اللاجئون السوريون في روسيا... تهديد متواصل بالتسفير وعرقلة جهود للأمم المتحدة

منح حق اللجوء لشخصين فقط ورفض آلاف الطلبات

صورة نشرتها صحيفة {نوفاي غازيتا} لأطفال اللاجئين في مدينة نوغينسك
صورة نشرتها صحيفة {نوفاي غازيتا} لأطفال اللاجئين في مدينة نوغينسك
TT

اللاجئون السوريون في روسيا... تهديد متواصل بالتسفير وعرقلة جهود للأمم المتحدة

صورة نشرتها صحيفة {نوفاي غازيتا} لأطفال اللاجئين في مدينة نوغينسك
صورة نشرتها صحيفة {نوفاي غازيتا} لأطفال اللاجئين في مدينة نوغينسك

على مدى سنوات الصراع في سوريا، ظل ملف اللاجئين السوريين الذين اختاروا التوجه إلى روسيا مهملاً. أو على الأقل لم يحظَ باهتمام كافٍ من الجهات الدولية وخصوصاً مفوضية حقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة، التي عملت من خلال مكتبها في موسكو على تحسين بعض الظروف المعيشية لآلاف العائلات السورية التي واجهت صعوبات كبرى عند وصولها إلى روسيا.
ورغم أن أعداد اللاجئين إلى روسيا تبدو متواضعة جداً بالمقارنة مع الأوضاع في «عواصم اللجوء السوري» الأساسية، إذ تتحدث أرقام رسمية عن وصول نحو 17 ألف لاجئ فقط إلى روسيا منذ اندلاع الصراع في سوريا، لكن قلة عدد اللاجئين الذين اختاروا روسيا لسهولة الوصول إلى «البلد الصديق» أو لأنهم اعتقدوا أنها تشكل معبراً مناسباً إلى «النعيم الأوروبي»، لم تساعد في تحسين ظروف استقبالهم ورعايتهم، بل على العكس من ذلك، عانى كثير منهم ظروفاً مأساوية راوحت بين نقص القوانين والفوضى، أو الإهمال وإنكار أبسط الحقوق الإنسانية، تحت ذرائع مثل أنه «لا يوجد أي تهديد على حياة صاحب الطلب في حال عودته إلى سوريا»، وفقاً لواحدة من مذكرات رفض طلبات الهجرة التي أصدرتها سلطات الهجرة. وبررت موقفها بأن «بيانات وزارة الخارجية الروسية تشير إلى أن الوضع الأمني مستقر في سوريا»!
هذه الفقرة جاءت في مذكرة رسمية تم تسليمها لطالب لجوء في الثامن والعشرين من يونيو (حزيران) 2016 وأدرجتها منظمة «الدعم المدني»، وهي مؤسسة حقوقية مستقلة ضمن تقريرها عن حال اللاجئين في روسيا المقدم إلى الأمم المتحدة في نهاية العام. وتشير المذكرة إلى أن «معطيات وزارة الخارجية دلت إلى أن الجيش السوري والقوى المساندة له والمؤسسات الحكومية والاجتماعية والشرطة ومنتسبي حزب البعث وممثلي الأقليات الدينية والقومية، هي الفئات التي تتعرض لتهديد جدي في سوريا من جانب المتمردين ولا توجد أسباب للاعتقاد بأن فئات أخرى غير المذكورة أعلاه تتعرض لملاحقة أو تهديد». هكذا تم إغلاق ملف هذا اللاجئ بالرفض، مثل حالات كثيرة ووجهت بالخطاب ذاته. ومثال آخر، نصت مذكرة الرفض التي تلقتها في نهاية 2015 سيدة سورية جاءت من ريف دمشق، وقدمت معطيات عن مقتل شقيقها تحت التعذيب في السجن، وأنها ملاحقة بدورها، على التالي: «لم ترَ إدارة الهجرة أن الأسباب المقدمة لطلب اللجوء مقنعة، ويمكن الاستخلاص بأن السيدة (..) تسعى إلى تحسين أوضاعها المعيشية والاقتصادية».
لا تقتصر معاناة من تبقى من اللاجئين (المرفوضين) في روسيا وعددهم يراوح حالياً وفق تقديرات مؤسسة «الدعم المدني» بين 5 إلى 7 آلاف شخص، على غياب الرعاية الصحية أو التعليمية، أو افتقادهم لأدنى متطلبات الحياة، مثل توفير مسكن أو مساعدات إنسانية ملحة. إذ يبقى هؤلاء عرضة للاحتجاز والتنكيل في أقسام الشرطة، والملاحقات المستمرة بسبب عدم امتلاكهم وثائق رسمية للإقامة. ولا يكاد يمر يوم من دون احتجاز أعداد منهم وتحرير مذكرات بمخالفات قوانين الإقامة. وفي الغالب يتم التحفظ على كثيرين منهم في مراكز التوقيف وتقديمهم إلى محاكمات بتهمة مخالفة القوانين الروسية وصدور أحكام بالترحيل ضدهم.
وأبلغ ناشط سوري عمل لفترة متطوعاً في مركز تابع للأمم المتحدة وثيق الصلة بهذا الملف، «الشرق الأوسط»، أن اللاجئ الذي ينتظر موعد المقابلة مع الجهات المختصة شهورا كثيرة، يغدو مع مرور الوقت من دون تأشيرة صالحة، وبعضهم ينتهي مدة سريان جواز سفره الأصلي، مما يعني أنه غدا مخالفاً للقوانين، ويمكن أن يصبح ضحية لأي شرطي يقوم إما باحتجازه وإرساله إلى المحكمة، أو ببساطة يسلب الأموال التي يتم العثور عليها أثناء تفتيش محتويات حقيبته والجيوب، ثم يتركه لأول توقيف آخر يتعرض له.
وقال الناشط، إن ثمة عشرات الحالات التي تقبع في مراكز التوقيف حالياً وتواجه مصير الترحيل، مشيراً بتهكم مرير إلى أن «هؤلاء يهددون يوميا بطائرات خضراء تنقلهم إلى سوريا»، في إشارة إلى الباصات الخضراء التي نقلت عناصر المعارضة أكثر من مرة من مدن سورية إلى مناطق جديدة.
يشير الناشط إلى أن أماكن تجمع اللاجئين تتعرض لـ«كبسات» دورية من جانب رجال الشرطة لتوقيف أعداد منهم، خصوصاً أنه في بعض المدن باتت هذه الأماكن معروفة للأجهزة الروسية. ويجري في الغالب توقيف عدد من الأشخاص ونقلهم إلى مراكز الاحتجاز، واللافت أن الشرطة لا تتعامل مع الأوراق الثبوتية المنتهية الصلاحية، ويسمع الموقوف الذي يحاول تبرير انتهاء صلاحية جواز سفره بأنه ليس قادراً على تجديده، عبارات مثل: «هذه ليست وثيقة، بالنسبة إلي أنت لا أحد، لا يوجد ما يثبت شخصيتك أصلاً». وتبدو المشكلة كأنها تدور في حلقة مفرغة، إذ لا تمنح السلطات حق اللجوء للسوريين، وهؤلاء يبقون من دون أوراق ثبوتية، مما يضيف سبباً آخر لرفضهم في حال لجأوا إلى المحاكم لأنهم غدوا مخالفين لأنظمة الإقامة.

