ولاء أبو العيش فتاة من غزّة تحترف النجارة الفنية

ولاء أبو العيش تعمل في ورشتها («الشرق الأوسط»)
ولاء أبو العيش تعمل في ورشتها («الشرق الأوسط»)
TT

ولاء أبو العيش فتاة من غزّة تحترف النجارة الفنية

ولاء أبو العيش تعمل في ورشتها («الشرق الأوسط»)
ولاء أبو العيش تعمل في ورشتها («الشرق الأوسط»)

بإحكام وحرفية عالية تستخدم الشابة الفلسطينيّة ولاء أبو العيش - 23 عاماً - ماكينة تقطيع الأخشاب الكهربائية في ورشتها لتحويلها الى أشكال هندسية متعددة تمهيداً لرسم لوحات فنية عليها وعرضها للبيع.
استطاعت ابنة غزّة إيجاد بصمة مميزة لها وتأنيث مهنة يغلب عليها الطابع الذكوري، فأبدعت في الدمج ما بين النجارة والفن التشكيلي مستثمرة موهبتها في الرسم على منحوتاتها الخشبية لتجعل منها لوحات جميلة.
اجتهدت ولاء في التحصيل الدراسي، مما أهلها للالتحاق بكلية الفنون الجميلة ودراسة تخصص الفن التشكيلي. وبعد تخرجها لم تقف مكتوفة اليدين أمام الظروف القاسية التي تعيشها في غزّة المحاصرة، فعملت على تطوير موهبتها في الفن التشكيلي والرسم بأدوات مختلفة. وهكذا تمكنت من أن تشق طريقها نحو توظيف مهاراتها الفنيّة والعمليّة في آن واحد، فاحترفت مهنة طالما أحبتها وأنقذتها من كابوس البطالة الذي يعاني منه مئات المتخرجين، علاوة على تأمين مصدر دخل محترم.
عن بدايتها تقول ولاء لـ "الشرق الأوسط": "حصلت قبل أشهر قليلة على تدريب مكثف في إحدى الجمعيات المهتمة بالحِرَف في غزة، واخترت النجارة لأني وجدتها قريبة جداً من تخصص الفن الذي درسته، فكلاهما يحتاج إلى روح إبداعية ومهارة عالية. ولأني تميزت في النتائج النهائية التي حدّدها لنا المدرب، اختارتني الجمعية وعرضت عليّ إنشاء مشروع خاص بي".
وافقت ولاء على الفور وانبرت لمهمة إنشاء ورشتها الخاصة وتجهيزها بالمعدات اللازمة، ونقلت لوحاتها الفنية التي كانت ترسمها بين جدران منزلها الصغير الى معملها الحرفي.
وتعمل الفتاة قرابة ثماني ساعات يوميًّا معتمدة على نفسها بشكل أساسي: "أخرج صباح كل يوم الى الورشة حيث أبدأ عملي بمراجعة طلبات الزبائن، ثم أتوجه إلى متاجر الأخشاب في غزة وأحدد النوع المناسب لعملي. وبعد الحصول على المواد الأولية أباشر تقطيع الأخشاب إلى أحجام مختلفة مستخدمة أدوات النجارة. وبعد أن أنجز إخراج الخشب بالحجم والشكل المناسبين لفكرتي، أبدأ وضع لمساتي الفنية باستخدام الفرشاة والألوان، وأحياناً استخدم الخط العربي المليء بالجماليات".
لم تخلُ طريق ولاء من الصعاب، خصوصاً على صعيد نظرة المجتمع إليها وتشكيك الزبائن المحتملين في قدراتها. غير أنها لم تستسلم، بل جعلت من العقبات دافعاً شجعها على العمل والكدّ لتثبت وجودها. وقد نجحت في ذلك، واستثمرت تقنيات التواصل الاجتماعي للترويج لأعمالها، فهي تعرض عبرها عدداً من قطعها وتتلقى طلبات شراء من غزة وخارجها، فترسل السلع بالبريد.

*تفاؤل وأمل
عن مميزات أعمالها تقول ولاء إنها تحاول التركيز على الرسوم التي توحي بالتفاؤل والأمل، خاصة أنها تعيش في مجتمع عاش في السنوات الأخيرة ثلاث حروب مدمّرة ذاق خلالها الويلات، كذلك تستثمر المناسبات الخاصة والعامة لإنتاج أعمال تشجع الزبائن على الشراء، إضافة الى أنها تعمل على إعادة تدوير بعض الأخشاب المستخدمة لتكون منتجاتها صديقة للبيئة.
ولأن ولاء باتت نموذجاً يُحتذى به بين أوساط الغزيين في الكليات المهنيّة والجامعيّة، أخذت على عاتقها تدريب الفتيات الراغبات في احتراف هذه المهنة وتشجيعهن على شق طريقهن في هذا المجال، خاصة زميلاتها اللواتي رافقنها على مقاعد الدراسة الجامعية.
وهي تطمح إلى إنشاء معرض يضم أعمالها الفنية ومنحوتاتها الخشبيّة، فيما تكمل دراسة الماجستير لتطوير الفن الذي تعلمته بشكل أكبر وتصقل موهبتها بطريقة علمية.

*من «مبادرة المراسل العربي»



رحيل الإعلامية ليلى رستم يذكّر ببدايات التلفزيون المصري

الإعلامية المصرية ليلى رستم من جيل الرواد بالتلفزيون المصري (منصة إكس)
الإعلامية المصرية ليلى رستم من جيل الرواد بالتلفزيون المصري (منصة إكس)
TT

رحيل الإعلامية ليلى رستم يذكّر ببدايات التلفزيون المصري

الإعلامية المصرية ليلى رستم من جيل الرواد بالتلفزيون المصري (منصة إكس)
الإعلامية المصرية ليلى رستم من جيل الرواد بالتلفزيون المصري (منصة إكس)

رحلت الإعلامية المصرية ليلى رستم، الخميس، عن عمر يناهز 88 عاماً، بعد تاريخ حافل في المجال الإعلامي، يذكّر ببدايات التلفزيون المصري في ستينات القرن العشرين، وكانت من أوائل المذيعات به، وقدمت برامج استضافت خلالها رموز المجتمع ومشاهيره، خصوصاً في برنامجها «نجمك المفضل».

ونعت الهيئة الوطنية للإعلام، برئاسة الكاتب أحمد المسلماني، الإعلامية القديرة ليلى رستم، وذكرت في بيان أن الراحلة «من الرعيل الأول للإعلاميين الذين قدموا إعلاماً مهنياً صادقاً متميزاً وأسهموا في تشكيل ثقافة ووعي المشاهد المصري والعربي، حيث قدمت عدداً من البرامج التي حظيت بمشاهدة عالية وشهرة واسعة».

والتحقت ليلى بالتلفزيون المصري في بداياته عام 1960، وهي ابنة المهندس عبد الحميد بك رستم، شقيق الفنان زكي رستم، وعملت مذيعةَ ربط، كما قدمت النشرة الفرنسية وعدداً من البرامج المهمة على مدى مشوارها الإعلامي، وفق بيان الهيئة.

ليلى رستم اشتهرت بمحاورة نجوم الفن والثقافة عبر برامجها (ماسبيرو زمان)

وتصدر خبر رحيل الإعلامية المصرية «التريند» على منصتي «غوغل» و«إكس» بمصر، الخميس، ونعاها عدد من الشخصيات العامة، والعاملين بمجال الإعلام والسينما والفن، من بينهم الإعلامي اللبناني نيشان الذي وصفها على صفحته بمنصة «إكس» بأنها «كسرت طوق الكلاسيكية في الحوار ورفعت سقف الاحترام والمهنية».

كما نعاها المخرج المصري مجدي أحمد علي، وكتب على صفحته بموقع «فيسبوك» أن المذيعة الراحلة «أهم مذيعة رأتها مصر في زمن الرواد... ثقافة ورقة وحضوراً يفوق أحياناً حضور ضيوفها».

واشتهرت ليلى رستم بلقب «صائدة المشاهير»؛ نظراً لإجرائها مقابلات مع كبار الشخصيات المؤثرة في مصر والعالم؛ مما جعلها واحدة من أعلام الإعلام العربي في تلك الحقبة، وقدّمت 3 من أبرز برامج التلفزيون المصري، وهي «الغرفة المضيئة»، «عشرين سؤال»، و«نجمك المفضل»، بالإضافة إلى نشرات إخبارية ضمن برنامج «نافذة على العالم»، وفق نعي لها نشره الناقد الفني المصري محمد رفعت على «فيسبوك».

الإعلامية المصرية الراحلة ليلى رستم (إكس)

ونعاها الناقد الفني المصري طارق الشناوي وكتب عبر صفحته بـ«فيسبوك»: «ودّعتنا الإعلامية القديرة ليلى رستم، كانت أستاذة لا مثيل لها في حضورها وثقافتها وشياكتها، جمعت بين جمال العقل وجمال الملامح»، معرباً عن تمنيه أن تقدم المهرجانات التلفزيونية جائزة تحمل اسمها.

ويُعدّ برنامج «نجمك المفضل» من أشهر أعمال الإعلامية الراحلة، حيث استضافت خلاله أكثر من 150 شخصية من كبار الأدباء والكتاب والصحفيين والفنانين، من بينهم طه حسين، وعبد الحليم حافظ، وأحمد رمزي، وفاتن حمامة وتوفيق الحكيم، كما أجرت مقابلة شهيرة مع الملاكم الأميركي محمد علي كلاي.

وأبرزت بعض التعليقات على «السوشيال ميديا» حوار الإعلامية الراحلة مع كلاي.

وعدّ رئيس تحرير موقع «إعلام دوت كوم» محمد عبد الرحمن، رحيل ليلى رستم «خسارة كبيرة» وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الإعلامية الراحلة كانت تنتمي إلى جيل المؤسسين للتلفزيون المصري، وهو الجيل الذي لم يكن يحتاج إلى إعداد أو دعم، لكن دائماً ما كان قادراً على محاورة العلماء والمفكرين والفنانين بجدارة واقتدار»، موضحاً أن «القيمة الكبيرة التي يمثلها هذا الجيل هي ما جعلت برامجهم تعيش حتى الآن ويعاد بثها على قنوات مثل (ماسبيرو زمان) ومنصة (يوتيوب) وغيرهما، فقد كانت الإعلامية الراحلة تدير حواراً راقياً يحصل خلاله الضيف على فرصته كاملة، ويبرز الحوار حجم الثقافة والرقي للمذيعين في هذه الفترة».

بدأ أول بث للتلفزيون المصري في 21 يوليو (تموز) عام 1960، وهو الأول في أفريقيا والشرق الأوسط، واحتفل بعدها بيومين بعيد «ثورة 23 يوليو»، وبدأ بقناة واحدة، ثم قناتين، ثم قنوات متعددة تلبي احتياجات شرائح مختلفة من المجتمع، ومع الوقت تطور التلفزيون المصري ليصبح قوة للترفيه والمعلومات، وفق الهيئة العامة للاستعلامات.

وشهدت بدايات التلفزيون ظهور إعلاميين مثَّلوا علامة بارزة فيما بعد في العمل التلفزيوني مثل أماني ناشد، وسلوى حجازي، وصلاح زكي وأحمد سمير، وكانت ليلى رستم آخر من تبقى من جيل الروَّاد المؤسسين.