مخاوف فلسطينية من بدء هدم الخان الأحمر

مئات شاركوا في إحياء انطلاقة الثورة وهاجموا «حماس» والاحتلال الإسرائيلي

أفراد من «شهداء الأقصى» يشاركون في مهرجان انطلاقة حركة «فتح» في الضفة الغربية أمس (إ.ب.أ)
أفراد من «شهداء الأقصى» يشاركون في مهرجان انطلاقة حركة «فتح» في الضفة الغربية أمس (إ.ب.أ)
TT

مخاوف فلسطينية من بدء هدم الخان الأحمر

أفراد من «شهداء الأقصى» يشاركون في مهرجان انطلاقة حركة «فتح» في الضفة الغربية أمس (إ.ب.أ)
أفراد من «شهداء الأقصى» يشاركون في مهرجان انطلاقة حركة «فتح» في الضفة الغربية أمس (إ.ب.أ)

أغلقت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، أمس (السبت)، منطقة الخان الأحمر في وجه مئات الفلسطينيين ومنعتهم بالقوة من الوصول إليها، في ظل نشر قوات كبيرة من الجنود على طول المنطقة من القدس وحتى هذه القرية، الأمر الذي زاد من قلق الفلسطينيين إزاء اقتراب خطر هدمها وإخلاء أهلها لغرض توسيع مستعمرة يهودية قريبة.
وكانت قيادة حركة فتح قد قررت إقامة الفعالية المركزية لإحياء الذكرى السنوية 54 لانطلاقة الثورة الفلسطينية، في منطقة الخان الأحمر بالذات، تضامناً مع أهلها الصامدين في وجه القرارات الإسرائيلية لهدمها. ويبدو أن السلطات الإسرائيلية قررت منع هذه الفعالية بالقوة، فحشدت قوات كبيرة في المنطقة وأغلقت الطرقات المؤدية إلى القرية المهددة بالهدم، ومنعت وصول المواطنين.
من جانبه، قال مسؤول ملف الشبيبة الفتحاوية في محافظة القدس، محمد الحلو، إن جنود الاحتلال احتجزوا عشرات المواطنين والنشطاء، بينهم نائب رئيس حركة فتح محمود العالول، ورئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان وليد عساف، وعدد من الصحافيين، ومنعوهم من الوصول إلى الخان الأحمر.
وأكد شهود أن جنود الاحتلال أقاموا حواجز قرب بلدة عناتا، وقرب مداخل الخان الأحمر، مشيرين إلى أن عمليات تحقيق استهدفت المسافرين بمركبات فلسطينية وتم منع معظمهم من إكمال طريقهم.
بدوره، أكد أمين سر «فتح» في القدس، شادي مطور، أن المنظمين قرروا إقامة الاحتفال «بمن حضر من أبناء شعبنا في الخان الأحمر»، مضيفاً أن الفلسطينيين «توجهوا سيراً للوصول إلى الخان الأحمر لتجاوز حواجز الاحتلال التي تحاصر المنطقة بالكامل»، وتمنع المسافرين بالسيارات. وقال مطور إن قادة حركة حماس في قطاع غزة وسلطات الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية، هم فقط الذين يريدون منع إقامة احتفال الانطلاقة. وأضاف: «إقامة مهرجان الانطلاقة في الخان الأحمر رسالة تؤكد أن شعبنا ماضٍ في مواجهة الاحتلال، وأن منع إقامة المهرجان هنا وفي غزة، هو استهداف لحركة فتح التي لن تنهزم ولن تنكسر وستواصل عملها حتى الحرية والاستقلال».
وبالفعل، نجحت «فتح» في إقامة الاحتفال بمهرجان جماهيري حاشد في الخان الأحمر، حيث نجح مئات المواطنين في اختراق طوق الاحتلال والوصول إلى القرية. وقال نائب رئيس حركة فتح، محمود العالول، الذي تمكن من الوصول إلى القرية عبر طرق جبلية، إن «بوصلتنا ستبقى باتجاه الاحتلال ولن نسمح لأحد بحرفها، فحركتنا صنعت مجداً للأمة يجب علينا أن نحافظ عليه، فقد قدمت آلاف الشهداء والجرحى، إضافة إلى معاناة الأسرى المتواصلة حتى اليوم، وهذه من الأثمان الباهظة التي ندفعها من أجل الحرية والاستقلال، فعهدنا للأسرى والشهداء وعهد الرئيس أبو مازن للجميع أننا مقابل هذا الثمن لا يمكن أن نقبل إلا بحريتنا واستقلالنا وحقوق شعبنا كاملة غير منقوصة». وقال العالول: «شعبنا سيواصل الوقوف خلف قيادته في رفض صفقة القرن، ونحن نعي أن الاحتلال والأميركيين يسعون لخلق المشكلات والمعضلات للقيادة الفلسطينية، ويمنعون الدعم عن القدس ومستشفياتها، ويرسلون الدعم إلى قطاع غزة، ولسنا ضد إرسال الدعم لقطاع غزة ولكن عبر القنوات الشرعية، فما يجري يهدف لإبعاد الشعب الفلسطيني عن محيطه في الضفة».
من جانبه، قال عضو اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير والمركزية لحركة فتح عزام الأحمد، في كلمته، إن «حماس اعتبرت السلطة الوطنية الفلسطينية مشروع خيانة ورفضت المشاركة في الانتخابات عام 1996 ولكنها تراجعت وشاركت في انتخابات 2006 ولم تعد السلطة مشروعاً خيانياً، وحماس توتر الأجواء باستمرار ووقعت اتفاقات وتفاهمات وإعلانات ولم تلتزم بأي اتفاق. الآن نقول لفصائل منظمة التحرير: لم تعد الأمور تحتمل المجاملة، يجب أن نحافظ أولاً على وحدة منظمة التحرير الفلسطينية التي اعتقدت حماس أنها ستكون بديلة عنها، بل سنعزز وحدتنا ونعمل على تقويض الانقسام في غزة».
وأشار إلى أن «إصرار إقليم القدس رغم كل حواجز الاحتلال على إقامة مهرجانه في الخان الأحمر يؤكد أن ثورتنا هي ثورة المستحيل وستواصل إيقاد شعلتها حتى تحقيق الانتصار».
بدوره، قال رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الوزير وليد عساف، في كلمته، إن «شعبنا نجح اليوم في كسر إرادة الاحتلال وصنع الإرادة الفلسطينية، ودخل الخان الأحمر وأحيا الذكرى 54 للانطلاقة. سنواصل الوجود في الخان الأحمر لإفشال مشروع الاحتلال هنا، ولتأكيد أن بوصلتنا واحدة، ستبقى فلسطين والقدس ولن يستطيع أحد أن يمنع هذه البوصلة من أن تواصل توجهها نحو الاتجاه الصحيح، واليوم نحيي ذكرى الانطلاقة في الخان الأحمر، وبعد غد سنحييها في السرايا بغزة».
وفي غزة، أعلنت وزارة الداخلية التي تسيطر عليها «حماس»، اعتقال خمسة فلسطينيين للاشتباه باقتحامهم مكتب تلفزيون فلسطين الناطق الرسمي باسم الرئيس محمود عباس. وكان أشخاص قد اقتحموا مكتب المحطة بغزة وحطموا كاميرات ومعدات تحرير وبث. وذكرت وكالة «رويترز» أن مسؤولي المحطة اتهموا «حماس» بهذا الهجوم. لكن الحركة قالت أمس إن الخمسة المشتبه بهم موظفون سابقون بالسلطة الفلسطينية وتم وقف مرتباتهم أخيراً.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم