الهدوء يعود إلى الغابون بعد محاولة انقلابية فاشلة

الانقلابيون أحيلوا للتحقيق وحالة من الترقب تسود البلاد

عسكري يقرأ بيان الانقلاب في مبنى الإذاعة في ليبرفيل اول أمس (أ.ف.ب)
عسكري يقرأ بيان الانقلاب في مبنى الإذاعة في ليبرفيل اول أمس (أ.ف.ب)
TT

الهدوء يعود إلى الغابون بعد محاولة انقلابية فاشلة

عسكري يقرأ بيان الانقلاب في مبنى الإذاعة في ليبرفيل اول أمس (أ.ف.ب)
عسكري يقرأ بيان الانقلاب في مبنى الإذاعة في ليبرفيل اول أمس (أ.ف.ب)

عادت الحياة إلى طبيعتها بشكل تدريجي أمس (الثلاثاء) في مدينة ليبريفيل، عاصمة الغابون، وذلك بعد محاولة انقلابية فاشلة استمرت لعدة ساعات فقط، وانتهت باعتقال ثمانية عسكريين ومقتل اثنين آخرين، بينما جرت اعتقالات في صفوف مدنيين كانوا يخططون للتظاهر تأييداً للمحاولة الانقلابية الفاشــــلة.
وطيلة يوم الاثنين أغلقت المحلات التجارية والمطاعم وأغلب الفنادق أبوابها أمام الزبائن، ولكن مع صباح أمس (الثلاثاء) عادت إلى فتح أبوابها بشكل طبيعي، كما بدت حركة المرور طبيعية جداً، بينما يلاحظ وجود انتشار أمني كثيف في وسط المدينة وفي بقية الأحياء الشعبية، وذلك خشية أي تحرك عسكري أو شعبي، فيما اعتبرت الحكومة أنه «إجراء احترازي طبيعي» بعد الأحداث التي شهدتها البلاد، وشوهدت ليل الاثنين - الثلاثاء مدرعات تابعة للجيش تجوب شوارع العاصمة، كما سمع دوي طلقات نارية متفرقة ومتقطعة.
من جهة أخرى، عاد التيار الكهربائي إلى جميع أحياء مدينة ليبريفيل بعد انقطاع تزامن مع المحاولة الانقلابية، كما أن الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي لم تعد محجوبة، بينما استأنفت الإذاعة المحلية البث بشكل طبيعي، وهي التي كانت مسرحاً للمحاولة الانقلابية الفاشلة، عندما اقتحمها فجر الاثنين عدد من الجنود الشبان وقرأوا عبرها بياناً يدعو إلى تشكيل «مجلس وطني للإصلاح» بعدما قالوا إنه «عجز» الرئيس علي بونغو عن ممارسة مهامه كرئيس للجمهورية، وهو الموجود منذ عدة أشهر خارج البلاد لتلقي العلاج، ويوجد الآن في فترة نقاهة بالمغرب.
وشرعت السلطات الغابونية في التحقيق مع منفذي المحاولة الانقلابية، بمن فيهم زعيمها المفترض الملازم أوندو أوبيانغ كيلي، وقال الوزير الناطق باسم الحكومة غي برنار مابانغو، إن «الهجوم على الإذاعة نفذته مجموعة صغيرة تتكون من عشرة أفراد من قوات الدفاع والأمن، يقودهم الملازم، أوندو أوبيانغ كيلي، وتصف نفسها بحركة شباب وطنية مزعومة».
وأضاف الوزير في ندوة صحافية عقب فشل الانقلاب، أن الحكومة وفور علمها بالحادث «شكلت جهاز تدخل مكّن تفعيله بسرعة من تحييد أو توقيف جميع عناصر المجموعة»، قبل أن يؤكد أن العملية تم خلالها «قتل عنصرين من المتمردين فيما تمت إحالة البقية، ومن ضمنهم الملازم كيلي، إلى النيابة العامة».

