«حزب الله» ينفي وجود عقبات خارجية ويؤكد «العلاقة المتينة» مع عون

«سنة 8 آذار» يصرون على «حقهم الحصري» في تسمية من يمثلهم في الحكومة

من لقاء الرئيس سعد الحريري والوزير جبران باسيل (دالاتي ونهرا)
من لقاء الرئيس سعد الحريري والوزير جبران باسيل (دالاتي ونهرا)
TT

«حزب الله» ينفي وجود عقبات خارجية ويؤكد «العلاقة المتينة» مع عون

من لقاء الرئيس سعد الحريري والوزير جبران باسيل (دالاتي ونهرا)
من لقاء الرئيس سعد الحريري والوزير جبران باسيل (دالاتي ونهرا)

مع بدء العد العكسي لموعد القمة الاقتصادية العربية المقررة في بيروت أواخر الشهر الحالي، بات جميع الفرقاء اللبنانيين أمام سباق مع الوقت حتّم عليهم تكثيف الجهود لتأليف الحكومة، وهو ما بدا واضحاً من خلال المواقف والاتصالات واللقاءات التي عقدت أمس بين أكثر من طرف، فيما وعد «حزب الله» بالحل القريب لتكون «الحكومة عيدية ولو متأخرة».
أتى ذلك في وقت، طالب فيه رئيس مجلس النواب نبيه بري بالتئام حكومة تصريف الأعمال لإقرار الموازنة العامة، مستنداً في ذلك إلى اجتهاد تم اعتماده عام 1996 لاعتبار هذا الموضوع من الأمور الضرورية.
وفيما بدا تخفيفاً من وطأة الاختلاف الأخير بين «حزب الله» و«التيار الوطني الحر»، ما أدى إلى تبادل الاتهامات حول مسؤولية عرقلة حلّ «العقدة السنية»، قال نائب رئيس المجلس السياسي في «حزب الله» محمود قماطي: «لم نُحمّل أي فريق مسؤولية الخلل ولا نريد الدخول بالتفاصيل كي لا نعيق التشكيل»، مؤكداً «علاقتنا في أمتن حالاتها مع رئيس الجمهورية و(التيار الوطني الحر)».
وفي الشأن الحكومي، شدّد قماطي، بعد لقائه على رأس وفد من «حزب الله»، البطريرك الماروني بشارة الراعي «أن جميع المعنيين بتشكيل الحكومة جادون، ولا عقبات خارجية. والخلل الذي حصل في المحاولات الأخيرة يجري معالجته»، متوقعاً «تشكيل الحكومة قريباً جداً».
وجدّد القول إنه لا مشكلة لدى «حزب الله» في حصول فريق رئيس الجمهورية و«التيار» على 11 وزيراً أو أكثر، مؤكداً في الوقت عينه «أنه من حق اللقاء التشاوري أن يكون ممثلاً في الحكومة. واللقاء هو المعنيّ بتسمية من يريد».
وأكّدت مصادر معنية بمشاورات تشكيل الحكومة، أن الجهود تنصب اليوم لحلّ العقدة الأخيرة المتعلقة بتمثيل النواب السنة المتحالفين مع «حزب الله»، وتأليفها قبل موعد القمة الاقتصادية في 19 و20 يناير (كانون الثاني) الحالي.
وأوضحت لـ«الشرق الأوسط» أن المشكلة التي استجدّت أخيراً حول إعادة توزيع الوزارات التي سبق أن اتفق عليها، تم تجاوزها عبر إبقائها كما هي، مع ثابت أساسي هو أن الوزير السنّي الذي سيمثّل «اللقاء التشاوري» سيكون من حصّة الرئيس ميشال عون الذي سيختاره، إما من الأسماء التي سبق أن قدّمها النواب السنة وإما اسماً جديداً، إذا ارتأوا ذلك بعد سقوط اسم جواد عدرا، وبالتالي بات التركيز اليوم على اختيار شخصية مقبولة من كل الأطراف المعنية بهذه العقدة.
