سلامة يبحث مع السراج وأبو الغيط ترتيبات عقد «الملتقى الوطني»

الناطق باسم الجيش: تركيا أصبحت قاعدة لانطلاق العمليات الإرهابية ضد ليبيا

فائز السراج خلال لقائه المبعوث الأممي غسان سلامة ونائبته في طرابلس (المجلس الرئاسي)
فائز السراج خلال لقائه المبعوث الأممي غسان سلامة ونائبته في طرابلس (المجلس الرئاسي)
TT

سلامة يبحث مع السراج وأبو الغيط ترتيبات عقد «الملتقى الوطني»

فائز السراج خلال لقائه المبعوث الأممي غسان سلامة ونائبته في طرابلس (المجلس الرئاسي)
فائز السراج خلال لقائه المبعوث الأممي غسان سلامة ونائبته في طرابلس (المجلس الرئاسي)

بحث أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، وغسان سلامة المبعوث الأممي لدى ليبيا، ترتيبات عقد الملتقى الوطني الجامع خلال الأسابيع القليلة المقبلة، فيما أخلت السلطات الأمنية في العاصمة طرابلس مقار رسمية تابعة للمجلس الأعلى للدولة ووزارة الخارجية، ومجمعاً لشركات نفطية، بعد تحذيرات أمنية من احتمال شن تنظيم داعش هجمات إرهابية جديدة.
وقال السفير محمود عفيفي، المتحدث باسم الأمين العام، إن أبو الغيط وسلامة استعرضا في اتصال هاتفي، أمس، آخر التحضيرات التي تجريها البعثة الأممية لتنظيم الملتقى الوطني الجامع، مشيراً إلى أنهما اتفقا على مواصلة التنسيق لتشجيع الأطراف الليبية على تحمل مسؤولياتها بهدف استكمال المسار السياسي، وتمهيد الأرضية السياسية والقانونية أمام إجراء الاستفتاء على الدستور، وإتمام الانتخابات التشريعية والرئاسية على النحو الذي يتطلع إليه أبناء الشعب الليبي.
وأضاف المتحدث الرسمي أن الاتصال تناول أيضاً الحاجة إلى مساندة مجمل الجهود والترتيبات القائمة لتثبيت الأمن والاستقرار في مختلف المناطق الليبية، وتوحيد المؤسسات الليبية، ودعم الخطوات الإصلاحية، التي أقرها المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني على الصعيدين الاقتصادي والمالي.
إلى ذلك، أكد مسؤول أمني في طرابلس لوسائل إعلام محلية، صحة معلومات تداولتها تقارير إعلامية، أمس، حول إخلاء مؤقت لمقر مجلس الدولة بأحد فنادق وسط المدينة، بالإضافة إلى المقر المؤقت لمحمد سيالة، وزير الخارجية بحكومة الوفاق الوطني التي يترأسها فائز السراج. فيما قالت مصادر في قوة العمليات الخاصة بوزارة الداخلية إن شركة أجنبية في طرابلس تلقت تهديدات.
ورفض المسؤول الكشف عن مصدر التهديدات الأمنية، لكنه أكد في المقابل أن السلطات الأمنية عززت من إجراءات الأمن حول مختلف المقرات الحكومية والرسمية في العاصمة.
ونقلت تقارير محلية عن مصادر أن سلطات الأمن طلبت على نحو عاجل من موظفي وأعضاء مجلس الدولة إخلاء المقر ومغادرته، وهو ما جرى أيضاً لاحقاً مع مقر سيالة، بينما تحدثت مصادر أمنية عن تطويق المكان من قبل الأجهزة الأمنية بعد ورود معلومات تفيد بوجود تهديدات أمنية.
ولم يصدر على الفور أي رد فعل من حكومة السراج، كما امتنعت مديرية أمن طرابلس ووزارتا الخارجية والداخلية ومجلس الدولة عن التعليق. لكن فتح الله السريري، عضو المجلس الأعلى للدولة، أكد في تصريحات له أمس، إخلاء مقر المجلس الأعلى للدولة لترتيب إجراءات تحوطات أمنية بعد ورود بلاغات عن تهديد في طرابلس.
وتأتي هذه التطورات بعد يومين فقط من اعتراف فتحي باش أغا، وزير الداخلية بحكومة السراج التي تحظى بدعم من بعثة الأمم المتحدة، أن تنظيم داعش موجود في العاصمة طرابلس، مبرزاً أن عناصره تتحرك بكل حرية في المدينة وضواحيها، مستغلة الفراغ الأمني، وعدم وجود خطة أمنية.
وكان تنظيم داعش قد توعد مؤخراً بشن سلسلة هجمات متواصلة خلال العام الحالي، تستهدف المؤسسات الليبية وقوات الجيش في شرق وغرب البلاد.
وفيما يمكن اعتباره بمثابة تراجع جديد عن اعتزام الأمم المتحدة إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في ليبيا بحلول الربيع المقبل، قال غسان سلامة، رئيس بعثة الأمم المتحدة، الذي التقى أمس، رفقة نائبته للشؤون السياسية السفيرة ستيفاني ويليامز، مع السراج، إن خطة العمل الأممية تقوم بالتنسيق والتشاور مع الأطراف الليبية على إجراء انتخابات برلمانية، ثم الاستفتاء على الدستور لتنتهي بانتخابات رئاسية قبل نهاية العام الحالي.
وأكد سلامة في تصريحات تلفزيونية، مساء أول من أمس، أن هناك توافقاً بأن «الانتخابات الرئاسية الليبية غير ممكنة، قبل أن يحدد بوضوح في نص دستوري صلاحيات الرئيس»، لافتاً إلى أهمية وجود ما أسماه بـ«قاعدة دستورية صلبة قبل الانتقال للانتخابات الرئاسية» في ليبيا.
بدوره، قال السراج، في بيان وزعه مكتبه، إنه اطلع خلال اجتماعه أمس مع سلامة ونائبته على الخطوات، التي اتخذتها البعثة الأممية لإنجاح الملتقى الوطني الجامع المزمع عقده قريباً، موضحاً أن الملتقى سيعقد بحضور ممثلين عن الفعاليات والمكونات السياسية والاجتماعية والثقافية دون إقصاء أحد، وذلك بهدف إتمام الاستحقاق الدستوري الانتخابي الذي يتطلع إليه جميع الليبيين.
في شأن آخر، واصل أحمد المسماري، الناطق باسم الجيش الوطني الليبي، هجومه الشديد على تركيا، وأعلن في مؤتمر صحافي، مساء أول من أمس، في مدينة بنغازي، أن «تركيا أصبحت قاعدة إرهابية لانطلاق العمليات نحو ليبيا... التي تجرعت السم من تركيا ومن هذه العمليات الإرهابية الخبيثة».
وأضاف المسماري متسائلاً: «لصالح من صادرت تركيا حرية وأمن ليبيا.. لا نعرف؟ ولصالح من يتم تدمير الجيش الليبي؟ هذه إجابات لا نعرفها». موضحاً أن تركيا «تستضيف 5 قنوات فضائية ليبية تدعم الإرهاب، ووفرت غرف عمليات لإدارة العمليات الإرهابية، وتأوي الإرهابيين في أنقرة وإسطنبول»، لافتاً إلى أن كل الأموال الليبية المنهوبة «تم نقلها إلى تركيا على هيئة استثمارات وعقارات في تركيا، وهناك معلومات وسجلات كاملة عن عملاء في المطارات يساعدون في حدوث ذلك».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.