تحليل جديد لصواريخ هجوم دمشق الكيماوي يؤكد مسؤولية وحدات عسكرية بعينها

أثبت أن أبعاد محركاتها قريبة جدا من أبعاد المقذوفات المدفعية

تحليل جديد لصواريخ هجوم دمشق الكيماوي يؤكد مسؤولية وحدات عسكرية بعينها
TT

تحليل جديد لصواريخ هجوم دمشق الكيماوي يؤكد مسؤولية وحدات عسكرية بعينها

تحليل جديد لصواريخ هجوم دمشق الكيماوي يؤكد مسؤولية وحدات عسكرية بعينها

خلص تحليل جديد للصواريخ التي جرى استخدامها في هجوم غاز الأعصاب على العاصمة السورية دمشق في أغسطس (آب) الماضي، إلى أنه جرى إطلاق تلك الصواريخ على الأرجح بواسطة قاذفات متعددة، وأن مداها نحو ثلاثة كيلومترات، وفقا لما أكده اثنان من الباحثين الذين أجروا التحليل.
وقال الباحثان، إن «النتائج التي توصلا إليها يمكن أن تساعد في تحديد المسؤولين عن أشرس هجوم بالأسلحة الكيماوية جرى تنفيذه منذ عقود، غير أن تلك النتائج أيضا تثير الكثير من التساؤلات حول مزاعم الحكومة الأميركية بشأن مواقع نقاط إطلاق الصواريخ ومعلومات الاستخبارات التقنية وراء تلك المزاعم».
ومن خلال ذلك التحليل الجديد، يمكن الإشارة إلى وحدات عسكرية بعينها قامت بشن ذلك الهجوم، كما يمكن استخدامه من قبل المدافعين عن الحكومة السورية والجهات التي تشكك في مزاعم الولايات المتحدة في محاولة لتحويل أصابع الاتهام تجاه المعارضة.
ولم تظهر الصواريخ، موضوع الدراسة، قبل الحرب الأهلية السورية. غير أنه كان هناك القليل من المعلومات المتاحة التي تتحدث عن بناء تلك الصواريخ داخل سوريا والمكان الذي يجري فيه تصنيعها، بالإضافة إلى خصائص طيران تلك الصواريخ. وقد جرى تصوير بالفيديو وفوتوغرافي لبقايا الصواريخ، بما في ذلك مواقع في شرق دمشق التي جرى ضربها برؤوس الصواريخ التي تحمل غاز السارين في الـ21 من أغسطس (آب) الماضي.
ويعتقد على نطاق واسع أن الهجوم قد أوقع ما لا يقل عن مئات القتلى من المدنيين، وهو ما دعا إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، التي ألقت باللوم على حكومة الرئيس بشار الأسد في تنفيذ الهجوم، للتهديد بالقيام بعمل عسكري. غير أنه جرى تأجيل ذلك التهديد في منتصف سبتمبر (أيلول) عندما توصلت روسيا والولايات المتحدة إلى اتفاق يقضي بتفكيك برنامج الحكومة السورية للأسلحة الكيماوية.
وشارك في إعداد التحليل الجديد تيودور بوستول، أستاذ العلوم والتكنولوجيا وسياسة الأمن القومي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وريتشارد لويد، محلل في مختبرات «تسلا». وقد أجرى الباحثان تقييما خارجيا للصواريخ، المشتبه في استخدامها في الهجوم، التي ظهرت في أشرطة الفيديو والصور الفوتوغرافية. ويوضح التحليل أن الصواريخ أطلقت باستخدام محركات جرى الحصول عليها من جيل معروف من صواريخ المدفعية التقليدية عيار 122 ملم معروف باسم «بي إم - 21»، وهو واحد من أنظمة صواريخ أرض - الأرض المتوفرة على نطاق واسع عالميا، وتشتهر باسم «صواريخ غراد»، التي جرى تصنيعها لأول مرة في الاتحاد السوفياتي السابق، غير أنه جرى إنتاجها وتطويرها من قبل الكثير من الدول، بما فيها روسيا والصين ومصر وإيران. ويمتلك كل من الجيش السوري والمعارضة تلك الصواريخ.
ويظهر الاختبار، الذي أجري في الأراضي الواقعة في شمال غرب سوريا الذي تأثرت بسلسة الهجمات، تأثر الكثير من المواضع التي كانت تحت السيطرة العسكرية طوال عام 2013، بما في ذلك المصانع ومجمع محطات الحافلات ضمن المنطقة التي كان نظام الرئيس السوري بشار الأسد يدافع عنها.
وقال إليوت هيغنز، وهو مدون قام بجمع وتحليل الكثير من الفيديوهات على الإنترنت المتعلقة بالهجوم والذخائر والمواقع العسكرية للحكومة السورية في دمشق، إن «التحليل الجديد لمدى الصواريخ يتماشى مع التأكيدات القائلة بأن الحكومة السورية متورطة في الهجوم». وفي رسالة بريد إلكتروني يوم الجمعة، قال هيغنز إنه «مدى أكثر من 2.5 كيلومتر ومن شأنه أن يوفر مواقع إطلاق محتملة في منطقة بين جوبر والقابون، وتوجد مواقع الإطلاق تلك إلى الشمال والشمال الغربي من الأماكن التي تأثرت بهجوم الصواريخ الكيماوية. وشهدت مواقع الإطلاق نشاطا حكوميا مكثفا على مدى عدة أشهر».
ويقول البرفيسور بوستول إن «التحليل يمكن أن يثير أيضا دعوات للبيت الأبيض لإظهار مزيد من الشفافية، إذ إن غياب الشفافية يقوض تأكيدات إدارة أوباما حول نقاط إطلاق الصواريخ».
وفي 30 من أغسطس الماضي، أصدر البيت الأبيض تقييما للهجوم يقول، إن «من بين أشكال الاستخبارات الأخرى تثبت عمليات الرصد بالأقمار الصناعية أن الهجمات الكيماوية جرى تنفيذها على الأحياء التي تأثرت بغازات الأعصاب من المنطقة الخاضعة لسيطرة النظام». ويضيف أن تلك التصريحات خلقت انطباعا عاما بأن الصواريخ أطلقت من قلب مناطق تخضع لسيطرة الحكومة.
وكتب بوستول «من الواضح أنه إذا كانت ادعاءات الحكومة الأميركية بأن عمليات الإطلاق المزعومة جرى تنفيذها من (قلب) المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية، فهذا يعني أن هناك تناقضا خطيرا بين مغزى ذلك الزعم والاستخبارات التقنية التي اعتمد عليها والخصائص التقنية لتلك الذخيرة التي جرى إطلاقها». وعند استخدامهم للبيانات المنشورة حول خصائص المحركات في أنواع مختلفة من صواريخ «غراد» والأنواع التي جرى تطويرها منها، استطاع بوستول ولويد حساب الحد الأقصى للمدى المحتمل لكل نوع من تلك الصواريخ عندما تكون محملة بغاز السارين.
وفي رسالة بريد إلكتروني يوم الخميس الماضي، أضاف بوستول أن «أبعاد المحركات الصاروخية قريبة جدا من أبعاد صواريخ المدفعية (9 إم 22 - يو). وإذا كانت أبعاد المحرك المختبر هي نفس الأبعاد القياسية لمحرك (9 إم 22 - يو)، فإن أقصى مدى للصواريخ لن يكون أكثر من ثلاثة كيلومترات وأقل من ذلك على الأرجح».
* خدمة: «نيويورك تايمز»



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.