وقال عضو في «اللقاء» لـ«الشرق الأوسط» إنه لم يجرِ أي اتصال مع أعضائه منذ الحراك الأخير لمدير الأمن العام اللبناني عباس إبراهيم، الذي حمل اقتراحاً برفع أعضاء الحكومة إلى 32 وزيراً، وهو ما رفضه الرئيس سعد الحريري. وقال النائب إن «اللقاء» منفتح، وهو يشترط أن تكون له الكلمة الفصل في تسمية الوزير الذي سيمثله في الحكومة.
وكانت المشاورات الحكومية محور اهتمام الرئيس عون أمس، خاصة في ضوء ما أفضى إليه الاجتماع الذي عقد أول من أمس بينه وبين رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، حسب ما جاء في بيان لرئاسة الجمهورية، في وقت استقبل الأخير وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، للبحث بالموضوع عينه.
ولدى مغادرته، أكد الوزير باسيل أن الحكومة هي الممر الإلزامي لكل عمل إنتاجي ومفيد للبلد، لافتاً إلى أنه طرح على الحريري أفكاراً عدّة للحلّ، «وقلنا إننا لن نعدم وسيلة أو فكرة دون أن نقدمها، والأفكار كثيرة». وأضاف: «كل يوم لدينا أمور جديدة نراعي فيها المبادئ الأساسية لتشكيل الحكومة وعدالة التمثيل، لكي نجد الطريقة التي يتقاسم فيها الفرقاء السياسيون حل المشكلة، ويتوزعون على أساس عادل ومنطقي يحترم قواعد تشكيل الحكومات». وأكد على أنه سيكمل الاتصالات مع المعنيين بالحل «لنعود ونلتقي ونقيّم نتيجة الاتصالات».
وفي حين تحدّثت المعلومات أنه يتم العمل على صيغة جديدة لتمثيل «اللقاء التشاوري» في الحكومة تقضي بفصل كتلة رئيس الجمهورية عن كتلة «التيار الوطني الحر»، على أن يكون الوزير السنّي ممثلاً لـ«التشاوري» في كتلة الرئيس، أوضح عضو «اللقاء» النائب عبد الرحيم مراد لـ«وكالة الأنباء المركزية» أن «أي مبادرة لا تأخذ في الاعتبار حقّنا الحصري (اللقاء) في تسمية من يُمثّلنا في الحكومة - وليس كما حصل في المرّة السابقة؛ حيث سُمّي جواد عدرا من دون علمنا - وأن ينضمّ إلى (التشاوري) ويُصبح العضو السابع فيه، من دون أن يكون عضواً في تكتل نيابي آخر، لن يُكتب لها النجاح».
وأضاف: «قدّمنا 3 أسماء ولا مانع لدينا إذا طُلب منّا إضافة اسم وأكثر إليهم، ويبقى الشرط الأساسي أن يكون حق التسمية محصوراً بنا (اللقاء التشاوري)»، سائلاً: «كيف تُطلب منّا تسمية وزير يُمثّلنا في الحكومة ولا ينضم إلى (اللقاء التشاوري)؟».
وفي الإطار نفسه، نقل النائب في «كتلة التنمية والتحرير» علي بزي عن الرئيس نبيه بري اعتباره أن التطورات التي تحصل في الإقليم تؤكد وجهة نظره، أن عقدة الحكومة داخلية، متمنياً «التوصل إلى حل قريب». ولفت إلى أن مجلس الوزراء المستقيل قد يجتمع في جلسة لإقرار الموازنة، نظراً إلى أهمية هذا الأمر، مستنداً في ذلك إلى ما قال إنه «اجتهاد عام 1969 لاعتبار إنجاز الموازنة العامة من الأمور الضرورية». يأتي ذلك في وقت أشارت فيه المعلومات إلى أن بري طلب من الحريري أن يجتمع مجلس الوزراء كحكومة تصريف أعمال لإقرار الموازنة وإحالتها على مجلس النواب.



ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

من المنتظر أن تتغير السياسات الأميركية تجاه اليمن في ولاية ترمب المقبلة (أ.ف.ب)
من المنتظر أن تتغير السياسات الأميركية تجاه اليمن في ولاية ترمب المقبلة (أ.ف.ب)
TT

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

من المنتظر أن تتغير السياسات الأميركية تجاه اليمن في ولاية ترمب المقبلة (أ.ف.ب)
من المنتظر أن تتغير السياسات الأميركية تجاه اليمن في ولاية ترمب المقبلة (أ.ف.ب)

يترقَّب اليمنيون عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، وما ستؤول إليه السياسات الأميركية في ولايته المقبلة تجاه اليمن، وكيفية التعاطي مع أزمته وحربه المستمرتَّين منذ عقد من الزمن، ضمن تغيرات تلك السياسات نحو قضايا وأزمات الشرق الأوسط، بأمل حدوث تطورات تؤدي إلى تلافي أخطاء الإدارات السابقة.

وواجهت إدارة جو بايدن الحالية انتقادات كبيرة داخل وخارج الولايات المتحدة الأميركية؛ بسبب تعاطيها غير الحاسم مع الملف اليمني، خصوصاً بعد إقدام الجماعة الحوثية على تحويل البحر الأحمر والممرات المائية المحيطة باليمن إلى ساحة صراع، مُعرِّضةً طرقَ الملاحةِ، والتجارةَ الدوليَّتين للخطر، ومتسببةً بخسائر كبيرة للاقتصاد العالمي، ويتوقع أن تكون سياسة ترمب مغايرة.

وأعلن بايدن في مشروعه الانتخابي، ولاحقاً بعد توليه الرئاسة، أن إنهاء الحرب في اليمن إحدى أهم أولويات السياسات الأميركية في عهده، وعيّن مبعوثاً خاصاً إلى اليمن، هو السياسي تيموثي ليندركينغ، إلا أن العام الأول من ولايته شهد تصعيداً عسكرياً كبيراً من قبل الجماعة الحوثية التي حاولت الاستيلاء على مدينة مأرب، أهم معاقل الحكومة الشرعية شمال البلاد.

الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ومن المنتظر أن تأتي إدارة ترمب الجديدة بتحولٍ كبيرٍ في السياسة الأميركية تجاه الشرق الأوسط، كما يرى بشير عبد الفتاح، الباحث في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، وهذا التحول سيحدث بناء على واقع فرضته إسرائيل خلال الأشهر الأخيرة، بعد توجيهها ضربات موجعة لأذرع إيران، بمشاركة من الولايات المتحدة نفسها، وشملت تلك الضربات مواقع الحوثيين في اليمن.

ويتوقع عبد الفتاح في حديث مع «الشرق الأوسط» أن يسعى ترمب إلى وقف العمليات العسكرية في المنطقة، لكن ليس بشروط إيران وأذرعها، بل بشروط إسرائيل، ليتم تخيير هذه الأذرع بين وقف إطلاق النار والتزامها بقواعد جديدة للتهدئة تضعها الولايات المتحدة وإسرائيل، أو أن يتم إطلاق يد الجيش الإسرائيلي للإجهاز عليها عسكرياً.

وأعلنت الجماعة الحوثية أن نتائج الانتخابات الأميركية لن تؤثر في موقفها، واتهم زعيمها عبد الملك الحوثي، ترمب بالحرص على دعم إسرائيل والتباهي بأنه فعل لها ما لم يفعله الرؤساء الأميركيون من قبله، وبإعطائها مزيداً من الأراضي العربية.

تشديد الحصار الاقتصادي

لن تكون إيران مستعدة للتضحية بأذرعها العسكرية في المنطقة إلا في حال توفر بدائل لها وفقاً لعبد الفتاح، وهو أيضاً رئيس تحرير «مجلة الديمقراطية»، وأن تتمثل هذه البدائل في إبرام صفقات مع الولايات المتحدة تُمكِّنها من التخلص من العقوبات، أو أن تتمكَّن من تطوير قدراتها النووية.

الهجمات الحوثية في البحر الأحمر عطَّلت مباحثات السلام التي ترعاها الولايات المتحدة والغرب (أ.ف.ب)

ويشير إلى أن وضع الجماعة الحوثية يختلف قليلاً عن باقي الأذرع العسكرية لإيران، وذلك لبعدها الجغرافي عن إسرائيل من جهة، ولسيطرتها على مؤسسات الدولة اليمنية، وهو ما يصعب من استهدافها المباشر وتوجيه ضربات كافية لإنهاكها من قبل إسرائيل، إلا أن السياسات الأميركية نحوها لن تختلف عن بقية الفصائل.

وتذهب الأوساط السياسية الأميركية إلى أن إدارة ترمب ستتخذ موقفاً أكثر حزماً ضد الجماعة الحوثية من سلفه بايدن، ضمن سياسة الضغط على إيران لأقصى حد، مع احتمالية استهداف قادة حوثيين من المستويات العليا.

غير أن ترمب سيركز على تشديد الحصار الاقتصادي على الجماعة الحوثية وفقاً للباحث الاقتصادي عادل السامعي، وهو الحصار الذي فرضه ترمب نفسه في ولايته السابقة، عندما وجهت إدارته بوقف مصادر التمويل التي تصل إلى مناطق سيطرة الجماعة، وحرمانها من الكثير من الإيرادات الموجهة عبر الأعمال الإنسانية.

ترجيحات أميركية ويمنية بتقليص ترمب الهجمات ضد الحوثيين والاكتفاء باغتيال قادتهم (رويترز)

ويمكن لترمب تعزيز الإجراءات الخاصة بتضييق الخناق اقتصادياً ومالياً على الجماعة الحوثية، كما يوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط»، وما يشمل ذلك من مضاعفة العقوبات التي تبنتها إدارة بايدن؛ بسبب الهجمات العدائية الحوثية في البحر الأحمر، وبينما كانت إدارة الأخير تتحجج بالأوضاع الإنسانية الصعبة في مناطق سيطرة الحوثيين لتبرير محدودية عقوباتها؛ فإن إدارة ترمب لن تبالي بذلك.

ونظراً لكون ترمب غير مستعد لخوض حروب على حساب دخل المواطن الأميركي، وفق رؤيته الدائمة؛ ويتخذ من الإجراءات الاقتصادية والعقوبات سلاحاً أكثر فاعلية في تحقيق أهدافه الاستراتيجية، فمن المنتظر أن تتضاعف هذه النوعية من العقوبات، ما سيدفع إلى تعقيد الواقع السياسي، وربما العسكري أيضاً، إذ سيؤدي ذلك إلى رفض الجماعة الحوثية تقديم أي تنازلات، إلا أنه، في المقابل سيضعفها عسكرياً.

تراجع فرص السلام

على نهج سلفه بايدن، يدّعي ترمب أنه سينهي الحروب، وإن كانت أدواته تختلف كثيراً عن أدوات الرئيس الحالي الذي فشل في تنفيذ وعوده، غير أن ما سيواجه عهده الجديد ينذر بتعقيدات كثيرة، وفي اليمن قد تكون هذه التعقيدات أكثر مما يتوقع هو أو غيره.

مخاوف يمنية من تأثير المواجهة بين ترمب والحوثيين على الأوضاع الإنسانية في البلاد (رويترز)

ويميل ترمب إلى المبالغة، وربما الادعاء، في رفع مستوى التهديدات التي تحيط ببلده ومصالحها، ومن بين تلك التهديدات، الممارسات الحوثية في البحر الأحمر. وعلى الرغم من عدم نزوعه إلى خوض الحروب والتصعيد العسكري؛ فإنه قد يركز أهداف ضربات الجيش الأميركي على القيادات الحوثية العليا فقط.

ويبدو أن الإدارة الأميركية المقبلة بقيادة ترمب، وبالاستناد إلى تجربتها في فترة حكمه السابقة، ستتبع سياسة أكثر صرامة تجاه التهديدات التي تمثلها جماعة الحوثي المسلحة في البحر الأحمر، طبقاً لرأي الكاتب والباحث السياسي محمد عبد المغني، فقياساً على مبدأ «أميركا أولاً» الذي يتبناه دائماً؛ يمكن القول إن إدارته ستعمل على تعزيز التصدي للتهديدات الاقتصادية المباشرة على المصالح الأميركية.

ومن المحتمل، برأي عبد المغني الذي أدلى به لـ«الشرق الأوسط»، أن يؤدي هذا إلى إعادة تصنيف الحوثيين «جماعةً إرهابيةً أجنبيةً»، وهو ما يخالف تصنيف إدارة بايدن لهم «جماعةً إرهابيةً عالميةً»، ليصبح التفاوض مع هذه الجماعة المسلحة أمراً غير وارد، وقد ينتج عنه تقليص دور المبعوث الأميركي إلى اليمن، أو ربما إلغاء هذه المهمة.

مقاتلون جدد جندتهم الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الأخيرة تحت مزاعم نصرة غزة (إعلام حوثي)

وأبدى سياسيون وباحثون يمنيون، استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، مخاوف شديدة من أن تؤدي سياسات ترمب المتوقعة نحو اليمن إلى مزيد من انفلات المواجهة بين الجماعة الحوثية من جهة، وإسرائيل والغرب من جهة أخرى، وما سيتبع ذلك من مفاقمة الأوضاع الإنسانية المعقدة، وإلحاق أضرار كبيرة بالبنية التحتية المنهكة؛ بسبب الانقلاب الحوثي والحرب.

وبعد إعلان فوز ترمب برئاسة الولايات المتحدة، توعدت الجماعة الحوثية باستمرارها في استهداف السفن التجارية في البحر الأحمر، بحجة ارتباطها بإسرائيل، كما أكدت مواصلة عملياتها باتجاه إسرائيل، ولوَّحت بأنها ستهاجم أي سفينة تشتبه أنها تستخدم التمويه لإخفاء ملكيتها الإسرائيلية، حسب زعمها.