«الإخوان» في ألمانيا... توسعات مقلقة

حملة على انتشارهم باعتبارهم خطراً يفوق «داعش» و«القاعدة»

مظاهرة إسلامية في برلين ضد تنظيم {داعش} الإرهابي في سبتمبر 2014 (غيتي)
مظاهرة إسلامية في برلين ضد تنظيم {داعش} الإرهابي في سبتمبر 2014 (غيتي)
TT

«الإخوان» في ألمانيا... توسعات مقلقة

مظاهرة إسلامية في برلين ضد تنظيم {داعش} الإرهابي في سبتمبر 2014 (غيتي)
مظاهرة إسلامية في برلين ضد تنظيم {داعش} الإرهابي في سبتمبر 2014 (غيتي)

عد مراقبون ومحللون توسعات جماعة «الإخوان» المسلمين في ألمانيا «مقلقة للغاية»، وباتت تخترق النظام الديمقراطي.
وقد تحولت مدينة كولن، في ولاية شمال الراين فستفالن، منذ سنين إلى شبه مقر لجماعة «الإخوان» في ألمانيا. إلا أن زيادة تأثير الجماعة أخيراً، وتمددها في المدينة، دفع بهيئة حماية الدستور في الولاية (المخابرات الداخلية) إلى التحذير من أن الجماعة المتطرفة باتت تشكل خطراً أكبر من «داعش» و«القاعدة» على ألمانيا.
نقل الصحافي أكسل شبيلكر، المتخصص في شؤون الإرهاب، عبر تقرير عن تمدد «الإخوان» نشرته صحيفتي «كولنر شتات أنزيغير» و«فوكس»، عن السلطات الأمنية في ولاية شمال الراين فستفالن، أن «شعبية الهيئات والمساجد التابعة لـ(الإخوان) تتزايد بشكل مضطرد. ووصف الكاتب الذي يكتب منذ سنوات عن الجماعات الإسلامية المتطرفة في ألمانيا توسع (الإخوان) في البلاد بأنه (مقلق)».

«نفوذ متصاعد»
وبحسب الاستخبارات الألمانية الداخلية، فإن «التجمع الإسلامي في ألمانيا»، مقره كولن، تحول إلى المكتب الرئيسي لأنشطة «الإخوان المسلمين» في البلاد. ونقل شبيلكر عن الاستخبارات الداخلية قولها إن الجماعة «تخرق أسس النظام الديمقراطي بجهودها لخلق نظام اجتماعي وسياسي مبني على الشريعة».
ونقل الكاتب عن بورخهارد فراير، رئيس هيئة حماية الدستور في شمال الراين فستفالن، أن «التجمع» في ألمانيا، والمنظمات التي تعمل معه، رغم نفيه، يهدف لأمر واحد، هو تأسيس «دولة قائمة على الشريعة» في النهاية. ومن هنا، وبسبب تزايد نفوذ الجماعة، استنتج فراير أن خطر «الإخوان» على ألمانيا على المدى المتوسط أكبر من خطر التنظيمات المتطرفة الأخرى، مثل «داعش» و«القاعدة»، مشيراً، نقلاً عن الاستخبارات في ولاية شمال الراين فستفالن، إلى أن «الجماعات المحلية المرتبطة بالإخوان تجتذب بشكل متزايد لاجئين عرباً في ألمانيا لتستخدمهم لأهدافها الخاصة».
وأكمل الكاتب أن سبب هذا التقييم يعود لسببين: الأول أن قادة «الإخوان» في ألمانيا على مستوى عالٍ من العلم، والثاني بزعم تلقيهم دعماً مالياً. وبحسب تقييم الاستخبارات الألمانية، فإن هيئات ومؤسسات «الإخوان» تقدم تعليماً شاملاً، وبرنامج تدريب للمسلمين والأشخاص ذوي الاهتمام الديني من كل الأعمار.

«عظات ومحاضرات»
من جهته، نقل شبيلكر عن الاستخبارات أن الهيئات التعليمية هذه تشمل تلك التابعة للمنظمة، وأيضاً التي تتعاون معها في مدارس قرآنية كثيرة، مثل «المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية»، و«الجمعية الألمانية للقرآن الكريم» التي تستهدف بشكل خاص الصغار في السن، مضيفاً أن محللين في الاستخبارات أكدوا أن «تعاليم المنظمة التابعة لـ(الإخوان)، والهيئات الأخرى التي تعمل معها، تصل إلى عشرات الآلاف من المسلمين عبر العظات والمحاضرات والتدريب الذي يقدم تفسيرات شديدة التطرف للقرآن».وتقدر السلطات الألمانية عدد أتباع «الإخوان» ضمن الدائرة الضيقة بألف شخص، تزداد أعدادهم بشكل مضطرد. وبحسب معلومات من «التجمع الإسلامي في ألمانيا»، فإن المنظمة تضم 50 هيئة تعمل تحت مظلتها. وتعد الاستخبارات الداخلية في ولاية شمال الراين فستفالن 14 مسجداً تابعين للمنظمة، و109 دور عبادة متطرفة تنشر أفكار «الإخوان» في منطقة الراين والرو.
وأشار شبيلكر إلى أن الألماني برنار فولك، الذي اعتنق الإسلام وتطرف، كان يرتاد المسجد الأخير. وفولك كان ينتمي لليسار المتطرف، وسجن 13 عاماً بعد أن نفذ عمليات إرهابية يسارية، ثم اعتنق الإسلام في السجن. وبعد خروجه، راح يرتاد المساجد، حيث يعتقد أنه تطرف، وغير اسمه، وبات يعرف باسم المنتصر بالله. ويعد فولك من المتعاطفين مع فكر تنظيم «القاعدة»، وهو ينشط اليوم في مساعدة المتهمين والمسجونين بتهم تتعلق بالتطرف.
وتنفي جماعة «الإخوان» في ألمانيا تبنيها للعنف أو التطرف، إلا أن الاستخبارات الداخلية تقول إن تعاليم الجماعة تهدف إلى تقوية السلوك السلبي تجاه القيم الغربية، والترويج لمسافة مع الديمقراطية. وأضاف الكاتب، في تقريره، أن ما يثير القلق أيضاً أن المنظمة نجحت في «التأثير» على المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا، الذي يعتبر المظلة الواسعة للمسلمين في أنحاء البلاد. ونقل الكاتب عن الاستخبارات الداخلية أن جماعة «الإخوان» تحاول تقديم نفسها على أنها منفتحة، وتتبنى منهج الإسلام الوسطي، إلا أنه خلف الأبواب هناك قادة بارزون فيها يتحدثون عن هدف تأسيس «دولة إسلامية» على المدى المتوسط.

«علاقات متشابكة»
وتنفي منظمة «التجمع الإسلامي في ألمانيا» علاقتها بالإخوان، إلا أن الكاتب شبيلكر أشار إلى أن صفحة رئيس المنظمة، خالد سويد، على موقع التواصل «تويتر»، تشير إلى تعاطفه مع جمعيات تدعو لمقاطعة إسرائيل، بينما صفحته على «فيسبوك» ينشر عليها صوراً لشعار «الأصابع الأربعة» الذي يستخدمه «الإخوان». واستخدم «الإخوان» الشعار إبان ثورة «25 يناير» عام 2011 في مصر، التي أوصلت محمد مرسي إلى الرئاسة لفترة وجيزة. وغالباً ما يشاهد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وهو يرفع إشارة «رابعة»، وقد شوهد وهو يؤدي التحية بأربعة أصابع خلال زيارته إلى ألمانيا قبل بضعة أشهر، التي تضمنت زيارة إلى مدينة كولن، وافتتاحه أكبر مسجد في أوروبا فيها.
وفي تقرير سابق لتلفزيون «إي آر دي» الألماني، وصف محمد مهدي عاكف، المرشد السابق لـ«الإخوان» في مصر، الرئيس الأسبق لـ«التجمع الإسلامي في ألمانيا»، آنذال إبراهيم الزيات، بأنه «رئيس الإخوان في ألمانيا»، علماً بأن الزيات نفى ذلك. وترأس الزيات المنظمة بين عامي 2002 و2010، وحكم عليه بالسجن غيابياً في القاهرة لمدة 10 سنوات في عام 2008، بعد أن أحاله الرئيس المصري الأسبق في ذلك الوقت، حسني مبارك، إلى المحاكمة العسكرية عام 2006، إلى جانب قيادات أخرى من الإخوان. وأصدر عنه مرسي عفواً عاماً عام 2012.
وتأسس «التجمع الإسلامي في ألمانيا» عام 1958، وهو من أقدم المنظمات الإسلامية في البلاد. وتزعم الاستخبارات الداخلية الألمانية أنه منظمة تسيطر عليها جماعة «الإخوان» المسلمين. وذكرت الاستخبارات في تقييمها السنوي العام الماضي أن الجماعة تهدف لإقامة دولة مبنية على «الشريعة». ويرتبط المركز بشبكة جمعيات واسعة في مختلف المدن الألمانية، من بينها برلين وفرانكفورت وشتوتغارت ومونستر وماربيرغ.
وفي تعريف الاستخبارات الألمانية في ولاية شمال الراين فستفالن عن جماعة «الإخوان»، تفصل تاريخ تأسيسها في مصر عام 1928، على يد المؤسس الراحل حسن البنا. وتحدد الاستخبارات الألمانية أن من أهداف «الإخوان» استبدال الحكومات في مختلف البلدان بأنظمة مبينة على أسس الشريعة. وتضيف أن الجماعة تهدف لتحقيق ذلك من خلال «اختراق الدول ثقافياً، وبالعنف إذا استدعت الحاجة». ويذكر موقع الاستخبارات الداخلية في ولاية شمال الراين فستفالن مثالاً على ذلك محاولات «الإخوان» تنفيذ انقلاب في سوريا عام 1982، وفي الجزائر في التسعينات، ليضيف: «انطلاقاً من هذه الأهداف والأنشطة المطابقة، فإن مؤيدي جماعة (الإخوان) الذين يعيشون في ألمانيا يعرضون مصالح السياسة الخارجية الألمانية للخطر».

منصات التحريض
وكانت صحيفة «فوكس» قد نشرت مقابلة أجراها الكاتب شبيلكر نفسه مع الباحثة بالشؤون الإسلامية سوزان شروتر، حذرت فيها من التقليل من شأن قدرات «الإخوان» في ألمانيا، فرغم أن «قادة الجماعة غالباً ما يرفضون العنف في العلن، فإن هناك علاقات سرية تربطهم بأشخاص يدعون للعنف».
ويضيف موقع الاستخبارات الداخلية أن «الإخوان» ممثلون في جماعات مختلفة في ألمانيا مندمجة في شبكات مترابطة دولياً، وأن الهدف الأساسي هو التأثير آيديولوجياً على المسلمين الذين يعيشون هنا، وكسبهم إلى جانبهم. وتشير الاستخبارات في تقييمها إلى أن «أتباع الإخوان نادراً ما يظهرون في العلن، وأن المراكز التابعة لهم تستخدم كمنصات للتحريض السياسي من جهة، وأيضاً كغطاء لتنظيم لقاءات لمختلف أتباعها في دول كثيرة».
ويشير موقع الاستخبارات الداخلية إلى أن «التجمع الإسلامي في ألمانيا» تأسس قبل عام 1960، وهو المنظمة التي تضم أكبر عدد من أتباع الإخوان في ألمانيا. ويضيف أن التجمع يتخذ اليوم من مدينة كولن مقراً له، وأنه يمول نفسه من خلال رسوم انتماء لأعضائه، وتبرعات يجمعها من المساجد، إضافة إلى مساعدات خاصة يتلقاها.
وفي عام 2017، صدر تحذير من الاستخبارات الداخلية في ولاية ساكسونيا، الواقعة شرق البلاد، من توسع جماعة «الإخوان» فيها. وذكر حينها التقرير بأن الجماعة تستغل اللاجئين الجدد لزيادة أعداد أتباعها، بهدف تأسيس دولة قائمة على الشريعة. وأشار التقرير حينها أن الجماعة تستغل «نقص عدد المساجد، بعد وصول أعداد كبيرة من اللاجئين، لكي تتمدد وتنشر أفكارها».
وكشف رئيس الاستخبارات في ولاية ساكسونيا، غورديان ماير - بلات، عن أن الجماعة تشتري أعداداً كبيرة من المباني والأراضي والمقرات، لفتح مساجد وتأسيس مراكز التقاء، مضيفاً أن هذا الأمر «لا علاقة له بالجهاد، ولا الإرهاب؛ هدف (الإخوان المسلمين) هو (فرض) قانون الشريعة في ألمانيا».



«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
TT

«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)

ارت طموحات تنظيم «داعش» الإرهابي للتمدد مجدداً تساؤلات كثيرة تتعلق بطبيعة «مساعيه» في الدول خلال العام الجاري. واعتبر مراقبون أن «(أزمة كورونا) جددت طموحات التنظيم للقيام بعمليات إرهابية، واستقطاب (إرهابيين) عقب هزائم السنوات الماضية ومقتل زعيمه السابق أبو بكر البغدادي». ووفق خبراء ومتخصصين في الشأن الأصولي بمصر، فإن «التنظيم يبحث عن أي فرصة لإثبات الوجود»، مشيرين إلى «مساعي التنظيم في أفريقيا عبر (الذئاب المنفردة)، ومحاولاته لعودة نشاطه السابق في العراق وسوريا عبر تبني عمليات القتل»، موضحين أن «المخاوف من العناصر (الانفرادية) التي تنتشر في أوروبا وأميركا تتزايد، خاصة وأنها تتحرك بانسيابية شديدة داخل محيطهم الجغرافي».
وقال أحمد بان، الخبير في شؤون الحركات الأصولية، إن «(داعش) مثل تنظيمات الإرهاب تبحث عن فرصة مُناسبة للوجود، ومن الفُرص المُناسبة، وجود أي شكل من أشكال الفوضى أو الارتباك، وعندما تكون جهود الدول موجهة لمحاربة (كورونا المستجد)، فيبقى من الطبيعي أن يسعى التنظيم للحركة من جديد، وانتظار فرصة مناسبة لتنفيذ أهدافه، خاصة أن (داعش) في تعامله مع الفيروس روج لفكرة (أن كورونا عقاب إلهي لأعدائه، على حد زعم التنظيم)، خصوصاً أن (كورونا) كبد أوروبا خسائر كبيرة، وأوروبا في الدعايا الداعشية (هذا الغرب الذي يحارب الإسلام، على حد تصور الداعشيين)، لذا فـ(داعش) يستغل هذا، في مواجهة بعض الارتكازات الأمنية، أو الأكمنة، أو الاستهدافات بالشوارع، لإثارة فازعات، ومن الوارد تنفيذ بعض العمليات الإرهابية».
وأكد عمرو عبد المنعم، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) استغل (أزمة الفيروس) بالادعاء في بيان له مارس (آذار) الماضي، بأن الفيروس (عذاب مؤلم من الله للغرب، خاصة للدول المشاركة في العمليات العسكرية ضده، على حد زعمه)، ويحاول التنظيم نشر الخوف من الوباء، والبحث عن إيجاد مصارف لتمويل العمليات الإرهابية».
ووفق تقرير سابق لمجموعة «الأزمات الدولية» في نهاية مارس الماضي، أشار إلى أن «التنظيم أبدى مع ظهور الفيروس (نبرة شماتة)، وأخبر عناصره عبر افتتاحية جريدة (النبأ) التابعة له في نهاية مارس الماضي، بضرورة استمرار حربهم عبر أرجاء العالم حتى مع تفشي الوباء... وادعى أن الأنظمة الأمنية والدولية التي تسهم في كبح جماح التنظيم على وشك الغرق، على حد قول التنظيم».
ويشير عبد المنعم في هذا الصدد، إلى أنه «بالعودة لزاوية (حصاد الأجناد) في عدد (النبأ) الأخير، زعم التنظيم أنه شن 86 هجمة إرهابية في شهر واحد، هو مارس الماضي، وهو أعلى رقم منذ نهاية نوفمبر (تشرين ثاني) الماضي، الذي سجل 109 هجمات، فيما عُرف بـ(غزوة الثأر) للبغدادي وأبو الحسن المهاجر اللذين قُتلا في أكتوبر (تشرين أول) الماضي في غارة جوية».
ووفق تقارير إخبارية محلية ودولية فإن «(داعش) يسعى لاستعادة سيطرته على عدد من المناطق في سوريا والعراق من جديد، وأنه يحتفظ بنحو من 20 إلى 30 ألف عضو نشط، ولا ينقصه سوى توفر المال والسلاح». وأشارت التقارير ذاتها إلى أن «التنظيم يحاول استغلال انشغال سوريا والعراق بمكافحة الفيروس، لاستعادة سيطرته على مناطق من الصحراء السورية في الغرب، إلى وادي نهر الفرات شرقاً، مروراً بمحافظة دير الزور والمناطق ذات الأغلبية السنية في العراق، والتي لا يزال يوجد فيها بعض عناصره».
ويشار أنه في أبريل (نيسان) الماضي، هاجم التنظيم بلدة السخنة في صحراء حمص، وأسفر عن مقتل 18. وفي دير الزور أعلن التنظيم مقتل اثنين... وفي العراق، قتل ضابط شرطة عند نقطة تفتيش في الحويجة غرب كركوك على يد التنظيم، كما قتل اثنان من مقاتلي البيشمركة الكردية في هجوم للتنظيم أبريل الماضي، كما أسفر هجوم للتنظيم على مطار الصادق العسكري عن مقتل اثنين.
وفي هذا الصدد، قال عمرو عبد المنعم، إن «أكثر هجمات (داعش) كانت في العراق أخيراً، وشهد التنظيم نشاطاً مكثفاً هناك»، مضيفاً: «في نفس السياق دعت فتوى نشرها التنظيم على (تلغرام) للهروب من السجون السورية، وهذا ما حدث، فقد هرب 4 نهاية مارس الماضي، من سجن تديره قوات سوريا الديمقراطية، وفقاً لتقارير إخبارية».
وسبق أن طالب أبو حمزة القرشي، متحدث «داعش» في سبتمبر (أيلول) الماضي، «بتحرير أنصار التنظيم من السجون ...»، وسبقه البغدادي «وقد حرض بشكل مُباشر على مهاجمة السجون في سوريا والعراق».
وبحسب المراقبين «حاول (داعش) أخيراً زيادة حضوره الإعلامي على منصات التواصل الاجتماعي مجدداً، بعد انهيار إعلامه العام الماضي». ورصدت دراسة أخيرة لمرصد الأزهر لمكافحة التطرف في القاهرة «تداول التنظيم تعليمات لعناصره عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بالادعاء بأن الفيروس يمثل (عقاباً من الله، ويحتم اتخاذ خطوات لتكفير الذنوب)، وجعل التنظيم الإرهابي - على حد زعمه - السبيل الوحيد للخلاص من الفيروس، والقضاء عليه، هو (تنفيذ العمليات الإرهابية)، ولو بأبسط الوسائل المتاحة». اتسق الكلام السابق مع تقارير محلية ودولية أكدت «تنامي أعداد حسابات أعضاء التنظيم وأنصاره على مواقع التواصل خصوصاً (فيسبوك)، حيث تمكن التنظيم مجدداً من تصوير وإخراج مقاطع فيديو صغيرة الحجم حتى يسهل تحميلها، كما كثف من نشر أخباره الخاصة باستهداف المناطق التي طرد منها في العراق وسوريا، وتضمين رسائل بأبعاد عالمية، بما يتوافق مع أهداف وأفكار التنظيم».
ووفق عبد المنعم فإن «(داعش) يستغل التطبيقات الإلكترونية التي تم تطويرها في الفترة الأخيرة في المجتمع الأوروبي، والتي قدمتها شركات التكنولوجيا والذكاء الصناعي في أوروبا مثل تطبيق Corona-tracker لجمع البيانات عن المصابين، وتوجيه بعض الأسئلة لتحديد نسبة الخطورة، وفرض التنظيم على الأطباء والممرضين في الرقة الحضور اليومي الإجباري، ومن خالف تعرض لعقوبات شديدة».
