البرازيل في عهدة اليمين المتطرف

قراءة لأبرز «تجربة ترمبية» في كبرى دول أميركا اللاتينية

البرازيل في عهدة اليمين المتطرف
TT

البرازيل في عهدة اليمين المتطرف

البرازيل في عهدة اليمين المتطرف

عندما أعلن جايير بولسونارو، النقيب المسرَّح من الجيش البرازيلي والنائب المغمور في البرلمان عن مدينة ريو دي جانيرو للمرة السابعة على التوالي، ترشّحه لانتخابات الرئاسة في البرازيل مطلع العام الماضي، كانت نسبة المؤيدين له في كبرى دول أميركا اللاتينية، والسادسة في العالم من حيث المساحة وعدد السكّان، لا تتجاوز 10 في المائة من الناخبين.
كانت حظوظه معدومة في الوصول حتى إلى الجولة الثانية من الانتخابات، وفق إجماع المحللين واستطلاعات الرأي والمراقبين. وكان هؤلاء يعتبرون أن في كونه لا ينتمي إلى أي حزب أو تيّار سياسي له امتداد جغرافي واسع وكتلة نيابية توفّر له الدعم اللازم، إضافة إلى خطابه اليميني المتطرّف الذي يهاجم الأقليّات ويحقِّرها ويحرّض على استخدام أجهزة الأمن أقسى درجات القوة والعنف ويمتدح الديكتاتورية العسكرية التي حكمت البرازيل بالقمع وإلغاء الحريّات، عناصر أكثر من كافية لإخراجه من السباق الرئاسي في مراحله الأولى.
لكن شعبية بولسونارو ذهبت إلى ارتفاع مضطرّد حتى تجاوزت 30 في المائة مع البداية الرسمية للحملة الانتخابية منتصف أغسطس (آب) الماضي، وبدا من شبه المؤكد أن المعركة النهائية ستضعه في مواجهة مرشّح حزب العمّال المتحدّر من أصل لبناني فرناندو حدّاد، وذلك بعدما أصدر القضاء حكمه النهائي بإلغاء ترشيح الرئيس الأسبق لويس إيناسيو دا سيلفا «لولا» الذي يمضي عقوبة بالسجن بتهمة الفساد، وهو الذي كان ما يزال الأوسع شعبية بين كل المرشّحين.

في بداية الحملة الانتخابية الرئاسية في البرازيل تعرّض المرشح اليميني المتطرف جاير بولسونارو، الذي فاز لاحقاً بالانتخابات وتولى مقاليد منصبه رسمياً قبل أيام، لمحاولة اغتيال كادت تودي بحياته. تلك المحاولة أقصته ثلاثة أسابيع عن التواصل مع مؤيديه الذين كانوا يتابعونه بأعداد متزايدة عبر المنصّات الإلكترونية. ولقد تبيّن فيما بعد في أعقاب فوز بولسونارو أنها كانت سلاحه الأقوى الذي عوّض به افتقاره إلى ماكينة انتخابية في بلد مترامي الأطراف، مثل البرازيل، ومُدمن على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي إذ يحتلّ المرتبة الثانية في العالم بعد الفلبين.
والحقيقة أنه عندما ظهرت نتائج الجولة الأولى التي فاز بها بولسونارو بفارق عشر نقاط مئوية عن منافسه الاشتراكي فرناندو حدّاد، أيقن الجميع أن هذا الأخير سيحتاج إلى معجزة لقطع الطريق أمام وصول أوّل يميني متطرّف إلى الرئاسة في تاريخ البرازيل الديمقراطي. كذلك أدرك المراقبون أنهم لم يقدّروا أهمية الورقة الرابحة التي راهن عليها بولسونارو منذ البداية، وهي الرفض العارم لحزب العمّال وقياداته بسبب الفساد الذي استشرى خلال ولايتَي «لولا» وبداية ولاية «خليفته» الاشتراكية ديلما روسّيف التي أقيلت من منصبها في عام 2016.

الرهان الصائب

وبالفعل، جاءت الجولة الثانية لتؤكّد عمق الاستياء الشعبي من سياسات حزب العمّال وممارساته، وصواب رهان بولسونارو الذي لم يتوقّف الناخبون عند شطحاته العنصرية وتصريحاته المهينة بحق المرأة والأقليّات... بل تماهوا مع وعوده برفض التساهل مع العنف والفساد.
وهكذا، بعد 13 سنة من حكم اليسار، وسنتين من المراوحة السياسية مع الرئيس الوسطي السابق ميشال تامر، الذي خلف ديلما روسّيف، فتحت البرازيل صفحة جديدة على المجهول في تاريخها السياسي.
البرازيل اليوم يحكمها أوّل نظام يميني متطرّف وصل إلى الحكم عن طريق الانتخابات الحرة، بقيادة رئيس توعّد بتقليص حقوق الطبقة العاملة وتجاهل تغيّر المناخ، وأعلن أن «الاستثمار في الثقافة ليس مجزياً»، وفتح الأبواب واسعة أمام المحافظين الإنجيليين و«العسكر» لإدارة القوة الاقتصادية الأولى في أميركا اللاتينية والثامنة في العالم.

يوم التنصيب

وقف بولسونارو أمام آلاف المحتشدين يوم تنصيبه في ميدان السلطات الثلاث، الاشتراعية والإجرائية والقضائية، في العاصمة برازيليا. ورفع راية البرازيل يلوّح بها قائلاً: «رايتنا لن تكون حمراء أبداً» في إشارة تحدٍّ إلى حزب العمّال واليسار. ثم أضاف: «أنا لست المخلّص، لكن ليس بوسع البرازيل أن تواصل جنوحها إلى الشيوعية والاشتراكية والشعبويّة التي تقضي على القيم العائلية».
في تلك الأثناء كان الرئيس الأميركي دونالد ترمب يرسل له تغريدة يقول فيها: «الولايات المتحدة إلى جانبك»... ليردّ عليها بقوله: «معاً بحماية الله، سنحمل الازدهار والتقدّم لشعبينا». وفي عين المكان، كان في طليعة المصفّقين للرئيس اليميني الجديد «رفيقا فكر وممارسة» هما رئيس وزراء المجر اليميني المتطرف فيكتور أوروبان ونظيره الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي كان يختتم زيارة رسمية إلى البرازيل، بعدما وعده بولسونارو بنقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس. وكي لا يترك بولسونارو مجالاً للشك حول عزمه على السير في الاتجاه المعاكس تماماً للحكومات اليسارية السابقة، فإنه كان قد سحب الدعوات التي وجهها سلفه - كما هو مألوف في مثل هذه المناسبات - إلى رؤساء فنزويلا وكوبا ونيكاراغوا لحضور حفل تنصيبه، وهو ما ينذر بتغيير جذري في المعادلة الإقليمية بأميركا اللاتينية.
هذا، بالنسبة للبعد الدولي، ولكن ما لفت انتباه المراقبين بشكل خاص كان غياب المعارضة البرازيلية عن حفل التنصيب، وذلك لأول مرة في تاريخ الديمقراطية البرازيلية، لاعتبارها «أن الحقد الذي يظهره الرئيس المنتخب تجاه حزب العمّال ينبع من مشروع الاستيلاء على المؤسسات وتأسيس دولة بوليسية والقضاء على المنجزات التاريخية التي حقّقها الشعب البرازيلي».

مخاوف... وتوقّعات

صحيح أن البرازيليين لا يشعرون اليوم بالخوف الذي تملّكهم من «العسكر» طوال 21 سنة من الحكم الديكتاتوري الذي امتد بين 1964 و1985. لكن التصريحات والمواقف الكثيرة التي أطلقها بولسونارو إبّان الحملة الانتخابية عن «محاسن» الحكم العسكري و«مزايا» الديكتاتورية، تطرح علامات استفهام، وتثير مخاوف حول دور «العسكر» في حكومة ثلث أعضائها من ضبّاط القوات المسلحة المتقاعدين، على رأسهم الجنرال المتقاعد هاملتون موراو، المعروف بمواقفه المتشددة، الذي يتولّى منصب نائب الرئيس بصلاحيات واسعة غير ملحوظة في الدستور البرازيلي.
أيضاً توقّف المراقبون عند تكليف جنرال متقاعد آخر معروف بمواقفه المؤيدة للحكم الديكتاتوري، هو ألبرتو سانتوس كروز، بتولي حقيبة العلاقات مع الكونغرس التي يعوّل عليها بولسونارو كثيراً لضمان الغالبية البرلمانية التي تمكّنه من تنفيذ وعوده الانتخابية.
ومن ثم، فالتوقعات الأولى تشير إلى أن البرازيل مقبلة على مرحلة حافلة بالاحتجاجات العمالية والاضطرابات الاجتماعية ضد برنامج الحكومة الجديدة. وخاصة أن هذا البرنامج يتضمّن خصخصة معظم المؤسسات والشركات العامة، وإلغاء كثير من برامج المساعدة للطبقات الشعبية والفقيرة، والسماح باستغلال مساحات واسعة من غابة الأمازون، والترخيص لبيع الأسلحة للمدنيين، وإطلاق يد الأجهزة الأمنية لمكافحة الجريمة. لكن الاستطلاعات الأخيرة تشير إلى أن 75 في المائة من البرازيليين يؤيدون التدابير التي اتخذها بولسونارو خلال الفترة الانتقالية، وإلى أن هذا التفاؤل يشمل أيضا مستقبل القطاع الاقتصادي إذ يعتبر 47 في المائة منه أن نسبة البطالة ستتراجع، خاصة أن وصول بولسونارو إلى الحكم يتزامن مع خروج البرازيل من مرحلة طويلة من الركود الاقتصادي وبداية فترة واعدة من النمو.
في المقابل، يرى البعض أن هذا التفاؤل ليس إلا ظاهرة مرحليّة، وهي ما يعرف بـ«شهر العسل» الذي تنعم به عادة الحكومات الجديدة في بداياتها. كذلك تتساءل الدوائر الدبلوماسية في الدول التي تربطها مصالح تجارية كبيرة مع البرازيل، بتحفظّ شديد وحذر: إلى متى سيدوم هذا التفاؤل في الظروف الدقيقة التي يمرّ بها الاقتصاد العالمي والانقسام السياسي والاجتماعي الحاد الذي تعيشه البلاد بعد انتخاب بولسونارو؟

«مدرسة» ترمب السياسية

لا يخفي الرئيس البرازيلي الجديد إعجابه بالرئيس الأميركي دونالد ترمب، ويحاول تقليده بشتّى الوسائل. إلا أنه رغم الترحيب الذي لقيه انتخابه لدى الإدارة الأميركية، فإن واشنطن اكتفت بإرسال وزير خارجيتها مايك بومبيو إلى حفل تنصيبه. وبالتالي، فالانطباع العام الذي يسود الدوائر السياسية الدولية المهتمة بمتابعة التطورات المقبلة في البرازيل، هو أن بولسونارو ما زال أسير نشوة الانتصار الذي كان أبعد من حلم منذ أشهر قليلة. وإنه سيضطر قريباً إلى الجنوح نحو الواقعية والاعتدال، فيتخلّى عن الخطاب المتطرف الذي حمله إلى الرئاسة.
المؤشرات الأولى لهذه «الواقعية»، التي ينتظر المراقبون أن تفرض نهجاً أكثر اعتدالاً على خطوات بولسونارو المقبلة، ظهرت مع إعلانه «إعادة النظر» في مسألة الانسحاب من «اتفاقية باريس» حول تغيّر المناخ. وذلك لأن خطوة كهذه من شأنها أن تحرم البرازيل، التي هي من الدول الرئيسية المصدّرة للمنتوجات الزراعية والمواد الغذائية، من شهادات المنشأ التي تتيح لها دخول عدد من الأسواق الكبرى مثل الاتحاد الأوروبي وبعض الدول الآسيوية. أيضاً، من المرجّح أن يبقى قراره نقل السفارة إلى القدس المحتلة من غير تفعيل في الوقت الراهن، بعد «التنبيهات» التي نقلها إليه عدد من كبار رجال الأعمال حول التداعيات الاقتصادية السلبية لهذه الخطوة، ولا سيما بالنظر للمصالح التجارية والمالية الضخمة للبرازيل مع عدد من الدول العربية.
مع هذا، هناك مصادر دبلوماسية رفيعة في الأمم المتحدة غير مطمئنة لناحية إحجام البرازيل عن الانسحاب من «اتفاقية باريس»، لا سيما أن أدغال الأمازون تعدّ الرئة الأساسية للأرض وتنتج أكثر من 10 في المائة من الأكسجين في العالم. وهي قلقة حقاً لأنها تتوقع الانسحاب من الاتفاقية، كما سبق أن أعلن بولسونارو خلال حملته الانتخابية.

إشكالية الأراضي الزراعية

وفي سياق متصل، تزداد الخشية من وفاء الرئيس البرازيلي الجديد بوعوده الانتخابية بعد القرار الأول الذي اتخذه بُعيد تنصيبه، عندما قدّم هديّة «سخية» لشركات تربية الماشية والمنتوجات الزراعية والغذائية، التي تتمتّع بنفوذ واسع على حساب حماية البيئة والسكان الأصليين. شركات الماشية والمنتجات الزراعية - بالمناسبة - كانت من القوى الرئيسية التي دعمت حملة بولسونارو الانتخابية بجانب الكنيسة الإنجيلية المحافظة، ولقد أصدر مرسوماً بتفويض وزارة الزراعة كامل صلاحيات تحديد المناطق المحميّة المخصّصة للسكّان الأصليين الذين يزيد عددهم على المليون ويعيشون في نحو 12 في المائة من مساحة البرازيل. ويُعدّ هذا المرسوم الذي يطلق يد وزارة الزراعة في تحديد هذه الأراضي وتسجيل ملكيّتها، ضربة قاسية للمنظمات والجمعيات المدافعة عن البيئة وعن حقوق السكّان الأصليين، خاصة، أن تيريزا كريستينا دياز، وزيرة الزراعة الجديدة، كانت حتى تعيينها رئيسة للكتلة البرلمانية التي تمثّل مصالح الشركات الزراعية والغذائية الكبرى التي تطالب منذ سنوات بمثل هذه الخطوة التي من شأنها أن تفتح مساحات شاسعة من أدغال الأمازون لاستغلاها في الزراعة وتربية الماشية. وعلى طريقة الرئيس ترمب شرح بولسونارو قراره في تغريدة: «أقلّ من مليون شخص يعيشون في مناطق منعزلة تماماً في البرازيل، تستغلّهم وتتحكم بهم منظمات غير حكومية، وسنعمل معاً من أجل إدماج هؤلاء المواطنين والنهوض بأوضاعهم».

وزارة العدل... والقضاء

من الوزارات الأخرى التي تتجّه أنظار المراقبين إليها لمعرفة خطوات الرئيس بولسونارو المقبلة وزارة العدل التي يتولاها سيرجيو مورو، القاضي الذي حكم بسجن الرئيس الأسبق لولا، خصم بولسونارو اللدود، وألغى ترشيحه للرئاسة. وفي أوّل تصريح لمورو بعد تسلّمه منصبه «المهمّة الأولى التي أوكلها إلى الرئيس هي إنهاء حالات الإفلات من العقاب»، ما يوحي بأن أول المستهدفين سيكون الرئيس السابق ميشال تامر، الذي وصل إلى رئاسة الدولة بعد عزل ديلما روسّيف، التي كان نائباً لها. وكان تامر قد استطاع الإفلات من المحاكمة والعزل بفضل تأييد غالبية الأعضاء في مجلس الشيوخ الذين كان يخشى معظمهم المصير نفسه في حال رفع الحصانة عنهم. ويتوقّع المراقبون أن تتسارع الإجراءات القضائية لملاحقة تامر بعد إسقاط الحصانة الرئاسية عنه، ما سيفتح الباب واسعاً أمام مسلسل من المحاكمات التي قد تقضي تباعاً على كثير من خصوم بولسونارو.


مقالات ذات صلة

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

حصاد الأسبوع Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

منذ فترة ولايته الأولى عام 2014، كان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أكبر مناصر للعلاقات بين الهند وأفريقيا.

براكريتي غوبتا (نيودلهي)
حصاد الأسبوع نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

سطرت نيتومبو ناندي ندايتواه، 72 عاماً، اسمها في التاريخ بوصفها أول امرأة تتولى رئاسة ناميبيا منذ استقلال البلاد عام 1990، بعدما حصدت 57 في المائة من الأصوات في

فتحية الدخاخني ( القاهرة)
رياضة سعودية السعودية تستمر في تشكيل خريطة مختلف الرياضات العالمية بتنظيم واستضافات غير مسبوقة (الشرق الأوسط)

السعودية ستُشكل خريطة الرياضة العالمية في 2025

شارف عام حافل بالأحداث الرياضية بما في ذلك الألعاب الأولمبية التي حظيت بإشادة واسعة وأربع بطولات قارية لكرة القدم على الانتهاء ومن المتوقع أن يكون عام 2025 أقل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
حصاد الأسبوع فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

بعد 9 أيام من سقوط الحكومة الفرنسية بقيادة ميشال بارنييه في اقتراع لحجب الثقة، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فرنسوا بايرو، زعيم رئيس حزب الوسط (الموديم)،

أنيسة مخالدي (باريس)
حصاد الأسبوع خافيير ميلي (أ.ب)

خافيير ميلي... شعبية «المخرّب الأكبر» لا تعرف التراجع

في المشهد الشعبوي واليميني المتطرف، المتنامي منذ سنوات، يشكّل الصعود الصاعق لخافيير ميلي إلى سدّة الرئاسة في الأرجنتين، حالة مميّزة، لا بل فريدة، من حيث الأفكار

شوقي الريّس (مدريد)

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟
TT

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

بعد 9 أيام من سقوط الحكومة الفرنسية، بقيادة ميشال بارنييه، في اقتراع لحجب الثقة، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فرنسوا بايرو، زعيم رئيس حزب الوسط (الموديم)، على رأس الحكومة الجديدة. يأتي قرار التعيين في الوقت الذي تعيش فيه فرنسا أزمة برلمانية حادة بسبب غياب الأغلبية وهشاشة التحالفات، مما يضفي على الحياة السياسية جواً من عدم الاستقرار والفوضى. كان هذا القرار متوقَّعاً حيث إن رئيس الوزراء الجديد من الشخصيات المعروفة في المشهد السياسي الفرنسي، والأهم أنه كان عنصراً أساسياً في تحالف ماكرون الوسطي وحليف الرئيس منذ بداية عهدته في 2017. تساؤلات كثيرة رافقت إعلان خبر التعيين، أهمها حظوظ رئيس الوزراء الجديد في تحقيق «المصالحة» التي ستُخرِج البلاد من الأزمة البرلمانية، وقدرته على إنقاذ عهدة ماكرون الثانية.