وحول التهم الموجهة إلى الانقلابيين، قال الوزير إن المجموعة المتمردة «أخذت العاملين الحاضرين في الإذاعة كرهائن، وبثت رسالة تدعو إلى الانتفاضة على مؤسسات الجمهورية وإرساء مجلس وطني للإصلاح»، ولكن الغابونيين يترقبون نتائج التحقيق وما ستحمله الساعات والأيام المقبلة من تطورات، حول المحاولة الانقلابية التي شهدها بلدهم.
والسؤال الذي يطرحه الغابونيون بقوة بعد المحاولة لانقلابية الخاطفة وغير المحترفة، هو إن كان هؤلاء الجنود الشباب الذين حاولوا الإطاحة بواحد من أقوى وأقدم أنظمة الحكم في القارة الأفريقية، كانوا يتحركون من تلقاء أنفسهم أم أن جهة أخرى تقف خلفهم وهي التي شجعتهم على التحرك، ويتساءل الغابونيون إن كان بعض قادة المؤسسة العسكرية أو رؤساء الأحزاب السياسية، متورطين في المحاولة الانقلابية.
ولكن السؤال الأهم هو هل السلطات نجحت بالفعل في السيطرة على الوضع، أم أن هذه المحاولة الانقلابية هي مجرد رأس جبل الجليد، وأن البلد تنتظره حالة من عدم الاستقرار والتجاذب السياسي؟ خاصة بالنظر إلى الوضع الصحي الصعب الذي يمر به الرئيس علي بونغو الذي يبدو واضحاً أنه لن يعود في الوقت القريب.
في غضون ذلك، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إدانته للمحاولة الانقلابية، وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك: «جرى إطلاع الأمين العام وغيره من المسؤولين بشكل كامل على محاولة الانقلاب التي شهدتها العاصمة ليبريفيل»، وأوضح أن «ممثل الأمين العام الخاص لأفريقيا الوسطى فرنسوا لونسيني فال يراقب الوضع عن كثب، وهو مستعد للقيام بمساع حميدة إذا تطلب الأمر ذلك».
وقال دوجاريك: «من حيث المبدأ لطالما وقف الأمين العام في وجه التغييرات غير الدستورية للسلطة ولا سيما التي تحدث بالقوة وفي ضوء ذلك يدين غوتيريش محاولة الانقلاب ويدعو كل الجهات الفاعلة إلى اتباع الدستور».
كما أدان الاتحاد الأفريقي المحاولة الانقلابية، وقال رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فقي محمد: «الاتحاد الأفريقي يدين بشدة محاولة الانقلاب التي جرت في الغابون، إن الاتحاد الأفريقي يرفض بشكل تام كل تغيير غير دستوري في السلطة»، الموقف نفسه عبرت عنه فرنسا إذ قالت الناطقة باسم الخارجية الفرنسية: «فرنسا تدين أي محاولة تغيير للنظام خارج إطار الدستور».
فرنسا التي تعد المستعمر السابق للغابون وتتهم بأنها مساند قوي للرئيس علي بونغو، قالت إن «استقرار الغابون لا يمكن أن يتم إلا ضمن الاحترام الكامل لبنود دستورها».



​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
TT

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

استعادت جماعة «بوكو حرام» الموالية لـ«تنظيم داعش» الإرهابي، قدرتها على المبادرة والهجوم في مناطق مختلفة بشمال نيجيريا، وشنّت هجوماً استهدف قاعدة عسكرية تابعة للجيش، قُتل فيه خمسة جنود على الأقل، وأُصيب عشرة جنود، فيما قال الجيش إنه قتل أكثر من خمسين من عناصر الجماعة الإرهابية.

وقالت قيادة الجيش النيجيري في بيان، إن الهجوم الإرهابي الذي شنّه فرع من جماعة «بوكو حرام»، في غرب أفريقيا، استهدف القوات المتمركزة بموقع عمليات التثبيت بقرية «كاريتو»، بولاية بورنو، في أقصى شمال شرقي نيجيريا، على الحدود مع دولة النيجر.

البيان الصادر عن مدير الإعلام العسكري، اللواء إدوارد بوبا، قال إن الهجوم الإرهابي وقع بالتزامن مع عطلة نهاية الأسبوع، ووصفه بأنه «كان منسقاً»، قبل أن يؤكد «مقتل خمسة جنود وإصابة عشرة آخرين بجروح، بالإضافة إلى فقدان أربعة جنود آخرين».

من عملية ضد جماعة «بوكو حرام» (أرشيفية متداولة)

وفي السياق ذاته، قال المتحدث باسم قيادة الجيش إن «القوات المسلحة نجحت في القضاء على عدد من الإرهابيين، واستعادة أسلحة كانت بحوزتهم»، مشيراً إلى تكبد الجيش خسائر مادية «فادحة»، حيث إن منفذي الهجوم الإرهابي أحرقوا بعض المعدات «بما في ذلك شاحنة محملة بالأسلحة، وثلاث مركبات تكتيكية، وجرافة».

وأطلق الجيش النيجيري عملية تعقب بقيادة وحدة من قوات الدعم مع غطاء جوي، وقال إن الهدف هو «استكشاف المنطقة بشكل عام، ومسارات انسحاب الإرهابيين»، وفق تعبير البيان.

وتسعى القوات النيجيرية إلى قطع الطريق أمام منفذي الهجوم الإرهابي، بهدف استعادة الجنود المفقودين، في ظل توقعات بأن الإرهابيين «اختطفوهم» ليكونوا دروعاً بشرية تحميهم من أي قصف جوي.

صورة أرشيفية لهجوم شنّته جماعة «بوكو حرام» في نيجيريا (رويترز)

الهجوم الإرهابي استهدف قرية «كاريتو»، التي لا تبعد سوى 153 كيلومتراً عن العاصمة الإقليمية مايدوجوري، وهي المقر الرئيس لـ«الكتيبة 149» التابعة للجيش النيجيري، التي تشارك بنشاط في عمليات محاربة الإرهاب، كما استهدف معاقل فرعي جماعة «بوكو حرام»، الموالية لتنظيمي «داعش» و«القاعدة».

وقالت قيادة الجيش النيجيري إن «هذا الهجوم لن يثني القوات المسلحة النيجيرية عن القضاء على الإرهاب والتمرد والتحديات الأمنية الأخرى التي تواجه البلاد»، وأعربت عن تعويلها على تعاون السكان المحليين في ملاحقة الإرهابيين.

وأعلن حاكم ولاية بورنو، باباغانا زولوم، عن وقوفه إلى جانب القوات المسلحة النيجيرية، وأضاف في بيان صحافي أن الهجوم «يعيد إلى الأذهان مستوى وحشية العناصر الإرهابية لجماعة (بوكو حرام)».

وبينما أعلن عدد من كبار قادة الجيش في نيجيريا عن انتصارات كاسحة في مواجهة خطر «بوكو حرام»، والاقتراب من القضاء عليها بشكل نهائي، بدأت الجماعة تعيد ترتيب صفوفها، وإظهار قدرات جديدة على المبادرة والهجوم.

ففي حادث منفصل، نصب مسلحون من «بوكو حرام»، الثلاثاء، كميناً لفريق مراقبة من قوات الأمن والدفاع المدني النيجيرية، كان يتفقد منشآت الشبكة الوطنية للكهرباء والطاقة في إقليم النيجر التابع لنيجيريا.

مسلحو «بوكو حرام» خلَّفوا الخراب والدمار في ولاية بورنو شمال شرقي نيجيريا (أرشيفية - أ.ف.ب)

وقال المتحدث باسم قوات الأمن والدفاع المدني أفولابي باباوالي، إن خطوط الشبكة الوطنية للطاقة تعرضت مؤخراً لهجمات إرهابية تخريبية، وقد أسفرت عن انقطاع واسع للتيار الكهربائي في أقاليم شمال نيجيريا.

وأوضح المتحدث أنه «حينما كانت فرق الأمن تتفقد خطوط الشبكة الوطنية، تعرضت لهجوم إرهابي نفذه أكثر من 200 مسلح نصَبوا كميناً من قمة أحد التلال»، مشيراً في السياق ذاته إلى أن المواجهات بين الطرفين «أسفرت عن مقتل أكثر من خمسين إرهابياً، فيما يوجد سبعة جنود في عداد المفقودين».

وتتزامن هذه الهجمات الإرهابية المتفرقة، مع معارك طاحنة تجري منذ أسابيع ما بين جيش تشاد ومقاتلي «بوكو حرام» في منطقة حوض بحيرة تشاد، التي تُوصف بأنها «العمق الاستراتيجي» للتنظيم الإرهابي، حيث توجد قواعده الخلفية وسط الغابات والجزر المترامية في واحدة من أكبر المناطق الرطبة في أفريقيا.