وعن الواجهة التي يسعى «داعش» التمدد فيها خلال الفترة المقبلة. أكد الخبير أحمد بان، أن «أفريقيا هي الواجهة المفضلة لتنظيمي (داعش) و(القاعدة)، والفترة الأخيرة شهدت تصاعدا لعمليات في الغرب الأفريقي وداخل الساحل، وعمليات داخل موزمبيق، فـ(داعش) في حالة سباق لتصدر المشهد هناك، مع توفر آليات تساعده على ذلك من بينها، تهريب السلاح، وحركة العصابات». فيما أبدى عمرو عبد المنعم، تصوراً يتعلق بـ«زيادة العمليات الإرهابية في نيجيريا، وأنه طبقاً لبيانات صدرت أخيراً عما يُعرف باسم (ولاية غرب أفريقيا) أفادت بوجود أكثر من مائة مقاتل هاجروا لنيجيريا من سوريا والعراق».
وتجدد الحديث في فبراير (شباط) الماضي، عن مساعي «داعش» للوجود في شرق أفريقيا أيضاً، بعدما أظهرت صوراً نشرها التنظيم عبر إحدى منصاته تتعلق بتدريبات على أسلحة تلقاها عناصره في مرتفعات «غل غلا» الوعرة بولاية بونتلاند الواقعة شمال شرقي الصومال.
تعليقاً، على ذلك أكد أحمد زغلول، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) يهدف إلى السعي لمناطق بالقارة السمراء، بعيداً عن سوريا والعراق، لـ(تفريغ قدرات عناصره القتالية)، فضلاً عن تأكيد عبارة (أنه ما زال باقياً)».
تقديرات سابقة لمراكز بحثية غربية أشارت أيضاً إلى أن «عدد الذين انضموا لـ(داعش) من أفريقيا منذ عام 2014 في سوريا والعراق يزيد على 6 آلاف مقاتل». وقال المراقبون إن «عودة هؤلاء أو ما تبقى منهم إلى أفريقيا، ما زالت إشكالية كبيرة على أمن القارة، خصوصاً أن كثيراً منهم شباب صغير السن، وأغلبهم تم استقطابه عبر مواقع التواصل الاجتماعي».
فيما قال خالد الزعفراني، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، إن «مساعي التنظيم للتمدد داخل أفريقيا سوف تتواصل عبر (الذئاب المنفردة)»، مضيفاً أن «ما يقوم به التنظيم في أفريقيا، والعراق وسوريا أخيراً، لإثبات أن لديه قدرة على تحقيق إنجازات، وأنه (عابر للحدود)، وأنه غير مُتأثر بهزائم سوريا والعراق».
وكان أبو محمد العدناني، الناطق الأسبق باسم «داعش» قد دعا في تسجيل صوتي عام 2014 المتعاطفين مع التنظيم، إلى القتل باستخدام أي سلاح متاح، حتى سكين المطبخ من دون العودة إلى قيادة «داعش»... ومن بعده دعا البغدادي إلى «استهداف المواطنين». وتوعد التنظيم عبر مؤسسة الإعلامية «دابق» بحرب تحت عنوان «الذئاب المنفردة».
في ذات السياق، لفت أحمد بان، إلى أن «التنظيم يسعى لاكتشاف أي ثغرة لإثبات الوجود أو تجنيد عناصر جُدد، خاصة وأن هناك عناصر (متشوقة للإرهاب)، وعندما يُنفذ (داعش) أي عمليات إرهابية، تبحث هذه العناصر عن التنظيم، نتيجة الانبهار».
من جانبه، قال الخبير الأمني اللواء فاروق المقرحي، مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق، إن «تنظيمات الإرهاب خاصة (داعش) و(القاعدة) لن تتوانى عن سياسة التجنيد، ومن هنا تنبع فكرة الاعتماد على (الذئاب المنفردة) أو (العائدين) بشكل كبير».
وبينما رجح زغلول «حدوث بعض التغيرات داخل (داعش) عام 2020». قال اللواء المقرحي: «لا أظن عودة (داعش) بفائق قوته في 2020 والتي كان عليها خلال عامي 2014 و2015 نتيجة للحصار المتناهي؛ لكن الخوف من (حرب العصابات) التي قد يشنها التنظيم، لاستنزاف القوى الكبرى»، لافتاً إلى أن «كثيرا من العناصر (الانفرادية) تتحرك في أوروبا وأميركا بانسيابية داخل الدول، وهذا هو الخطر».