نتنياهو طلب من واشنطن 3 مرات الاعتراف بضم الجولان

هضبة الجولان
هضبة الجولان
TT

نتنياهو طلب من واشنطن 3 مرات الاعتراف بضم الجولان

هضبة الجولان
هضبة الجولان

أعربت مصادر مقربة من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عن خيبة أملها من تجاهل مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون، المطلب بالاعتراف الأميركي بضم الجولان. وتذمرت هذه المصادر من أن بولتون لم يعلق على طلب نتنياهو بهذا الخصوص ورفض القيام بجولة في الأراضي السورية المحتلة.
وأكدت المصادر أن نتنياهو تعمد توجيه الطلب بشكل علني، عندما استقبل بولتون يوم الأحد الماضي. فقال: «هضبة الجولان مهمة جدا للأمن الإسرائيلي، وإسرائيل لن تنسحب بتاتا من هناك، وعلى جميع الدول الاعتراف بسيادة إسرائيل عليها». ودعا نتنياهو، بولتون، إلى زيارة هضبة الجولان السورية، حتى يفهم أهميتها. وقال متحدثاً لبولتون: «غدا أنا وأنت سنصعد إلى مرتفعات الجولان. ذلك يعتمد على حالة الطقس. هناك يمكنك أن ترى لماذا من المهم الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الهضبة. وأرجو أن تعترف الولايات المتحدة بقرارنا ضمها إلى السيادة الإسرائيلية». وحرص نتنياهو على الربط بين هذا الاعتراف والانسحاب الأميركي من سوريا.
وكان يتوقع أن يرد المستشار الأميركي بأي شيء على طلبه. لكن بولتون تعمد أن يتجاهل الطلب حول الجولان. وراح يمجد حكومة إسرائيل والتعاون الأمني معها. وراح يطمئن المسؤولين الإسرائيليين بشأن قرار ترمب حول الانسحاب، بأنه لا يوجد جدول زمني لسحب القوات الأميركية من شمال شرقي سوريا، وشدد على أنه (قرار الانسحاب) ليس التزاما غير محدود. وأضاف أن «هناك أهدافا نريد أن ننفذها شرطا للانسحاب... الجدول الزمني يتماشى مع قرارات الإدارة السياسية التي نحتاج إلى تنفيذها». وأشار بولتون إلى أهمية العلاقات الوطيدة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وعدّ أن العلاقات بين البلدين كانت دائما جيدة بفضل القيادة السياسية، وأكد أن الولايات المتحدة تدعم ما عدّه «حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها».
وقال إن «الولايات المتحدة ستحرص على ألا تتضرر إسرائيل وسائر حلفائنا (في إشارة إلى المسلحين الأكراد) من قرار انسحاب القوات الأميركية من سوريا». وأوضح بولتون أن انسحاب الجيش الأميركي من شمال شرقي سوريا، مشروط بهزيمة فلول تنظيم داعش، وضمان تركيا سلامة المقاتلين الأكراد المتحالفين مع الولايات المتحدة.
لكن بولتون لم يلتفت بكلمة إلى مسألة الجولان وغادر إسرائيل إلى تركيا من دون أن يرد على دعوة نتنياهو لزيارة هذه المرتفعات والتعرف على «حيويتها الأمنية» بالنسبة لإسرائيل.
وكشفت مصادر في تل أبيب، أمس، عن أن نتنياهو كان قد توجه إلى الإدارة الأميركية 3 مرات منذ مطلع الشهر الحالي طالبا الاعتراف بضم الجولان لإسرائيل، في مقابل القرار الأميركي الانسحاب من سوريا. وفعل ذلك أولا برسالة عن طريق السفارة، ثم برسالة من خلال لقائه مع وزير الخارجية مايك بومبيو، الأسبوع الماضي في البرازيل، وأعاد طرحه أيضا في اجتماعه مع بولتون في القدس الغربية، أول من أمس. وأكدت المصادر أن نتنياهو يمارس ضغوطا على إدارة الرئيس ترمب بهذا الخصوص من خلال الإلحاح الشديد، مع أنه كان قد طرح المطلب أمامها قبل بضعة أشهر ولم يتلق رداً إيجابياً؛ بل لمح الأميركيون له بأنهم يخشون من رد فعل روسي قوي على مثل هذا التحرك، وقرروا في هذه المرحلة عدم الاعتراف الرسمي بالسيادة الإسرائيلية على الجولان المحتل.
ولفتت المصادر إلى أن تحرك نتنياهو في هذا الاتجاه لم يأت صدفة في هذا التوقيت، بل إنه يتزامن مع حالة الترويج لعدد من مشروعات القوانين في مجلس الشيوخ الأميركي، التي تشمل دعوة الإدارة إلى الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان السورية المحتلة. وقالت إن البيت الأبيض لم يعلن بعد عن موقفه من هذه القوانين، وأوضحت المصادر أن إسرائيل تأمل أن يقرر ترمب، بعد الانسحاب الأميركي من سوريا، اتخاذ بادرة سياسية تجاه إسرائيل تتضمن الاعتراف بالسيادة على الجولان السورية.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم