تونس تجمد أموالاً وأرصدة بنكية لـ40 متهماً بالإرهاب

من بينهم منتمون لخلية متطرفة مبايعة لـ«داعش»

قوات الأمن التونسية أثناء عملية الاقتحام لأوكار متطرفين (الشرق الأوسط)
قوات الأمن التونسية أثناء عملية الاقتحام لأوكار متطرفين (الشرق الأوسط)
TT

تونس تجمد أموالاً وأرصدة بنكية لـ40 متهماً بالإرهاب

قوات الأمن التونسية أثناء عملية الاقتحام لأوكار متطرفين (الشرق الأوسط)
قوات الأمن التونسية أثناء عملية الاقتحام لأوكار متطرفين (الشرق الأوسط)

قرر الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي التمديد في حالة الطوارئ في كامل البلاد لمدة شهر إضافي بداية من اليوم 6يناير (كانون الثاني) إلى غاية الرابع من فبراير (شباط) المقبل بعد استشارة رئيسي الحكومة والبرلمان. وتعيش تونس منذ الهجوم الإرهابي الذي استهدف نهاية 2015 حافلة للأمن الرئاسي على مقربة من وسط العاصمة التونسية، تحت طائلة حالة الطوارئ التي تبيح اتخاذ قرارات استثنائية على مستوى تعامل السلطات مع الاحتجاجات الاجتماعية ومكافحة الإرهاب. وكان وزير الداخلية التونسية هشام الفراتي قد أكد إثر العملية الأمنية التي شهدتها مدينة جلمة (وسط) وانتهت على تفجير إرهابيين تونسيين نفسيهما باستعمال أحزمة ناسفة، على أن خطر الإرهاب في تونس ما زال قائما.
وشهدت مدينة جلمة الواقعة في منطقة سيدي بوزيد عملية أمنية استباقية أدت إلى منع مخططات إرهابية وصفت بـ«الاستعراضية» كانت تستهدف السوق الأسبوعية بالمدينة وعددا من المقرات الأمنية والمنشآت الحيوية بالجهة. كما أكدت التحريات الأمنية التي أجرتها وحدات مكافحة الإرهاب أن المجموعة التي تسمى كتيبة «الجهاد والتوحيد» التي يقودها الإرهابي التونسي عز الدين العلوي والمبايعة لتنظيم داعش الإرهابي، كانت ترمي إلى إقامة إمارة «داعشية» تمتد على منطقتي سيدي بوزيد والقصرين في انتظار مزيد من التمدد نحو مناطق تونسية أخرى. وشهدت هاتان المنطقتان (سيدي بوزيد والقصرين) أنشطة إرهابية متنوعة خلال الأشهر الماضية من بينها السطو على بنكين في مدينة القصرين، وقتل شقيق أحد العسكريين التونسيين، علاوة على تجهيز ورشة لصناعة المتفجرات استعدادا لتنفيذ أعمال إرهابية خطيرة.
على صعيد متصل، أعلن مختار بن نصر رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب (لجنة حكومية) عن تجميد أموال وأرصدة بنكية وموارد اقتصادية راجعة بالنظر لـ40 متهما بالإرهاب من ضمنهم عناصر منتمية لخلية «جند الخلافة» الإرهابية الناشطة في الجبال الغربية لتونس والمبايعة لتنظيم داعش الإرهابي. ويمتد إقرار التجميد لمدة ستة أشهر قابلة للتجديد، وهي المرة الثانية التي تعلن خلالها هذه اللجنة عن مثل هذا القرار في فترة زمنية لا تزيد عن شهرين، إذ اتخذت خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي قرارا مماثلا يقضي كذلك بتجميد أموال وموارد اقتصادية لـ23 تونسيا ارتبطت بهم تهم إرهابية، ليصل العدد الإجمالي للقرارات الصادرة في الغرض 63 قرارا. وتأتي قرارات التجميد هذه، استجابة للمعايير الدولية التي وردت في التوصيات الصادرة عن مجموعة العمل المالي الدولية خاصة التوصية عدد 6 المتعلقة بالعقوبات المالية الهادفة لقطع إحدى أهم وسائل عمل التنظيمات الإرهابية. ومن شأن هذا الإجراء أن يساهم في تيسير خروج تونس من قائمة الدول الخاضعة لرقابة مجموعة العمل المالي، والمساهمة بفاعلية في تنفيذ توصيات الأمم المتحدة بالانخراط الكامل في مكافحة الإرهاب والحد من نشاطات التنظيمات الإرهابية.
ونتيجة لهذا القرار، أدرجت اللجنة التونسية لمكافحة الإرهاب، أسماء الأشخاص الذين تم تجميد أموالهم ومواردهم الاقتصادية في الموقع الرسمي للجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب، مع ذكر التهم المتعلقة بهم وتاريخ ارتكابهم لعمليات إرهابية، ويحق لهم الطعن في تلك القرارات أمام القضاء التونسي. يذكر أن وزارة الداخلية التونسية قد أكدت في تقارير رسمية عودة نحو 800 عنصر إرهابي من بؤر التوتر خارج تونس، وأشارت إلى خضوع الأغلبية منهم للمراقبة الأمنية ولعقوبات سالبة للحرية نتيجة وجود أحكام قضائية غيابية صادرة بشأنهم. وتخشى السلطات التونسية عودة آلاف الشبان الذين تدربوا على أحدث الأسلحة وتمرسوا على صناعة المتفجرات من بؤر التوتر، على أمن تونس واستقرارها. وتؤكد المصادر ذاتها على أن عدد الشبان التونسيين الذين التحقوا بالتنظيمات الإرهابية المنتشرة في بؤر التوتر في سوريا وليبيا والعراق، مقدر بنحو ثلاثة آلاف إرهابي غير أن تقارير محلية ودولية تشير إلى أن هذا العدد بعيد عن الواقع وأن عدد الملتحقين ببؤر التوتر لا يقل عن عشرة آلاف شاب كحد أدنى.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.