في حين يوضح الدكتور رياض قهوجي رئيس مركز «الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري - إنيغما»، أنه «بعدما كانت عقيدة وتكتيكات الحزب دفاعية في التعامل مع إسرائيل، وتلحظ بشكل أساسي حرب العصابات ونصب الكمائن، اكتسب خبرة كبيرة في الهجوم واحتلال الأراضي، كما أن عدد الكوادر المقاتلة لديه تضاعف».
أما «معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى» فنقل في عام 2016 دراسة أعدّها ضابطٌ في جيش الدفاع الإسرائيلي عام 2014، خلص فيها إلى إمكانية انتهاج «حزب الله» استراتيجية قتالية أكثر هجوميةً في أي حرب مستقبلية مع إسرائيل بهدف تقصير مدة الصراع. وتابع أن «هذا الانخراط العميق في سوريا يؤثّر في النهج العام الذي يتبعه التنظيم في تخطيط عملياته العسكرية وتنفيذها»، مؤكداً أن «بعضاً من قدراته العسكرية قد تحسن بشكل ملحوظ. فقد تعلّم كيفية استخدام طائراته دون طيار على نحو أكثر فاعلية، فضلاً عن الاستفادة بشكل أفضل من صواريخه قصيرة المدى، وتنفيذ عمليات هجومية معقدة».
ولا تقتصر مكتسبات الحزب العسكرية على الخبرة القتالية، إذ يرجح خبراء عسكريون أن يكون استحصل خلال الأعوام الماضية على كميات كبيرة من السلاح، سواء من سوريا أو من إيران. ويشير العميد المتقاعد جابر إلى أن إسرائيل نفسها تؤكد تزايد قدرات الحزب «بشكل مذهل»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه خلال حرب يوليو 2006، قدرت إسرائيل عدد صواريخ أرض - أرض التي يمتلكها «حزب الله» بما بين 20 و30 ألف صاروخ، أما اليوم فهي تتحدث عن 100 و150 ألف صاروخ. ويضيف: «ويبقى احتمال امتلاك حزب الله صواريخ دفاع جوي، محمولة على الكتف قائماً، وإن كان الحزب رفض رفضاً قاطعاً إعطاء أي معلومات في هذا الإطار رغم استماتة إسرائيل لمعرفة تفاصيل بهذا الخصوص». ولا يستبعد جابر أن يكون بات أيضاً بحوزة حزب الله سلاح دفاع بحري روسي متطور، لا سيما أن سوريا تمتلك 85 صاروخاً هددت باستعمالها في حال مهاجمتها من قبل الولايات المتحدة الأميركية من البحر.
سياسياً، يعتبر «حزب الله» أن أبرز ما اكتسبه من الانخراط في الحرب السورية هو منع ما يصفها بـ«التنظيمات الإرهابية» من الوصول إلى لبنان، خصوصاً بعد حسمه معركة القصير. ويشير جابر إلى أن الحزب يعتبر نفسه أيضاً مساهماً أساسياً إلى جانب روسيا وإيران بدعم النظام السوري ومنع انهياره، نظراً لاقتناعه بأن انهيار النظام في سوريا كان سيعني تلقائياً بدء العد العكسي للقضاء عليه.
ويرى قهوجي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الحزب «اكتسب نفوذاً متعاظماً إقليمياً كقوة لديها دور أبعد من لبنان، فهو بات صاحب نفوذ داخل سوريا بعدما كان يبحث عن غطاء سياسي وأمني في المراحل الماضية تؤمنه له دمشق». ويستطرد: «كما أنه بات للحزب رأي في مستقبل سوريا مع إيران، شريكته الاستراتيجية. وعزز تلقائياً نفوذه في سوريا نفوذه داخل لبنان ما انعكس مكاسب سياسية كبيرة على أكثر من صعيد».

- خسائر الحزب
ولكن، بقدر ما ربح الحزب، خسر في المقابل من شعبيته سواءً في الداخل اللبناني أو على المستوى العربي، إضافة إلى أنه فقد المئات من عناصره. وهنا يشير العميد جابر إلى أن عدد عناصر الحزب الذين قتلوا في سوريا يتراوح بين 1500 وألفين، وبجانب هؤلاء هناك أيضاً مئات من المصابين بإعاقات يلتزم حزب الله بإعالة عائلاتهم، ما يشكل بالنسبة له باباً لنفقات مالية هائلة، أضف إلى ذلك أن المشاركة في الحرب بحد ذاتها أمر مكلف جداً».
وتشير دراسة صادرة عن «معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى» في عام 2016 إلى أنّه «حين بدأ حزب الله تدخله في سوريا، تغيّرت أولوياته واستراتيجياته وخطاباته، فقد خصص نسبة أكبر بكثير من ميزانيته للإنفاق العسكري. ورغم استمرار تمويله للخدمات الاجتماعية، فإن نسبةً أكبر منها قد وُجهت إلى العائلات والمؤسسات المرتبطة بالبنية التحتية العسكرية لحزب الله، وذلك في إطار الجهود التي يبذلها لدعم قواته». وتضيف: «أصبحت سياسة المقاومة ضد إسرائيل ثانوية مع تحوّل اهتمام التنظيم إلى النزاع السوري الذي بات المنخرطون فيه من عناصر الحزب يبحثون من خلاله عن وظيفة طمعاً في راتب شهري يتراوح بين 500 و1200 دولار وما يرافقه من منافع».
أما مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن، فقال لـ«الشرق الأوسط»، إن الحزب «خسر الجزء الأكبر من الشعبية التي كان يتمتع بها في سوريا، خصوصاً في المجتمعين السني والشيعي كما لدى باقي المكونات الأخرى»، لافتاً إلى أنه «بعدما كان هناك إجماع من قبل كل السوريين على أن حزب الله مقاومة هدفها الدفاع عن الأرض بوجه إسرائيل، وبعدما كان نصر الله يحظى بهالة وهو أشبه برمز كبير، تغيرت هذه النظرة كلياً، ففقد الحاضنة السورية إلى حد كبير، حتى ضِمن الجمهور العلوي تراجعت شعبية حزب الله كثيراً».
ويتفق جابر وقهوجي على تراجع شعبية «حزب الله» عربياً. ويشير جابر إلى أن الحرب السورية كانت ولا تزال موضع انقسام حاد بين العرب، والأكثرية الساحقة منهم باتت تتعامل مع الحزب على أنه في «محور الخصومة» باعتباره يدافع عن النظام السوري، إضافة إلى الصبغة المذهبية التي لاحقت الحزب والتي لم تكن موجودة على الإطلاق قبل عام 2011. ويرى قهوجي أن حزب الله «خسر هوية المقاومة اللبنانية، فقد كان الجزء الأكبر من العالم العربي والإسلامي يتعاطى معه كمقاومة، فإذا به يتحول إلى لاعب إقليمي وقوة عسكرية مركزها ونشأتها لبنان، لكنها تتولى دوراً ذات بُعد مذهبي وعقائدي مرتبط بالولي الفقيه».
ولعل أبرز انعكاسات انخراط الحزب في الحرب السورية كانت التفجيرات التي ضربت مناطق لبنانية ذات غالبية شيعية في عامي 2012 و2013، إضافة إلى اندلاع جولات من القتال في مدينة طرابلس في شمال لبنان بين المُتشددين العلويين المؤيدين للأسد في جبل محسن والمُتشددين السنّة الداعمين للمعارضة السورية في حي باب التبانة المُجاور. كذلك تفاقمت ظاهرة الشيخ أحمد الأسير التي نتج عنها معارك بين أنصاره والجيش اللبناني في منطقة صيدا الجنوبية.

- محطات زمنية في عمر الأزمة السورية

2011
- قوات الأمن السورية تطلق النار على مظاهرة سلمية تطالب بإطلاق سراح المعتقلين ورفع حالة الطوارئ في مدينة درعا بأقصى جنوب سوريا، ما فجّر مظاهرات وقمعاً في شوارع كثير من المدن والأرياف. ومن ثم النظام يختار الحسم العسكري ويحرك الدبابات إلى درعا وبانياس وحمص وضواحي دمشق.
- عزل محافظ مدينة حماة بعد مظاهرة ضخمة، وإرسال قوات الجيش لقمع المظاهرات.
- تشكيل «المجلس الوطني السوري» ليكوّن تحالفاً لشخصيات المعارضة ومنظماتها.
- مع مواصلة النظام عمليات القمع، ورفض خطة السلام العربية، جامعة الدول العربية تعلق عضوية سوريا في الجامعة وتفرض عقوبات.

2012
- النظام يصعد القصف على حمص وعدة مدن.
- مجلس الأمن الدولي يقرّ خطة سلام مخففة أعدها كوفي أنان.
- تركيا تسقط طائرة حربية فوق الحدود التركية - السورية.
- «الجيش السوري الحر» يسيطر على أجزاء من مدينة حلب.
- رئيس الوزراء رياض حجاب ينضم للثورة.
- الرئيس الأميركي باراك أوباما يحذر الأسد من استخدام السلاح الكيماوي.
- حريق يأتي على أجزاء من حلب التاريخية.
- تشكيل «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية».
- الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وتركيا ودول مجلس التعاون الخليجي تعترف بـ«الائتلاف».

2013
- مراقبو الأمم المتحدة يتفقون على شن هجوم كيماوي على غوطة دمشق قتل نحو 300 شخص، من دون أن يحددوا الطرف المسؤول.
- مطالبة نظام دمشق بإتلاف ترسانته الكيماوية.
- الميليشيات الشيعية التابعة لإيران تدعم قوات النظام في مختلف الجبهات.
- الولايات المتحدة وبريطانيا توقفان بعض أشكال الدعم للثوار بعد سيطرة «ميليشيات إسلامية متشددة» على قواعد لـ«الجيش الحر».

2014
- فشل مفاوضات جنيف لرفض النظام البحث في مرحلة انتقالية.
- جيش النظام مدعوماً بميليشيا حزب الله اللبناني يستعيد السيطرة على بلدة يبرود، آخر معاقل الثوار في منطقة القلمون على حدود لبنان.
- «داعش» يعلن «خلافته» المزعومة الممتدة من حلب إلى ديالى في العراق.
- أول غارات أميركية - عربية على مواقع «داعش» قرب مدينتي حلب والرقة.

2015
- «داعش» يحتل مدينة تدمر الأثرية ويبدأ تدمير بعض كنوزها التاريخية.
- روسيا تتدخل مباشرة في القتال دعماً لقوات نظام الأسد، بحجة استهداف «داعش».
- النظام يكمل تهجير أهالي مدينة حمص.

2016
- القوات التركية تعبر الحدود السورية لإبعاد الجماعات الكردية الانفصالية السورية و«داعش» من المنطقة الحدودية.
- قوات النظام بدعم من سلاح الجو الروسي تستعيد السيطرة على حلب.

2017
- تفاهم روسي - إيراني - تركي في كازاخستان على فرض هدنة بين قوات النظام وقوى الثورة والمعارضة غير المتطرفة.
- أول ضربة أميركية على الأراضي السورية في عهد الرئيس دونالد ترمب، استهدفت قاعدة جوية بعد قصف النظام بلدة خان شيخون بأسلحة كيماوية.
- الولايات المتحدة تقرر تسليح ميليشيا «قوات الحماية الكردية» التي تشكل قوات ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد).
- «قسد» تطرد «داعش» من الطبقة على نهر الفرات.
- هجوم مشترك لقوات النظام وميليشيا حزب الله في جرود بلدة عرسال اللبنانية الحدودية على مواقع الجماعات المسلحة هناك.
- طرد «داعش» من مدينة الرقة.
- قوات النظام تعلن سيطرتها على مدن دير الزور (كبرى مدن شرق سوريا) بالكامل.
- الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يقوم بزيارة أعلن فيها «حسم الحرب على داعش».

2018
- القوات التركية تشن هجوماً كبيراً تطرد فيه الميليشيات الكردية من «جيب» عفرين في أقصى شمال غربي سوريا.
- قوات النظام تسيطر بعد هجوم كبير بدعم روسي وميليشياوي على كل مناطق غوطة دمشق. وبعدها إثر تقارير عن استخدام الكيماوي في دوما (الغوطة)، غارات جوية عقابية أميركية - بريطانية - فرنسية مشتركة على أهداف تابعة للنظام.


مقالات ذات صلة

موسكو تعوّل على «إعادة ترتيب» أوروبا

حصاد الأسبوع بوتين جاهز للقاء ترمب (آ ف ب)

موسكو تعوّل على «إعادة ترتيب» أوروبا

> غياب الانتقادات المباشرة في روسيا لأي خطوة يقوم بها الرئيس الأميركي العائد دونالد ترمب لا يعكس فقط رغبة الكرملين في التريث لحين إطلاق الحوار المباشر ووضع.

حصاد الأسبوع هربرت كيكل

هربرت كيكل... زعيم اليمين النمساوي المتطرف ينتظر فرصته لإحداث تغييرات سياسية جذرية

لا يحمل تاريخ نشأة هيربرت كيكل المكلّف تشكيل الحكومة العتيدة في النمسا، ارتباطاً باليمين المتطرف أو النازية، كأسلافه الذين قادوا حزب الحرية قبله. ولكن مع هذا قد يكون الزعيم الأكثر تطرفاً الذي ترأس الحزب خلال العقود الأخيرة. ذلك أن كيكل غالباً ما يكرر تعابير استخدمها النازيون، ومنذ تكليفه تشكيل الحكومة مطلع العام، بدأ يلقب نفسه بـ«مستشار الشعب»، وهو اللقب الذي كان يستخدمه هتلر لوصف نفسه. وبالتالي، في حال نجح كيكل بتشكيل الحكومة، سيكون المستشار الأول للنمسا الذي ينتمي إلى حزب متطرف أسسه عام 1955 أعضاء في «قوات الأمن الخاصة النازية» المعروفة اختصاراً بالـ«إس إس». الحزب اليوم معادٍ للاتحاد الأوروبي ومقرّب من روسيا، ومع أنه شارك في حكومات ائتلافية نمساوية في السابق، إلا أنه لم يقُد أياً منها بعد. وراهناً، رغم تكليف كيكل - بعدما تصدّر حزبه انتخابات سبتمبر (أيلول) الماضي بحصده نسبة 29 في المائة من الأصوات، ما زال من غير الواضح ما إذا كان سينجح فعلاً بالمهمة الموكلة إليه «اضطراراً». فالرئيس النمساوي ألكسندر فان دير بيلن فضّل بدايةً تكليف زعيم حزب الشعب (محافظ)، الذي حل ثانياً بنسبة 26 في المائة من الأصوات، تشكيل الحكومة، مع أن في هذا مخالفة للأعراف. وبرّر الرئيس قراره يومذاك بأن كل الأحزاب الأخرى ترفض التحالف مع حزب الحرية من دون تحييد كيكل. وبالفعل، اشترط حزب الشعب تنازل كيكل عن قيادة الحكومة شرطاً للتفاوض معه، وهو ما رفضه الأخير. بيد أن زعيم حزب الشعب كارل نيهامر أخفق بتشكيل حكومة ثلاثية الأطراف مع حزبين آخرين، فاستقال من زعامة حزبه، وبالتالي، عادت الكرة إلى ملعب كيكل.

راغدة بهنام (برلين)
حصاد الأسبوع شتراخه (رويترز)

حزب الحرية النمساوي المتطرف... لمحة تاريخية وسياسية

أُسس حزب الحرية النمساوي عام 1956، وكان زعيمه الأول، أنتون راينتالرو، ضابطاً سابقاً في قوات الأمن الخاصة النازية. لكن، رغم ذلك، تجنّب الحزب في بداياته الترويج.

«الشرق الأوسط» (برلين)
حصاد الأسبوع قناة بنما (آ ب)

ترمب يسجّل «انتصارات» سريعة في القارة الأميركية... ويستغلها ضد خصومه في الداخل

منذ وصول دونالد ترمب للمرة الأولى إلى البيت الأبيض، تبيّن أن استحالة التنبؤ بقراراته وخطواته هي من أمضى الأسلحة في ترسانته الدبلوماسية، وأن فاعلية التهديدات التي يطلقها في كل الجهات وعلى جميع الجبهات تكمن في كونها قابلة للتنفيذ فوراً. لكن، بينما بقيت تهديدات ترمب بفرض رسوم جمركية على الصين وأوروبا إبان ولايته الأولى مجرّد تصريحات لم تبلغ أبداً مرحلة التنفيذ، اختلف الأمر هذه المرة. فمنذ بداية هذه الولاية الثانية وصلت دبلوماسية الابتزاز التي انتهجها الرئيس الأميركي العائد إلى أبعد الحدود الممكنة، واستطاع خلال أقل من أسبوعين أن يحصل على تنازلات من المكسيك وكندا وكولومبيا وبنما وفنزويلا، غير آبه بالاضطرابات والخضّات التي أحدثتها في الأسواق المالية والاقتصادية هذه الحرب التجارية التي أطلقها، والتي وصفتها صحيفة «وول ستريت جورنال» بأنها الأكثر حُمقاً في التاريخ.

شوقي الريّس (مدريد)
حصاد الأسبوع جبل راشمور (آ ف ب)

كولومبيا وفنزويلا والإكوادور نماذج لتعامل واشنطن الجديد مع أنظمة أميركا الجنوبية

>على صعيد دول النصف الجنوبي من القارة الأميركية، يرى مراقبون أن الجولة الأولى من «حرب» دونالد ترمب المفتوحة على كل الجبهات، التي يرى كثيرون أن ترمب كسبها بالضرب


خطط ترمب التوسعية «استفزاز» يهدد «الناتو»... ويمنح بوتين أوراقاً إضافية

كيف ستتعامل موسكو مع موضوع ضم ترمب لجزيرة غرينلاند (ناسا)
كيف ستتعامل موسكو مع موضوع ضم ترمب لجزيرة غرينلاند (ناسا)
TT

خطط ترمب التوسعية «استفزاز» يهدد «الناتو»... ويمنح بوتين أوراقاً إضافية

كيف ستتعامل موسكو مع موضوع ضم ترمب لجزيرة غرينلاند (ناسا)
كيف ستتعامل موسكو مع موضوع ضم ترمب لجزيرة غرينلاند (ناسا)

تراقب موسكو خطوات الرئيس الأميركي العائد دونالد ترمب بمزيج من الترقّب لردّات الفعل في مناطق مختلفة من العالم، وحساب معدلات الربح والخسارة، لا سيما في إطار انعكاسات تصرفات الرئيس الأميركي على تماسك المواقف الأوروبية ووحدة حلف شمال الأطلسي «ناتو» وسياساتها تجاه روسيا... ولكن بالدرجة الأولى، بطبيعة الحال، على التوقعات المتعلقة بآليات تسوية الصراع حول أوكرانيا.

تحريك قنوات الاتصال

مع تكرار الإعلان في موسكو عن استعداد مباشر للجلوس إلى طاولة مفاوضات شاملة مع فريق ترمب، تبحث كل الملفات المتراكمة بين الطرفين، وتتوّج تفاهمات على القضايا الرئيسية، فضّل الكرملين تجنب التعليق مباشرة على كثير من التحركات الصارخة للرئيس الأميركي، في مسعى لتقدير آفاق تطورها أولاً، وأيضاً معرفة مستوى وآليات ردات الفعل عليها.

لكن في الشأن الأوكراني بدا أن الأسابيع الأخيرة شهدت تحريك قنوات الاتصال بشكل قوي ومتسارع بين موسكو وواشنطن. وبعد مرور ساعات فقط على إعلان ترمب أن الاتصالات مع الكرملين «تجري بنشاط»، ووصفها بأنها «مفاوضات بناءة»، أكّد الناطق باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف استئناف عمل قنوات حوار على مستويات عدة، لتشكل هذه الخطوة الأولى العملية التي يجري تنفيذها على أرض الواقع، وكانت متوقعة منذ فوز ترمب في الانتخابات.

بيسكوف قال إن «الاتصالات بين روسيا والولايات المتحدة عبر الوزارات المختلفة قد تكثفت». ومن دون أن يعطي تقييمه لسير المفاوضات، قال الناطق إن الحوارات تجري على مستويات عدة. ومع التأكيد على أن الحوار الجاري مع واشنطن لا ينعكس حتى الآن على استعداد موسكو لفتح قنوات للتفاوض مباشرة مع أوكرانيا، فأكد أن «ديناميكيات العملية (العسكرية) الخاصة تظهر أن الاهتمام بالحوار السلمي يجب أن يأتي من جانب كييف».

الاشتراطات الروسية

هنا بدا أن أول الاشتراطات الروسية لإحراز تقدُّم يفضي إلى إحياء العملية السلمية حول أوكرانيا ينطلق من حسم الوضع حول «شرعية» الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لإدارة المفاوضات. ومعلوم هنا أن موسكو تصرّ على أن زيلينسكي «لم يعد رئيساً شرعياً، وأنه وقّع في وقت سابق مرسوماً بحظر التفاوض مع موسكو. وهو ما يعني أنه يجب حل هذا الموضوع بظهور إدارة أوكرانية جديدة تتمتع بالشرعية، وتلغي المرسوم السابق قبل إطلاق عملية التفاوض. يكتسب هذا الجدل أهمية إضافية على ضوء تلميحات بعض أركان الإدارة الأميركية بضرورة إجراء انتخابات جديدة في أوكرانيا قبل نهاية العام الحالي، ومثل تلك التصريحات صدرت عن قيادة حلف «ناتو» أيضاً.

ويبدو على هذه الخلفية أن الاتصالات الأولى بين الإدارة الأميركية وموسكو لا تتناول قضايا مثل ترتيب قمة قريباً، وأجندتها المحتملة، بل تتطرق أيضاً إلى بعض الجوانب التفصيلية المتعلقة بمساعي إعادة إطلاق مسار سلمي ينهي الحرب في أوكرانيا.

مستقبل أوكرانيا على الطاولة

العنصر الثاني المتعلق بأوكرانيا، الذي يبدو أنه يشكل مادة للنقاش في المرحلة التي تسبق لقاء ترمب الأول منذ عودته إلى البيت الأبيض مع الرئيس فلاديمير بوتين، يتبلور - كما يبدو - من خلال السعي إلى تحديد سقف مصالح واشنطن في الصراع المستمر منذ نحو 3 سنوات.

اللافت هنا أن التصريحات الأولى الصادرة عن البيت الأبيض لم تتكلّم عن الأراضي الأوكرانية «المحتلة»، ومعلوم أن موسكو تسيطر راهناً على نحو خُمس أراضي أوكرانيا. ويشترط الكرملين لأي تسوية أن يحصل على إقرار أوكراني وغربي بقرارات ضم مقاطعات أوكرانيا إلى روسيا. واستمرار الصمت الأميركي حيال هذا الملف يوجّه رسالة مريحة لموسكو حالياً.

غير أن إشارات ترمب الأولى اتجهت نحو ملف مختلف تماماً؛ ذلك أنه تطرّق إلى امتلاك أوكرانيا ثروات مهمة من المعادن النادرة، ورأى أن بوسع واشنطن مواصلة حماية أوكرانيا إذا حصلت على حقوق استثمار هذه الثروات الضخمة.

في هذا الملف ركّزت التعليقات الروسية على فكرة تحوّل الإدارة الأميركية من الكلام عن قضايا تتعلق بالأمن الاستراتيجي للولايات المتحدة ولأوروبا، وعن فكرة «العدوان الروسي» لتغدو منحصرة أكثر في «المصالح التجارية المباشرة» للانخراط في هذا الصراع. وكانت ماريا زاخاروفا، الناطقة باسم «الخارجية الروسية»، قد أعربت عن أنها «غير مندهشة» من طلب مجلس الأمن القومي الأميركي الحصول على المعادن من أوكرانيا تعويضاً عن الدعم المالي الذي قدمته واشنطن لكييف.

زاخاروفا رأت أن هذا المسار «طبيعي»، وأنه «يجب أن يتحقق المرء من سعر الوجبة قبل أن يأكلها». بينما رأى وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن مثل هذا الاقتراح سيعني أن كييف مستعدة لتسليم جميع الموارد الطبيعية الأوكرانية إلى «ملكية أسيادها الغربيين». أما بيسكوف فرأى أن خطط ترمب بشأن المعادن الأرضية النادرة تمثل عرضاً تجارياً «لشراء المساعدة»... وأن «أفضل شيء بالنسبة لواشنطن سيكون عدم مساعدة كييف على الإطلاق، ومن ثم المساهمة في إنهاء النزاع». والملاحَظ في التعليقات الروسية أنها لا تنتقد ترمب، بل وجهت سهامها إلى زيلينسكي «المستعد لبيع ثروات بلاده للغرب».

بنما وكندا ... بعيدتان جداً

في المستوى نفسه من تعمّد تحاشي توجيه انتقادات إلى الإدارة الأميركية في خطواتها المتسارعة التي شكلت استفزازاً لعدد من الأطراف في العالم، تجاهل الكرملين عمداً إعلانات ترمب الصارخة تجاه كندا وقناة بنما.

بل حتى وسائل الإعلام الحكومية الروسية تعاملت مع الموضوع من زاويته الخبرية من دون إبداء رأي في تأثيراته المحتملة. ونشرت بكثافة الخرائط التي وضعها ترمب على منصات التواصل الاجتماعي، وتظهر فيها كندا ملونة بألوان العلم الأميركي وتحتها عبارة الرئيس: «أوه كندا». ولقد قال خبراء روس إن كندا وبنما «بعيدتان جداً»، ومن المهم لموسكو أن تراقب فقط ما يجري.

أما موضوع قناة بنما فيبدو بالنسبة إلى موسكو «خلافاً تجارياً» تكلم عنه ترمب من خلال استنكاره «التعريفات الجمركية المُبالغ فيها» التي تفرضها بنما على عبور القناة. وللعلم، هذا أمر يخص الولايات المتحدة التي توفر أكثر من 72 في المائة من عائدات الممرّات عبر القناة.

وتقريباً التعاطي نفسه ملحوظ إزاء التهديدات تجاه المكسيك، وبملف العلاقة مع كندا. واللافت أن وسائل الإعلام الروسية شاركت الملياردير إيلون ماسك تهكّمه على رئيس وزراء كندا جاستن ترودو، الذي أعلن استقالته، الشهر الماضي ثم غرّد معارضاً خطط ترمب. ولكن من دون صدور أي تعليق رسمي، بدا أن موسكو تراقب بارتياح المشكلات الداخلية في الغرب. ولا تخفي أوساط روسية «شماتةً» بالسلطات في كندا التي كانت بين أوائل الداعمين لأوكرانيا في الحرب.

غرينلاند... التهديد الروسي

الأمر مختلف قليلاً مع التلويح الأميركي بضم غرينلاند... فهنا يظهر مباشرة نوع من التهديد المستقبلي على الأمن الروسي.

وعموماً، فإن ما وُصف بأنه التهديد المحتمل من جانب روسيا والصين هو على وجه التحديد ما أشار إليه ترمب أكثر من مرة عندما ناقش فكرته للاستيلاء على غرينلاند، وفي إطار تكراره الحديث عن رغبته في جعل أميركا «عظيمة مرة أخرى».

ذلك أنه منذ عام 2019، قال ترمب بضرورة ضم غرينلاند إلى الولايات المتحدة، لكن الدنمارك التي تمتلك الأراضي حالياً عارضت بيع الجزيرة. وفي ديسمبر (كانون الأول) 2024، أثار ترمب المسألة مرة أخرى، وقال: «نحن بحاجة إلى غرينلاند لأغراض الأمن القومي. لقد قيل لي ذلك قبل فترة طويلة من ترشّحي». وهنا يعتقد الرئيس الأميركي الجمهوري أن غرينلاند كجزء من الولايات المتحدة يمكن أن تساعد في تجنب «التهديد الذي تشكله روسيا على العالم أجمع». وبحسب قوله فإن «روسيا والصين تزيدان من وجودهما في منطقة القطب الشمالي»، وهو يخشى من ذلك. وأضاف أن ابنه دونالد ترمب «الابن» سيزور غرينلاند شخصياً.

هنا أيضا لم تعلّق موسكو رسمياً على الحدث مع أنه يتعلق مباشرة بما وُصف بـ«التهديد الروسي»، إلا أن تعليقات برلمانيين روس أظهرت وجود نوع من القلق لدى أوساط روسية. وقال أندريه كارتابولوف، رئيس لجنة الدفاع بمجلس الدوما (النواب) إن «ضم غرينلاند للولايات المتحدة يشكل تهديداً عسكرياً لروسيا، لأن لدى الجزيرة إمكانية أن تصبح قاعدة استراتيجية لواشنطن في حالة نشوب صراع عابر للقارات».

ورأى البرلماني الروسي أيضاً أن السيطرة على الجزيرة التي تحتل مساحة كبيرة جداً في منطقة القطب الشمالي، «ليست الخيار الأفضل بالنسبة إلى روسيا... وبما أنه لا يوجد شيء مستحيل في العالم، وفي أي صدام قاري افتراضي مستقبلي، فإن هذا يشكل نقطة انطلاق جيدة لأميركا».

مع هذا، اللافت أن تعليقات المحللين ذهبت ليس باتجاه فحص الانعكاسات على روسيا وأمنها في حال فرض ترمب فعلاً السيطرة الأميركية على الجزيرة القطبية، بل باتجاه تأثيرات تحركات ترمب على مصير «ناتو» ككتلة متماسكة.

ورأى محللون أن استيلاء ترمب على المنطقة إذا كُتب له النجاح، سيكون «بمثابة نهاية للحلف» ليس فقط لكون الدنمارك، التي تعارض خطط ترمب بشدة عضواً فيه، بل أيضاً لأن أعضاء التكتل الآخرين سيدركون على الفور أنهم «جميعاً تحت التهديد». وهنا استعاد البعض مقولة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عندما دعا أوروبا إلى «الاستيقاظ وتعزيز أمنها بشكل أكثر نشاطاً».

اتفاق على عالم متعدد

في المقابل، بدا أن بعض الأفكار التي تطرحها الإدارة الأميركية الجديدة تحظى بقبول عند الكرملين. ولقد امتدح الناطق الرئاسي بيسكوف تصريحات وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بشأن التعددية القطبية، قائلاً إن تلك العبارة «تتوافق مع رؤية موسكو، وروسيا ترحب بذلك بالطبع». كما وصف حديث روبيو بشأن الاعتراف بالتعددية القطبية في العالم بأنه «مثير للاهتمام». وأيضاً في هذا السياق نفسه، لم تُخْف موسكو ارتياحها لقرار إدارة ترمب تقليص نشاط «الوكالة الأميركية للتنمية الدولية»، التي تتهمها موسكو بدعم «الثورات الملونة» وبمحاولة التأثير أكثر من مرة على الحياة السياسية والاجتماعية داخل روسياً. وللعلم، هذه الوكالة حالياً من المنظمات الأجنبية المحظورة في روسيا.

ورأى مسؤولون روس أن خطوات ترمب لتفكيك الوكالة تحظى بترحيب في مناطق عدة في العالم، كون الوكالة، بحسب الناطقة باسم «الخارجية» ماريا زاخاروفا «تروّج للثورات، وتتحدى القيم المجتمعية، وتعمل على نشر الشذوذ الجنسي، والدفاع عن حقوق المثليين».

وهذا الموضوع يفسر أيضاَ «الارتياح» الروسي للتخلص من وكالة أنفقت ملايين الدولارات في روسيا التي تنتهج خطاً محافظاً اجتماعياً لنشر أفكار وُصفت بأنها «معادية للمجتمع الروسي». ركّزت التعليقات الروسية على تحوّل الإدارة الأميركية من الكلام عن قضايا الأمن إلى «المصالح التجارية»