إفشال خطة الأمم المتحدة
وأدى عدم الاعتراف بالمشكلة من جانب الجهات المختصة إلى تعرض آلاف السوريين لحالات التنكيل والابتزاز، حتى غدت لكل معاملة «تسعيرة»، إذ يمكن تسهيل الحصول على إقامة مؤقتة (سنوية) لا ترقى إلى مستوى الاعتراف به لاجئاً دائماً، لكنها تريحه مع أفراد عائلته من الملاحقات اليومية، في مقابل دفع مبلغ 150 ألف روبل (2500 دولار) لكل فرد، لكن هذا المبلغ يبدو خيالياً بالنسبة إلى كثير من اللاجئين.
وفي أحسن الظروف، حيث نجحت الأمم المتحدة في توفير أدنى مقومات لتجمع كبير نسبياً من اللاجئين في مدينة نوغينسك (ريف موسكو)، حيث يقيم نحو ألفي لاجئ، تم افتتاح مركز لتعليم اللغة الروسية لتسهيل حياة أبناء الوافدين ومساعدتهم. لكن صحيفة «نوفاي غازيتا» أثارت هذا الملف أخيراً، وأشارت إلى عراقيل كثيرة تضعها القوانين الروسية التي لا تقر بوجود مشكلة، مما أسفر عن تقويض جهود الأمم المتحدة التي سعت في البداية لدعم افتتاح مدرسة متكاملة مع توفير سقف يحمي اللاجئين. وعموماً يتوزع حالياً آلاف اللاجئين السوريين في هذه الظروف الصعبة على عدد من المدن القريبة من موسكو، أبرزها فضلاً عن نوغينسك مدينة إيفانوفا (التي يقبع في مركز التوقيف فيها عدد منهم حالياً) ولا سيما بيتروفسكي وبلدات صغيرة أخرى.
وتشير تقديرات إدارة الهجرة التي ترفض تقليدياً منح معطيات كاملة إلى وسائل الإعلام، إلى أن نحو 17 ألف سوري اختاروا روسيا وجهة للسفر هرباً من أوضاعهم في سوريا. وعلى مدى سنوات تراجع هذا العدد من خلال نجاح أعداد منهم في التسلل إلى بلدان أوروبية، وفي عام 2015 فر إلى النرويج عبر معبر مورمانسك 5500 سوري، قبل أن توقف السلطات النرويجية المرور عبر هذا المعبر، وإلى فنلندا عبر سان بطرسبورغ نحو 500 آخرين. ونجحت مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في تسهيل حصول نحو 2200 سوري (320 عائلة) على اللجوء في بلدان أخرى عبر برنامج «إعادة التوطين». مما شكل إنقاذاً من الجحيم لحالات كثيرة منهم. ولجأ كثيرون إلى «مافيات» التهريب وبعضهم نجح في مغادرة الأراضي الروسية عبر طرق مختلفة. ووفقاً لتقرير «الدعم المدني» المقدم إلى الأمم المتحدة يبقى في روسيا حالياً نحو 7 آلاف لاجئ غالبيتهم من دون إقامات أو أوراق ثبوتية.
وأشار هذا التقرير إلى أنه على مدى سنوات تلقت سلطات الهجرة في روسيا طلبات للحصول على حق اللجوء الدائم آلاف الأشخاص، وتم منح هذا الحق لشخصين فقط، بينما قوبلت الطلبات الأخرى بالرفض. وقدم 4462 طلبات للحصول على حق اللجوء الإنساني المؤقت، تمت الموافقة في البداية على 3306 منها، لكن هذا العدد تراجع تدريجياً على مر سنوات بسبب الرفض المتكرر لتمديد هذا اللجوء عند انتهائه.
ووفقاً لتقرير المؤسسة الإنسانية ففي نهاية 2015 كان لدى 1.32 شخص فقط حق اللجوء المؤقت، وزادت السلطات من صعوبة منح اللجوء بذريعة أن الوضع في سوريا بات «طبيعياً» ويمكن العودة إليها.
وكمثال، قدمت المؤسسة معطيات تدل على أنه من أصل 82 حالة لجأت لمساعدة «الدعم المدني» في النصف الأول من عام 2016، كان هناك ثمة 57 رفضاً لمنح اللجوء المؤقت، و17 رفضاً لتمديد بطاقة اللجوء السابقة وفي 7 حالات فقط، تم منح اللجوء المؤقت وتم تمديده في حالة واحدة.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.