بعد ست سنوات من النمو المتواصل، تتوقع شركات السيارات أن يتجمد نمو المبيعات أو يتراجع خلال العام الجديد 2019 وذلك بسبب حالة التوتر وعدم اليقين التي يعاني منها المستهلك لأسباب متعددة منها إمكانية فرض الولايات المتحدة رسوما جديدة على السيارات المستوردة وتطبيق اختبارات صلاحية أوروبية جديدة اسمها (WLTP)، وتفاعلات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وتراجع الاقتصاد الإيطالي. وتضيف تركيا أيضا إلى مصاعب شركات السيارات بأزمتها الاقتصادية الناتجة عن انهيار الليرة التركية.
وتتأثر الشركات بهذه التحديات بدرجات مختلفة حيث تعد شركات فورد وتويوتا وفيات كرايسلر من أكثر الشركات المتأثرة من الأزمة التركية. ولدى فورد مصنع في تركيا لصناعة الشاحنات كما أنها تسيطر على 12 في المائة من سوق السيارات في تركيا.
وتتوقع شركة تويوتا أن ينكمش حجم السوق التركية للسيارات إلى النصف خلال عام 2019. أي إلى 550 ألف سيارة هبوطا من أكثر من مليون سيارة في عامي 2015 و2016. وتراجع حجم المبيعات بسبب الارتفاع الباهظ في أسعار السيارات مع تراجع قيمة الليرة التركية.
ولا تستفيد الشركات العاملة في تركيا من تراجع قيمة العملة المحلية في التصدير لأنها تستورد معظم مكونات السيارات باليورو. وتبني تويوتا سيارتي كورولا و«سي إتش - آر» في تركيا للسوق المحلية وللتصدير إلى أوروبا. ويعاني الاقتصاد التركي من ارتفاع التضخم وأسعار الفائدة وتراجع في قيمة الليرة.
وتوقع مارتن بينك، مدير توقعات المبيعات الأوروبية في شركة الأبحاث «أي إتش إس ماركت»، أن يتراجع النمو الأوروبي هذا العام مقارنة بنمو نسبته 1.6 في المائة في عام 2018. وترى شركة «إل إم سي» أن أسواق أوروبا الغربية سوف تتراجع بنسبة 0.9 في المائة. وغيرت شركة موديز تقديرات عام 2018 من النمو بنسبة 2 في المائة إلى مجرد 0.7 في المائة. وترى موديز أن العوامل المؤثرة في السوق حاليا هي عوامل سلبية. ويشمل التراجع المتوقع من الشركة السوقين الإيطالية والإسبانية.
ويتوقع الاتحاد الأوروبي نموا اقتصاديا في عام 2019 بنسبة 2 في المائة، وهي نسبة مماثلة لما تحقق في عام 2018 وأقل من نسبة عام 2017. ولكن الدول الأوروبية الرئيسية مثل ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا لن يزيد النمو فيها عن واحد في المائة خلال عام 2019. وتزيد نسب النمو في شرق أوروبا إلى ما بين 3 و4 في المائة خلال العام. ويشير مارتن بينك إلى أن الانتعاش الذي أعقب موجة الكساد الأخيرة استنفد أسبابه في الدول الأوروبية الكبرى.
وتتأثر صناعة السيارات الألمانية أكثر من غيرها بتهديدات فرض رسوم جمركية إضافية في السوق الأميركية. كما تعاني ألمانيا من عدم استقرار سياسي بسبب قرار المستشارة ميركل ترك منصبها في نهاية فترتها الحالية مع عدم وجود خليفة طبيعي لها. وتعتمد السوق الألمانية حاليا على تقديم الحوافز الحكومية لاستبدال السيارات القديمة بأخرى حديثة أكثر نظافة في التشغيل.
- عام «بريكست»
للعام الثالث على التوالي تتأثر السوق البريطانية بمخاوف انعكاسات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي المعروف باسم «بريكست» ولكن هذا الغموض سوف يحسم هذا العام مع اقتراب موعد الخروج الرسمي في 29 مارس (آذار) المقبل. وتعتمد تحولات السوق بعد ذلك التاريخ على وجود اتفاق أو عدمه.
وفي حالة الموافقة على اتفاق ودي من المتوقع أن تشهد بريطانيا نموا هامشيا في مبيعات السيارات قد يصل إلى نسبة 1.5 في المائة وفقا لوكالة موديز. ولكن في حالة الخروج بلا اتفاق يمكن أن تتراجع السوق البريطانية بنسبة سبعة في المائة. ولكن المؤثرات الأكبر في السوق مثل تراجع السوقين الأميركية والصينية وتأزم العلاقات التجارية بينهما والاختناقات الاقتصادية في دول مثل تركيا وإيطاليا تضع السوق الأوروبية بوجه عام تحت ضغوط غير مسبوقة قد تؤثر سلبيا على نمو الأسواق في العام الجديد.
ومن المتوقع أن يستمر نمو السيارات الرباعية الرياضية (SUV) والـ«كروس أوفر» على حساب السيارات التقليدية من نوعي السيدان والهاتشباك. ولكن نسبة النمو سوف تتراجع بشدة في القطاع الرباعي الرياضي مقارنة بالسنوات الماضية. ويرى مارتن بينك أن الانتعاش في القطاع الرباعي الرياضي لم ينته بعد ولكن بعض الفئات داخل القطاع وصلت إلى حد التشبع.
وهناك فرص نمو محدودة في القطاع الصغيرة مثل «تي كروس» من فولكسفاغن و«راف 4» من تويوتا.
- القطاع الكهربائي
ويتفق الخبراء على أن القطاع الكهربائي مؤجل لعام أو اثنين حتى يحدث الاختراق المتوقع في الأسواق. وتوجد في أسواق 2019 سيارات مثل مرسيدس «إي كيو سي» وأودي «إي ترون» وجاغوار «أي بيس» بالإضافة إلى سيارات تيسلا التي يصل منها إلى أوروبا هذا العام «موديل 3». ولكن هذه السيارات في مجملها لن يكون لها تأثير جذري على الأسواق خلال العام الجاري.
ولكن الأمر قد يتغير بداية من عام 2020 عندما تطبق شروط بيئية أوروبية جديدة تلزم الشركات بألا يزيد معدل البث الكربوني من مجمل سياراتها عن معدل 95 غراما لكل كيلومتر هبوطا من 117 غراما في عام 2017. ومن المتوقع وفقا لأبحاث شركة «أي إتش إس ماركت» أن تنتظر الشركات حتى الأسابيع الأخيرة قبل تطبيق المعايير الجديدة لكي تكشف عن سياراتها الكهربائية التي قد تكون أرخص ثمنا بفعل المنافسة. وتأمل الشركات أن تقدم الحكومات حوافز إضافية لمشتري السيارات الكهربائية.
وخلال عام 2019 سوف تبقى السيارات الكهربائية ذات وجود رمزي في الأسواق بينما يتوجه الصانعون إلى السيارات الهايبرد لتحقيق التوافق مع المعايير البيئية. وقد تبدو معدلات النمو في عام 2019 مرموقة بالنسبة إلى القطاع الكهربائي والهايبرد بشحن خارجي ولكن هذا سوف يكون بسبب تضاؤل حجم هذه القطاعات بالفعل، وأي زيادة فيها سوف تبدو كبيرة ولكنها غير مؤثرة في السوق.
ركود ينتظر أسواق السيارات في 2019 بعد 6 سنوات من النمو
أزمة تركيا تضيف إلى المصاعب
ركود ينتظر أسواق السيارات في 2019 بعد 6 سنوات من النمو
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة