بريطانيا: الغموض المحيط بـ «بريكست» يُربك شركات القطاع الخاص

راية مناهضة للخروج من الاتحاد الأوروبي قرب مبنى البرلمان البريطاني في لندن (أرشيف - رويترز)
راية مناهضة للخروج من الاتحاد الأوروبي قرب مبنى البرلمان البريطاني في لندن (أرشيف - رويترز)
TT

بريطانيا: الغموض المحيط بـ «بريكست» يُربك شركات القطاع الخاص

راية مناهضة للخروج من الاتحاد الأوروبي قرب مبنى البرلمان البريطاني في لندن (أرشيف - رويترز)
راية مناهضة للخروج من الاتحاد الأوروبي قرب مبنى البرلمان البريطاني في لندن (أرشيف - رويترز)

أظهر استطلاع لآراء مسؤولين كبار في شركات القطاع الخاص في بريطانيا نُشرت نتائجه اليوم (الخميس) أن الشركات البريطانية تواجه نقصاً في اليد العاملة وركوداً في النمو وضغوطاً على الأسعار بسبب عدم وضوح الرؤية قبل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "بريكست".
وشمل الاستطلاع الذي أجرته غرفة التجارة البريطانية ستة آلاف شركة، وبيّن أن نسبة الشركات التي أعلنت عن زيادة في المبيعات والطلبات الداخلية في قطاع الخدمات الأساسية في البلاد انخفضت إلى أدنى مستوى منذ عامين في نهاية 2018.
وصرح سورين ثيرو رئيس قسم الاقتصاد في "بي بي سي" أن "النشاط المحلي في قطاع الخدمات الرئيسية سجل ضعفا للربع الثاني على التوالي، إذ تواجه الشركات التي تتعامل مباشرة مع المستهلكين انخفاضاً وسط تباطؤ مستويات إنفاق الأسر وتراجع التدفق النقدي".
وأفادت شركات تعمل في قطاع التصنيع عن زيادة في ضغوط الأسعار في ظل ضعف الجنيه الاسترليني بسبب حالة الغموض المحيطة بـ "بريكست". وتحدثت أربعة أخماس الشركات المصنّعة عن صعوبات في التوظيف، وهي أعلى نسبة منذ بدء اجراء الاستطلاع عام 1989.
وتسجل بريطانيا حاليا مستويات قياسية من التوظيف، إلا أن مجموعة الضغط المدافعة عن قطاع الأعمال حذّرت من أن انخفاض الهجرة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في نهاية مارس (آذار) المقبل يمكن أن يسبب نقصاً حاداً في الأيدي العاملة في الشركات.



الصين تكثف شراء فول الصويا الأميركي بعد تعهدها لترمب

آلة ريّ في حقل لفول الصويا بولاية نبراسكا الأميركية (رويترز)
آلة ريّ في حقل لفول الصويا بولاية نبراسكا الأميركية (رويترز)
TT

الصين تكثف شراء فول الصويا الأميركي بعد تعهدها لترمب

آلة ريّ في حقل لفول الصويا بولاية نبراسكا الأميركية (رويترز)
آلة ريّ في حقل لفول الصويا بولاية نبراسكا الأميركية (رويترز)

اشترت الصين ما لا يقل عن 14 شحنة من فول الصويا الأميركي، الاثنين، وفقاً لما ذكره تاجران مطلعان على الصفقات، وهي أكبر عملية شراء لها منذ يناير (كانون الثاني) الماضي على الأقل، والعملية الأهم منذ القمة بين الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، ونظيره الصيني، شي جينبينغ، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وقال تاجران آسيويان لـ«رويترز» إن الصين تشتري فول الصويا الأميركي للوفاء بتعهداتها لواشنطن خلال «قمة التجارة» في بوسان بكوريا الجنوبية، على الرغم من أن أسعار الشحنات أعلى من العروض البرازيلية المنافسة.

وقال تاجر مقيم في سنغافورة: «هذه الجولة الكبرى من شراء فول الصويا الأميركي ليست بادرة حسن نية، بل هي دليل على التزام الصين بشروط (بوسان)».

وأفاد تاجران مطلعان على الصفقات «رويترز» بأن شركة «كوفكو» الصينية لتجارة الحبوب، المملوكة للدولة، اشترت ما لا يقل عن 840 ألف طن متري للشحن في ديسمبر (كانون الأول) ويناير المقبلين.

وقال أحد التاجرين إن 8 سفن كانت مخصصة للشحن في ديسمبر ويناير من محطات ساحل الخليج الأميركي، بينما كانت السفن المتبقية مخصصة للشحن في يناير من موانئ شمال غربي المحيط الهادئ. وقدر تاجر ثالث أن نحو 75 في المائة من المبيعات كانت للشحن عبر الخليج، والباقي من موانئ شمال غربي المحيط الهادئ. وقال تاجر رابع إن إجمالي المبيعات قد يكون أكبر في نهاية المطاف إذا تم الانتهاء من مزيد من الصفقات. ورفض جميع التجار الأربعة الكشف عن أسمائهم نظراً إلى حساسية السوق لهذه القضية.

وأعلن البيت الأبيض أن الصين وافقت على شراء 12 مليون طن متري من فول الصويا الأميركي هذا العام، ولكن لم تُنفذ سوى كمية ضئيلة من المبيعات قبل يوم الاثنين. واستوردت الصين نحو 27 مليون طن من فول الصويا الأميركي العام الماضي، وفقاً لبيانات الحكومة الأميركية.

وقدّر التجار الآسيويون أن «كوفكو» دفعت ما بين 2.35 و2.40 دولار أميركي لـ«البوشل (وحدة لقياس أحجام السلع الجافة خصوصاً الزراعية)» على «عقد شيكاغو» لشهر يناير للشحنات من محطات الخليج، بالإضافة إلى علاوة تتراوح بين 2.15 و2.20 دولار لـ«البوشل» من موانئ شمال غربي المحيط الهادئ، وهو سعر أعلى بكثير من سعر فول الصويا البرازيلي الجديد، الذي يبلغ نحو 1.25 دولار لـ«البوشل» فوق عقود «بورصة شيكاغو التجارية الآجلة».

وقال تاجر في شركة تدير مصانع معالجة فول الصويا بالصين: «إنها خطوة سياسية، فالأسعار التي تدفعها شركة (كوفكو) أعلى بكثير من الأسعار البرازيلية». وأضاف: «الشركات الصينية تفعل ذلك التزاماً منها بشراء فول الصويا الأميركي».

وصرح ترمب يوم الجمعة بأن المبيعات ستعود إلى مسارها الصحيح بحلول الربيع. وقال جيم سوتر، الرئيس التنفيذي لـ«مجلس تصدير فول الصويا الأميركي»: «من الجيد أن نرى العمل الجاد الذي بذله مفاوضونا التجاريون الأميركيون ونظرائهم الصينيون يتحول إلى أعمال تجارية لمزارعي ومصدري فول الصويا الأميركيين. نتطلع إلى استمرار هذا مع استعادة مسارات التجارة».

وتجنبت الصين إلى حد كبير فول الصويا الأميركي هذا الموسم بسبب حرب تجارية محتدمة مع واشنطن، واعتمدت على البرازيل والأرجنتين مصدرَين رئيسيين. وأدى غياب أكبر عميل لها إلى انخفاض أسعار فول الصويا الأميركي إلى أدنى مستوياتها في سنوات عدة هذا الصيف، وزاد الضغط على اقتصاد زراعي يعاني بالفعل من ارتفاع تكاليف المدخلات مثل الوقود والأسمدة والبذور.

ويسعى المزارعون والمجموعات التجارية جاهدين لفتح أسواق جديدة لفول الصويا الأميركي، إلا إن هذه الجهود الرامية إلى تعويض الطلب الصيني واجهت صعوبات.

وارتفعت العقود الآجلة لفول الصويا الأميركي في «بورصة شيكاغو للتجارة» بنحو 3 في المائة يوم الاثنين، مسجلةً أعلى مستوى لها في 17 شهراً، مدعومةً بتفاؤل بشأن التجارة الصينية.

وأفاد تجار بأن العلاوات النقدية لفول الصويا المُسلّم إلى محطات ساحل الخليج وشمال غربي المحيط الهادئ في الأشهر المقبلة، والمُحمّل للتصدير، قفزت بمقدار 10 سنتات لـ«البوشل» أو أكثر.


لجنة يابانية تقترح ميزانية تحفيز ضخمة لدعم الأسر

مشاة يعبرون الطريق في ضاحية غينزا التجارية بالعاصمة اليابانية طوكيو (أ.ف.ب)
مشاة يعبرون الطريق في ضاحية غينزا التجارية بالعاصمة اليابانية طوكيو (أ.ف.ب)
TT

لجنة يابانية تقترح ميزانية تحفيز ضخمة لدعم الأسر

مشاة يعبرون الطريق في ضاحية غينزا التجارية بالعاصمة اليابانية طوكيو (أ.ف.ب)
مشاة يعبرون الطريق في ضاحية غينزا التجارية بالعاصمة اليابانية طوكيو (أ.ف.ب)

اقترحت لجنة تابعة للحزب الديمقراطي الليبرالي الحاكم في اليابان إعداد ميزانية تكميلية تتجاوز 25 تريليون ين (161 مليار دولار) لتمويل حزمة التحفيز الاقتصادي التي تعهّدت رئيسة الوزراء ساناي تاكايتشي بإطلاقها، في خطوة تعكس اتساع الضغوط السياسية لمعالجة ارتفاع تكاليف المعيشة.

وتمثل الميزانية المقترحة أكثر من ضعف الحجم الإضافي المقرّ للعام الماضي البالغ 13.9 تريليون ين، ما يشير إلى توجه واضح لدى الحكومة لتعزيز الدعم المالي للأسر، وتحفيز الاستثمار وسط التحديات العالمية وتباطؤ الطلب المحلي. وتضم اللجنة عدداً من النواب المقربين من تاكايتشي، ومن بينهم وزير الإنعاش الاقتصادي مينورو كيوتشي، الذي يشغل دوراً استشارياً أساسياً في رسم السياسات المالية. وأكدت الوثيقة أن الحكومة «يجب ألا تتردد في إصدار مزيد من السندات» لتمويل الإنفاق الواسع في مجالات النمو وإدارة الأزمات.

مخاوف من اتساع الديون

ومنذ توليها المنصب الشهر الماضي، وعدت تاكايتشي بحزمة مالية «كبيرة وفعّالة» لتخفيف الضغوط على الأسر التي تواجه ارتفاعاً مستمراً في الأسعار. لكن اعتماد تمويل إضافي عبر السندات يثير تساؤلات لدى الأسواق حول اتساع الدين العام الياباني، وهو من الأعلى عالمياً.

وأدت التوقعات بزيادة الإنفاق إلى ارتفاع عوائد السندات الحكومية اليابانية طويلة الأجل، وسط ترقب لما ستتضمنه الحزمة النهائية من إجراءات مالية ونقدية.

القيود الصينية

وفي سياق منفصل، قال وزير التجارة الياباني ريوسي أكازاوا إن الحكومة لا ترى «أي تغييرات خاصة» في ضوابط التصدير الصينية المتعلقة بالمعادن النادرة والمواد الحساسة. وتأتي تصريحاته في وقت تسعى فيه طوكيو إلى تهدئة التوترات مع بكين وسط الخلاف المتصاعد حول تايوان، وتعمل على تأمين سلاسل التوريد الاستراتيجية، خصوصاً للمواد الحيوية في الصناعات التكنولوجية. ويُعد تأمين المعادن النادرة ملفاً محورياً لليابان، التي تعتمد بشكل كبير على الصين في استيراد عناصر تُستخدم في أشباه الموصلات والمركبات الكهربائية والتقنيات المتقدمة. إلى ذلك، عبّرت وزيرة المالية ساتسوكي كاتاياما عن «قلق بالغ» من تراجع الين إلى أدنى مستوياته في تسعة أشهر أمام الدولار، مشيرة إلى أن التحركات الأخيرة في أسواق الصرف «سريعة وأحادية الاتجاه». وأكدت أن الحكومة ستواصل مراقبة السوق «بإحساس عالٍ من اليقظة»، وأنها مستعدة للتحرك في حال شهدت الأسواق تقلبات مفرطة قد تؤثر على استقرار الأسعار والتجارة.

وتجمع التطورات الأخيرة بين ضغط سياسي لتوسيع الإنفاق، وقلق رسمي من تقلبات العملة، وسعي حثيث لتأمين المواد الاستراتيجية في ظل التوترات الإقليمية. وتترقب الأسواق إعلان تفاصيل الحزمة التحفيزية التي قد تحدد مسار الاقتصاد الياباني خلال المرحلة المقبلة.


المعادن على طاولة النقاشات السعودية الأميركية في واشنطن

ولي العهد السعودي مستقبلاً الرئيس الأميركي في الرياض في مايو الماضي (أرشيفية - أ.ف.ب)
ولي العهد السعودي مستقبلاً الرئيس الأميركي في الرياض في مايو الماضي (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

المعادن على طاولة النقاشات السعودية الأميركية في واشنطن

ولي العهد السعودي مستقبلاً الرئيس الأميركي في الرياض في مايو الماضي (أرشيفية - أ.ف.ب)
ولي العهد السعودي مستقبلاً الرئيس الأميركي في الرياض في مايو الماضي (أرشيفية - أ.ف.ب)

تُثبّت السعودية مكانتها بوصفها قوة عالمية صاعدة في قطاع المعادن الحيوية، معلنةً أن هذا القطاع هو «الركن الثالث» لاقتصادها الوطني. وتتجسد هذه الاستراتيجية الطموحة في تحويل الثروة المعدنية المقدرة بـ2.5 تريليون دولار إلى ثقل جيوسياسي، واقتصادي، وهو ما يضعها في قلب اهتمام واشنطن، وعلى طاولة لقاء الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي والرئيس الأميركي دونالد ترمب.

الأعلام السعودية والأميركية مع وصول طائرة الرئيس الأميركي إلى الرياض في مايو الماضي (أ.ف.ب)

في هذا السياق، وفي إشارة إلى عمق التعاون، كان وزير الطاقة الأميركي كريس رايت قد أعلن من الرياض في وقت سابق من هذا العام أن الولايات المتحدة والسعودية تقتربان من توقيع اتفاقية أولية للتعاون في مجالات الطاقة والتكنولوجيا النووية المدنية، لافتاً إلى أن التعاون سيركز على بناء صناعة طاقة نووية تجارية في المملكة.

وتأتي هذه الملفات على رأس الأجندة، حيث أفادت تقارير بأن الأمير محمد بن سلمان والرئيس ترمب سيوقعان إطاراً للتعاون النووي خلال مباحثاتهما في البيت الأبيض، ليتشابك بذلك ملف أمن الطاقة التقليدي والمستقبلي مع ملف أمن إمدادات المعادن الحيوية.

وقد أكد وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان مراراً أن المملكة تواصل بكل جدية مشروعها الوطني للطاقة النووية السلمية، بما في ذلك بناء أول محطة نووية، بهدف تنويع مزيج الطاقة، وتعزيز التنمية المستدامة، وتوفير إمدادات نظيفة، مع التأكيد على الالتزام بأعلى معايير الأمان والتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتطوير الكفاءات الوطنية.

الاستراتيجية الكبرى: داخل المملكة وخارجها

يبرز قطاع التعدين والمعادن في السعودية باعتبار أنه واحد من أكثر القطاعات جاذبية على مستوى العالم، ويتمتع بميزة تنافسية فريدة من حيث التكلفة، وتوافر المواد الخام، وهيكل الحوافز المرن، وسهولة الوصول إلى القروض التنافسية.

ويلعب هذا القطاع دوراً حاسماً في تطوير الاقتصاد العالمي، بدءاً من توفير البنية التحتية الأساسية، ووصولاً إلى تمكين التقنيات الخضراء، مثل السيارات الكهربائية، والألواح الشمسية. وفي المملكة، تواجه السوق المحلية طلباً على المنتجات المعدنية يفوق العرض المحلي، مما يشير إلى إمكانات هائلة لعمليات التعدين المحلية لاستغلال فرص إحلال الواردات. كما أن المملكة تشهد رحلة تحول اقتصادي غير مسبوقة، من المتوقع أن يرتفع فيها الطلب بشكل كبير من قطاعات التصنيع كثيفة الموارد، مثل الآلات الصناعية، والمعدات الكهربائية، والسيارات.

أبرز الأرقام المستهدفة في القطاع

  • 75 مليار دولار حجم المساهمة المتوقعة للقطاع في الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2035.
  • 1.3 تريليون دولار القيمة المحتملة للموارد المعدنية غير المستغلة في المملكة (التعديل الأحدث يرفعها إلى 2.5 تريليون دولار).
  • 48 نوعاً من المعادن تم تحديدها في المملكة.
  • المملكة هي رابع أكبر مستورد للمنتجات المعدنية على مستوى العالم.
  • يُستهدف خفض الواردات إلى 11.5 مليار دولار بحلول عام 2035، بعد أن كانت 19 مليار دولار.

الاستراتيجية الكبرى

تعتمد المملكة على مسارين متوازيين لترسيخ هذا التحول؛ الأول داخلي يتمثل في تهيئة المملكة لتكون إقليماً تعدينياً رئيساً عبر قانون تعدين جديد، وحوافز سخية، وضخ 75 مليار دولار في استثمارات جديدة على مدى العقد القادم، مما جذب شراكات واسعة مع شركات عالمية مثل «ألكوا» و«موزاييك» الأميركيتين. فالأولى، أي «ألكوا»، كانت شريكاً رئيساً لـشركة التعدين العربية السعودية (معادن) في قطاع الألمنيوم، حيث شاركت في مشروع الألمنيوم المتكامل في مدينة رأس الخير الصناعية، وهو مجمع يُعد من الأكبر والأكثر كفاءة في العالم. بينما أسست الشراكة مع «موزاييك»، وهي أكبر منتج للأسمدة الفوسفاتية والبوتاس في العالم، مشروع الفوسفات العملاق في المملكة، حيث تم تأسيس شركة «معادن وعد الشمال للفوسفات».

أما المسار الثاني، فهو خارجي، ويُدار عبر الذراع الاستثمارية الجديدة، «منارة للمعادن»، وهي عبارة مشروع مشترك تم تأسيسه عام 2023 بين صندوق الاستثمارات العامة وشركة «معادن». تهدف «منارة» إلى شراء حصص في أصول النحاس، والنيكل، والليثيوم، والمعادن الأرضية النادرة عالمياً، لضمان إمدادات طويلة الأجل للصناعات المحلية، مثل السيارات الكهربائية، والدفاع. وقد قامت «منارة» بالفعل بخطوات عملاقة، أبرزها الاستحواذ على حصة 10 في المائة بقيمة 2.5 مليار دولار في «فالي» Vale Base Metals البرازيلية، إضافة إلى مفاوضات متقدمة لشراء حصص في أصول نحاس في زامبيا، ومشروع Reko Diq في باكستان.

ويرى مراقبون أن استثمارات «منارة» في أصول عالمية توفر تنويعاً جغرافياً لمصادر الإمداد، مما يقلل من مخاطر تعطل سلاسل التوريد بسبب الاضطرابات السياسية، أو العقوبات.

الأمير عبد العزيز بن سلمان ورايت يتبادلان وثائق مذكرة التعاون الاستراتيجي (الشرق الأوسط)

الشراكة الاستراتيجية

يُشكل تأمين سلاسل إمداد المعادن الحيوية نقطة التقاء استراتيجية مع الولايات المتحدة، وقد تحولت العلاقة إلى شراكة مؤسسية في عام 2025 عبر سلسلة من اللقاءات رفيعة المستوى. ففي أبريل (نيسان) 2025، زار وزير الطاقة الأميركي كريس رايت الرياض، والتقى نظيره السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان ضمن مباحثات استراتيجية واسعة وضعت الأساس للتعاون في قطاع الطاقة، والبنية التحتية.

تبع ذلك التوقيع على مذكرة تعاون استراتيجي بين وزارتي الطاقة والصناعة والمعادن في مايو (أيار) 2025.

ثم قام وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريف بزيارة إلى واشنطن في أغسطس (آب) التقى خلالها رايت لمناقشة تعزيز التعاون التعديني. واستكمالاً لهذا التنسيق، عُقد في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي لقاء في الرياض بين الوزير الخريف ونائب وزير الطاقة الأميركي جيمس دانلي، حيث تم التأكيد على تعميق التعاون في سلاسل الإمداد، والمعالجة، والتقنيات المتقدمة، مع دعوة الجانب الأميركي لحضور منتدى المعادن المستقبلية 2026.

كما أن وزير الداخلية الأميركي دوغ بورغوم التقى في بداية الشهر الجاري في الرياض قادة قطاعي الطاقة والأعمال في المملكة لـ«ضمان استقلالية أميركا في مجال المعادن»، وفق ما كتبه على حسابه الخاص على منصة «إكس».

ختاماً، تأتي قمة ولي العهد والرئيس الأميركي لتؤكد تحول المملكة من دور المنتج النفطي التقليدي إلى ثِقل استثماري وجيوسياسي يمتلك القدرة على تأمين الموارد الاستراتيجية العالمية. ومن المتوقع أن يُسهم التعاون في قطاع المعادن الحيوية، إلى جانب التقدم في ملف الطاقة النووية المدنية، في تقوية الشراكة الاستراتيجية طويلة الأمد بين الرياض وواشنطن.