الطباعة ثلاثية الأبعاد تنوعت مجالاتها ووصلت إلى المنازل

تستطيع العمل على البلاستيك والإسفنج والمعادن والخشب والزجاج والورق كمواد أولية

الطباعة ثلاثية الأبعاد تنوعت مجالاتها ووصلت إلى المنازل
TT

الطباعة ثلاثية الأبعاد تنوعت مجالاتها ووصلت إلى المنازل

الطباعة ثلاثية الأبعاد تنوعت مجالاتها ووصلت إلى المنازل

تطورت تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد (D Printing3) بشكل كبير في الأشهر الأخيرة، وأصبحت الطابعات متوافرة في الكثير من الشركات والمؤسسات التجارية، مع انخفاض تكلفتها وتطور دقتها وتوفير البرمجيات المتقدمة المرتبطة. وكانت الطباعة ثلاثية الأبعاد قد بدأت في ثمانينات القرن العشرين كأحد البدائل لإنتاج النماذج الأولية في مختلف مرافق التصنيع. وما تزال تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد تستخدم اليوم بشكل أساسي لصناعة النماذج الأولية وتوزيعها، ولكننا نشهد بروز تطبيقات جديدة قيمة لها في مجال الإنشاء والتعمير والتصميم الصناعي وصناعة السيارات والفضاء والهندسة والمجال العسكري والصناعات الطبية والأزياء والأحذية والمجوهرات والفنون والتعليم والأغذية، بالإضافة إلى الكثير من المجالات الأخرى.
وتحدثت «الشرق الأوسط» مع مارتن كيوبان، محلل أبحاث أول في قسم اتجاهات التصنيع بشركة «آي دي سي» (IDC) لأبحاث الأسواق، الذي قال بأن الشركة قد سجلت زيادة في الاهتمام بالمواضيع والفرص المتعلقة بالطباعة ثلاثية الأبعاد من قبل وسائل الإعلام والعاملين في مجال التصنيع بأنحاء منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا ووسط وشرق أوروبا، وأنه من المتوقع أن تشهد مبيعات الطابعات ثلاثية الأبعاد ارتفاعا هائلا على مستوى العالم من 22.542 وحدة فقط في عام 2012 إلى 283.435 وحدة في العام 2017.

* مستقبل واعد
تؤكد قدرة الطابعات ثلاثية الأبعاد على إنتاج نماذج للمنتجات المستقبلية بتكلفة منخفضة جدا مقارنة بالطرق العادية لصناعة نماذج المنتجات، على أن هذا النمط تحديدا من الاستخدام سيواصل النمو. ولا يشكل هذا النوع من الطباعة تهديدا لنماذج التصنيع الحديثة فيما يتعلق بالإنتاج بكميات تجارية، نظرا لأن الطباعة ثلاثية الأبعاد تبقى بطيئة نسبيا، فتبعا لجودة وحجم النموذج المطلوب قد يستغرق زمن الطباعة بين عدة ساعات وعدة أيام. أضف إلى ذلك أن تكلفة إنتاج الوحدة تظل ثابتة ولا تقل عند إنتاج كميات كبيرة، وهذه التكلفة تزيد كثيرا على تكلفة الإنتاج بكميات تجارية.
ولا تستهدف التطبيقات الصناعية للطباعة ثلاثية الأبعاد منافسة نماذج الإنتاج الحالية، بل هي مصممة كتقنيات مكملة يمكنها المساعدة على زيادة الكفاءة في تطوير المنتجات وصيانة الآلات وتوريد قطع الغيار وغير ذلك من المجالات. فعلى سبيل المثال، ستبدأ شركات التصنيع الرائدة قريبا إدراك المزايا، المتمثلة في القدرة على طباعة قطع الغيار الخاصة بها بنفسها، ومن ثم خفض الحاجة للاعتماد على مصادر خارجية، وزيادة مرونة العمل. ويمكن أن يطور مثل هذا الأسلوب المدة الزمنية المطلوبة والجودة (بفضل الضبط الدقيق لمعايير الطباعة)، ويخفض من حجم التعقيد في عملية التصنيع، ويسرع توريد المنتج النهائي للزبون. وبعبارة أبسط، فإن الطباعة ثلاثية الأبعاد تحمل في طياتها مجموعة جديدة بالكامل من مزايا المرونة والكفاءة لمختلف قطاعات الصناعة.
وتركز الكثير من الشركات التي بدأت بالاستفادة من هذه التقنية على تطوير طرق فريدة ومبتكرة لتصميم تطبيقات الطباعة ثلاثية الأبعاد. وبالإضافة إلى ذلك، أظهر عدد من الفنانين الواعدين سحر الطباعة ثلاثية الأبعاد من خلال أعمالهم الفنية، كما توجد حالات موثقة لاستخدام هذه التقنية في تطوير أطراف اصطناعية لمبتوري الأطراف في أفريقيا.
وتبدأ عملية الطباعة ثلاثية الأبعاد في وقت أبكر بكثير من بدء استخدام الطابعة ثلاثية الأبعاد بشكل فعلي، إذ تعد أدوات صناعة النماذج ثلاثية الأبعاد أساسية في مرحلة التصميم، ويجب على الشركات أولا اختيار تلك الأدوات بعناية، وإتقان استخدامها قبل أن تصبح قادرة على تطوير نماذج قابلة للتطبيق. وفيما يتعلق بالمهارات، فإن الاستخدام الفعال للطباعة ثلاثية الأبعاد يعد عملية طويلة المدى تتضمن الكثير من الإجراءات الهندسية والاختبارات. ولكن، ما إن يجر تطوير هذه القدرات المتقدمة، يمكن نقل النتائج بسهولة وطباعة النماذج مباشرة في أي مكان من العالم.
ومن العوامل الداعمة للطباعة ثلاثية الأبعاد أيضا تناقص تكلفة هذه الآلات مع الوقت، وقد بدأت طرازات صغيرة للاستخدام المنزلي بالظهور الآن في الأسواق. كما يتوسع باستمرار طيف المواد المتوفرة للطباعة ثلاثية الأبعاد، وتشمل القائمة حاليا أنواعا كثيرة من البلاستيك والإسفنج والمعادن والخشب والزجاج والورق. ويتوقع أن التركيز على اكتشاف تطبيقات جديدة للطباعة ثلاثية الأبعاد وتطوير إمكانات التصميم لدى المستخدمين هي الاستراتيجيات الأكثر جدوى على المدى البعيد للاستفادة من هذه التقنية. ويمكن بسهولة تعويض استثمار شراء الطابعات ثلاثية الأبعاد رفيعة المستوى ذات الثمن الباهظ بتكليف شركة محلية عملية الطباعة، ويشكل ذلك عنصرا مهما لأنه في هذه الأوقات يمكن لتكاليف التجهيزات باهظة الثمن أن تقضي على المردود الاقتصادي لكثير من الأعمال.

* تقدم متسارع
وثمة عامل رئيس آخر ساعد في نمو السوق في فبراير (شباط) من هذا العام مع انقضاء صلاحية عدد من براءات الاختراع المختلفة التي كانت قد منعت المنافسة في السوق لصناعة طابعات ثلاثية الأبعاد أكثر تطورا وغنى في الوظائف. ومن هذه البراءات، تقنية تعرف باسم التجميع بالليزر (Laser Sintering) التي تقدم مستويات عالية من الدقة تسمح بإنتاج بضائع تباع كمنتجات نهائية. ومع استمرار انقضاء صلاحية المزيد من براءات الاختراع، تتوقع شركة «آي دي سي» أن نشهد هبوطا حادا في أسعار هذه الأجهزة، وهو بالضبط ما حدث عند انقضاء صلاحية براءات اختراع رئيسة لأحد الأشكال الأساسية من الطباعة ثلاثية الأبعاد التي تعرف باسم صناعة النماذج بالرواسب المنصهرة (Fused Deposition Modeling FDM). وكانت النتيجة حدوث زيادة كبيرة في مبيعات طابعات نماذج الرواسب المنصهرة ذات المصدر المفتوح، بما فيها طابعات MakerBot (http:--www.makerbot.com) وRepRap (https:--reprappro.com). فخلال بضع سنوات من انقضاء صلاحية براءات الاختراع، انخفضت تكاليف أرخص طابعات نماذج الرواسب المنصهرة من عدة آلاف من الدولارات إلى بضع مئات فقط.
ومع ملاحظة التزايد المستمر للتطبيقات والمواد المتوافرة للطباعة ثلاثية الأبعاد، فمن الواضح أن انقضاء صلاحية هذه البراءات وما يتبعه من هبوط في الأسعار سيكون له دور مهم في إحداث نمو هائل من الممكن أن نشهده في سوق الطباعة ثلاثية الأبعاد في العالم خلال السنوات المقبلة. وبمجرد أن تصبح المزايا الكثيرة لاستخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد في عملية التصنيع أكثر وضوحا، فلن يكون هناك حدود للمدى الذي يمكن أن تصل إليه استخداماتها.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)