المغرب: «الأصالة والمعاصرة» يبحث سبل تجاوز أزمته الداخلية

بنشماش يدعو إلى إنهاء التراشق الإعلامي... ويختار أخشيشن نائباً له

أعضاء المكتبين السياسي والفيدرالي لـ{الأصالة والمعاصرة} في صورة جماعية عقب لقائهم في الرباط (الشرق الأوسط)
أعضاء المكتبين السياسي والفيدرالي لـ{الأصالة والمعاصرة} في صورة جماعية عقب لقائهم في الرباط (الشرق الأوسط)
TT

المغرب: «الأصالة والمعاصرة» يبحث سبل تجاوز أزمته الداخلية

أعضاء المكتبين السياسي والفيدرالي لـ{الأصالة والمعاصرة} في صورة جماعية عقب لقائهم في الرباط (الشرق الأوسط)
أعضاء المكتبين السياسي والفيدرالي لـ{الأصالة والمعاصرة} في صورة جماعية عقب لقائهم في الرباط (الشرق الأوسط)

أرغمت أزمة الخلافات الحادة، التي عاشها حزب الأصالة والمعاصرة المغربي المعارض، طيلة الأسابيع الماضية بين قياداته، التي بلغت حد المطالبة بإقالة الأمين العام حكيم بنشماش، قادت الحزب إلى عقد لقاء مشترك بين المكتبين السياسي والفيدرالي نهاية الأسبوع في الرباط، بهدف بحث سبل الخروج من الأزمة الداخلية.
وتفيد المعطيات التي رافقت الاجتماع، أن حكيم بنشماش، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، بحث سبل التوصل إلى هدنة مرحلية لترتيب البيت الداخلي، استعداداً للمؤتمر الوطني الرابع للحزب، المرتقب عقده بداية العام المقبل.
ودعا بنشماش في كلمته الافتتاحية إلى جعل دورة المجلس الوطني (برلمان الحزب)، المزمع تنظيمها في أبريل (نيسان) المقبل، محطة لإعلان الاستعداد للمؤتمر، وأكد أنه يفضل تقديم موعد المؤتمر شهرين أو ثلاثة، حتى يتسنى للقيادة الجديدة الاستعداد لخوض الاستحقاقات الانتخابية المختلفة بالبلاد، نافياً أن تكون عملية استكمال أجهزة الحزب على المستويين المحلي والجهوي تدخل ضمن خطة لضمان فوزه برئاسة الحزب.
واختار بنشماش القيادي في الحزب أحمد أخشيشن، الذي يحظى باحترام مختلف الأطراف، نائباً له، وذلك لتسهيل عملية تدبير «المرحلة الانتقالية»، التي دخلها الحزب في انتظار المؤتمر، الذي سيحدد الربان الجديد لسفينة «الأصالة والمعاصرة» في المرحلة المقبلة.
ويعد أخشيشن من الأسماء البارزة، التي قادت جهود الوساطة بين الإخوة «الأعداء» داخل الحزب، كما كان من ضمن الشخصيات التي انتقدت طريقة تدبير بنشماش شؤون الحزب.
ورغم إقراره بأن الحزب يواجه «أزمة حادة»، قال بنشماش إنه يثق في قدرة الحزب على تجاوز خلافاته واستعادة المبادرة من جديد، مناشداً مختلف الأطراف «وقف التراشق الإعلامي، ومعركة الاستنزاف الداخلي من أجل التفرغ لمهام المرحلة المقبلة»، ولفت إلى أن جهات تستثمر في «تراشقاتنا، وينفخون فيها للنيل من الحزب»، كما حثّ كذلك على ضرورة «وقف عقد اجتماعات الحشد التي تتم فيها التعبئة لطرف ضد طرف آخر».
ووعد بنشماش مناضلي حزبه بـ«التفاعل بأقصى درجات الروح الإيجابية»، مشيراً إلى أن حزب الأصالة والمعاصرة «عاش نوعاً من الجمود والشلل لمدة سنة»، وأن المبادرة التي قدمها أمام قيادات الحزب تتضمن «اقتراحات ذات طابع إدماجي، من شأنها استيعاب جميع الأطراف، أو التعبيرات داخل الحزب لتقوية المكتب السياسي وملء المقاعد الشاغرة»، وذلك في محاولة لامتصاص غضب الناقمين عليه في صفوف الحزب.
وهيمنت مقاطعة عبد اللطيف وهبي، عضو المكتب السياسي البارز، اجتماع قيادة حزب الأصالة والمعاصرة، رفقة فاطمة الزهراء المنصوري، التي أبلغ بنشماش اعتذارها للحاضرين بداعي المرض، على مجريات اللقاء، واعتبرت رسالة تؤكد عمق الخلاف واستحكامه داخل الحزب.
ويُرتقب أن تشكل الأيام المقبلة اختباراً جدياً للحزب وقيادته في تنفيذ النوايا والوعود، التي أعلنها بنشماش من أجل لملمة الآراء وتحقيق التوافق المفقود بين مكوناته. وستكون العيون منصبة على المؤتمر الوطني، الذي سيكون محطة فاصلة في المعركة الساخنة التي تجري فصولها بين التيارين المتصارعين داخل «الأصالة والمعاصرة».
في غضون ذلك، قال بيان صادر عن حزب الأصالة والمعاصرة أمس، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إن اللقاء تبنى مقاربة إدماجية طموحة، ترمي إلى التوظيف الأمثل والمناسب للطاقات الحزبية كافة، مشيراً إلى مواصلة استكمال هيكلة المكتب السياسي والفيدرالي، وتشكيل لجنة تحت رئاسة أخشيشن بهدف «تدقيق وتطوير خريطة الطريق المقدمة من طرف الأخ الأمين العام عبد الحكيم بنشماش».
كما أعلن الحزب تشكيل لجنة مشتركة من المكتب السياسي، والمكتب الفيدرالي، ورئاسة المجلس الوطني؛ لتتبع «تنفيذ وأجرأة خريطة الطريق»، وحدد أكتوبر (تشرين الأول) المقبل موعداً لعقد المؤتمر الوطني الرابع.
كما أشار المصدر ذاته إلى أن الاجتماع المشترك بين المكتبين السياسي والفيدرالي كرّس «روح الانتصار لخيار الوحدة التنظيمية، القائمة على تدبير الاختلاف والتعاقدات، وفق رؤية تشرك عموم المناضلات والمناضلين، وتحرص على إعمال قواعد وأسس الانضباط الحزبي، وقيم الحوار والاحترام والتماسك بين مختلف مكونات الحزب».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.