بدا غاري كروسبي مساعد مدرب بورتون ألبيون متحيراً بعض الشيء لدى سؤاله عما يعتقد أنه يظهر للباحثين لدى كتابة اسمه على محرك البحث «غوغل»، وقال: «لا أدري، لم يسبق لي قط البحث عن اسمي. ولم يسبق لي قط مشاهدة إعادة لمباريات شاركت بها ـ لا أرى جدوى في ذلك».
بدا كروسبي شخصية ودودة ومتواضعة، وتحدث بحماس عن استاد بيريلي الخاص بفريق بورتون ألبيون على مدار ما يقترب من الساعة، وتحدث عن الأيام التي كان يجري خلالها على طول الجانب الأيمن من الملعب في مواجهة فريق من العاملين بالمناجم، وكيف أنه وقع لصالح فريق نوتنغهام فوست الذي كان يقوده المدرب بريان كلوف، ما أثار غضب سير أليكس فيرغسون مدرب مانشستر يونايتد.
في سن الـ23. ودع اللاعب عالم كرة قدم الهواة، وشارك الجناح السريع فيما يزيد على 150 مباراة مع نوتنغهام فورست بين عامي 1988 و1994. خلال فترة كانت المشاركة في نهائيات بطولة الكأس أمراً شائعاً للغاية لدرجة أن كروسبي ليس لديه أدنى فكرة عن عدد المرات التي لعب خلالها على أرض استاد ويمبلي.
ويستغرق الحصول على الإجابة عبر الإنترنت وقتاً أطول كثيراً عن مقطع حدد ملامح مسيرة كروسبي الكروية. ويظهر المقطع المصور واحداً من أكثر الأهداف إثارة للجدل في تاريخ الكرة الإنجليزية وقد سجله كروسبي في مرمى مانشستر سيتي، والذي تصادف دخول بورتون ألبيون في مواجهة أمامه في دور قبل النهائي لبطولة كأس رابطة المحترفين انتهت بهزيمة قياسية لتسعة أهداف ذهابا في مباراة الذهاب في استاد الاتحاد على أن يلتقي الفريقين إيابا في ملعب بورتون بعد 10 أيام. وعلق كروسبي على ذلك بنبرة وشت ببعض الدهشة عندما علم أن «آندي ديبل» هي الإجابة على سؤال «غوغل»، قائلاً: «صحيح، بالطبع. كان ذلك مانشستر سيتي، أليس كذلك؟».
حتى يومنا هذا، ورغم مرور ما يقرب من 29 عاماً، لا يزال الهدف الفريد الذي سجله كروسبي محفوراً في أذهان جيل كامل من عشاق الساحرة المستديرة. وكان ذلك الهدف أول ما ورد ذكره خلال برنامج «ماتش أوف ذي داي» عندما تسلل ألكسندر لاكازيت مهاجم آرسنال خلف ديفيد دي خيا، الذي كان يفكر فيما عليه عمله بعد أن تلقى كرة عرضية، وضرب الكرة برأسه ليسقطها من يد حارس مرمى مانشستر يونايتد قبل أن يسددها في المرمى الخالي، لكن حكم المباراة تدخل وألغى الهدف. أما ديبل، الذي واجه ظروفا شبه متطابقة، فلم يكن محظوظاً بهذه الدرجة عندما وجه الكرة عن غير قصد إلى كروسبي.
كانت تلك مباراة في إطار بطولة الدوري في مارس (آذار) 1990. لكن كروسبي بمقدوره رسم صورة المشهد كما لو كان بالأمس. وعن ذلك، قال: «أتذكر أنها كانت كرة عرضية قادمة من العمق، والتفت حول الخلف، ربما مع آندي هنشكليف. أما أنا فلم أقترب منها وتحركت باتجاه اللوحات الإعلانية».
وأضاف: «بعد ذلك، كلما فكرت فيه أثناء نهوضي وعودتي جرياً إلى داخل الملعب: يجب عليه الإمساك بهذه الكرة بكلتا يديه. لذا، أقدمت على الفور على ركل الكرة بالرأس. ولا أعتقد أنني حتى لمست يديه. ولا أدري إذا كان الحكم رأى بالفعل ما حدث، أو إلى أي مدى يعي حقيقة ما جرى».
واستشاطت صفوف مانشستر سيتي غضباً، ودخل مدرب الفريق، هوارد كيندال، في مناقشة غاضبة مع الحكم روجر غيفورد، الذي أحاطه لاعبو مانشستر سيتي. وانضم إليهما ديبل وبدا محطماً عندما بدا واضحاً أن الحكم سيبقي على قراره باحتساب الهدف ـ وهو الهدف الوحيد خلال المباراة. ومنذ ذلك الحين، ظهر هذا الهدف في جميع مقاطع الفيديو التي ترصد الأخطاء الرياضية المضحكة. وخلال مقابلة أجريت معه بعد 14 عاماً، قال ديبل: «لا يمكنني الهروب من شبح ذلك الهدف أبداً».
ولا يزال كروسبي يذكر بقاء بعض مشجعي مانشستر سيتي داخل الاستاد بعد المباراة وتوجيههم إهانات له بينما كان يمشي نحو سيارته، لكنه أضاف أنه سرعان ما هدأت فورة الغضب التي أشعلها الهدف. أما ديبل، فقد أعطى لاحقاً القفازات التي كان يرتديها أثناء المباراة لستيف سوتون، حارس مرمى نوتنغهام فورست السابق، لبيعها في مزاد خلال مباراة اعتزاله ولم يكن هناك قط أي مشاعر ضغينة بسبب هذه الحادثة. وأضاف كروسبي: «لقد التقيت ديبل مراراً على مدار السنوات وكان الأمر محل ضحك لا أكثر».
وإذا كان هذا الهدف رسم على نحو ظالم الصورة العامة لمسيرة ديبل الكروية، يبدو الأمر كذلك بالنسبة لكروسبي، وإن كان على نحو يخلو من التهكم والسخرية. وفي تعليقه على هذه الفكرة، قال كروسبي الذي فاز مع نوتنغهام فورست ببطولة كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة: «ربما. هذا هو الأمر الذي يتذكرني الناس به دوماً». واستطرد قائلاً: «لكنني عايشت لحظات رائعة مع نوتنغهام فورست. في الواقع مجرد المشاركة في فريق يقوده بريان كلوف على مدار أربع أو خمس سنوات، يعد الإنجاز الأكبر الذي حققته ـ أن يقع اختياره علي، مع أنني لم أكن دوماً اللاعب المفضل لديه، فإنني لا بد أن قدمت بعض الأداء الجيد».
جدير بالذكر أن كروسبي ظل يشارك في كرة الهواة على مدار ست سنوات حتى ضمه كلوف إلى نوتنغهام فورست من غرانثام تاون أواخر عام 1987. بناءً على توصية من مارتن أونيل، مدرب نادي غرانثام تاون للهواة. وقد أطلقت عليه جماهير نوتنغهام فورست اسم «ذبابة اللحم» نظراً لضآلة بنيانه الجسدي. وبانتقاله إلى نوتنغهام فورست، دخل كروسبي عالماً جديداً تماماً.
وعن ذلك، قال: «جاءت مشاركتي الأولى مع نوتنغهام فورست أمام فريق الاحتياطي التابع لاستون فيلا على أرضنا في ليلة أربعاء. وعندما دخلت إلى غرفة تبديل الملابس ـ وكان ذلك في الثمانينات واعتدت أن يكون شعري طويلاً ـ اقترب مني كلوف وقال لي: هل تعلم تلك الأماكن بالخارج التي يوجد بها أقطاب حمراء وبيضاء؟ فأجبته: «نعم»، فقال: حان الوقت لتزور واحدة منها».
وأضاف كروسبي: «بعد ذلك وفي أعقاب المباراة مباشرة، قال كلوف إنه يرغب في ضمي إلى النادي. وأجبته: «أوه، رائع، لكن المشكلة الوحيدة أنني أعطيت وعداً باللعب لحساب فريق مانشستر يونايتد الاحتياطي، السبت». وقال بريان: «إذا اقتربت من مانشستر يونايتد، لن يكون لك تعاقد هنا». وعليه، قلت: «أين ينبغي لي التوقيع؟» مساء الجمعة، تلقيت اتصالاً هاتفياً من سير أليكس فيرغسون، أخبرني خلاله أنني ارتكبت خطأ فادحاً ويلوموني لأنني وعدته بالمشاركة مع مانشستر يونايتد. إلا أنني لم أتمكن من خوض مخاطرة عدم الفوز بهذه الفرصة. ومن الواضح أن ذلك كان أفضل قرار اتخذته في حياتي».
لعب كروسبي مع نايجل، نجل بريان، في صفوف نوتنغهام فورست وربطت بينهما علاقات طيبة خارج الملعب كذلك، لدرجة أنهما تناقشا في فكرة خوض مجال التدريب معاً قبل فترة طويلة من توافر الفرصة لذلك في بورتون ألبيون عام 1998. والذي كان يشارك في دوري الدرجة السادسة في ذلك الوقت. ومن بين المؤشرات الكاشفة عن مدى متانة هذه الصداقة أنهما لا يزالان يعملان معاً رغم مرور 21 عاماً أخرى، وذلك خلال فترة عملهما الثانية في النادي، بعد أن عملا لبعض الوقت في ديربي وشيفيلد يونايتد.
عن هذا الأمر، قال كروسبي: «يتعلق الأمر برمته بالثقة، بجانب أمور أخرى. من جهته، يتميز نايجل بقدر هائل من الوفاء، تماماً مثل والده. كما أنه لا يفكر أبدا في نفسه، وهو شخص صادق وأمين، ويضع مصلحة النادي أولاً قبل أي شيء فيما يتعلق بأي خطوة يتخذها. ولا يفكر أبدا في تحقيق مكاسب شخصية».
ومع أن كروسبي الرجل الثاني بعد كلوف، فإنه غالباً ما يوجد بمكان آخر يوم المباراة، ذلك أنه ربما يبحث عن أهداف محتملة لصفقات انتقال أو يتابع الفرق المنافسة، وذلك في وقت يحاول بورتون ألبيون استغلال موارده على النحو الأمثل. وقد اختار كروسبي ـ قرار ربما يكون حكيماً بعدم مشاهدة مانشستر سيتي تحت قيادة جوسيب غوارديولا، وسرعان ما بدا واضحاً أن الرجل البالغ 54 عاماً شارك بمجال كرة القدم منذ فترة طويلة للغاية جعلت من المتعذر عليه الاعتقاد بإمكانية حدوث معجزات وفريقه يسقط منهارا بتسعة أهداف. وقال كروسبي: «لقد حدثت المعجزة بالفعل لوصولنا إلى قبل النهائي. وأعتقد أن الناس لا يزالون يعيشون حالة من الصدمة. أنا شخصياً أشعر بالصدمة. وعندما ترى مانشستر سيتي وتوتنهام هوتسبير وتشيلسي وبورتون ألبيون في نصف النهائي يبدو الأمر برمته ممتعا».
كروسبي: مجرد وصول بورتون إلى نصف نهائي كأس الرابطة إنجاز تاريخي
مساعد المدرب ما زال يتذكر توبيخ السير أليكس فيرغسون له لعدم انضمامه ليونايتد
كروسبي: مجرد وصول بورتون إلى نصف نهائي كأس الرابطة إنجاز تاريخي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة