زيارة مرتقبة لبوتفليقة لـ«جامع الجزائر» تمهد لانطلاق حملته الرئاسية الخامسة

زيارة مرتقبة لبوتفليقة لـ«جامع الجزائر» تمهد لانطلاق حملته الرئاسية الخامسة
TT

زيارة مرتقبة لبوتفليقة لـ«جامع الجزائر» تمهد لانطلاق حملته الرئاسية الخامسة

زيارة مرتقبة لبوتفليقة لـ«جامع الجزائر» تمهد لانطلاق حملته الرئاسية الخامسة

تجري الحكومة الجزائرية حاليا اللمسات الأخيرة على مشروع «جامع الجزائر» ليكون جاهزا لتدشينه من طرف الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الذي يرتقب أن يزوره قبل نهاية الشهر، وحينها ستكون انطلاقة شبه رسمية لحملة ترشيح الرئيس لولاية خامسة. وفي مقابل ذلك اتضح أن خيار تأجيل الرئاسية المتوقعة بعد أربعة أشهر، بات غير وارد بعد أعلنت أحزاب «الموالاة» تراجعها عنه.
وقال مصدر حكومي، رفض نشر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، إن السلطات تولي أهمية كبيرة لإكمال أشغال إنجاز قاعة الصلاة الفسيحة، بهدف تبرير زيارة بوتفليقة للورشة الضخمة، التي انطلقت منذ عام 2014، وكان ينبغي تسلم «جامع الجزائر» جاهزا في 2017، لكن الأشغال تأخرت، فضلا عن زيادة ميزانية المشروع بمرتين، حيث كانت مقررة في مليار دولار قبل أن تصبح في حدود مليارين. علما بأن الورشة تقع بالضاحية الشرقية للعاصمة، وتشرف عليها شركة صينية.
وذكر المصدر الحكومي أن «إطلالة الرئيس المتوقعة قبل نهاية الشهر الحالي، مهمة بالنسبة للأحزاب الموالية له، التي ناشدته تمديد حكمه. فعندما ينزل الرئيس إلى المسجد الأعظم سيعطي ذلك مؤشرا قويا على رغبته بالاستمرار في الحكم. وينبغي أن يتم ذلك في أقرب وقت، لأننا سندخل بعدها في الآجال القانونية لاستدعاء الناخبين».
وينص قانون الانتخابات على أن دعوة الجزائريين إلى الاقتراع تتم ثلاثة أشهر قبل موعد التصويت. وولاية الرئيس الرابعة تنتهي رسميا في 18 من أبريل (نيسان) المقبل.
ومنحت رئاسة الجمهورية منذ أسبوعين جائزة مالية قيمتها مليون دينار (نحو 7500 دولار) لـ«أفضل قصيدة شعرية»، نظمت في «جامع الجزائر». وقد كانت بمثابة تمهيد لتسلم المشروع من طرف الرئيس قريبا، وهي بوجه خاص إشادة بـ«أحد أبرز الإنجازات خلال الولاية الرابعة»، حسب عدد من المراقبين.
في غضون ذلك، قال عمر غول، رئيس حزب «تجمع أمل الجزائر» الموالي للرئيس، إن دعوته إلى «مؤتمر وطني» يبحث تأجيل الانتخابات، التي أطلقها منذ أسبوعين، «لا تعني أبدا أن الانتخابات لن تجري في موعدها». وأوحى كلام غول بأن ما روجت له أوساط مقربة من الرئيس، بخصوص تأجيل الاستحقاق بعام، كان بمثابة «بالون اختبار» لقياس مدى تقبل الجزائريين الفكرة، التي لم تتحمس لها المعارضة في معظمها، لأنها تعني التمديد للرئيس، دون المرور على صندوق الانتخاب.
وسبب الدعوة إلى التأجيل، حسب أصحابها، هو أن موعد الرئاسية اقترب ولم يعلن أي سياسي من «الأوزان الثقيلة» في السياسة، ترشحه للرئاسية المرتقبة. لكن السبب الحقيقي هو أن الرئيس لم يعلن ترشحه. فعلى أساس موقف الرئيس، سواء أكان ذلك بالاستمرار في الحكم أم الاكتفاء بأربع ولايات، سيحسم الكثير من السياسيين خياره.
وصرح رئيس الحكومة سابقا أحمد بن بيتور لصحيفة محلية بأن «النظام الحالي وصل إلى 4 عهدات، وكان يريد المواصلة إلى العهدة الخامسة. لكنه يواجه واقعا صعبا، يتمثل في أن صحة الرئيس لا تسمح له بالاستمرار عبر الترشح في الانتخابات الرئاسية في 2019». من جانب آخر، لم يتوصل النظام إلى توافق حول من يمكنه خلافة الرئيس الحالي، فأصبح بذلك الخيار المطروح داخله «هو تمديد العهدة الحالية إلى غاية إيجاد البديل للرئيس. لكن تمديد العهدة الرئاسية غير ممكن في الدستور الحالي، كما هو معلوم. لذلك، وجدوا طريقة لتبرير ذلك، بالقول إن البلاد بحاجة إلى إصلاحات جذرية سياسيا واقتصاديا، قد تستغرق سنة أو سنتين، ما يتيح لهم تعديل الدستور وضمان التمديد في العهدة الرئاسية»، حسب بن بيتور الذي أضاف موضحا: «في الحقيقة، فإن حجة الإصلاحات لا يمكنها أن تنطلي على أحد. فالنظام السياسي الذي لم يبادر بهذا الإصلاح المزعوم خلال السنوات الماضية، وقد أتيحت له كل الظروف المواتية من وفرة مالية وغياب سلطات مضادة، فكيف به اليوم في ظرف سنة أو سنتين أن يقوم بالإصلاح؟. التحليل العلمي لما يجري يوصلنا إلى خلاصة مفادها أن النظام يبحث عن طريقة لإطالة عمر الرئيس في الحكم، وليس الإصلاح».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.