أصول ريفية بسيطة

وُلِد فرنسوا بايرو في 25 مايو (أيار) عام 1951 في بلدة بوردار بالبرينيه الأطلسية، وهو من أصول بسيطة، حيث إنه ينحدر من عائلة مزارعين، أباً عن جدّ. كان يحب القراءة والأدب، وهو ما جعله يختار اختصاص الأدب الفرنسي في جامعة بوردو بشرق فرنسا. بعد تخرجه عمل في قطاع التعليم، وكان يساعد والدته في الوقت ذاته بالمزرعة العائلية بعد وفاة والده المفاجئ في حادث عمل. بدأ بايرو نشاطه السياسي وهو في سن الـ29 نائباً عن منطقة البرانس الأطلسي لسنوات، بعد أن انخرط في صفوف حزب الوسط، ثم رئيساً للمجلس العام للمنطقة ذاتها بين 1992 و2001. إضافة إلى ذلك، شغل بايرو منصب نائب أوروبي بين 1999 و2002. وهو منذ 2014 عمدة لمدينة بو، جنوب غربي فرنسا، ومفتّش سامٍ للتخطيط منذ 2020.

شغل بايرو مهام وزير التربية والتعليم بين 1993 و1997 في 3 حكومات يمينية متتالية. في 2017 أصبح أبرز حلفاء ماكرون، وكوفئ على ولائه بحقيبة العدل، لكنه اضطر إلى الاستقالة بعد 35 يوماً فقط، بسبب تورطه في تحقيق يتعلق بالاحتيال المالي. ومعروف عن فرنسوا بايرو طموحه السياسي، حيث ترشح للرئاسة 3 مرات، وكانت أفضل نتائجه عام 2007 عندما حصل على المركز الثالث بنسبة قاربت 19 في المائة.

مارين لوبان زعيمة اليمين المتطرف (إ.ب.أ)

شخصية قوية وعنيدة

في موضوع بعنوان «بايرو في ماتنيون: كيف ضغط رئيس (الموديم) على إيمانويل ماكرون»، كشفت صحيفة «لوموند» أن رئيس الوزراء الجديد قام تقريباً بليّ ذراع الرئيس من أجل تعيينه؛ حيث تشرح الصحيفة، بحسب مصادر قريبة من الإليزيه، أن بايرو واجه الرئيس ماكرون غاضباً، بعد أن أخبره بأنه يريد تعيين وزير الصناعة السابق رولان لوسكور بدلاً منه، واستطاع بقوة الضغط أن يقنعه بالرجوع عن قراره وتعيينه هو على رأس الحكومة.

الحادثة التي نُقلت من مصادر موثوق بها، أعادت إلى الواجهة صفات الجرأة والشجاعة التي يتحّلى بها فرنسوا بايرو، الذي يوصف أيضاً في الوسط السياسي بـ«العنيد» المثابر. ففي موضوع آخر نُشر بصحيفة «لوفيغارو» بعنوان: «فرنسوا بايرو التلميذ المصاب بالتأتأة يغزو ماتنيون»، ذكرت الصحيفة أن بايرو تحدَّى الأطباء الذين نصحوه بالتخلي عن السياسة والتعليم بسبب إصابته وهو في الثامنة بالتأتأة أو الصعوبة في النطق، لكنه نجح في التغلب على هذه المشكلة، بفضل عزيمة قوية، واستطاع أن ينجح في السياسة والتعليم.

يشرح غيوم روكيت من صحيفة «لوفيغارو» بأنه وراء مظهر الرجل الريفي الأصل البشوش، يوجد سياسي محنّك، شديد الطموح، بما أنه لم يُخفِ طموحاته الرئاسية، حيث ترشح للرئاسيات 3 مرات، و«لن نكون على خطأ إذا قلنا إنه استطاع أن يستمر في نشاطه السياسي كل هذه السنوات لأنه عرف كيف يتأقلم مع الأوضاع ويغيّر مواقفه حسب الحاجة»، مذكّراً بأن بايرو كان أول مَن هاجم ماكرون في 2016 باتهامه بالعمل لصالح أرباب العمل والرأسماليين الكبار، لكنه أيضاً أول مع تحالف معه حين تقدَّم في استطلاعات الرأي.

على الصعيد الشخصي، يُعتبر بايرو شخصية محافظة، فهو أب لـ6 أطفال وكاثوليكي ملتزم يعارض زواج المثليين وتأجير الأرحام، وهو مدافع شرس عن اللهجات المحلية، حيث يتقن لهجته الأصلية، وهي اللهجة البيرينية.

رجل الوفاق الوطني؟

عندما تسلّم مهامه رسمياً، أعلن فرنسوا بايرو أنه يضع مشروعه السياسي تحت شعار «المصالحة» ودعوة الجميع للمشاركة في النقاش. ويُقال إن نقاط قوته أنه شخصية سياسية قادرة على صنع التحالفات؛ حيث سبق لفرنسوا بايرو خلال الـ40 سنة خبرة في السياسة، التعاون مع حكومات ومساندة سياسات مختلفة من اليمين واليسار.

خلال مشواره السياسي، عمل مع اليمين في 1995، حيث كان وزيراً للتربية والتعليم في 3 حكومات، وهو بحكم توجهه الديمقراطي المسيحي محافظ وقريب من اليمين في قضايا المجتمع، وهو ملتزم اقتصادياً بالخطوط العريضة لليبيراليين، كمحاربة الديون وخفض الضرائب. وفي الوقت ذاته، كان فرنسوا بايرو أول زعيم وسطي يقترب من اليسار الاشتراكي؛ أولاً في 2007 حين التقى مرشحة اليسار سيغولين رويال بين الدورين الأول والثاني من الانتخابات الرئاسية للبحث في تحالف، ثم في 2012 حين صنع الحدث بدعوته إلى التصويت من أجل مرشح اليسار فرنسوا هولاند على حساب خصمه نيكولا ساركوزي، بينما جرى العرف أن تصوّت أحزاب الوسط في فرنسا لصالح اليمين.

ومعروف أيضاً عن رئيس الوزراء الجديد أنه الشخصية التي مدّت يد المساعدة إلى اليمين المتطرف، حيث إنه سمح لمارين لوبان بالحصول على الإمضاءات التي كانت تنقصها لدخول سباق الرئاسيات عام 2022، وهي المبادرة التي تركت أثراً طيباً عند زعيمة التجمع الوطني، التي صرحت آنذاك قائلة: «لن ننسى هذا الأمر»، كما وصفت العلاقة بينهما بـ«الطيبة». هذه المعطيات جعلت مراقبين يعتبرون أن بايرو هو الأقرب إلى تحقيق التوافق الوطني الذي افتقدته الحكومة السابقة، بفضل قدرته على التحدث مع مختلف الأطياف من اليمين إلى اليسار.

ما هي حظوظ بايرو في النجاح؟رغم استمرار الأزمة السياسية، فإن التقارير الأولية التي صدرت في الصحافة الفرنسية توحي بوجود بوادر مشجعة في طريق المهمة الجديدة لرئيس الوزراء. التغيير ظهر من خلال استقبال أحزاب المعارضة لنبأ التعيين، وعدم التلويح المباشر بفزاعة «حجب الثقة»، بعكس ما حدث مع سابقه، بارنييه.

الإشارة الإيجابية الأولى جاءت من الحزب الاشتراكي الذي عرض على رئيس الوزراء الجديد اتفاقاً بعدم حجب الثقة مقابل عدم اللجوء إلى المادة 3 - 49 من الدستور، وهي المادة التي تخوّل لرئيس الحكومة تمرير القوانين من دون المصادقة عليها. الاشتراكيون الذين بدأوا يُظهرون نيتهم في الانشقاق عن ائتلاف اليسار أو «جبهة اليسار الوطنية» قد يشكّلون سنداً جديداً لبايرو، إذا ما قدّم بعض التنازلات لهم.

وفي هذا الإطار، برَّر بوريس فالو، الناطق باسم الحزب، أسباب هذا التغيير، بالاختلاف بين الرجلين حيث كان بارنييه الذي لم يحقق حزبه أي نجاحات في الانتخابات الأخيرة يفتقد الشرعية لقيادة الحكومة، بينما الأمر مختلف نوعاً ما مع بايرو. كما أعلن حزب التجمع الوطني هو الآخر، وعلى لسان رئيسه جوردان بارديلا، أنه لن يكون هناك على الأرجح حجب للثقة، بشرط أن تحترم الحكومة الجديدة الخطوط الحمراء، وهي المساس بالضمان الصحّي، ونظام المعاشات أو إضعاف اقتصاد البلاد.

يكتب الصحافي أنطوان أوبردوف من جريدة «لوبنيون»: «هذه المرة سيمتنع التجمع الوطني عن استعمال حجب الثقة للحفاظ على صورة مقبولة لدى قاعدته الانتخابية المكونة أساساً من كهول ومتقاعدين قد ترى هذا الإجراء الدستوري نوعاً من الحثّ على الفوضى».

كما أعلن حزب اليمين الجمهوري، على لسان نائب الرئيس، فرنسوا كزافييه بيلامي، أن اليمين الجمهوري سيمنح رئيس الحكومة الجديد شيئاً من الوقت، موضحاً: «سننتظر لنرى المشروع السياسي للسيد بايرو، ثم نقرر». أما غابرييل أتال، رئيس الوزراء السابق عن حزب ماكرون، فأثنى على تعيين بايرو من أجل «الدفاع على المصلحة العامة في هذا الظرف الصعب».

أما أقصى اليسار، الممثَّل في تشكيلة «فرنسا الأبية»، إضافة إلى حزب الخضر، فهما يشكلان إلى غاية الآن الحجر الذي قد تتعثر عليه جهود الحكومة الجديدة؛ فقد لوَّحت فرنسا الأبية باللجوء إلى حجب الثقة مباشرة بعد خبر التعيين، معتبرة أن بايرو سيطبق سياسة ماكرون لأنهما وجهان لعملة واحدة.

فرانسوا بايرو يتحدث في الجمعة الوطنية الفرنسية (رويترز)

أهم الملفات التي تنتظر بايرو

أهم ملف ينتظر رئيس الوزراء الجديد الوصول إلى اتفاق عاجل فيما يخص ميزانية 2025؛ حيث كان النقاش في هذا الموضوع السبب وراء سقوط حكومة بارنييه. وكان من المفروض أن يتم الإعلان عن الميزانية الجديدة والمصادقة عليها قبل نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2024، لولا سقوط الحكومة السابقة، علماً بأن الدستور الفرنسي يسمح بالمصادقة على «قانون خاص» يسمح بتغطية تكاليف مؤسسات الدولة وتحصيل الضرائب لتجنب الشلّل الإداري في انتظار المصادقة النهائية. أوجه الخلاف فيما يخّص القانون تتعلق بعجز الميزانية الذي يُقدَّر بـ60 مليار يورو، الذي طلبت الحكومة السابقة تعويضه بتطبيق سياسة تقشفية صارمة تعتمد على الاقتطاع من نفقات القطاع العمومي والضمان الاجتماعي، خاصة أن فرنسا تعاني من أزمة ديون خانقة حيث وصلت في 2023 إلى أكثر من 3200 مليار يورو. الرفض على المصادقة قد يأتي على الأرجح من اليسار الذي يطالب بإيجاد حل آخر لتغطية العجز، وهو رفع الضرائب على الشركات الكبرى والأثرياء. وكان فرنسوا بايرو من السياسيين الأكثر تنديداً بأزمة الديون، التي اعتبرها مشكلة «أخلاقية» قبل أن تكون اقتصادية؛ حيث قال إنه من غير اللائق أن «نحمّل أجيال الشباب أخطاء التدبير التي اقترفناها في الماضي».

الملف الثاني يخص نظام المعاشات، وهو ملف يقسم النواب بشّدة بين اليمين المرحّب بفكرة الإصلاح ورفع سن التقاعد من 62 إلى 64 سنة، إلى اليسار الذي يرفض رفع سنّ التقاعد، معتبراً القانون إجراءً غير عادل، وبالأخص بالنسبة لبعض الفئات، كذوي المهن الشاقة أو الأمهات.

وتجدر الإشارة إلى أن فرنسا كانت قد شهدت حركة احتجاجات شعبية عارمة نتيجة إقرار هذا القانون، وبالأخص بعد أن كشفت استطلاعات الرأي أن غالبية من الفرنسيين معارضة له. صحيفة «لكبرس»، في موضوع بعنوان «بايرو في ماتنيون ماذا كان يقول عن المعاشات» تذكّر بأن موقف رئيس الوزراء بخصوص هذا الموضوع كان متقلباً؛ فهو في البداية كان يطالب بتحديد 60 سنة كحّد أقصى للتقاعد، ثم تبنَّى موقف الحكومة بعد تحالفه مع ماكرون.

وعلى طاولة رئيس الوزراء الجديد أيضاً ملف «الهجرة»؛ حيث كان برونو ريتيلو، وزير الداخلية، قد أعلن عن نصّ جديد بشأن الهجرة في بداية عام 2025، الهدف منه تشديد إجراءات الهجرة، كتمديد الفترة القصوى لاحتجاز الأجانب الصادر بحقهم أمر بالترحيل أو إيقاف المساعدات الطبية للمهاجرين غير الشرعيين. سقوط حكومة بارنييه جعل مشروع الهجرة الجديد يتوقف، لكنه يبقى مطروحاً كخط أحمر من قِبَل التجمع الوطني الذي يطالب بتطبيقه، بعكس أحزاب اليسار التي هددت باللجوء إلى حجب الثقة في حال استمرت الحكومة الجديدة في المشروع. وهذه معادلة صعبة بالنسبة للحكومة الجديدة. لكن محللّين يعتقدون أن الحكومة الجديدة تستطيع أن تنجو من السقوط، إذا ما ضمنت أصوات النواب الاشتراكيين، بشرط أن تُظهر ليونة أكبر في ملفات كالهجرة ونظام المعاشات، وألا تتعامل مع كتلة اليمين المتطرف.

إليزابيث بورن (أ.ف.ب)

بومبيدو

دوفيلبان

حقائق

رؤساء الحكومة الفرنسيون... معظمهم من اليمين بينهم سيدتان فقط


منذ قيام الجمهورية الخامسة عام 1958، ترأَّس حكومات فرنسا 28 شخصية سياسية، ينتمي 8 منها لليسار الاشتراكي، بينما تتوزع الشخصيات الأخرى بين اليمين الجمهوري والوسط. ومن بين هؤلاء سيدتان فقط: هما إيديت كريسون، وإليزابيث بورن.هذه قائمة بأشهر الشخصيات:جورج بومبيدو: ترأَّس الحكومة بين 1962 و1968. معروف بانتمائه للتيار الوسطي. شغل وظائف سامية في مؤسسات الدولة، وكان رجل ثقة الجنرال شارل ديغول وأحد مقربيه. عيّنه هذا الأخير رئيساً للوزراء عام 1962 ومكث في منصبه 6 سنوات، وهو رقم قياسي بالنسبة لرؤساء حكومات الجمهورية الخامسة. لوران فابيوس: ترأَّس الحكومة بين 1984 و1986. ينتمي للحزب الاشتراكي. شغل منصب وزير المالية، ثم وزيراً للصناعة والبحث العلمي. حين عيّنه الرئيس الراحل فرنسوا ميتران كان أصغر رئيس وزراء فرنسي؛ حيث كان عمره آنذاك 37 سنة. شغل أيضاً منصب رئيس الجمعية الوطنية. تأثرت شعبيته بعد محاكمته بوصفه مسؤولاً عن الحكومة في قضية الدم الملوّث الذي راح ضحيته أكثر من 4 آلاف فرنسي. كما تكرر اسمه في مفاوضات الملف النووي الإيراني.جاك شيراك: إضافة لوظيفته الرئاسية المعروفة، ترأَّس جاك شيراك الحكومة الفرنسية مرتين: المرة الأولى حين اختاره الراحل فاليري جيسكار ديستان وكان ذلك بين 1974 و1976، ثم إبان عهدة الرئيس فرنسوا ميتران بين 1986 و1988. شغل مناصب سامية، وتقلّد مسؤوليات عدة في مؤسسات الدولة وأجهزتها، حيث كان عمدة لمدينة باريس، ورئيس حزب التجمع الجمهوري اليميني، ووزيراً للزراعة.دومينيك دوفيلبان: شغل وظيفة رئيس الحكومة في عهدة الرئيس جاك شيراك بين 2005 و2007، وكان أحد مقربي الرئيس شيراك. كما شغل أيضاً حقيبة الخارجية ونال شعبية كبيرة بعد خطابه المعارض لغزو العراق أمام اجتماع مجلس الأمن في عام 2003. حين كان رئيس الوزراء، أعلن حالة الطوارئ بعد أحداث العنف والاحتجاجات التي شهدتها الضواحي في فرنسا.فرنسوا فيون: عيّنه الرئيس السابق نيكولا ساركوزي في منصب رئيس الوزراء بين 2007 و2012، وهو بعد بومبيدو أكثر الشخصيات تعميراً في هذا المنصب. شغل مناصب وزارية أخرى حيث كُلّف حقائب التربية، والتعليم، والشؤون الاجتماعية، والعمل. أصبح رسمياً مرشح حزب الجمهوريون واليمين والوسط للانتخابات الرئاسية الفرنسية 2017، وأُثيرت حوله قضية الوظائف الوهمية التي أثّرت في حملته الانتخابية تأثيراً كبيراً، وانسحب بعدها من الحياة السياسية.