الأزهر يرفض انتقادات لمناهجه

عقب اتهامات بأنها دعت للطائفية والإرهاب

TT

الأزهر يرفض انتقادات لمناهجه

دافع الأزهر عن صورة الأقباط في مناهجه الدراسية، وقال أمس، إن «المصريين جميعاً شركاء في الوطن، وإنهم -مسلمين وأقباطاً- مواطنون متساوون في الحقوق والواجبات». يأتي هذا في وقت تواصلت خلال الأيام الماضية الاتهامات للمشيخة بأن «مناهج التعليم الأزهري تحض على الكراهية والعنف والإرهاب».
وقالت مشيخة الأزهر في بيان لها: إن «لجنة التطوير بقطاع المعاهد الأزهرية، وضعت منهجاً جديداً لمادة التربية الدينية للمرحلة الابتدائية منذ ثلاثة أعوام، بهدف التركيز بصورة أساسية على توضيح العلاقة بين المسلمين والأقباط، وتوضيح مفهوم المواطنة بشكل بسيط وسهل... وحرص الكتاب على إظهار طلاب المعاهد الأزهرية وهم يلتقون مع صديقهم المسيحي، ويحيّونه ويتحدثون معه»، إذ يقول الكتاب «خرج التلاميذ من المعهد بعد انتهاء اليوم الدراسي والتقوا كعادتهم بصديقهم (مينا) وأثناء سيرهم في الطريق وجدوا حجراً في وسط الطريق فأسرع التلاميذ وتعاون معهم (مينا) لإبعاده».
مضيفة: «في كتاب التربية الدينية المقرر على الصف الأول تم تخصيص وحدة كاملة بالصور تتحدث عن وجوب إلقاء التحية على الناس مسلمين كانوا أو غير مسلمين... أما الكتاب المقرر على الصف الثاني الابتدائي فيؤكد أن الإيمان بالله وبالرسل أجمعين هو من تمام كمال الإيمان فلا فرق بين نبي وآخر، كما يتضمن وحدة عن التعاون، وأخرى عن التسامح، وثالثة لتهنئة غير المسلمين في مناسباتهم».
وأوضحت المشيخة: «أما في المرحلة الإعدادية فيدرس الطلاب في السنوات الثلاث مادة أصول الدين، ففي الكتاب المقرر على الصف الأول الإعدادي، جاء في مقدمته أن الكتاب يبيّن علاقة المودة بين المسلمين وغير المسلمين، والحقوق والواجبات المقررة على كل منهما، فيما يتضمن نفس الكتاب درس المساواة بين الناس في الخلق، وأن المساواة على مبدأ المواطنة»، في إشارة إلى أن المسلمين والمسيحيين سواء... أما كتاب أصول الدين المقرر على الصف الثاني الإعدادي فقد تضمن درساً حول إنصاف أهل الكتاب.
وعن المرحلة الثانوية، قالت مشيخة الأزهر، إن الطلاب يدرسون مقرراً دراسياً كاملاً من كتاب «المواطنة وحقوق الإنسان»، انطلاقاً من إرساء دعائم المواطنة في أشبال الأزهر، وغرس القيم الدينية التي تحض على التعايش السلمي المشترك وقبول الآخر.
وسبق أن ذكر نواب في البرلمان في مايو (أيار) 2017 أن «مناهج التعليم الأزهري تحض على الكراهية، وتدعو للعنف وبعضها يدعو لعدم قبول الآخر». وهاجم بعضهم المشيخة في مارس (آذار) عام 2017 بسبب ما أعلنوه من تباطؤ المؤسسة في تحقيق المرجوّ من تطوير مناهجها. إلا أن علماء في الأزهر من خارجه من السياسيين انتقدوا استمرار عملية تشويش المؤسسة. وأكد ناجى الشهابي، رئيس حزب «الجيل» في مصر، أن «مؤسسة الأزهر ظلت تقود التطوير على مدى تاريخها الطويل، والحديث عن تعديل مناهج كتب التراث وأنها تُخرّج من يقومون بالأعمال الإرهابية ظلم كبير لكتب التراث التي تعلّم منها الملايين».
وتحدثت مصادر في المشيخة لـ«الشرق الأوسط» قائلة: إن «الأزهر حرص أن يعلّم أبناءه وطلابه منذ المرحلة الابتدائية حتى التخرج في الجامعة، أن الأقباط شركاء في الوطن لهم نفس الحقوق والواجبات». مضيفة: «لم نرَ أي خروج في المناهج على المنهج الإسلامي، ولا يوجد ما يمكن أن يدعو إلى العنف».
في ذات السياق، أوضحت مشيخة الأزهر أن «مواد كليات الجامعة تناولت علاقة المسلمين بالمسيحيين باتساع وتفصيل، وخصصت الكليات التي تدرس العلوم الشرعية والفقهية كالدعوة الإسلامية، وأصول الدين، والشريعة والقانون، مواد ثابتة يدرسها الطلاب بطول المراحل الدراسية، وموضوعات حول المواطنة في الإسلام، وعلاقة المسلمين بغيرهم، ووجوب تأمين أهل الكتاب».
يأتي هذا في وقت أعلنت جامعة الأزهر أمس، أنها أحالت بعض أعضاء هيئة التدريس إلى التحقيق؛ لعدم التزامهم بتدريس المواد الدراسية للطلاب وفق التوصيف الدراسي المقرر، الذي يتسق مع المنهج الأزهري، ويُجسد صحيح الإسلام بقيمه الوسطية السمحة.
وكان الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، قد قال خلال كلمته في افتتاح كاتدرائية «ميلاد المسيح» بالعاصمة الإدارية الجديدة الليلة قبل الماضية، إن «الإسلام أو دولة الإسلام ضامنة شرعاً لكنائس المسيحيين وهذا حكم شرعي، وإذا كان الشرع يكلّف المسلمين بحماية المساجد، فإنه وبالقدر ذاته يكلف المسلمين بحماية الكنائس، والمسلمون يتقدمون في حماية الكنائس على إخوتهم المسيحيين، وهذا ليس حكماً يأتي هكذا مجاملة؛ وإنما هو حكم قائم على آية من القرآن الكريم نحفظها جميعاً وإن كان معناها أحياناً وللأسف الشديد يخفى على كثير حتى من المتخصصين». محذراً من «استدعاء فتاوى قيلت في زمن معين وظروف خاصة للقول بأنه لا يجوز في الإسلام بناء الكنائس، فهذا ليس من العلم ولا الحق في شيء... واسألوا التاريخ ينبئكم أن كنائس مصر معظمها بُنيت في عهد المسلمين».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.